آخر الموثقات

  • على كتف أبي معلقة ..
  • الفهم الخاطئ للمساواة بين الجنسين
  • أستاذ فلان ... رغم الدكتوراه
  • تفسير توقيت مصادقة موسكو على الاتفاقية الإستراتيجية مع طهران...
  • ترامب وبزشكيان في الرياض
  • الحرب الإيرانية الأمريكية : خطأ المحللين
  • طريقة إيران المبتكرة للتفاوض مع أمريكا
  • العرض المالي الإيراني لترامب .. إختراق غير مسبوق
  • إيران ووالد زيزو
  • مجابهة كل هذا القدر!
  • ضع الآتي حلقة في أذنيك
  • أنا البهية الفاتنة
  • ثقافة الاعتذار بين الأصدقاء… الكلمة اللي بتبني العمر من جديد
  • شكراً ... حضرة المدير 
  • أخاف أن أعود...
  • كذابة
  • سر القلوب النبيلة
  • دائما أشتاق إليك..
  • راقي بأخلاقي 
  • من دون سبب..
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة نجلاء لطفي
  5. لعنة الخطيئة - الجزء الأول

المقدمة

حینما نقع في الخطایا لا نتخیل أن لعنتھا ستلاحقنا العمر كلھ وحتى إن غفرھالنا ﷲ برحمتھ فإن المجتمع لن یغفرھا لنا أبدا وستظل كاللعنة التي تطاردنا.طوال العمر

الحلقة الأولى

لم أتصور بعد كل تلك السنوات أن أقابلھ بعد أن ھربت منھ وحاولت أن أھرب من حبھ لكن كل محاولاتي باءتبالفشل فلم أستطع نسیانھ أبدا فعشقھ یسري في أوردتي وحبھ یسكن روحي، ھربت منھ لشدة حبي لھ وتألمتفي بعده وفاض بي حنیني و قاومت من أجلھ لكن یأبى القدر إلا أن یُزید ألامي ویُعمق جراحي برؤیتھ مرة ثانیةوھاھي عیناه تعاتبني على البُعد،ألا یعلم أني وأدت قلبي بین ضلوعي من أجلھ؟ ألا یدري أني عشت جسد فارقروحھ عندما بعدت عنھ؟ رؤیتھ مرة أخرى نكأت جراح القلب ولكنھ لا یعلم أني تعذبت في البعد ربما أكثر منھ.فكلانا ضحیة مجتمع لا یرحم ولا یغفر

جلست على سریر غرفتي بالفندق وأطفأت الأنوار تركت فقط نور الأباجورة المجاورة لي وأغمضت عینايوسرحت بأفكاري في یوم أن التقینا أول مرة كنت فتاة ضالة فقدت الأمل في كل شئ فقررت أن تنتحر، كنتأركب سیارة مع شاب ثري بعد أن سھرنا في أحد الملاھي اللیلیة وتناولنا عدة كئوس من الخمر وسیجارةحشیش لأول مرة في حیاتي، وبینما أنا في السیارة شعرت بغثیان رھیب ورعشة تعتري جسدي ولم أستطعمنع نفسي من التقیؤ مما جعل رفیقي یشعر بالاشمئزاز مني فتوقف فجأة وفتح باب السیارة ودفعني بكل قوتھخارجھا وھو یسبني فسقطت واصطدمت بالرصیف وعندھا فقدت وعیي ولم أشعر بنفسي إلا وأنا مُمدة علىسریر في مكان لا أعرفھ وذراعي مُعلق بھا محلول وریدي. تأملت المكان وحاولت أن أتذكر أین أنا ففشلتوحاولت النھوض فلم أستطع بسبب وھن جسمي وشعرت بالألام في كل جزء من جسدي،فاستسلمت للنوم مرةأخرى. أفقت من نومي بعد فترة فوجدت على الكرسي بجواري رجلا غریبا لا أعرفھ ،ملامحھ جادة بلوغاضبة، طویل القامة ، ونحیف ببشرة بیضاء وعیون سوداء ذات أھداب طویلة ، نظراتھا حادة جدا، وشعر:أسود قصیر مجعد تختلط بھ عدة شعیرات بیضاء، تأملتھ للحظات ثم قلت

انت مین؟ وأنا فین؟-

أنا دكتور رامي وانت في عیادتي -

وإیھ اللي جابني ھنا؟-

أنا راجع من صلاة الفجر لقیتك مرمیة في الأرض وراسك مفتوحة وجسمك كلھ كدمات، لو كنت ودیتك-مستشفى ما كنتش ھاخلص ویمكن یتھموني أنا بإصابتك وخاصة إن ریحة الخمرة كانت فایحة منك، فقررت.أجیبك ھنا وأعالجك لأني دكتور عظام

ومین اللي غیرلي ھدومي یا دكتور؟-

:عندھا دخلت فتاة متوسطة الطول ممتلئة الجسد ، سمراء وكل ملامحھا تضحك وقالت بمرح

إزیك یا دكتور وإزیك یا مریضة؟-

:فقال الطبیب بامتعاض

ھي دي اللي غیرتلك ھدومك ھاسیبكم مع بعض عشان عندي شغل-

: خرج وأغلق الباب بعنف فقالت

أنا ھدى سكرتیرة معمل التحالیل اللي في نفس الدور-

وأنا ھدیر-

لما الدكتور طلب مني خدمة بصراحة ما اتأخرتش أصلھ جدع ومحترم وعمره ما اتأخر عن حد مننا ، ولما-قالي أنزل أشتریلك لبس وأجي أغیرلك ھدومك وأشطفك وافقت ، ھو خرج وسابلي العیادة كلھا عشان اتحركبراحتي ولما خلصت رنیت علیھ، بس إیھ رأیك مش ذوقي حلو؟ أصل طول عمري بحب اللبس وأحب أساعدالناس مالك ما بتتكلمیش لیھ؟

ھو أنتي سایبھ لي فرصة؟ ماشاء ﷲ علیك رادیو-

:ضحكت واھتز جسدھا الممتلئ وقالت

..كلھم بیقولوا عني كده برضھ-

:وقبل أن تكمل كلامھا رن ھاتفھا فقالت وھي تغادر

ھامشي وأقفل الباب ورایا ولما أخلص ھارجعلك مش عاوزة حاجھ؟-

لاشكرا -

خرجت ونظرت لنفسي وتذكرت كیف وصل بي الحال لھذا الوضع، كنت أعیش مع أبي وإخوتي الذكورالثلاثة في حیاة جافة خالیة من المشاعر بعد وفاة أمي وأنا في العاشرة وزواج أبي من ابنة عمھ - التي لا تنجب– حتى ترعى شئوننا ولكنھا كانت ترعى شئون البیت وأبي فقط أما معاملتھا معنا فكان یشوبھا تجاھل مُغلفبالكُره فقد كانت تحلم بالزواج من أبي قبل أن یتزوج بأمي ولكنھ تزوج أمي فكرھتھا وكرھتنا معھا وعندماماتت أمي كانت تلك فرصتھا- بعد أن طلقھا زوجھا بسبب عدم إنجابھا- لتتزوج بأبي وتُحقق حلمھا، لكنھا لمتستطع التخلص من بُغضھا لنا وفي نفس الوقت تخشى غضب أبي فقررت أن تتجاھلنا بقدر إمكانھا وأن یكون.تعاملھا معنا في حدود، فكان ذلك أفضل لھا ولنا

عشت حیاة باردة خالیة من كل المشاعر لكني كنت أحلم دائما بفارس الأحلام الذي یغمرني بحبھ وحنانھ، لكنذلك غیر مسموح بھ في قریتنا ولا في أسرتنا فالحب في مفھوم أبي ( كلام فارغ وھیافة بنات). شغلت وقتيبقراءة قصص الحب ومشاھدة المسلسلات والأفلام الرومانسیة بجانب دراستي. ظلت حیاتي مُملة وكئیبة حتىدخلت الجامعة في بنھا فاختلفت تماما ورغم أني كنت أرغب في الالتحاق بقسم اللغة الإنجلیزیة بكلیة التجارةإلا أن زوجة أبي وإخوتي حرضوا أبي على الرفض بسبب نفقاتھا الكثیرة –رغم ثراء أبي- بحجة أني فتاة ولن:أعمل بتلك الشھادة وأن مكاني الطبیعي البیت وقالت زوجة أبي

بلا علام بلا وجع قلب حوش الفلوس دي لجھازھا أحسن-

تحطمت أمالي على صخرة تلك النظرة الدونیة ولكني استعدت ثقتي بنفسي وقررت أن أتفوق في دراستي حتى

.أجد عملا مناسبا وأخرج من تلك القوقعة للعمل في القاھرة حیث المستقبل المشرق أمامي

تعرفت في الكلیة على العدید من الزمیلات لكن بقیت سُمیھ ھي صدیقتي المُقربة حیث أمضینا كل سنواتتعلیمنا في نفس المدارس حیث تجاور قریتھا قریتنا، فكنا نقضي أوقاتنا معا ونغادر معا. في أول عام تعرفتعلى شقیق سمیة شادي وصدیقھ نادر – الذي تحبھ سمیة بجنون دون أن یعلم أحد- ورغم أنھما في عامھماالنھائي ویدرسان في كلیة الحقوق إلا أنھما كانا معنا باستمرار بحجة حمایتنا. كان شادي وسیما جدا فھومتوسط الطول بشعر بني ناعم وبشرة بیضاء وعیون عسلیة فاتحة وبالطبع یجذب كل الفتیات بوسامتھ وخفةظلھ فوقعت صریعة لھواه وخاصة أنھ كان یغمرني بكلامھ المعسول الذي طالما تُقت إلیھ فكان یتغنى بجمالعیوني السود ووسعھما وأنھما كبحر حالك الظلام وشدید الغموض یرغب في خوضھ ولكنھ یخشى الغرق فیھ،وفي بشرتي الخمریة الناعمة كبشرة الأطفال الذي یقضي لیلھ یحلم بلمسة واحدة لھا ولكنھ یخشى علیھا حتىمن أناملھ فھي أنعم وأرق من أوراق الورود، أما جسدي فھو لم یر في روعتھ ولا سحره الطاغي لذا كانیتشاجر معي دائما كلما ارتدیت ملابس تلتصق بجسدي بحجة أنھ یغار على ممتلكاتھ –التي ھي أنا- بحكم ماسیكون فكل ما یمنعھ من الارتباط بي تخرجھ من الجامعة، فھو ینتظر انتھاء العام الدراسي بفارغ الصبر حتىیتقدم لخطبتي. عشت معھ أجمل قصة حب وحلمت بالحیاة السعیدة في بیتھ ووعدتھ أن أتحمل ظروفھ المالیة

.البسیطة بل وأساعده حتى نتجاوزھا معا وننعم بالسعادة معا كزوجین وعاشقین

أحببتھ بجنون ولم أعد أتخیل حیاتي بدونھ وصرت على استعداد أن أدفع حیاتي ثمنا لسعادتھ، أدمنت وجوده فيحیاتي وصوتھ ونظراتھ وكلمات الحب والغرام التي أسمعھا منھ وتطیر بي فوق سحب السعادة، صار شاديحلمي بالحب الذي تحقق. انتھى العام الدراسي ونجحنا كلنا وتخرج شادي وانتظرتھ لینفذ وعده وخاصة أني لمیعد مسموحا لي بالخروج فلم أعد أراه فصرت كمن انتزعوا منھا ولیدھا وھي ملھوفة علیھ تتخیل سماع صوتھ

.أو أنھا ترى ابتسامتھ، وتتوھم أنھ ینادیھا أحیانا، كدت أجن من بُعدي عنھ لكن لم یكن بیدي حیلة

أفقت من أحلامي الوردیة على عودة كریم أحد أقارب والدي من السفر بعد أن صار غنیا واشترى عدة فدادینزراعیة وتركھا لأسرتھ لزراعتھا وأعاد بناء بیت عائلتھ بشكل حدیث حتى صار شبھ القصور وھو یبحث عنعروس لتملأ حیاتھ بالأولاد فلم یجد خیر من أبي لیناسبھ وتقدم لیطلب یدي ووعد أبي بمھر ومؤخر كبیرینوشبكة غالیة لم یر أھل قریتنا مثلھا من قبل، طار أبي فرحا فمن الجنون رفض عریس مثل ھذا فتلك- منوجھة نظر أبي- فرصة لا تُعوض. لم یسألني أبي عن رأیي إنما أعلن موافقتھ وحدد مع العریس موعد الخطبةوعندما حاولت الاعتراض صفعني حتى سالت الدماء من شفتاي وقال أنھ أعطى كلمتھ للرجل وھذا كلام نھائيووافقھ إخوتي في ذلك فالفتاة في عائلتنا لیس لھا رأي حتى في أدق شئونھا، كما أنھا عار یجب التخلص منھبسرعة . بكیت وحدي كثیرا فلم یكن لي من یحبني أو یرفق بي فالكل یراني عبئا ثقیلا ویسعى للخلاص مني،:فقط الوحید الذي یحبني شادي فاتصلت بھ وحكیت لھ ماحدث فسكت قلیلا ثم قال

وطبعا لو جیت اتقدمت لك أبوكي ھیرفضني ویطردني-

یعني ھتسیبني لغیرك؟ أنا كنت فاكراك بتحبني وماتقدرش تعیش من غیري-

أنا فعلا بحبك وھاموت من غیرك لكن مافیش قدامنا غیر حل واحد مش عارف ھترضي بیھ ولا لأ-

قولھ-

تھربي معایا ونتجوز-

إیھ؟مستحیل أفضح أھلي في وسط الناس-

یعني عاوزه تتجوزي واحد بتكرھیھ وتضحي بحبنا؟-

مش عارفة أنا متلخبطة أوي-

خلاص فكري ومستني ردك بكره وعاوز تفتكر دایما إني باعشقك وھاموت من غیرك-

فكرت كثیرا وأدركت أننا لن نستطیع الفرار بحبنا وستقع بین الأسرتین لا بل بین القریتین مشاكل كثیرة بسببنا،كما سیتعرض أبي وإخوتي للعار والسخریة من الجمیع وخاصة زوجة أبي التي ستشمت بھم وتعایرھم أنيتربیة أمي الفاسدة ولو كنت ابنتھا لما فعلت ذلك، لذا كان قراري النھائي بالاستسلام ومنذ متى لم استسلملقرارات أبي ؟ لم تكن لدي الجرأة یوما على معارضتھ، فأنا ملك یده یفعل بي مایشاء بحجة أنھ أدرىبمصلحتي مني. غضب شادي من قراري واسمعني أسوأ كلمات عن ضعفي وجُبني وطمعي في مال العریسوأني كنت أخدعھ باسم الحب، وتلقیت كلماتھ في صمت ولم أدافع عن نفسي فمھما قلت فلن یصدقني فھو لم.یحیا حیاتي ولم یعرف قسوة أبي وإخوتي

قابلت كریم الذي تجاوز الثلاثین بعام وملامحھ عادیة ببشرتھ السمراء وشعرة الأسود الخشن وعیونھ البنیةالضیقة الغامضة وملامحھ الجامدة التي لا تُظھر ما بداخلھ، لم أشعر معھ بالارتیاح ولا بالنفور إنما كانإحساسي محاید وما نفع المشاعر مادام الزواج سیتم رغم إرادتي؟ تمت قراءة الفاتحة ومنحني خاتما من الذھببفص من الیاقوت الأحمر فجاز إعجابي وإعجاب الجمیع واتفق مع أبي أن یتم الزواج خلال شھر لأن أعمالھ:بالقاھرة لا تحتمل أن یغیب عنھا كثیرا وقال لأبي بغرور

أنا متكفل بكل حاجھ وعایزھا بشنطة ھدومھا وبس-

أردت أن أصفعھ لأحطم ذلك الغرور ولكنھا تبقى مجرد رغبة لا أستطیع تحقیقھا. سادت أجواء السعادة بیتنالأول مرة حتى زوجة أبي فرحت بذلك العریس الذي لن یكلفھم شیئا وسیوفر مال أبي ولم یسألني أحد عنموافقتي أو مشاعري فأنا في ھذا البیت كم مھمل لا أحد یھتم بھ، وتمنیت أن تكون لي قیمة أكبر في بیت كریم ،.وحتى إن لم تكن لي أیة قیمةما بیدي حیلة فأنا معتادة على ذلك

كنت استعد للزواج بلا روح وبفرحة غادرت قلبي منذ وفاة أمي وفراقي لشادي، حتى جاء یوم الزفاف ففوجئتبكریم حجز فندقا فخما بالقاھرة لیتناسب مع مكانتھ في المجتمع وضیوفھ من رجال الأعمال، كما حجز ليغرفة لتأتي متخصصة التجمیل لتُزینني، واشترى لي فستانا لم أرَ في روعتھ، كل ذلك جعلني أشعر بالإمتنانلھ وأتغاضى عن أنھ سبب حرماني من شادي بل وبدأت أقنع نفسي أن أرضى بنصیبي، وعندما حان موعد:الزفاف صعد أبي لغرفتي لیصطحبني وقال لي

جوزك دلوقتي ھو كل أھلك رضاه من رضا ربنا اوعي تیجي تشتكي لي منھ واعرفي ان البنت تطلع من بیت-أبوھا على بیت جوزھا ومن بیت جوزھا على القبریعني لا تیجي یوم غضبانة ولا تفكري یوم في الطلاق مھما.حصل، لأن موتك أھون من طلاقك

صدمتني كلماتھ فقد تخلى عني وأعلنھا صریحة أنھ لم یعد لي سندا ولن یقف بجواري، تمنیت لحظتھا لو كنتأطعت شادي وتزوجتھ طالما في الحالتین سیتخلى عني أبي على الأقل كنت سأحیا مع من أحب لكن یبدو أنجُبني أعماني عن رؤیة الحقیقة، لكن فات أوان الندم فقد بدأت طریقي وعلي أن أكملھ.انتھت إجراءات عقدالقران وقدم لي كریم أسورة وخاتم من الماس بھرني بھما أنا وكل الحاضرین، كان زفافا أسطوریا تحاكى بھالجمیع وحضره مطربون كنت أسمع عنھم ولم أتخیل أن أراھم، كذلك حضره نخبھ من رجال الأعمال وسیداتالمجتمع وانتھى الحفل وصعدنا للجناح المحجوز بإسمنا في الفندق الفخم وأنا خائفة مما سیحدث لي وبمجرددخولنا قبلني كریم في جبھتي واتجھ للحمام لتبدیل ملابسھ وتركني أبدل ملابسي فأبدلتھا بقمیص النوم الأبیضووضعت الروب فوقھ وأنا أرتجف رعبا مما سیحدث وشغلت نفسي بتصفیف شعري وبمجرد أن انتھیت خرج:كریم من الحمام ونظر إلي مبتسما وقال

تصبحي على خیر-

ونام خلال لحظات وأنا مذھولة فمن یرى فرحتھ أثناء الحفل ورقصھ معي وضمي لصدره یظن أنا عاشق متیموأنھ لن یتركني للحظة ، رغم سعادتي بأنھ تركني إلا أنھ حطم كبریائي كأنثى مرغوبة، لكني التمست لھ العذربأنھ مُتعب والأیام بیننا كثیرة. في الأیام التالیة عندما انتقلنا لفیلتھ- في تلك المنطقة الراقیة النائیة – لم یخل بیتنامن المھنئین وكان یقضي النھار نائما أو یمارس الریاضة بینما یتوافد الضیوف مساءا ولا یغادرون إلا فيساعة متأخرة من اللیل وعندھا یعلن تعبھ ویخلد للنوم في غرفتھ المنفصلة عن غرفتي، كنت متعجبھ وأتساءلھل ھو مریض أم أنھ لایرغبني كامرأة؟ فكرت كثیرا أن أسألھ لكن شجاعتي كانت تخونني في أخر لحظة فأبيرباني على الخوف منھ ومن عقابھ إن قلت شیئا یغضبھ كذلك إخوتي كان من یغضب مني ینھال علي ضربا.حتى صرت مرعوبة دائما من الحدیث وارتكاب الأخطاء

كان ھناك ضیوف یترددون على بیتنا یومیا وأحیانا یدعوننا لبیوتھم وعندما سألتھ عن سر تلك الدعوات الیومیة:قال

بیزنس یا حبیبتي بنتقابل عشان نخلص شغل مھم-

بس بقالنا شھر متجوزین وماشفتكش بتروح شغل ھو انت بتشتغل إیھ؟-

:قال مبتسما

سمسار-

عقارات ولا في البورصة؟-

كلھ أنا سمسار لكل حاجھ حتى التحف-

وأنا إیھ دوري في السھرات دي؟ أنا لا بافھم في البیزنس ولا أعرف الناس دي؟-

دورك إنك مراتي وواحدة واحدة ھتتعلمي كل حاجة-

ھو أنا مراتك فعلا؟-

:اقترب مني وقبلني في وجنتي وقال

إنتي الغالیة على قلبي ومن كتر برائتك ورقتك خایف أقربلك بعدین أدنس البراءة دي، أنا مش قادر أصدق إني-اتجوزت الجمال ده كلھ وخایف علیھ حتى من نفسي

لم أصدق أذناي فتلك أول مرة یعترف لي فیھا بحبھ ولكن حجتھ كانت واھیة فلم أصدقھا فلا أنا جمالي متمیزولا أتفوق على من رأیتھن في بیتھ في الرقة أو الأنوثة وقلت لنفسي ربما لایرید أن یبدو صغیرا أمامي. توالت:الأیام وھو یغمرني بأفخر الثیاب والعطور ثم قال لي ذات یوم

إنت لیھ محجبة رغم إني ما باشوفكیش حتى بتصلي؟-

بابا وإخواتي غصبوني على كده وكمان دي عادات البلد-

إنت دلوقتي عایشة حیاة جدیدة في مجتمع جدید ولازم تتغیري، إنت جمیلة وأنا بحب أتباھى بجمال مراتي-قدام الناس

یعني مش ھتغیر؟-

اللي بیغیر ده متخلف و مش واثق من نفسھ، عاوزك في سھرة النھاردة تلبسي الفستان الأحمر وتروحي-للكوافیر تخلیھا تعملك شعرك وتظبط ماكیاجك والا أقولك ھاجیبھالك ھنا على الساعة 7

زي ماتحب-:ضمني إلیھ وقال

باموت في طاعتك ورقتك-

وتركني وأنا متعجبة من أمره فقد كان شجار إخوتي الدائم بسبب اللون الأحمر الملفت للنظر وبسبب ظھورشعري الناعم من أسفل غطاء رأسي وبسبب الكحل الملون الذي كان یبرز لون عیناي العسلیتین، أما أحمرالشفاه فقد تلقیت بسببھ علقة موت كسر فیھا أخي ذراعي فتُبت عنھ، والأن جاء زوجي لیسمح لي بكل ماأجُبرت على تركھ.ارتدیت الفستان الأحمر بعد أن صففت شعري وتركتھ منسدلا على ظھري ووضعت لي:خبیرة التجمیل مساحیق الزینة المناسبة فنظرت للمرآة وأعجبني جمالي وقلت لنفسي

النھاردة كریم مش ھیقدر یقاوم جمالي أكید-

خرجت لكریم الذي ظھرت في عینیھ نظرات الإعجاب فأدركت أنني الیوم سأصبح زوجتھ لا محالة، غادرناوتوجھنا لحفل سید بك ذلك الرجل الذي یفوق أبي في عمرة لكنھ قصیر وبدین ویصبغ شعره بالأسود لیداريالشیب الذي غزا رأسھ، لم أكن أحبھ فكانت نظراتھ تلتھم جسدي التھاما فكنت طول الحفل لا أفارق كریملأحتمي بھ من نظرات ذلك السمج حتى تحرك كریم بعفویة فأسقط كوب الشراب على فستاني فاعتذر ليوطلب منھ سید بك أن یصطحبني لأحد الغرف حتى أنظف فستاني. صعدنا معا لإحدى الغرف وطلب مني:كریم أن أخلع فستاني فشعرت بالخجل فقال لي

یاحبیبتي أنا جوزك ماتتكسفیش اقلعي وھاخلي الخدامة تنضفھ بسرعھ-

:وصب لي كوبا من الماء وقدمھ لي وقال

اشربي ده وھدي أعصابك أنا أسف غصب عني-

شربت كوب الماء وساعدني على خلع الفستان ولما رآني بملابسي الداخلیة ضمني إلیھ وقبلني في وجنتي:وقال

ادخلي السریر واتغطي عشان ماتبردیش وأنا دقایق وراجع لك-

تمددت على الفراش وتدثرت جیدا لیس من البرد ولكن خوفا من أن تدخل الخادمة وتراني بملابسي الداخلیةفأنا شدیدة الخجل ، ولا أدري لم شعرت بدوار في رأسي ربما لأني لم أتناول طعاما منذ الإفطار. شعرت بثقلفي رأسي ونمت وحلمت أن سید بك دخل الغرفة ونزع عني الغطاء وراح یغمرني بقبلاتھ وأنا أدافع عن نفسيبكل قوتي لكنھ كان الأقوى وتغلب علي فنھضت من النوم وأنا مفزوعة فوجدت ملابسي الداخلیة ممزقةوشعري مشعث والسریر غیر مرتب نھضت مسرعة وأنا ألتف بملاءة السریر ووجدت فستاني على الكرسيبجوار السریر فأخذتھ ودخلت الحمام الملحق بالغرفة واغتسلت سریعا فوجدت جسدي بھ العدید من الكدماتوھناك بقع دماء على الملاءة فتساءلت ھل فعلھا كریم في بیت الغرباء؟ ھل ھذا ما حدث أم؟؟ شھقت عندماتذكرت الحلم وقلت ماذا إن كان حقیقة ولیس حلما ؟؟ ھل اغتصبني سید؟ ماذا سیفعل كریم لو علم بذلك؟ أفكاركثیرة تضاربت في رأسي وشعرت بالخوف والاضطراب وقررت ألا أتكلم حتى أعرف حقیقة ماحدث.

ارتدیت ملابسي وصففت شعري وخرجت من الحمام وبینما كنت أرتدي حذائي سمعت صوت كریم خارج:باب الغرفة یقول

زي ما وعدتك بنت بنوت مالمستھاش، عشان تعرف غلاوتك عندي منعت نفسي عن الجمال ده كلھ عشان -خاطرك

ما انت واخد صفقة بملایین یعني أكتر من تمنھا، بس المرة الجایة عایزھا فایقة مش متخدرة-

اصبر شویة وھخلیك تعیش ألف لیلة ولیلة-

لم أصدق أذناي ھل باعني كریم لسید بك؟ ھل فرط في شرفھ وعرضھ مقابل المال؟ھل ھو سمسار أعراض؟؟ھل أنا مازلت أحلم؟ لا ھذا كابوس وسرعان ما سأفیق منھ، فما سمعتھ لا یمكن أن یكون حقیقي لابد أني أتوھم.ذلك فلایوجد رجل یمكنھ أن یُفرط في شرفھ في مقابل المال

الحلقة الثانیة

ھطلت الدموع من عیني وأنا أستعید تلك الذكریات السیئة فذاك الزوج الثري الذي فضلھ أبي على حبیبي الفقیرلیس سوى وغد حقیر بلا شرف، ولیس أكثر من قواد. تذكرت المواجھة بیننا في تلك اللیلة المشئومة فقد صعدنا

:لغرفتنا وبدلت ملابسي بملابس نوم كاشفة واقتربت منھ فقبلني في وجنتي وابتعد فقلت بحدة

إنت بتھرب مني لیھ من یوم ما اتجوزنا؟ لما إنت مش عاوزني اتجوزتني لیھ؟ ولا أنت مرض؟ صارحني-

.بالحقیقة

:سكت ولم یجب فقلت بغضب

أنا أقولك لیھ؟ عشان تبیعني وتكسب من ورایا-

:فابتسم بلزوجة وقال

كویس إنك فھمتي یا أمورة ووفرتي علیھ شرح كتیر، أنا ھاقولك كل حاجھ وأریحك أنا مش باتھرب منك أنا -عاجز جنسیا، ولیھ اتجوزتك إنت جاوبتي علیھا إنما أحب أضیف إن دي شغلتي أنا سمسار في كل حاجة فيالعقارات والأراضي واللي یعدل المزاج

:قالھا وغمز بعینھ وأنا مذھولة من بجاحتھ وقلت

مش خایف أفضحك؟-

عند مین؟ كبار البلد زباین عندي وضھري مسنود جامد، عند أبوكي وأھل البلد طز فیھم، فلوسي ھتسكتھم،-إذا كان أبوكي مسألنیش فلوسك منین ولا بتشتغل إیھ ولا فكر ییجي یشوف بیتك وعیشتك ھنا

خلاص انت حر في حیاتك بس أنا مش عاوزة أعیش معاك طلقني-

دخول الحمام مش زي خروجھ یا حلوة، لو طلقتك ھاقول لأھلك لقیتك مش بنت وسھل أثبت إني عاجز وإنك-مش بنت أنا ماتھمنیش الفضیحة لكن فضیحتك ھتخلي أھلك یقتلوكي، أنا عارف إن الصدمة مخلیاكي مشعارفة تفكري ھاسیبك النھاردة وبكرة عاوزك تكوني عقلتي وتطاوعیني

أطاوعك في إیھ؟ في الزنا؟ عاوزني أبیع نفسي للي یدفع أكتر؟ اقتلني أحسن-

:اقترب مني بغضب وجذبني من شعري وقال

لو ماعقلتیش ھتشوفي مني وش ماتعرفیھوش ھخلیكي تتمني الموت وماتطولیھوش-

خرج وصفع الباب خلفھ بعنف أفزعني ، افترشت الأرض وأنا أبكي وعندھا تذكرت شادي فاتصلت بھ فلمیجب فأرسلت لھ على الواتس أني أحتاجھ ضروري وبعد لحظات فوجئت بھ وقد حظر رقمي على الواتسوكذلك حسابي على الفیسبوك ، فاتصلت بأبي فأجابني بجفاء وبعد التحیات سألني عن كریم فقلت لھ وأنا:أرتجف

...وحش معایا جدا یا بابا تصور -

ھدیر..مش عاوز أعرف تفاصیل حیاتكم عودي نفسك على طبعھ ومش عاوزك تشتكي منھ كل المتجوزین في-الأول كده..یا بابا ده-

بطلي دلع بقى وطاوعي جوزك وماتزعلیھوش واعرفي أي شكوى منھ مش ھارحمك-

وأغلق الھاتف في وجھي وكأني عبء ثقیل تخلص منھ بصعوبة، فكرت أن أتحدث لأحد إخوتي لكني تراجعتفھم نسخ من أبي ولم یستمع أحد منھم لي من قبل أو یبدي تعاطفا معي، أغلقت كل الأبواب في وجھي فلم یتبقلي سوى الھروب أو الانتحار. الھروب ولكن إلى أین؟ إلى أب لا یبالي بي ؟ أم إلى حبیب تخلى عني ورفضأن یستمع لي واتھمني بالخیانة والجبن والطمع في مال كریم؟ لیس لي أحد في ھذا العالم لألجأ إلیھ. إذا فھوالإنتحار ولكن ھل أجرؤ على قتل نفسي؟ لا أنا أجبن من ذلك بكثیر، سأحاول أن أجبره على التراجع وسأرفض.مایفعلھ حتى ییأس مني ویتركني ھذا أفضل حل

نمت وأنا راضیة عما توصلت إلیھ وفي الصباح لم أخرج من غرفتي حتى العصر وأضربت عن الطعام:وعندما عاد من الخارج نظر إلي بغضب وقال

یاترى عقلتي ولا أعقلك بمعرفتي؟-:ارتمیت على قدمھ أقبلھا وقلت

أبوس رجلك اعتقني ورجعني لأھلي وأنا مش ھافتح بقي-

أرجعك وأقول لقیتھا مش بنت؟-

حرام علیك أنا عملت لك إیھ؟-

نصیبك رماكي في سكتي، ارضي بنصیبك-

:قمت غاضبة وقلت لھ

إنت عارف اللي بیفرط في شرفھ بیبقى إیھ؟-

عارف ودي شغلتي-

بس أنا مش ھاعمل اللي ھتقول علیھ لو ھتموتني-

اعملیھ برضاكي بدل ما تعملیھ غصب عنك-

یعني إیھ؟-:فقال بخبث

یعني ھاحبسك في المخزن من غیر أكل ولا شرب وھاخلي رجالتي یغتصبوكي كل یوم لحد ماترضي-

إنت شیطان مش إنسان-

: قبض على ذراعي بقوة وقال

عارف إني شیطان بس لو ما سمعتیش كلامي ھاعمل فیكي اللي ماتتخیلیھوش-

:دفعني بقوة حتى سقطت على الأرض واصطدمت بالحائط وقال ببرود

من النھاردة إنتي محبوسة ھنا لا أكل ولا شرب والصبح ھنشوف ھتغیري رأیك ولا لأ؟؟-

بقیت حبیسة غرفتي أبكي ألما وقھرا فكل من كان علیھم أن یكونوا سندا لي تخلوا عني أو غدروا بي فماذاأفعل؟ لماذا علي وحدي أن أواجھ ھذا العذاب وحدي؟ لماذا أنا من دون الناس كلھم؟ لماذا تخلى عني الجمیع؟ھل أنا سیئة لھذه الدرجة؟ في اللیل شعرت بالدوار فاستلقیت على سریري وأنا أتمنى الموت لأرتاح من تلكالدنیا البغیضة. لم أشعر بنفسي إلا في الصباح عندما وجدت الطبیب یتحدث مع كریم بعد أن علق محلولا طبیا.في یدي وبدأت الحیاة تدب في جسدي مرة أخرى فتنھدت بألم فحتى الموت صعب المنال

:بعد فترة نزع الطبیب المحلول من یدي وقال

لازم تھتمي بأكلك وإلا ھیجیلك أنیمیا-

:فأومأت بالإیجاب وبعد أن انصرف صعدت لي الخادمة بصینیة مأكولات وقالت

البیھ بیقولك ھیعمل كام مشوار ویرجع باللیل-

:فقلت بیني وبین نفسي

یارب مایرجع أبدا-

: لكن ﷲ لم یستجب لدعائي فقد عاد في المساء وقال

ھا یا ھدیرعقلتي ولا لسھ مش عارفة مصلحتك؟-

ھي مصلحتي في إني أبقى جاریة تبیعھا للي یدفع أكتر؟-

مصلحتك ومصلحتي عارفھ لو طاوعتیني ھغرقك دھب واجیبلك عربیة وألبسك أغلى لبس كمان وافتحلك-حساب في البنك لكن لو فضلتي زي ما انتي كده أقسم با        ھتدوقي المر كلھ على أیدي وھابتدي من النھاردةھاخلي خمسة من رجالتي یغتصبوكي واحد ورا التاني وبعد كده برضھ ھتعملي اللي أنا عاوزه

