آخر الموثقات

  • على كتف أبي معلقة ..
  • الفهم الخاطئ للمساواة بين الجنسين
  • أستاذ فلان ... رغم الدكتوراه
  • تفسير توقيت مصادقة موسكو على الاتفاقية الإستراتيجية مع طهران...
  • ترامب وبزشكيان في الرياض
  • الحرب الإيرانية الأمريكية : خطأ المحللين
  • طريقة إيران المبتكرة للتفاوض مع أمريكا
  • العرض المالي الإيراني لترامب .. إختراق غير مسبوق
  • إيران ووالد زيزو
  • مجابهة كل هذا القدر!
  • ضع الآتي حلقة في أذنيك
  • أنا البهية الفاتنة
  • ثقافة الاعتذار بين الأصدقاء… الكلمة اللي بتبني العمر من جديد
  • شكراً ... حضرة المدير 
  • أخاف أن أعود...
  • كذابة
  • سر القلوب النبيلة
  • دائما أشتاق إليك..
  • راقي بأخلاقي 
  • من دون سبب..
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد الشافعي
  5. أنا الجَزري أتحدث إليكم

 

أنا أَبُو اَلْعِزِّ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ الرَّزَّازِ، وشهرتي «الجَزَرِيّ»، ولدتُ عام 1136م، في «جزيرة ابن عمر» التي تقع في الأقاليم السورية الشمالية على نهر دجلة، وهي الجزيرة التي كنتُ أعيشُ فيها مع والدي وجدي، والتي فيها أعز ذكرياتي، وكانت المنطلق لئن أكون واحدًا من أشهر علماء الهندسة الميكانيكية في العالم.

في الحقيقة، لا أريد أن أحدثكم عن حياتي الشخصية الآن، وإن كانت مليئة بالفوائد والعبر، ولقد ذكرتُ منها شيئا كبيرًا في كتابي «الجامع بَيْنَ العلم والعمل».

لكني أودُّ أن أحدثكم عن رحلتي العلمية، وكيف بدأت، وبما أثمرت، لعل أبنائي يستفيدون منها.

بدأتْ علاقتي بالميكانيكا، منذ كنتُ صبيًا ابن 14 سنة، وأنا أُمسكُ بزنبور أحمر «دبور نحل» من زنابير النخيل وأجعله يدور فيما يشبه الساقية مرفرفا جناحيه، فما إن رآني جدي حتى سألني كيف فعلت هذا؟ فأخذتُ أشرح له، وهو يضحك، وبينما أتحدث مع جدي؛ فوجئت بقدوم أبي، فما إن رآني أفعل هذا؛ حتى أخذ ينهرني ويقول لي: أذلك ما أفلحتَ فيه، تترك دروس العلم وتلعب مع الحشرات؟! فتدخَّل جدي ودافع عني، وقال له: اتركهُ إنه ولدٌ عبقري وسيكونُ عالما له شأنٌ كبير بإذن الله.

فقال له والدي: كيف ذلك؟ وفي أي علم؟ لا علم عندي غير علوم الأدب واللغة والدين، فقال له جدي: بل نسيت علوما أخرى كعلوم الطبيعيات ومنها علم الحِيَل (الميكانيكيا الآن).

فضحك أبي وقال: أتقصدُ حِيَل الفقهاء على الفتاوى، أم حِيَل النصَّابين التي يضحكون بها على الناس في زماننا؟!!

فقال له جدي: علم الحِيَل يا رزَّاز هو علم لتحريك الأشياء بأقل مجهود مثل تحريك الماشية للساقية الضخمة الثقيلة الوزن، أفهمت يا بني؟ ذلك ما فعلهُ ابنك بالغاب والزنبور بصورة مصغرة.

ثم ذكر جدي قصة «أبناء موسى بن شاكر» الذين عاشوا في زمن الخليفة المأمون العباسي وكانوا علماءً في هذا المجال.

وشدَّني الحديثُ عنهم، فظللتُ أسألُ جدي حتى نفذ كل ما عنده من معلومات حول هذا العلم «علم الحيل»، ولمّا أن رآني جدي مهتمًا به؛ قام بشراء مجموعة من الكتب التي تتكلم عنه، وظللت معتكفا على هذه الكتب ما يقرب من  ستة أعوام، أقرأ وأتعلم بنفسي ولنفسي.

وكنتُ أحاول أن أصنعَ الآلآت بيدي كما يذكرها صاحبها في كتابه، وذات مرة صنعتُ آلة مائية بسيطة جدًا شكلها جميل، وذهبتُ إلى والي جزيرة عمر وأهديته له، ففرح بها جدا، وطلبني للعمل عنده في القصر مقابل مال، فقلت له: لا أريد مالا بل أريد معاونة دار الصنعة الملحقة بقصرك ومساعدة مهرة الصناع، فرحَّب الوالي بذلك، والتفت إلى مدير قصره وأمره أن يخصص لي جناحا في القصر وأن يمدني بكل ما أريد من أدوات... وكانت هذه هي البداية لكل اختراعاتي.

ذاع صيتي وأخذ الولاة والأمراء يطلبونني ويمددونني بما أريد، حتى نَفَّذتُ اختراعات كثيرة، لعل من أبرزها: 

1- مضخة ذات أسطوانتين متقابلتين. (وهي تقابل حاليا المضخات الماصة والكابسة).

2- نواعير رفع الماء. (مثل مواتير رفع الماء)

3- ساعة الفيل الضخمة. وهي من أهم اختراعاته.

4- مضخة الزنجير والدلاء. وهي نوع من آلات السقوط.

5- صنعت ساعات مائية وساعات تتحرك بفتائل القناديل، وآلات قياس، ونوافير، وآلات موسيقية، وأخرى لرفع المياه. 

6- كما صنعت إبريقًا غطاءه على شكل طير يُصفِّر عند استعماله لفترة قصيرة قبل أن ينزل الماء.

7- كما أنني طورتُ - بتوفيق الله - الكثير من الآلات ذاتية الحركة العاملة بالماء والساعات المائية والآلات الهيدروليكية التي ابتكرها علماء المسلمون.

8- قدمتُ وصفا دقيقًا لعدد من الآلات الميكانيكية المختلفة من ضاغطة، ورافعة، وناقلة، ومحركة. 

9- كما أنني وصفتُ بالتفصيل تركيب الساعات الدقيقة التي أخذت اسمها من الشكل الخاص الذي يظهر فوقها (ساعة القرد، وساعة الفيل، وساعة الرامي البارع، وساعة الكاتب، وساعة الطبال، إلخ).

أما عن مؤلفاتي، فهي ليست كثيرة العدد، لكنها غنية بالاختراعات الحديثة، التي كانت طفرة وثورة في أوروبا وكانت حديث الصحافة العالمية آنئذ، لعل من أهم هذه المؤلفات كتابي الذي أشرتُ إليه منذ قليل وهو (الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل)، وهو أحد شروحي العلمية، التي كتبتها بطلب من الملك ناصر الدين محمود بن قرا، أحد سلاطين بني أرتق، سنة 1206م.

وهذا الكتاب هو خلاصة 25 عاما من البحث والدراسة والتجريب، قدمت فيه وصفا لأكثر من خمسين جهازًا آليًا، كالساعات، والقوارات المائية، والآلات الرافعة للماء والأثقال.....

والحمد لله رب العالمين، كان الله دائما معي، وتوفيقه ومدده لم ينقطع عني، فله الحمد والمنَّة.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

924 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع