وشعرت أن العنكبوت قد غزل خيوطه على جدار نفسي وأسلمني ليأس لا حدود له ، والغريب أنني وجدتني مستسلمة له كل الإستسلام وكيف لا وأنا أرى الفشل يمشي بخطا ثابتة غليظة ليسحق مستقبلي مثلما سحق ماضي ، وشعرت لحظتها أنه ليس هناك فى الحياة ما يستحق الحياه من أجله .
فتكورت على نفسي دافنة رأسي ونفسي وأحلامي بين قدمي مسلمة رقبتى لسيف اليأس ليجتزها من بين كتفي ، متمتمة بكلمات (أن اليأس كالموت راحه) وسجنت نفسي داخل نفسي موالية كل شئ ظهري غير عابئة بما حولي ومن حولي ، فليس هناك ما يستحق الحياه من أجله .
وظللت على هذا الحال لبعض الوقت ، لاأدري كم ساعه ولا كم يوما ....
إلى أن إستيقظت ذات يوم على نداء آذان الظهر وقلت فى نفسي إذا كنت رافضة الحياة وأريد الموت ، فإذا حدث فكيف ألقى ربي وماذا أقول له على تقصيري فى صلاتي .
فتحاملت على نفسي ونهضت مرغمة لكي أذهب لأتوضأ وأصلي وبينما أنا كذلك سمعت أمي تقول لي بصوت خفيض وكأنها تخشى أن أسمعه لأنها تعلم وهي أدرى الناس بي ما أمر به : هل تستطعين أن تنزعي جوربي من قدمي فأنا لا أستطيع أن أخلعه والشغالة ليست موجودة فأومأت لها برأسي إيجابا في صمت وجلست تحت قدميها أنزع عنها جوربها والعجيب أنني شعرت بشئ من السعادة ينفلت إلى داخل نفسي ، وناولتها عطاها لتتوكأ عليها وأخذت بيدها لتستند إلي ومشيت بجانبها الهوينة وقالت لي هامسة في طيبه : أتدرين .. إنني لا أشعر بالراحه سوى عندما تأخذين أنتي بيدي لأستند إليكي فأنتي إبنتي التي أستشعر منها حنانها على شيبتي لا الشغاله ، فإبتسمت لها فى رفق رغما عني وشعرت بسرسوب السعاده يزداد تدفقا بداخلي ، وساعدتها لكي تتوضأ وتصلي ، وجلست ثانية تحت قدميها ألبسها جوربها مرة أخرى مستشعرة المزيد من السعاده التي إجتاحتني بالفعل ، وإحساس العزه الذي يعتريني كلما أطلت في الجلوس تحت قدميها ..
ووقفت بين يدي الله أصلي بدورى وكلما توغلت في الصلاه إستراحت نفسي وهدأت ، حتى فرغت من صلاتي ، فوجدت جارنا الضرير يرسل لي عتابا على أنني نسيته منذ بضعة أيام ولم أرسل له طعامه كما قدرني ربي وعودته
وسألت والدتي : ألم ترسلوا له طعاما طوال الفتره الماضيه؟!
قالت أمي : أنتي كما ترينني أحتاج لمن يرعاني ، فلم يكن بإستطاعتي ، أنتي التي كنت متكفلة بهذا الموضوع ، فأعددت له طعامه وأرسلته له ، وعادت من أرسلت معها بآلاف الدعوات وعبارات السعاده التى ساعدت على تدفق شلالا من السعاده في داخلي ...
تلى هذين الموقفين عدة مواقف مجملها حتى لاأطيل عليكم شبية بهذين الموقفين ، وإنتهوا بتعليق والدتي : غيابك يحدث تقصير شديد في أشياء كثيره لايسد فراغها سواكي
إبتسمت لحظتها من قلبي منذ أيام وشعرت بسعادة لاتوصف ..
فحقا إذا رأينا فى بعض الوقت أن ليس في الحياه ما لا يستحق أن نعيش من أجله ، ففي أوقات أخرى نكتشف أن هناك أشياء كثيرة وجميلة تستحق أن نغيش من أجلها ..
ربما لا نستطيع أن نسعد أنفسنا بسبب القدر أو بسبب خلل ما في أنفسنا أو قدراتنا أو حسابتنا ، ولكننا نستطيع أن نكون سببا في إسعاد غيرنا ، ولحظتها سنكتشف السعاده الحقيقية في طي إبتسامة نضعها على شفاة وقلب غيرنا ..........
لقد ترددت كثيرا قبل أن أنشر هذا الموضوع حتى لا يعتقد البعض إنه مجرد وسيلة للحصول على البعض من المديح والثناء على شخصي وهذا ما لا أستحقه ، ولكنني عقدت العزم على نشره حتى أرسل دعوه لك عزيزي القارئ :
إن وجدت في داخلك يأسا من الحياه ينبعث من خلال شيطان سيطر على قلبك ونفسك وجعلك تسجن نفسك داخل نفسك وأحزانك وأوهمك أنه ليس في الحياة ما يستحق أن نحياها ، فإبحث في داخلك عن نقطة سعاده يبدأ منها إنطلاقة نحو الأمل