:بكیت بضعف وقلت

منك   ربنا ینتقم منك-

الصبح ھاجیبلك بنت تغیرلك تسریحة ولون شعرك وتعملك حاجات لبشرتك عشان عاوزك ملكة جمال لحفلة-باللیل عشان عندنا زبون مھم جدا

طرقت الخادمة الباب ودخلت بصینیة العشاء وخرجت وخرج بعدھا وأغلق الباب بالمفتاح، أدركت حینھا أنيبضعفي أوقعت نفسي في ھذا المأزق ولم یعد لي مفر منھ. جافاني النوم وظلت الأفكار تطاردني شعرتبالإرھاق عندھا تذكرت ذلك الدواء المنوم الذي وصفھ الطبیب لي ولكن كان مفعولھ لمدة ساعتین فقط ومنعنيمن استخدامھ باستمرار حتى لا أدمنھ و عندما أردت تناولھ تنبھت أن فیھ حلا مؤقتا لمشكلتي فكل من سیبیعنيلھ كریم سأضع لھ المنوم في شرابھ حتى یظن أنھ أقام معي علاقة وبالطبع لن یحكي لكریم أي شئ، وإن سألنيسأؤلف لھ أحداثا لم تقع، ارتحت لذلك الحل كثیرا. في الصباح نھضت مبكرا ووضعت في حقیبة یدي كلأوراقي المھمة لعلي أستطیع الھرب في أي وقت وأخفیت دفتر البنك الذي وضع لي أبي فیھ حقي في میراثأمي حتى أبلغ سن الرشد، ورغم ضآلة المبلغ إلا أنھ قد ینفعني. جاءت متخصصة التجمیل وبدأت عملھاوأجلت الماكیاج حتى أرتدي فستاني الأسود الذي أظھر بیاض بشرتي بسبب كریمات التفتیح وتركت ليشعري -الذي صبغتھ بالبني الفاتح مع خصلات صفراء- منسدلا على ظھري ووضعت لي عدسات لاصقةباللون الأزرق وأضافت مساحیق تجمیل بألوان صاخبة لتظھر جمالي. أتممت زینتي وارتدیت حذاء بكعب

:عالي وعندما صعد كریم أبدى إعجابھ بشكلي واصطحبني معھ في سیارتھ وقال

كل ما تكوني عاقلة ھاكافئك لكن لو عملتي أي غلطة ھاعقبك عقاب رھیب فاھمة؟-

فأومأت بالإیجاب ووصلنا للحفل وبعد أن سلمنا على الجمیع عرفني كریم على رجل یبدو في الستین من عمره:وقال

عبد الحمید بیھ من كبار رجال الأعمال-

ومد الرجل یده لیسلم علي فمددت یدي وأنا أرتجف فقبض على یدي وھو ینظر في عیناي نظرات ذات معنى:ثم قبل یدي وقال

تشرفنا یا ھدیرھانم-

شعرت بالغثیان لكن نظرات كریم لي جعلتني أرسم الابتسامة على وجھي و ظل یتحدث مع كریم ثم استأذن:كریم لیحضر لنا مشروب فابتسم الرجل وقال

أنا شفت جمال كتیر لكن ماشفتش جمال وبراءة كده-

:فقلت بصوت خفیض

شكرا-

واضح إنك مكسوفة ولسھ مش واخدة على الجو ده-

فعلا-

تعالي نتمشى في الجنینة-

وكریم؟ -

ماتخافیش ھیعرف مكاننا-

:خرجت معھ مطمئنة أن لیس ھناك مكانا لیختلي بي فیھ، ومشینا قلیلا وقال

دي كانت فیلتي في الأول وبعتھا لمدام میرفت لكن لسھ عارف كل مكان فیھا تعالي أفرجك علیھا-

:شاھدنا البرجولا والنافورة واتجھنا نحو حمام السباحة فأمسك بیدي وقال

تعالي شوفي من ھنا المنظر أجمل-

فذھبت معھ فجذبني بقوة إلى أحد غرف تبدیل الملابس أغلق الباب وغمرني بقبلاتھ وحاولت مقاومتھ فقال:بحدة

كفایة تمثیل بقى إنت عارفة إني دافع تمن استسلامك لیھ غالي فكفایة تمثلي دور الشریفة-

:فقلت من خلال دموعي

وﷲ أنا شریفة وھو اللي غاصبني على كدة ومھددني لو ماعملتش ده ھیخلي رجالتھ یغتصبوني-

:بدا الذھول على وجھھ وقال

السافل ده مفھمني إن ده برضاكي-

أبدا وﷲ یاریت ترحمني-

:سكت للحظات ثم قال

ولو خلصتك منھ خالص توافقي تبقي معایا؟-

بس بجواز-

موافق تعالي معایا-

:رتبت ملابسي وخرجت معھ فتركني في البرجولا وقال

ماتتحركیش من ھنا-

: جلست مكاني وبعد نحو الربع ساعة عاد إلي وقال

خلاص اتفقنا تعالي معایا المكتب المأذون جاي حالا-

:دخلنا غرفة المكتب وجاء بعد عدة دقائق كریم ومعھ المأذون وتم الطلاق فقلت لعبد الحمید ھامسة-

خلیھ یجوزنا بالمرة-

وعدتك؟-

كریم ما اتجوزنیش ولا لمسني أصلا أنا في حكم المكتوب كتابھا-

المأذون مش ھیرضى برضھ یجوزنا وكل مأذون ھیشوف قسیمة طلاقك مش ھیرضى غیر بعد العدة-

طب وھاعیش فین المدة دي؟-

الحل عندي نتجوز بورقة عرفي وشھود لحد ماعدتك تخلص نحولھ لجواز شرعي-

وده حلال؟-

طبعا انت ھتبقي مراتي ولازم نعیش في الحلال-

خلاص موافقة المھم إني أخرج من بیت كریم-

ھاحجزلك النھاردة في فندق كبیر وبكرة ھاعدي علیكي ونروح للمحامي ونكتب الورقة عنده عشان تطمني-

أنا ھاعیش العمر كلھ مدیونة لك بحیاتي-

قضیت اللیلة بالفندق ونمت بھدوء وفي الصباح جاء عبدالحمید وتناولنا الإفطار ثم ذھبنا لمكتب المحامي وكتبنا:الورقة العرفي بحضور الشھود وتوجھنا نحو شقة في المعادي كانت ذات ذوق راقي فرحب بي وقالأھلا بیكي في شقتك یاعروسة-

:قادني نحو غرفتي وبمجرد أن دخلنا غمرني بقبلاتھ وبدأت حیاتنا الزوجیة وبعد أن اغتسل قال لي

إنت مش قلتي إن كریم مالمسكیش؟-

أه-

بس انت مش بنت-

أصل ..أنا ھاحكیلك-

:وسردت لھ ماحدث فسكت قلیلا ثم قال

خلاص اللي فات انتھى خلینا في اللي جاي بس اعملي حسابك مافیش دخول أو خروج من غیري وھاتي-موبایلك

:أحضرتھ لھ فنزع منھ الخط القدیم ووضع لي خط جدید وسجل لي رقمھ وقال

ماتكلمیش حد غیري-

حاضر-

طبعا إنت عارفة إني متجوز وعندي أولاد ومش عاوز حد یعرف بجوازنا لكن ھاجیلك على طول لكن مش-بمیعاد محدد قبل ما أجي ھاكلمك

:سكت فقبل وجنتي وقال

ماتخافیش مش ھاغیب كتیر وكل طلباتك عندك في التلاجة ولو احتجتي حاجھ كلمیني ولو حد رد علیكي قولي-إنك سكرتیرة كریم بیھ

قبلت بما فرضتھ علي الظروف وحمدت ﷲ أن نجاني من كریم وأني سأعیش في كنف رجل أخر حتى لو كان.أكبر من والدي

الحلقة الثالثة

عشت مع عبد الحمید كزوجة في الظل كان یأتي إلي ساعات قلیلة كلما وجد وقتا لي وأحیانا كان یكتفيبمحادثتي في الھاتف، لكنھ كان یغمرني بھدایاه لیعوضني عن ذلك الغیاب وخلال حیاتي معھ علمني أن أشعربأنوثتي كما علمني فنون الإغواء لأصبح عشیقة تحت مُسمى زوجة وكان ھذا ما ینقصھ مع زوجتھ وكانیعوضھ في علاقتھ بي،كان أكثر ما یعجبھ في كما قال أنني خام ، مجرد زھرة بریة تتفتح على یدیھ. عشت معھكما یرید وانقطعت عن العالم كلھ وصار ھو كل عالمي ولم أستطع الإتصال بأبي لأخبره بما حدث خوفا منثورتھ وأن یعیدني بالإكراه لكریم مرة أخرى، كما انقطعت صلتي بإخوتي وزملاء الدراسة وصار عبد الحمیدھو محور حیاتي، حیث أقضي یومي أنتظر مجیئة في أي وقت . لم یكن سیئا معي إنما فھمت فیما بعد أنالفارق الكبیر في العمر بیننا كبیرا وكان ذلك واضحا في كل شئ ویبدو أن ذلك ما كان یجذبھ لي، لذا قررت أنأستغل تأثیري علیھ في أن أطلب منھ نقل أوراقي لجامعة القاھرة حتى أستأنف دراستي مما یملأ فراغ حیاتيفي أوقات غیابھ، فوافق بشرط أن ألتحق بشعبة الإنتساب فلا أختلط بالزملاء إنما أذھب للإمتحانات فقط ولایعرف أحد أني زوجتھ على أن یحضر لي كل ما أحتاجھ من أوراق فوافقت وشكرتھ كثیرا. نفذ وعده وبالفعلملأت المذاكرة بعض وقت فراغي الكبیر ووفیت بوعدي فلم أخرج من البیت إلا معھ عدة مرات ، ووحديللذھاب للإمتحان، وبعد انتھاء العام الدراسي سافرنا معا لشرم الشیخ وكنت سعیدة جدا لأني كنت أحلم بزیارتھاواستمتعت كثیرا برؤیة البحر ومشاھدة الغروب في الیوم الأول أما باقي الأیام فقضیناھا في رفقة مجموعة منأصدقاؤه في مثل عمره ورفیقاتھم اللاتي یقاربنني في العمر إما في رحلة على متن یخت أو في سھرة في بیتأحدھم أو في دعوة على الغداء من أخر ، ومع تلك الرفقة شعرت بالاشمئزاز فكل منھم یخون زوجتھ مع امرأةأخرى اشتراھا بمالھ ثم فكرت ھل وضعي یختلف عنھن كثیرا؟ فھو أیضا یخفي عن الناس زواجنا وربما یظنالبعض أني أیضا عشیقتھ ولست زوجتھ، لذا حرصت أن أعلن للجمیع أني زوجتھ فقالت لي سھى رفیقة أحدھم:ساخرة

ماتفرقش كتیر ماھو عرفي ومخبیھ عن الناس-

بس جواز-

بالنسبة لك وبس لكن اللي زي دول إحنا بالنسبة لھم وسیلة للمتعة، لعبة جدیدة بیجروا وراھا ویدفعوا تمنھا-ولما یزھقوا منھا یدوروا على غیرھا

مش معقول ده بیحبني-:ضحكت بمجون وقالت

اللي زي دول مابیعرفوش یحبوا غیر نفسھم ومتعتھم وبس، خودیھا نصیحة مني ما تأمنیش لحد أوي ودایما-اعملي حساب الغدر عشان ماتلاقیش نفسك زینا

لم أصدقھا بل ظننتھا حاقدة لإختلاف أوضاعنا لكن بمجرد عودتنا لاحظت بالفعل كثرة غیابھ وحججھ وأناھتمامھ وھدایاه قد تضائلا كثیرا، فتیقنت حینھا أن كلامھا كان حقیقة فبدأت أدخر بعض المال وأخفي الحُلي.الذھبیة حتى لا یستولي علیھا كما فعل كریم مع ملابسي والحُلي حینما استولى علیھا كلھا بحجة أنھا بأموالھ

بعد نحو الشھر جاء إلي عبد الحمید وصارحني أنھ مریض ولا یستطیع الإستمرار معي لأن في ذلك ظلم لي لذاقرر أن یمنحني بعض المال وأن یدفع لي إیجار ثلاثة أشھر حتى تنتھي عدتي وھددني إن أخبرت أحدا بعلاقتنافسیؤذیني فوعدتھ أن ألتزم الصمت ورجوتھ أن یوجد لي عمل لأعیش من راتبي فوعدني خیرا، واتجھناللمحامي وتم الطلاق أمامھ، وبعد یومین أرسل لي عبد الحمید اسم أحد معارفھ وعنوان شركتھ لأعمل لدیھ.

ذھبت للعنوان في الیوم التالي وقابلت المسئول عن التوظیف في الشركة فمنحني وظیفة في استقبال الشركةفرضیت بھا لأني بدون مؤھل ولا خبرة وكنت في نفس الوقت أبحث عن شقة صغیرة لأنتقل لھا بعد إنتھاءعدتي فلم أجد شقة یناسبني إیجارھا ولكني وجدت غرفة في دار للمغتربات فكانت حلا مناسبا لي ولراتبي.

انتقلت لھا بعد أن بعت معظم الحُلي الذھبیة ووضعت ثمنھا في حسابي في البنك فقد بلغت سن الرشد ورفعتوصایة والدي عني وسحبت كل مدخراتي ووضعتھا في بنك أخر، كما بعت الملابس الفاخرة لأحد محلاتالملابس التي تؤجرھا للمناسبات، وبذلك عدت فتاة عادیة في نظر الجمیع لكنھم لا یعلمون أني امرأة مُطلقة.مرتین

مضت بي الأیام في عملي ولا أحد یلاحظني أو یھتم بي سوى بعض الموظفین الذین یھوون إمطار النساءبكلماتھم المعسولة لعلھن یستجبن یوما ما، حتى جاء یوم وكنت ذاھبة لعملي وفي طریقي للشركة تعرضتللتحرش من أحد الشباب فصرخت في وجھھ وشتمتھ فسبني أنا وأھلي وكاد أن یتطاول علي لولا تدخل شابفي نحو الثلاثین من عمره وتصدى لھ ودافع عني حتى انصرف المتحرش فشكرتھ وانصرفت فوجدتھ یسیر:خلفي فقلت لھ

اتفضل حضرتك ما تخافش علیھ أنا شغلي قریب-

أنا مش ماشي وراكي أنا رایح برضھ شغلي في المبنى اللي ھناك ده-

ھو حضرتك زمیلي في شركة...؟-

أه ھو انت كمان بتشتغلي ھناك؟-

أنا ھدیر موظفة الاستقبال-

وأنا محمد حافظ موظف في شئون العاملین-

ربنا یكفینا شركم-

: ضحك وقال

فرصة سعیدة إني اتعرفت علیكي-

أنا أسعد ومتشكرة على جدعنتك معایا-

دخلنا الشركة وكل منا اتجھ لعملھ ولكني كنت سارحة في ذلك الشھم الذي تدخل لإنقاذ فتاة لا یعرفھا معرضانفسھ للخطر، كنت أظن أن الدنیا خلت من مثلھ، حقا لم یكن وسیما فبشرتھ السمراء وشعره الأسود المجعدوعیونھ السوداء ذات الأھداب الطویلة وجسده المتوسط كل ذلك كان یجعلھ یبدو عادیا لكنھ في نظري صارممیزا. شغلتني أفكاري عنھ طوال الیوم وعند انتھاء العمل وجدتھ عند المحطة ینتظر مواصلة مناسبة فتحدثناعن سكنھ البعید مع والدتھ التي یرعاھا بعد زواج إخوتھ وحدثتھ أني مغتربة وأعیش بمفردي في دار مغترباتوانتھى حوارنا بركوب كل منا مواصلة مختلفة. وأصبحنا نلتقي صباحا قبل دخولنا للشركة ومساءا بعد انتھاءالعمل دون أن نرتب ذلك اللقاء لكني كنت أتلھف علیھ وصرت أحب عملي من أجلھ، فكنت معھ أشعر بالراحةوالأمان كما كنت أرى في عینیھ نظرة إعجاب فقلت لنفسي ربما ستبتسم لي الحیاة أخیرا. بعد نحو ستة أشھر:من تعارفنا قال لي محمد بینما كنا نغادر الشركة

بصراحة یا ھدیر أنا مُعجب بیكي وبأخلاقك جدا وكلمت والدتي عنك كتیر وبقت عارفاكي زیي وأنا عاوز-ارتبط بیكي بشكل رسمي

:كست حمرة الخجل وجھي واضطربت وكأني مازلت عذراء فقال لي

الكلام ھنا مش ھینفع تعالي نقعد في أي مكان ونتكلم براحتنا-

لأ ما أقدرش بعدین حد یشوفنا وكمان أخاف أتأخر-

ھنقعد في مكان عام نشرب حاجھ ونتكلم ومش ھأخرك أنا بخاف علیكي-

:استجبت لھ وذھبنا لأحد المقاھي القریبة ولاحظ ارتباكي فقال

بصي یا ستي أنا عندي 31 سنة متخرج من كلیة تجارة وعندي أخ عایش في السعودیة وأختین واحدة عایشة-مع جوزھا في بورسعید والتانیة سافرت مع جوزھا دبي وأنا أصغر واحد وعایش مع والدتي ست كبیرةومریضة وما أقدرش أسیبھا لوحدھا ومتفق مع إخواتي إني أتجوز مع أمي في شقتھا، ھاجدد طبعا العفشوھاشتري لك أوضة نوم و الشبكة ھتكون مش غالیة أوي لكن أوعدك لو ربنا فتحھا علیھ أجیب لك كل الليانت عاوزاه قلتي إیھ؟

:سكت للحظات وأنا لا أعرف ما سأقولھ لھ ولكني استجمعت نفسي وقلت

قبل ما تسمع رأیي لازم تعرف ظروفي وتقرر إن كنت مناسبة لك ولا لأ، أنا من أسرة ریفیة متشددة والدي -غصبني أتجوز قریبھ الغني وبعد الجواز اكتشفت إنھ إنسان مش كویس لا عنده نخوة ولا رجولة ومستعد یفرطفیھ مقابل الفلوس حاولت أتطلق رفض ووالدي رفض یسمعني وافتكر إني باتدلع، لكن ربنا وقف لي راجلطیب أنقذني منھ وأجبره على إنھ یطلقني وبعد كده اتجوزنا بس عرفي عشان مراتھ وأولاده وخاصة إنھ راجلمھم ولھ سمعتھ عاملني كویس جدا وبعد فترة طلقني بسبب مرضھ وأھلي قاطعوني بسبب طلاقي من الأولانيفما رجعتش لھم وفضلت ھنا وباشتغل وأكمل دراستي ، انت شھم وجدع بس عاوزاك تفكر كویس وتاخد رأي.والدتك وبعد كده مستنیة رأیك ومھما یكون رأیك مش ھیغیر احترامي لك

:سكت قلیلا ثم قال

اللي فات فات وخلینا في النھاردة أنا مش فارق معایا ظروفك بالعكس احترمتك أكتر لما صارحتیني بالحقیقة-

ماتتسرعش في حكمك قبل ماتتناقش مع والدتك عن إذنك-

تركتھ وانصرفت وأنا أشعر بالخوف من رأي والدتھ، أخاف أن تھدم حلمي بالحب والاستقرار من أجل تقالیدبالیة تحرم المطلقة من حقھا في الحیاة من جدید والكارثة الأكبر لو كانت ستتزوج بمن لم یسبق لھ الزواجعندھا یقف الجمیع بوجھھا، لذا كنت أشعر بالخوف من القادم، كما كنت أخشى من غیرتھ وظنونھ فیما بعد. لمنعد نتقابل لا في ذھابنا ولا إیابنا وانقطعت اتصالاتھ تماما فعلمت رأي والدتھ في ورفضھا أن یرتبط بمثليفیبدو أن الزمن یرفض أن یمنحني فرصة للحیاة كغیري أو حتى أقل من غیري. تقبلت ماحدث بغضب ونقمةشدیدة فأنا جمیلة وصغیرة وأستحق أفضل من محمد وإنما رضیت بظروفة المتواضعة بسبب اعجابي بشھامتھورجولتھ فقط ولكن ھل مطلوب مني أن أتنازل وحدي بینما یرفض الأخرون التنازل من أجلي؟ ألا أستحق؟.قررت حینھا أني لن أرضى إلا بمن یستحقني فعلا

الحلقة الرابعة

كأن القدر استجاب لي فذات یوم كنت في عملي وجاءت مكالمة مھمة لمكتب رئیس الشركة فلم یكن موجودافحولتھا لمكتب المدیر فلم یرد فاتصلت بسكرتیرتھ فلم تجب فبحثت عن رقم موبایل المدیر ولما وجدتھ اتصلتبھ وأخبرتھ أن ھناك مكالمة مھمة یجب أن یستقبلھا فطلب مني تحویلھا على ھاتفھ الأخر في المكتب وبعد قلیلاتصل بي وطلب مني الصعود لمكتبھ فصعدت وأنا مرتبكة وزاد ارتباكي عندما رأیت رجلا في أخر

:الثلاثینیات ضخم الجثة بملامح غاضبة فسألني لم اتصلت بھ على ھاتفھ الخاص فقلت

أنا فھمت من المتصل إن المكالمة مھمة جدا واتصلت بتلیفون مكتب حضرتك ماردیتش واتصلت بالسكرتیرة-ماردتیش فكان لازم اتصرف وأنا آسفة لو تجاوزت حدودي:لم یجبني إنما قرع الجرس وجاءت سكرتیرتھ فقال بحدة

كنتي فین لما الأنسة اتصلت بیكي؟-

كك... كنت في الحمام-

وتلیفون مكتبي ده مش شغال لیھ؟-

التلیفون عطلان وكلمت مسئول الصیانة أول امبارح وجھ وقال اتصلح-

وطبعا ما فكرتیش تجربیھ بعده؟-

لأ-

انت بتاخدي مرتبك عشان تشتغلي ولا عشان تدلعي وتھزري مع الموظفین؟ لو مش أد مسئولیة الشغل معایا-ما تشتغلیش ده أخر إنذار لك فاھمة؟

