آخر الموثقات

  • أستاذ فلان ... رغم الدكتوراه
  • تفسير توقيت مصادقة موسكو على الاتفاقية الإستراتيجية مع طهران...
  • ترامب وبزشكيان في الرياض
  • الحرب الإيرانية الأمريكية : خطأ المحللين
  • طريقة إيران المبتكرة للتفاوض مع أمريكا
  • العرض المالي الإيراني لترامب .. إختراق غير مسبوق
  • إيران ووالد زيزو
  • مجابهة كل هذا القدر!
  • ضع الآتي حلقة في أذنيك
  • أنا البهية الفاتنة
  • ثقافة الاعتذار بين الأصدقاء… الكلمة اللي بتبني العمر من جديد
  • شكراً ... حضرة المدير 
  • أخاف أن أعود...
  • كذابة
  • سر القلوب النبيلة
  • دائما أشتاق إليك..
  • راقي بأخلاقي 
  • من دون سبب..
  • لحظات آنيه..
  •  ثقافة الاعتذار بين الأزواج… حين يطيب الحب بكلمة
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة دينا عاصم
  5. سيرة عز الدين حنفي أبو جبل 4

 

لم تكف رئيفة عن الشغب مع حماتها بعد ميلاد "وجدي" الذي كان قرة عين جدته، إذ ساهمت عيناه الزرقاوان ووسامته الأوروبية مثل أبويه وذكائه وكونه أول حفيد ينجبه لها الإبن الأكبر والأحب عز الدين، في جعله فاكهة العائلة، بل صار لعبة ل"جمال وفؤاد إخوة عز الدين"، أعمامه الذين وجدوا فيه ضالتهم التي تلهيهم بعيدا عن المذاكرة والدروس، فقد كانا مازالا في الابتدائي والثانوي.

 

كانت رئيفة تقضي نهارها في مطالعة مجلات الموضة والفنانين وتطريز المفارش اليدوية وطهي أفضل الأصناف وأجود الاطعمة وسماع الأغاني على جهاز "البيك أب" الذي اشتراه لها عز الدين ووضعوه على قطعة موبيليا خاصة به اشترتها له رئيفة خصيصا من صالة مزادات بشارع "البعثة" الذي كانت تسكنه الجاليات والبعثات الأجنبية واليهود والأرمن ويبيعون فيه التحف والأنتيكات والسجاد الفارسي الأصلي، وهي الأشياء التي كانت رئيفة تتيه بها حبا وتملأ بها جدران وأرضية شقتها الأنيقة ببيت العائلة في شبرا.

 

وكانت رئيفة قد تعرفت إلى خياطة قبطية ماهرة تدعى "وديدة" ، كانت وديدة تسكن في أحد شوارع شبرا العريقة في بيت له معمار ضخم شديد الجمال والفخامة، فكان السينمائيون يأتون للتصوير فيه، واستخدام بهو البناية والسلالم والشقق الموجودة والتي كانت شديدة الاتساع موفورة المناور ومساقط الضوء.

وكانت رئيفة كثيرا ما تلتقي فيه ممثلين وممثلات بالطالعة والنازلة، فكان ذلك مثار سعادتها، كان حبها للفن والسينما يسري في دمائها مثل أمها "جليلة" هانم.

نشأت بين رئيفة ووديدة صداقة من نوع خاص، فالاثنتان أيقونتان للأناقة، رئيفة بارعة في تصميم فساتينها ووديدة كانت أشهر وأمهر "مقص دار" تنافس كبرى المحلات شملا وصيدناوي وجاتينيو بيديها الملفوفتين في حرير الصنعة.

كانت وديدة تعتبر رئيفة كنزا لا مثيل له، فهي أفضل "مانيكان" متحرك يعرض فساتينها البالغة الأناقة، وكل أهالي وسكان شبرا والظاهر وقريباتها بالعباسية وباب الشعرية يأتونها حينما يرون "رئيفة هانم" تمشي في الشارع متأبطة ذراع زوجها الوسيم "عز الدين"، أو خارجة من إحدى البنايات هنا أو هناك.

علاوة على ذلك كانت رئيفة عقلا راجحا أمينا تستشيره وديدة في مشاكلها وخناقاتها المتكررة مع زوجها "السكير" الذي يعتمد على عملها الرائج ولا يريد أن يعمل مهما نال من "ضرب" على يد زوجته، فقد كانت وديدة ضخمة وارفة اللحم قوية ذات شعر كستنائي ناعم وملامح قبطية مستقيمة، وعينان كبيرتان جاحظتان قليلا، وبهما حور مميز يزيدهما عمقا.

 

ولم تكن رئيفة تنكر عليها إلا رائحة نفاذة مميزة تملأ شقتها الواسعة جراء كميات "البسطرمة" اللانهائية التي تأكلها وديدة وأطفالها !

ومهما اشتكت رئيفة من رائحة بيت وديدة، بل ورائحة أطفالها، تضحك وديدة وتشيح بوجهها قائلة "لا وقت لدي لكي أحمم الأولاد ولا أنظف البيت إلا مرة كل شهر" المشكلة فيك أنت، انت مريضة بداء النظافة    

رئيفة: بل أنت "مقرفة" ولا أدري كيف أصبر عليك وعلى رائحتك وعلى بطنك المنفوخ سنويا بطفل جديد، أمرك عجيب يا وديدة، تسبين وتلعنين في موريس زوجك ليل ونهار وتنجبين في كل عام منه طفلا أو طفلة، 

وديدة ضاحكة: وماذا أفعل يا رئيفة هذه نقرة وتلك نقرة، كما أن الأولاد عزوة يربون بعضهم بعضا، غدا يكبرون وأخطط لسفرهم وسأذهب معهم، بكرة تشوفي، 

ما أن أنهت وديدة جملتها حتى بدأت الطفلة الرضيعة في البكاء، لم تكترث وديدة لبكائها بل لم تلتفت لها أصلا. 

رئيفة: حرام عليك يا وديدة أنت تتركين تلك الرضيعة "بتسا" تنفطر من البكاء ولا تلقمينها ثديك إلا كل حين، فماذا يفعل أخواتها ؟ هل سيرضعونها؟ خسارة فيك تلك البنت مثل القمر والله خسارة فيك وفي أبيها.

وديدة "ضاحكة": بيتر ، ولد يا بيتر، تعال احمل أختك حتى أنتهي من تقفيل هذا الفستان ل"طنطك" رئيفة !

 

يأتي طفل وسيم من إحدى الحجرات المترامية في الشقة الفسيحة ويحمل الرضيعة الصارخة "بيتسا" بين توسلات رئيفة لكي ترضعها فتوقفها بإشارة من يدها وهي تلف جسمها بيديها قائلة "عشر دقائق أضبط الفستان عليك ثم ألقمها ثديي تلك الملعونة.

رئيفة: أف منك، بل أنت الملعونة ولذلك لن أنجب سوى وجدي حتى أستطيع الاعتناء به ويكبر، ولكني أتمنى أن أنجب بنتا إذا كان ولا بد من طفل آخر، ولتكن جميلة مثل "بتسا".

وديدة: ستكون أجمل بالتأكيد فإن عز الدين ورئيفة لن ينجبا إلا أقمارا، فلا تقارني الملعون موريس زوجي بزوجك عزالدين، ولكني في حياتي لم أر امرأة مثلك يا رئيفة من أين تأتين بتلك الأفكار؟ هذه ثالث مرة تجهضي نفسك بعد ميلاد وجدي مستعينة بالخادمات، ألا تخشين لو مت في مرة من المرات ؟

رئيفة: لن أموت ناقصة عمرا، ولا تكرري كلام حماتي وحياة أبوكي، تقول لي أنني سأبكي دما جراء قتلي أطفالي، ولماذا طالما لم يصبحوا أطفالا بعد، فما إن تتأخر دورتي حتى أهرع لإحدى خادماتي لتتولى المهمة، ثم إني لا أحب أن يتدخل أحد بحياتي.

وديدة: من يسمعك يقول أنك لا تطيقين زوجك وانت تقبلين تراب رجليه

رئيفة: طبعا أحبه وهل هناك مثل عز الدين؟ ولكني لا أريد أن أنجب، مازال وجدي صغيرا لم يتعد الثانية من عمره، 

وديدة "بعد أن ضبطت الفستان على رئيفة": بسم الصليب عليكي يا رئيفة القالب غالب، هل ستحضرين خطوبة "إنصاف" أخت عز بهذا الفستان؟

رئيفة: نعم، قراءة الفاتحة الليلة بعد صلاة العشاء، إن شاء الله ولكن سأفوت أولا على "محاسن" في الزيتون 

وديدة: أخت عز الدين الأخرى؟

رئيفة: نعم، أحبها كثيرا، هادئة وعاقلة وتحبني كثيرا "ضاحكة" غير أمها خالص "حماتي"

وديدة: ولماذا ابتعدت محاسن عن بيت أبو جبل وسكنت بحي الزيتون، إنها صحراء بالقرب من مصر الجديدة يقولون؟

رئيفة: نعم، زوجها نصر الدين رجل حازم قرر أن يبتعد بها عن سلطة أمها، ورغم أنه يكبرها بعشرين عاما فهي 16 عاما مثلي وهو في السادسة والثلاثين إلا أنها تعشقه عشقا لذكائه، كما إنه متعلم وابن ناس وعائلة مثلنا، أخته الكبرى أول فتاة سافرت أوروبا لإكمال تعليمها مع هيلانة سيدراوس بعد ثورة 19 ولكنها عادت غريبة الأطوار !

وديدة: هيلانة الطبيبة؟ طبعا أعرفها، 

رئيفة: المهم قبل أن أعود لحضور قراءة فاتحة" إنصاف" على هذا الشاب التركي الأصول "عبدالقادر سالم"، سأكون عرّجت على محاسن، تريدني لأمر هام، الحقيقة أني أحبها، أحب بيتها وحديقته الخلفية التي نشرب بها الشاي بهدوء، بعيدا عن دوشة "أم عز"، أحب كل شيء هناك، كما أنني تعرفت إلى جارتها "إينام" هي سيدة تسكن بنفس البيت على انها ليست مصرية، بل من أصول إيرانية.

وديدة: "إينام"؟ اسمها "إينام"؟ 

رئيفة: نعم

وديدة: إيرانية يعني نسايبنا من العيلة تبع الأمبراطورة فوزية أخت فاروق، ألم تتزوج شاه إيران؟

رئيفة: بلى تزوجته على غير رغبتها كما يقولون ولكن فاروق أراد تدعيم العلاقة بين مصر وإيران، كما أن الشاه طار من الفرح لما استطاع فاروق إقناع فوزية أخيرا، وعنده حق الشاه يفرح بفوزية يوم المنى لما يصاهر المصريين وهل هناك أكبر من مصر بالمنطقة، يقولون إن فاروق أقنعها بأنها ستكون أميرة مصرية وإمبراطورة على عرش إيران، يعني فاروق يكاد يكون خليفة المسلمين كلهم.

وديدة: لا أفهم نصف ما تقولين يا رئيفة، ولكن أثق بمعلوماتك فأنت تصادقين طوب الأرض، ولكن من أين جاءتك تلك الأخبار الخاصة بفوزية؟

رئيفة: من المجلات التي لا تكف عن ترديد الحكايات عن فاروق واخواته، وعلى فكرة يا وديدة هذه المرأة إينام شيء آخر، كما أنها ليست مسلمة مثل الشاه،

وديدة: مسيحية؟

رئيفة: كلا، بل بهائية، 

وديدة: إيه البهائية دي؟ دين يعني ولا ملة ولا إيه؟

رئيفة: نعم، ديانة تنتشر بإيران، المهم إنها غاية الذوق، كما أن لها حس فني رائع نستمع سويا نحن الثلاثة لأحلى الأغاني في جلستنا بحديقة محاسن، فلديها فونوغراف رائع وجعبتها مملوءة دوما بذكرياتها عن إيران وتشعر بفخر شديد لأن الملك فاروق لا يستنكف عن حضور احتفالاتهم في مصر، كما أن شقتها غاية الأناقة والذوق، 

وديدة: والله فاروق طيب ولا يستحق ما تفعله به أمه، على كل حال هؤلاء البهائيون، هل لهم نبي؟

رئيفة: نعم تقول إينام أن نبيهم اسمه البهاء

وديدة: بهاء؟؟؟ أول مرة اسمع عن نبي بهذا الاسم، ياللا بهاء ثناء، كل واحد حر، 

رئيفة: معلوم طبعا، 

====================

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

551 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع