١- في مناقشة رسالتي للحصول على درجة "العالِمية" قال أستاذنا الدكتور/ السعيد رزق حجاج، حفظه الله: "لقد لاحظت في ابني د. محمد محسن أبو النور طول سنوات تدريسي له أنه يتمتع بأدب جم، يصل في بعض الحالات حد الحياء الشديد، وهي صفة نهتم بها جنبا إلى جنب مع العلم بالنسبة لأبنائنا المؤهلين للحصول على الدرجة العلمية".
٢- بعد المناقشة التقت السيدة/ والدتي، مع أستاذنا الدكتور حجاج، وهو من هو في حياتنا الأكاديمية - وقد سمعتني كثيرا أتحدث عن أبوته وأستاذيته - وشكرَته على أنه تعهدني بالرعاية والتعليم منذ مرحلة الإجازة العالية بالأزهر الشريف وحتى إتمام العالِمية.
٣- ثم صوبت وجهها جميل المُحيّا ناصع البياض إلي، وقالت بحب واعتزاز: "هذا العلم أنت تعلمته هنا في الأزهر الشريف، أما الأدب والأخلاق والتربية فقد تعلمتها عندي في البيت.. مبارك عليك الدرجة العلمية يا حبيبي"، ثم وجدت نفسي أنحني أمام يمناها دامعًا ومقبلاً.
٤- شعرت في تلك اللحظة أن الدرجة الأكاديمية الرفيعة من أعرق جامعة في تاريخ حضارتنا البشرية، أصبحت درجتين. علم في الجامعة، وأدب في كنف سيدة عظيمة، ثم شعرت أنني عوضتها - ولو بجهد قليل - عن بعض ما تكبدته من معاناة في أعوام عمرها الستة والستين؛ من أجل بيتها وزوجها، عليه رحمة الله ورضوانه، ثم من أجل أولادها.
٥- ولقد شعرت بأنني أديت إليها جزءا ولو يسيرا من الدَين الذي في رقبتي امتنانا لها، وهي التي كانت وما تزال تكسوني إذا أعرى، وتجبرني إذا أكسَر، وهي قارئتي الأولى ومصفاة أفكاري في العمل وفي الحياة.
٦- واليوم تحتفل السيدة/ والدتي بعيد ميلادها، أطال الله لي في عمرها ومتعها بالصحة والعافية، وليتني معها الآن لأضع فوق يمناها ألف قبلة كرامة وتقديرا واحتراما