حاضر-

اتفضلي-

:ھممت بالانصراف فقال

استني انت اسمك إیھ؟-

ھدیر مصطفى-

مؤھلك إیھ ؟-

أنا في سنة تالتة في كلیة تجارة-

تعرفي في شغل السكرتاریة ؟-

ممكن أتعلم بسرعة-

بتعرفي تستخدمي الكمبیوتر-

أه ومعایا كورس كمان-

كویس ھتطلعي من بكرة تشتغلي مع لبنى عشان لو ھي مش موجوده تبقي مكانھا-

شكرا یافندم وان شاء ﷲ ھاكون عند حسن ظنك-

صعدت للعمل في مكتب رائف بیھ مدیر الشركة وكانت تلك نقلة كبیرة في حیاتي عوضتني عن رفض محمدوأمھ لي، كان العمل شاقا فھو مدمن عمل ولایقبل بالأخطاء، كما أن لبنى كانت كارھة لي لكني استطعتتجاوز ذلك مع الوقت وتناست كراھیتھا وصرنا صدیقتین وحكت لي عن مغامرات رائف النسائیة التي تتداولھاالجرائد وصفحات التواصل الإجتماعي. تعجبت من ذلك فمعظم وقتھ یقضیھ في العمل ویبدو جادا جدا لكنھاقالت أنھ یفصل بین عملھ وحیاتھ الخاصة، لم أھتم مادام مھتما بعملھ ولا یتحرش بي أو یطاردني فانغمست فيعملي عندما حان موعد امتحاناتي استأذنتھ في أجازة فأذن لي. قضیت أیاما وأنا غارقة في مذاكرتي وكانتلبنى تتصل بي یومیا تحكي لي تفاصیل العمل وتسأل عني، حتى كان أخر یوم في امتحاناتي اتصلت بي بعد:انتھاء الإمتحان وطلبت مني الحضور سریعا للشركة فذھبت فوجدتھا عصبیة وبمجرد أن رأتني قالت

انقذیني ربنا یخلیكي-

خیر-

أستاذ رائف عیان وفي البیت وطلب مني أودي لھ ورق مھم جدا لازم یتمضي النھاردة ولما كلمت أحمد-جوزي أستأذنھ حلف علیھ لو رحت لھ البیت ھیطلقني والورق بتاع صفقة مھمة ما ینفعش أبعتھ مع أي موظف، مافیش غیرك أستأمنھ على الورق

بس أروح بیتھ إزاي وھو عازب وعایش لوحده؟-

ھو معاه ست كبیرة مسئولة عن البیت یعني مش لوحدك وھتمضیھ على الورق وترجعي بسرعة-

حاضر ربنا یستر ھاتي الورق-

:أخذتھ مع العنوان توجھت لبیتھ في الزمالك ففتحت لي سیدة في أواخر الخمسینیات فقالت لي

انتي السكرتیرة؟-

أیوه-

اتفضلي ھاقول لرائف بیھ-

دخلت البیت وبھرني فخامتھ فكان ذوقھ راقیا ویشمل العدید من التحف والأنتیكات والألوان المتناسقة للحوائط:مع الستائر ولون الأثاث، أفقت من تأملي على صوت رائف بیھ یقول مندھشا

ھدیر؟ إیھ اللي جابك مش بتمتحني؟-

لأ خلصت النھاردة وأصل لبنى مشغولة جدا فقلت لھا أنا أجیب الورق لحضرتك اتفضل أھو-

كان وزنھ قد نقص والإرھاق بادیا على وجھھ الذي اعتراه الشحوب فجلس بوھن ووقع الأوراق بعد قرائتھا:جیدا وقال لي

خودیھا للشركة بسرعة-

تحب أطلب لك دكتور؟-

لأ مش مستاھلة ده دور برد مع ارھاق خفیف-

:فاستأذنت للمغادرة فاستوقفتني مدیرة البیت وقالت لي بصوت أشبھ للھمس

أطلبي لھ دكتور یا بنتي ده تعبان أوي ومش راضي یاخد أي علاج-

حاضر ھاخلي دكتور الشركة ییجي یشوفھ وده رقمي لو فیھ حاجھ كلمیني-

:كتبت لھا رقمي على ورقة وأعطیتھ لھا وقلت لھا

أنا اسمي ھدیر كلمیني لو حصل حاجة-

ربنا یبارك فیكي ویسترك-

انصرفت ودعواتھا ترن في أذني فكم أحتاج حقا للستر. اتصلت بطبیب الشركة وطلبت منھ ضرورة الذھاب

.لبیت رائف بیھ لأنھ مریض ویرفض الإتصال بأي طبیب، فوعدني بالذھاب إلیھ وإقناعھ بالعلاج

عدت للمكتب وسلمت الورق وشكرتني لبنى وبعد عودة الطبیب سألتھ عن حال رائف بیھ فقال أنھ یعاني منالإرھاق الشدید والأنیمیا وعندما أصابھ دور الأنفلونزا لم یقاومھ الجسم بما یكفي وخاصة وأنھ لا یتناول أدویةفأعطاه أدویة شدیدة للأنفلونزا وبعض الفیتامینات وطلب منھ تحالیل شاملة ووافق رائف بعد جدال طویل علىأن یأخذ الأدویة. اتصلت بي مدیرة البیت أم حسین وقالت أن الطبیب طلب منھا أن تھتم بطعامھ لكنھ یرفضأن یتناول الطعام أو الدواء فأخبرتھا أني قادمة. لا أعرف لم أھتم بصحتھ وطعامھ رغم أن ذلك لیس من ضمناختصاصات عملي لكني أشفقت علیھ لأنھ لیس لھ من یرعاه أو ھكذا بررت لنفسي ذاك الإھتمام. وصلت لبیتھفرحبت بي أم حسین وأخبرتھ بوصولي فسمح لي بدخول حجرتھ لأنھ لا یقوى على الخروج فدخلت برفقتھا:وھي تحمل صینیة الطعام وقالت

لازم تاكل وتاخد الدوا زي الدكتور ما قال-

ومین اللي جاب الدكتور؟-

:فقلت

أنا لما أم حسین قالت لي إنك تعبان بعت لك دكتور الشركة ولما سألتھ قال أنیمیا وإرھاق شدید ولازم أكل-ومتابعة العلاج و عشان ماتدخلش في مرحلة أخطر لازم تھتم بصحتك أكتر من كده

:فنظر إلي قلیلا ثم قال

أقدر أعرف سر اھتمامك رغم ان ده خارج صلاحیات شغلك؟-

حضرتك لو تعبت ھتفضل في البیت وعشان الشغل یخلص ھاعمل 3 مشاویر رایح جاي كل یوم وبكده-صحتي أنا اللي ھتخلص

:فابتسم وقال

یعني مطلوب مني أھتم بصحتي عشان أوفر صحتك وجھدك؟-

یاریت بس الأھم عشان نفسك لأنك لو نمت في السریر شغلك ھیتعطل وإن لقیت حد یھتم النھاردة بكره مش-ھتلاقي، الناس اللي عایشین لوحدھم ومالھمش حد رفاھیة المرض دي مش متاحھ لھم

إنتي عایشھ لوحدك؟ لیھ فین أھلك؟-

دي حكایة یطول شرحھا إختصارھا أھلي قاطعوني لأني مُطلقة والطلاق عندھم عار وفضیحة لازم أفضل-متجوزة حتى لو كان شخص محسوب غلط على الرجالة، أنا مش ھادوشك بمشاكلي لكن المھم إنك تھتم بنفسكعشان نفسك

شكرا یا ھدیر وفعلا معاكي حق لو تعبت محدش ھیفتكرني زي ما حصل النھاردة ناس كتیر من القرایب-والمعارف عرفوا إني تعبان ومحدش اھتم غیرك انتي وأم حسین

.ھاستأذن أنا وربنا یقومك بالسلامة-

شعرت بالشفقة نحوه لأننا نشبھ بعضنا فكلانا لیس لھ أحد ، ونخفي عمن حولنا ألامنا التي نحاول دفنھا فيطیات الانشغال بالعمل، وكلانا یشغل وقتھ بالكامل بكل الطرق حتى لا یتجمد من برودة الوحدة الكامنة في

.القلب، كم تخفي أقنعة الوجوه حقائق لا تظھر لعیون الناس ولكن یشعر بھا المتماثلون فقط

كنت أتصل یومیا بأم حسین لأطمئن علیھ وبعد خمسة أیام عاد للعمل رغم اعتراض الطبیب ولكنھ سأم الوحدةوالبقاء في السریر، كان یبدو علیھ تحسنا ملحوظا عما كان علیھ. بمجرد عودتھ انغمس في العمل حتى نسي:نفسھ كالمعتاد وفي منتصف الیوم أحضرت لھ بعض المخبوزات مع كوب عصیر برتقال وقلت لھ

لازم تاكل عشان تاخد دواك-

أنا خفیت وبقیت كویس-

الدكتور ھو اللي یقول من فضلك بلاش ترجع للاھمال تاني ولازم تفطر قبل ماتنزل-

بس أنا ما بافطرش-

وده غلط وسبب لك أنیمیا خاصة مع القھوة والشاي الكتیر طول النھار-

تعرفي إنك بتفكریني بماما ﷲ یرحمھا؟-

ﷲ یرحمھا احمد ربنا إن كان عندك ماما تھتم بیك-

لیھ إنتي ماعندكیش؟-

أمي ﷲ یرحمھا ماتت وأنا صغیرة ومن یومھا نسیت طعم الاھتمام، ممكن تاكل وماتعطلنیش لأن مدیري-صعب جدا ومابیرحمش؟

:ابتسم وقال

فیھ أوامر تانیة؟-

تاخد الدوا وبس-

خرجت ومن لحظتھا وصارت علاقتنا مختلفة، لم تعد علاقة مدیر بسكرتیرتھ، بل علاقھ بین شخصین.متشابھین یحمل كل منھما تقدیرا للأخر

الحلقة الخامسة

بدأت بیننا قصة تنسج سطورھا على مھل، أساسھا التشابھ و التفاھم والاحترام وذلك جعلني أعلو في مكانتيفي العمل على لبنى التي تفوقني في الخبرة مما خلق في قلبھا بعض الغیرة فكانت تظن أن بیننا حب أو علاقةما وتحذرني دائما من سمعة رائف وتحطیمھ لقلوب النساء، فكنت دائما أطمئنھا أن قلبي لا یؤمن بالحب وأنمابیننا مجرد علاقة عمل . لكن تأكدت مخاوفھا عندما ظھرت نتیجتي ونجحت بتفوق فأصر رائف أن یدعونيللغداء احتفالا بنجاحي فشكرتھ وحاولت الرفض لكنھ أصر واصطحبني بعد العمل لمطعم فاخر على النیلتخلى حینھا عن جدیتھ وصار یحكي لي عن مغامرات صباه وكیف كان میئوسا من نجاحھ في دراستھ وحیاتھحتى توفیت والدتھ فأصر أن یحقق أملھا في نجاحھ وصار على ماھو علیھ. أكلنا وضحكنا واستمتعنا بالمكانوفجأة اعتراني الخوف عندما لمحت كریم یدخل من باب المطعم مصطحبا معھ فتاة ذات جمال صاخبوملابس لاتستر شیئا فأدركت أنھا إحدى وسائلھ للإیقاع بالرجال فتجنبت النظر إلیھ وطلبت من رائف أن نغادر.لشعوري بالإرھاق فوافق

وصلت لحجرتي وكل ذكریات الماضي تجتاحني بلا رحمة وشعرت حینھا أني ظننت أني نسیت وصرتقویة لكني اكتشفت أني ھشة ومازلت أخشى عودتھ وبطشھ بي أو انتقامھ مني فأنا في ھذا العالم بمفردي بلاقلب یحبني أو عقل یرشدني أو حضن یشعرني بالأمان، كم أفتقد حضن أمي وحبھا، كم كنت أتمنى أن یكون ليأب حقا أو إخوه یھتمون لأمري ولكنھم كإخوة یوسف لا یعرفون سوى القسوة بل ھم أشد سوءا فنبي ﷲ یوسفكان رجلا فلن یتعرض لما تتعرض لھ فتاة وحیدة في عالم الضباع التي تتمنى أن تنھش لحمھا حیة. تذكرترائف وتساءلت ترى ھل سیكون ھو بر أماني؟ أم سیكون كغیره لا یھمھ سوى أن ینالني لیستمتع فقط ؟ لاأعرف فلم تعد لدي ثقة بأحد فالكل یبدو ملاكا حتى یظھر العكس حتى عبدالحمید الذي ظھر في صورة الشھمالمنقذ الذي أجبر كریم على طلاقي وتزوجني انكشفت حقیقتھ بعد الزواج فقد كان سادیا لا یستمتع إلا بتعذیبيوإیذائي وكدت أھرب منھ عدة مرات لكنھ كان یعتذر ویغمرني بھدایاه ثم یعود بعد ذلك لإیذائي وھو یعلم أني.لیس لي سندا في ھذا العالم غیره

