هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • لو قبيحة .. شبيك لبيك
  • أتعلم تكون أنانى 
  • على كتف أبي معلقة ..
  • الفهم الخاطئ للمساواة بين الجنسين
  • أستاذ فلان ... رغم الدكتوراه
  • تفسير توقيت مصادقة موسكو على الاتفاقية الإستراتيجية مع طهران...
  • ترامب وبزشكيان في الرياض
  • الحرب الإيرانية الأمريكية : خطأ المحللين
  • طريقة إيران المبتكرة للتفاوض مع أمريكا
  • العرض المالي الإيراني لترامب .. إختراق غير مسبوق
  • إيران ووالد زيزو
  • مجابهة كل هذا القدر!
  • ضع الآتي حلقة في أذنيك
  • أنا البهية الفاتنة
  • ثقافة الاعتذار بين الأصدقاء… الكلمة اللي بتبني العمر من جديد
  • شكراً ... حضرة المدير 
  • أخاف أن أعود...
  • كذابة
  • سر القلوب النبيلة
  • دائما أشتاق إليك..
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محاسن علي
  5. سر القلوب النبيلة

استفاق أهل القرية على صرخةٍ مدوّية شقّت سكون الفجر، فهرعوا كالمذعورين صوب مصدر الصوت... بيت الحاجة غالية.

كانت العجوز الجالسة على عتبة الدار تلطّم وجهها وتنوح، وعيناها كأنما انطفأ فيهما آخر أمل. لقد تعرّض منزلها للسرقة. اللص، أو من تظاهر بأنه لص، لم يأخذ سوى شيء واحد: جهاز ابنتها الوحيدة، الذي ادّخرته لها قرابة خمسة عشر عامًا، استعدادًا ليوم زفافها المقرر ثاني أيام العيد... بعد انقضاء هذا الشهر الفضيل.

الحاجة غالية، أرملة منذ عشرين عامًا، ومنذ لحظة ولادة ابنتها لم تعرف للحياة طعمًا سوى الكدّ والتعب. جمعت القليل فوق القليل، واشترت كل قطعة من الجهاز بدم القلب. أما اليوم، وفي ظل جنون الأسعار، فإن قيمة ما سُرق منها لا تقل عن مئات الآلاف... فمِن أين لها أن تعوّضه؟!

في تلك الليلة المشؤومة، لم تكن في بيتها. كانت في واجب عزاء، برفقة ابنتها، في القرية المجاورة. وهناك، في غفلةٍ من الزمن، وقفت ثلاث سيارات نقل كبيرة أمام منزلها. أخبر رجالٌ بزيّ رسمي جيرانها أن الحاجة غالية قد ربحت شقةً في إحدى المدن الجديدة، وأنهم وفدوا بأمرٍ من مجلس المدينة لنقل حاجياتها، وأنها سبقتهم إلى هناك. فصدقوهم... وحُمّل الجهاز.

ضربت الحاجة غالية صدرها بندبٍ ووجع، تشكو حظّها العاثر، فمَن من أهل هذه القرية الفقيرة – بل المُعدمة – يستطيع أن يعينها؟! الزفاف بات على الأبواب، وما من حلّ، ولا العريس بقادر على تجهيز بيت من جديد.

حين التقت بالعريس، أعفته من وعده، لكنها لم تكن تتوقع هذا الإصرار، وهذا التعلّق الصادق بابنتها. قالها بثبات ونبرة يملؤها الإخلاص:

- سأتزوجها، ولو خذلتني الدنيا بأكملها. لا طاقة لي اليوم بتجهيز بيت، لكن الزفاف سيتم في موعده، وإن خلا من الأثاث والأجهزة. سأُشعل موقدًا من الطين بدلًا من الغاز، وأجعل جرّة الماء تقوم مقام الثلاجة. أما ملابسنا، فسنغسلها معًا، في وعاء الغسيل، كما يغسل العشاق همومهم بأحاديث المساء.

وفي فجر يوم، قبل الزفاف بيومين، ظهرت من العدم ثلاث سيارات نقل، أمام بيت العروس. كانت محمّلة بجهازٍ جديد، قطعةً بقطعة... تمامًا كما كان الجهاز المسروق. تساءلت الحاجة غالية، والذهول يكتنفها: من أرسلها؟! وكيف؟! فجيرانها كلهم فقراء، بالكاد يجدون قوت يومهم. 

مرّ الزفاف في أجواء من الترقب... من الذي أنقذهم؟ من صاحب هذا الكرم الخفي؟

ولم تعلم الحاجة غالية أن أولئك البسطاء الذين تقاسموا معها الحياة والمرّ، قد اجتمعوا سرًا. باع أحدهم قيراطًا من أرضه، وباع آخر بقرةً كانت مصدر رزقه الوحيد... اتفقوا جميعًا، صمتًا، كأنما أبرموا عهدًا غير مكتوب: ألا تُهان كرامة العروس، ولا تسيل من عينيها الساحرتين دمعة حزن، ولا تنحني للحاجة غالية قامة ما داموا على قيد الحياة.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1060 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع