نعيش جميعنا في إشكالية تواضع مستوى الجودة في الكثير من المنتجات المصرية التي نحتاج إلى دعوة أنفسنا والآخرين إلى أن يشجعوها ويشتروها لنحقق الإزدهار في التسويق لتلك المنتجات,
وأيضا لإنعاش الإقتصاد المصري بتقليل الإحتياج إلى استيراد المنتج الخارجي الذي يتطلب طلبا على العملات الاجنبية بما لذلك من تداعيات على الاحتياطي النقدي الأجنبي.
وإذا تطرقنا إلى أحد أهم القطاعات العاملة في الوطن كمثال على ذلك, وهو قطاع يلمس غالبية المصريين سواءً كان منتِجا أو عاملًا أو مشتريًا, وأعني بالطبع قطاع صناعة التشييد والبناء, والذي يمثل قاطرة لصناعات متعددة وكثيرة ترتبط به ارتباطا وثيقًا.
وسأتحدث هنا عن أحد إشكاليات تحدي الجودة, والتي تجعل المستوى العام للمباني التي ينشئها القطاع الخاص في قطاع المساكن دون المستوى, وهي المنشآت التي في أغلبها لا يكون فيها إجراءات وخطوات تمثل إدارة مشاريع, وتفتقر إلى الإستلام الفني والمهني في أغلبها,
وتعتمد فقط على أداء الإخوة الزملاء المهندسين القائمين على هذا القطاع, والذين يتعاملون مباشرة مع الملاك في الأراضي التي يقيمون عليها العمائر السكنية.
ورغم إقراري باحتياج تلك العمائر السكنية إلى الإجراءات والخطوات المدرجة في منهجية إدارة المشاريع كعلوم إدارية وفنية, إلا أنني سأتكلم عن بعض –وليس كله بالطبع- من الواقع الذي أرى بوجوب تغييره وتطويره إلى الأفضل,
حيث يتحكم في تشييد إنشاء العمارة السكنية المهندس المُخَوّل بالبناء, والذي يكون لديه فِرقًا يعرفها من العمالة سواءًا كانت مدربة أو غير مدربة, على درجة كفاءة وتأهيلٍ كانت أو غير ذلك, ثم يدير عملية البناء ويزج بتلك الفرق العاملة دونما اكتراس بالجودة والمهنية وأصول الصنعة,
وإذا ما حاول المالك أو مهندسيه تعديل شيء أو رفضه, فإن دفاعات المهندس تكون في المقام الأول في صف العامل لدرء أي خصومات, بصرف النظر عن جودة العمل, ويكون الهدف الأهم لديه هو عدم إجراء أي خصومات على العمالة.
وفي الواقع, فإن ذلك يحدو بنا إلى تدهور مفهوم المسئولية لدى العامل, وأيضا إلى تدهور مستوى الجودة في المنتَج الذي يتسلمه المالك أو المشتري فيما بعد بشكل يكون دون المستوى من الجودة التي يجب أن تكون, إضافة إلى أن ذلك يؤدي إلى توقف العامل الماهر الكفؤ عن التواجد بالسوق,
إذ أن العامل الغير مدرب والغير مكترس بالجودة يتم تمرير عمله الغير مقبول من خلال مهندس التنفيذ, وبالتالي فلن يجد هذا العامل الماهر لنفسه مكانا, خاصة وأن سعر العامل الغير مؤهل يكون أقل من تكلفة هذا العامل المدرب والكفؤ.
وفي هذا المقام أهيب بجموع الزملاء مهندسي مصر في هذا القطاع وفي غيره من القطاعات بأن يتمسكوا بالتزام الجودة في أي منتج يقوم عليه العامل المصري,
وأن يضعوا له قواعد الحوافز لأي عمل يكون ذي جودة وأيضًا الخصومات للعمل الذي بدونها, ذلك لكي نضع العامل المصري في دورة تثقيفية عملية, تعلن بأن العمل بجودة سيكون له مدخول أكثر مما لو أهمل العامل واعتمد مبدأ الكم وأغفل الكيف, الذي عليه التزامه وجوبًا.