وضعت رأسي على الوسادة وطاردتني عدة كوابیس حرمتني من النوم فاستیقظت وذھبت لعملي مبكراوانغمست فیھ حتى أنسى ھمومي ومخاوفي. بعد عدة أیام كان لدینا مقابلة مع وفد أجنبي سیكون شریكا لنا معشریك مصري أخر وھو عادل نور الدین رجل الأعمال المشھور في أحد الفنادق المشھورة. ذھبت مع رائفواستغرقت المقابلة عدة ساعات وانتھت بالاتفاق على الشراكة في تلك الصفقة ودعانا عادل نورالدین لحفلعشاء بتلك المناسبة في نفس الفندق في الیوم التالي. حاولت أن أعتذر ولكن رائف أصر على وجودي لأنھ قدیحتاج لبعض المعلومات ، ذھبت لشراء فستان ملائم فوجدت الأسعار باھظة جدا حتى عثرت على فستانشیفون أزرق زھري بتطریز بسیط وثمنھ معتدل فاشتریتھ رغم أنھ سیؤثر على میزانیتي حتى أخر الشھرخاصة بعد أن اشتریت معھ حذاء وحقیبة مناسبین. في الیوم التالي صففت شعري ووضعت مساحیق الزینة:وتأنقت ووصل رائف فذھبت معھ في سیارتھ فقال وھو ینظر إلي بإعجاب

بعد كده أي حفلة ھتكوني معایا فیھا لأنك واجھھ مشرفة للشركة-

شكرا على المجاملة اللطیفة-

ھي فعلا مجاملة لكن الحقیقة إنك النھاردة قمر والحمد     إنك مخبیة الجمال ده وإلا ماكانش حد ھیشتغل كان-الموظفین ھیفضلوا یعاكسوكي

:ابتسمت وقلت

مش ملاحظ إنك بتبالغ یا سیادة المدیر؟-

مش ملاحظة إن جمالك النھاردة مُدمر؟ مابصتیش في المرایة؟-

بصیت وشفت عیون حزینة وقلب مكسور-

مین اللي كسره؟-

زمن قاسي مابیرحمش ضعف حد-

یاه أد كدة موجوعة؟-

مش كل ضحكة بتترسم على الوش حقیقیة أحیانا كتیر بتخفي وراھا روح مكسورة وقلب موجوع -

ساد الصمت بیننا حتى وصلنا للفندق وبدأ عشاء العمل واندمجنا مع المدعوین في الكلام وفجأة صمت:وأصابني الذھول عندما اقترب مني كریم بابتسامة لزجة وقال

حبیبتي وحشتیني-

:وكاد أن یقترب مني لیقبلني مما أشعرني بالغثیان فدفعتھ بقوة فجاء رائف بعد أن رأي ذلك فقلت لكریم بحدة

الزم حدودك معایا إحنا مافیش بیننا صلة-

اخص علیكي یخونك أیامنا الحلوة سوا وحبنا ؟-

:تدخل رائف وقال بغضب

إیھ یا كریم مالك بسكرتیرتي؟؟-

دودو؟؟ انت ماتعرفش اني حبیبھا؟-:نظر إلي رائف متعجبا فقلت مسرعة

لأ مش حبیبي إنت مطلقني من فترة واللي بیننا اتقطع عاوز مني إیھ تاني؟-

لما شفتك قلبي دق وحن لك ماقدرتش أمنع نفسي وقلت أكید ھي كمان حنت لي-

ولا افتكرتك لحظة واحدة-

كدابة عینیكي بتقول فاكراني كویس، عموما موبایلي رقمھ ما اتغیرش ومستنیكي سلام یا قمر-

:تركنا وأنا أرتجف رعبا ورائف كبركان على وشك الفوران فقلت لھ

أنا تعبت وعاوزة أمشي-

:فقال ببرود

استني نص ساعة بس وھاوصلك ما ینفعش تمشي لوحدك متأخر كده-:انتظرتھ حتى ودع الجمیع وركبنا سیارتھ فساد بیننا الصمت حتى سألتھتعرف كریم منین؟-

ھو فیھ حد مایعرفش كریم ده من أشھر الشخصیات في عالم رجال الأعمال-

حمدت ﷲ أنھ لایعرف حقیقتھ وھدأت قلیلا ثم انتبھت أننا نسیر في طریق مختلف عن محل سكني فسألتھ

إحنا رایحین فین؟-

البیت عندي فیھ ورق مھم عاوز تراجعیھ الصبح بدري وتكتبیھ على الكمبیوترقبل ما أوصل المكتب-

:سكت ولم أجب ولكني لاحظت تغیر ملامحھ وعندما أردت ألا أصعد لشقتھ قال بحدة

اطلعي خدي الورق عشان ما أنزلش تاني أقفل العربیة-

: ثم أضاف بتھكم

ماتخافیش مش ھاكلك-

لم أشعر بالخوف منھ لأني أعرف أن أم حسین تقیم معھ، فتح الباب بالمفتاح ودخلنا ودعاني لغرفة مكتبھ:فدخلت فقال

لو عاوزه أي مشروب عندك في التلاجة-

لأ شكرا الوقت متأخر وأنا عاوزه أمشي-

لسھ بدري خلیكي معایا شویة-

لیھ إنت تعبان؟-

:قلتھا بلھفة فجاء لیجلس بجواري على الأریكة وقال وھو ینظر لعیني بنظة مخیفة

ھو أنتي ما كنتیش بتقعدي مع زباین كریم وتجالسیھم ولا إیھ؟ اعتبریني زیھم-

:أصابتني الصدمة وألجمت لساني فأمسك بیدي بقوة وقال

إیھ یا حلوة عاوزة تكملي دور البراءة؟ ولا عاوزة تفھمیني إن كریم سابك من غیر ما یستفید منك؟ طبعا ده-مستحیل لأنھ واطي ویبیع أي حاجة عشان القرش

..إنت مش فاھم أنا-

فاھمك كویس عاوزه فلوس ومالھ على أد المتعة ھتكون الفلوس-

صفعتھ على وجھھ بكل قوتي فانھال علي صفعا ثم بدأ في تمزیق ملابسي لینالني بالقوة وأنا غیر مصدقة لمایفعلھ بي ولكني تمالكت نفسي وقاومتھ بشدة حتى أني فوجئت بنفسي أضربھ بركبتي أسفل بطنھ عندھا ابتعد:عني متألما فقلت لھ من خلال دموعي

كلكم مُقرفین ما تفرقش عن كریم كتیر ھو بیبیع وإنت و اللي زیك بتشتروا یعني شركاء في الذنب-

عاوزه تعرفیني إنك بریئة؟-

لأ مش بریئة بس ما عملتش حاجة حرام إتجوزت في الحلال ورفضت إني أكون لأي واحد في الحرام ولو-كنت زي ما بتقول ما كانش بقى ده حالي مجرد موظفة متمرمطة عشان مرتب مش بیكفیھا لأخر الشھروساكنة في بیت مغتربات، كان زماني ھانم زي اللي شفتھم في الحفلة وساكنة في شقة فخمة، لكن اللي زیكواللي زي كریم مش قادرین یصدقوا إن فیھ ناس لسھ عندھا شرف وحتى لو صدقوا بیصمموا یلوثوه زيماعملت حالا، مش ھتشوف وشي تاني ویاریت لو عندك ذرة إنسانیة تقبل استقالتي وتسیبني أخد ورقي.وأمشي

:سكت للحظات فلملمت ملابسي الممزقة فألقى إلي روب البیت الخاص بھ وقال

أنا اللي مش عاوز أشوف وشك تاني ویاریت لو إنت فعلا بریئة زي ما بتقولي إبعدي عن المدینة دي وروحي-أي مدینة تانیة لأن لا كریم ولا اللي زیھ ھیسبوكي في حالك

طلب لي أوبر ونزلت مسرعة وأنا أبكي حتى وصلت لمحل سكني وبمجرد أن فتحت لي المسئولة عن البیت:ونظرت إلى ملابسي الممزقة قلت لھا

إدیني بس فرصة لأخر الأسبوع وأنا ھاسیب المكان وأمشي-

فنظرت إلي بامتعاض وكأني مُذنبة لا مجني علیھا، الكل لا یرحمني ولا یصدق أني بریئة مھما أقسمت أوفعلت إنھم یدفعونني دفعا لأن أكون مُنحرفة لأحقق لھم ظنونھم. في الیوم التالي أرسلت استقالتي على الإیمیلفوافق علیھا رائف وأرسلھا لشئون العاملین الذین طلبوا مني الحضور لإستلام أوراقي، ذھبت فوجدت محمد:ھو من یسلمني ورقي وقال

ھتمشي لیھ؟-

تعبت من الشغل ھنا-

....بس كلنا كنا متخیلین إنك والأستاذ رائف-

لأ ما تتخیلوش ھو مش ھیبص لواحدة زیي أقل منھ في كل حاجة، وأنا ما بافكرش في واحد مالوش في-الجواز

أنا أسف ماقصدتش أتدخل في خصوصیاتك بس مستغرب-

:ھنا دخلت فتاة سمراء متوسطة القامة وقالت

إیھ یا محمد لسھ ما خلصتش ؟ یالا ھنتأخر على میعادنا-

:ونظرت إلي وقالت

مش إنت برضھ ھدیر اللي الشركة كلھا بتتكلم عن حكایتھا مع المدیر؟ أمال ماشیة لیھ؟-

عشان أدیكم فرصة تتكلموا أكتر وتتخیلوا أحداث أكتر ، حضرتك عاوز مني حاجھ تانیة یا أستاذ محمد؟-

لأ شكرا اتفضلي ده كل ورقك وباقي مستحاقاتك في الخزینة-

:تركتھم وخرجت وسمعتھا تقول

لازم زھق منھا-:فقال محمد بحدة

واضح إني ھاغیر فكرتي عنك وھافكر في موضوع خطوبتنا ده من تاني-

ابتعدت مسرعة فلم أعد أطیق المزید من سوء الظن وانصرفت بعد أن حصلت على مستحقاتي المالیة لأتجنبالمزید من النظرات والھمسات. ذھبت لبیت المغتربات وسددت كل ماعلي من مال وجمعت أشیائي وغادرتللإسكندریة وطوال الطریق وأنا أفكر في مستقبلي كیف سیكون فاكتشفت أني سأقٌابل بسوء الظن في كل مكانفقررت أن أسیر في الطریق الذي یدفعونني إلیھ على الأقل سأحقق المال ولن أشعر بالآسى لأني مظلومة،

