أعيشُ على الجانبِ الآخرِ منك،
لستُ ببعيدةٍ، ولستُ أنا بالقربِ...
أفضُّ كلَّ القواريرِ التي يُلقيها البحرُ،
علَّ رسالتَكِ عرفتِ الطريقَ إليَّ...
في الليلِ،
والقمرُ بصدرِ السماءِ،
أراكَ طيفًا يتمايلُ على صفحةِ الماء،
ذراعاكَ باتجاهِ القمرِ،
وأقدامُكَ في العُمقِ،
خرافيٌّ كرسالتِك،
سماويٌّ كعقيدتِك...
فأجمعُ الأصدافَ،
وأقطعُ طرفَ ثوبي،
وأصنعُ لكَ تميمةَ حظٍّ،
أو تميمةَ مكرٍ،
أُرسلُها إليكَ،
على عصًا تشقُّ صدرَ البحرِ،
لتنامَ على صدرِكَ،
كأنَّا...
كأنَّا وعطري،
ومشكاةٌ زيتُها الشوقُ...
أنا لستُ بلقيسَ لأطيرَ لكَ...
وعِشقي ليس بشغفِ زُليخةَ، فأسقطَ عرشيج لأجلكَ...
أنا امرأةٌ من سكونٍ،
تُرْقِبُ الطريقَ،
ولا تَقطعهُ أبدًا،
تفهمُ الحيلَ،
ولا تُخبرُ عنها...
تقرأُ رسائلَك،
وتُصلي بعدها صلاةَ مودِّعٍ...
أنا أراكَ ملكًا ولو أفعالُك كصعلوكٍ،
وأراكَ نجمًا وإن كنتَ يَراعًا صغيرًا وسطَ الألوفِ...
أبدو لكَ هَينةً،
وقد أكونُ...
لكنِّي لا أُمرِّرُ جُرحًا يُصيبُ قلبي الرؤومَ،
ولا أُعيدُ الكرَّةَ،
ولا تُقيدُني رغبةٌ...
لكن تذكَّرْ،
كان بدربِكَ امرأةٌ،
لا تَخونُ...
ولن تَهونَ...
وفي الليلِ الطويلِ،
سيفرُّ عطرُ ذكراها،
إليكَ...
وتقطعُ أصابعَك،
فآخرُ رسائلِها،
لم تَفهمْ لها مضمون...
كلُّ النساءِ جميلاتٌ،
وهي بوجهِها شحوبٌ،
كل النساء منحوتات إغريقية
وهي وحدها تفاصيل شرقية مُكررة وعادية
لكنَّ عجبًا،
٠ستظلُّ ملامحُها محفورةً،
توازيًا وخطَّ عمرِكَ،
فلا تَنْسَها...
فالذِّكرى دومًا امرأةٌ لعوبٌ...