.فمھما بذلت من جھد لأكون شریفة فھم مصممون أني مُذنبة إذا فلأكن كما یظنون

سافرت للإسكندریة واستأجرت شقة مفروشة وعندما حل اللیل ارتدیت فستانا أسود یلتصق بجسدي ووضعتالكثیر من المساحیق وبحثت على النت عن أفضل ملھى لیلي وتوجھت إلیھ وبمجرد جلوسي على البار جاء إليشاب خلیجي وتبادلنا معا بضع كلمات ودعاني لأحتسي معھ خمرا فوافقت ثم رقصنا معا ویداه تعبث بجسديولم أمانع وعندھا عرض علي أن أقضي معھ السھرة بمقابل مادي فوافقت فاصطحبني لسیارتھ وفي الطریقأعطاني سیجارة فتناولتھا وبعد أول نفس بدأت أسعل بشدة وشعرت بغثیان ولم أتمالك نفسي فقد غلبني القيءفشعر بالاشمئزاز مني وسبني وتوقف وفتح باب سیارتھ ودفعني منھا. وھا أنا الیوم أبدأ حیاة جدیدة في مكانجدید ترى ماذا تُخبئ لي؟ وھل حقا ھذا الطبیب یعالجني بلا غرض؟ لا أعتقد لقد علمتني الدنیا أن كل شيء.بمقابل، وبمجرد أن یعرف حقیقتي ستظھر أغراضھ

الحلقة السادسة

بعد أن أفقت من ذكریاتي المؤلمة سمعت طرقات على الباب فاعتدلت في جلستي فوجدت الطبیب یدخل فقلت

:لھ

متشكرة على اللي عملتھ معایا بس أنا لازم أمشي-

ھتروحي فین؟-

شقتي-

إنت إسكندرانیة؟-

لأ-

وطبعا عایشة لوحدك لأن محدش إتصل ولا سأل علیكي-

فعلا-

وبتشتغلي إیھ؟-

ولا حاجة بادور لسھ على شغل-

الحالة اللي لقیتك علیھا وطریقة لبسك والخمرة اللي كانت ریحتھا مالیة لبسك بتقول إن حیاتك مش مظبوطة-

ما تخلینا نتكلم بصراحة وتقولي عاوز مني إیھ؟ أو تسیبني أمشي-

:نظر إلي بغضب وقال

ولا حاجة أنا بس كنت با حاول أساعدك لكن واضح إنك مبسوطة بحیاتك لو عاوزه تمشي اتفضلي مش-ھامنعك

ھتساعدني مقابل إیھ؟ -

بدون مقابل-

الدنیا علمتني إن كل حاجة ولھا تمن-

واضح إن الدنیا قسیت علیكي كتیر-

أوي وعلمتني كتیر-

عموما امشي ولو احتجتي أي حاجة أنا موجود واعتبریني صدیق مش أكتر-

شكرا لكل اللي عملتھ-

:انصرفت وقابلتني ھدى وقالت

رایحة فین؟-

راجعة على شقتي-

إنتي ساكنة فین؟-

في شقة أجرتھا في میامي-

ودي ھتسددي أجرتھا منین؟-

لما أشتغل-

اسمعي عندي واحدة قریبتي بتأجر أوضة في شقتھا وسعرھا معقول تحبي أكلمھالك؟-

یاریت أھو لحد ما ألاقي شغل تبقى فلوسھا حنینة-

طب لیھ ما قولتیش لدكتور رامي إنك عاوزة شغل؟ ده بیدور على مساعدة لھ-

بس أنا دراستي إدارة أعمال یعني ما أفھمش حاجة في الطب-

ھو عاوز واحدة تنظم مواعید العیادة وترد على التلیفونات تستقبل الناس أھي حاجھ مؤقتة لحد ما تلاقي شغل-كویس تحبي أكلمھ؟

مش عارفة سیبیني أدور لأخر الأسبوع ول ما لقیتش إبقي كلمیھ، خدي رقمي معاكي-

وأملیتھا رقمي وأخذت رقمھا وودعتھا. بحثت عن عمل كثیرا ولم أجد فاتصلت بھا في نھایة الأسبوع بحجةالإنتقال عند قریبتھا لأوفر إیجار الشقة فسألتني عن حالي فأخبرتھا أني لم أجد عملا بعد فقالت لي أنھا تحدثتمع دكتور رامي ووافق وأنھا ستمر علي بعد إنتھاء عملھا لتصطحبني لأرى شقة قریبتھا فإن أعجبتني أنتقلإلیھا غدا. ذھبت معھا ووجدت الشقة متواضعة في كلیوباترا ولكنھا قریبة من الترام ، وھي مكونة من غرفیتینوصالة وحمام ومطبخ وأثاث الغرفة لا بأس بھ وإیجارھا بسیط لكن أكثر ما أعجبني ھي شخصیة منى صاحبةالشقة فھي إمرأة بشوش تجاوزت الثلاثین بعدة سنوات ولم تتزوج وتعمل أخصائیة اجتماعیة وتؤجر شقتھالأنھا تبحث عن الونس قبل المال. وافقت على السكن معھا وأحضرت أشیائي في الیوم التالي وذھبت لعیادة:دكتور رامي في الموعد الذي حدده فقلت لھ

أنا بادرس تجارة وعندي فكرة كویسة جدا عن استخدام الكمبیوتر وفكرتي عن الطب لا تتجاوز إني أطھر-جرح سطحي

أنا محتاج مساعدة أو سكرتیرة تنظم المواعید للناس ولیھ لأني باحضر محاضرات ومؤتمرات وأوقات كتیر-المواعید بتدخل في بعضھا ولأني بانسى فمحتاج حد یساعدني یعني شغلك مالوش أي علاقة بالطب

كده اتفقنا-

مواعید الشغل ھتكون من 3- 10 مساءا والمرتب عاوزه كام؟-

اللي تشوفھ مناسب-

أوك مش ھنختلف-

بدأت العمل معھ وكان أول اقتراحاتي تحویل ملفات المرضى الورقیة لملفات على الكمبیوتر لسھولة التعاملفوافق وبالفعل عملت على كل الملفات ووضعت لھ على جھازه نسخة منھا مما سھل علیھ متابعة حالة كلمریض لدیھ. وجدت في رامي رجلا مختلفا عن الأخرین وعرفت من ھدى أنھ على مشارف تجاوز الخامسةوالثلاثین وأنھ أرمل ولدیھ ولد واحد مروان الذي تُربیھ جدتھ لأمھ لأن رامي رفض الزواج بعد زوجتھ التيكان یعشقھا. ورغم أنھ أرمل منذ سنوات إلا أنھ معروف عنھ أنھ رجل مُحترم جدا ویخاف ﷲ في كل تصرفاتھكما أنھ طبیب عظام ماھر والكل یشھد بكفاءتھ. عملت معھ لمدة عام وفي كل یوم أرى فیھ رجولة وأخلاق لمأرھا في حیاتي، ولمست في قلبھ طیبة وتواضع في تعاملھ مع الجمیع كذلك كان یُعفي الكثیرین من دفع ثمنالكشف وخاصة ممن یعملون معھ في المستشفى أو في العیادات الأخرى بالعمارة، تعلمت منھ الكثیر وأكثر ماتعلمتھ منھ قربھ من ﷲ فلم یكن یترك الصلاة أبدا ولم یكن تدینھ في عباداتھ فقط بل كان یترجم ذلك لسلوكفحرصت أنا أیضا على صلاتي وقررت أن أعود لحجابي فشجعني على ذلك. كان حدیثھ معي قاصرا علىالعمل فقط ولم یسألني عن الماضي ولم یتحدث معي عن خصوصیاتھ، حتى جاءتھ امرأة البواب بعد أن:صدمتھا سیارة وصعد بھا زوجھا في الحال إلیھ فقال لھ

دي محتاجة عملیة حالا أنا ھاعملھا لھا-

بس دي ھتتكلف كتیر یا دكتور وأنا راجل فقیر-

ماتشیلش الھم یا رضا أنا متكفل بكل حاجة-

ربنا یكرمك ویبارك في عمرك-

أنا ھاطلب الإسعاف حالا ییجي ینقلھا-

:نظر إلي وقال

ھدیر أطلبي الرقم ده وقولي لھم دكتور رامي عاوز عربیة إسعاف حالا وجھزوا العملیات-

طیب والحالات بتاعة النھاردة؟-

اتصلي بیھم واعتذري لھم إما یأجلوا المیعاد لبكرة أو یلغوه براحتھم وماتقبلیش أي كشف النھاردة-

:فقلت ھامسة

بس إنت كده ھتخسر فلوس وزباین-

:فقال ھامسا

بس ھاكسب ثواب كبیر من ربنا وده ما یتقدرش بتمن وكمان ھانقذ الست وأخلیھا ترجع لشغلھا وأولادھا، فیھ-حاجات كتیر أھم من الفلوس زي الرحمة مثلا

نظرت إلیھ بإعجاب فأنا أتعامل مع رجل من طراز خاص، رجل یعیش لیُعطي لا لیأخذ بلا مقابل ، رجل بكلما تحملھ معاني الرجولة ولیس كأشباه الرجال في حیاتي. كل یوم یزداد إعجابي وتعلقي بھ فقد كنت أرى فیھالأب والقدوة في البدایة أما الأن فأرى بھ فارسا لأحلامي وقلبي یخفق كلما تحدث إلي أو شملني بنظراتھالحانیة، أو اھتم بشأني وسأل عن أحوالي وأكاد أذوب عندما یمنحني تلك الابتسامة التي تُنیر دنیتي. رغم علميأني لست في دائرة اھتمامھ بسبب معرفتھ أني كنت فتاة منحرفة ، وللفارق الاجتماعي الكبیر بیننا، ولفارق.السن الذي یجعلھ أكثر نضجا وعقلا، إلا أني لم أستطع منع قلبھ من عشقھ والغرق في بحور غرامھ

:ذات یوم بعد انصراف أخر مریض سألني وقال

قولیلي یا ھدیر مافكرتیش تتواصلي مع أھلك یمكن یسامحوكي؟-

الموضوع متعقد أوي ومستحیل یسامحوني-

ممكن أساعدك وأتدخل-

ما أعتقدش إنك ھترضى تتدخل لما تعرف حكایتي بالعكس ممكن تمشیني-

جربیني-

حكیت لھ حكایتي كلھا و أناخجلى من ذلك الماضي المُشین الذي وشمني بالعار العمر كلھ، كنت على یقین أنذلك أخر یوم لي معھ وأنھ سیحتقرني لأخر العمر، صمت للحظات مرت علي كأنھا الدھر وأطرقت فیھا:للأرض وأنا أنتظر حكمھ بالإعدام على قلبي. تحدث بھدوء وقال

أنا شایف إنك ضحیة وما غلطتیش في حاجة بالعكس الغلطة غلطة أھلك وقسوتھم ھي اللي خلتك تخافي-ترجعي لھم وتتحامي فیھم، یمكن الغلطة الوحیدة اللي عملتیھا ھي إنك استسلمتي لحكم الناس علیكي ونظرتھمالمضطھدة لك وقررتي إنك تبطلي تتمسكي بمبادئك ولكن واضح إن ربنا مش عاوزك تمشي في السكة ديوأنقذك من نفسك، وإنت بقالك سنة ماشیة في سكة صح وما اتعرضتیش لضغط ولا اضطھاد من اللي حوالیكيلكن یا ترى لو حصل ھتتصرفي إزاي؟

ھافضل زي ما أنا یمكن ما كنتش قریبة من ربنا أبدا لكن بعد إنقاذك لیھ قربت أوي وباستغفره لیل نھار-وباتمنى یقبل توبتي وھافضل العمر كلھ إن شاء ﷲ متمسكة بالفرصة اللي ربنا إداھا لي لسببین إني مشضامنة إنھا تتكرر تاني

:وسكت فقال

والسبب التاني؟-

:كدت أقول لھ لأكون جدیرة بك ولكني أدركت أني أحلم والمسافة بیننا بعیدة فنظرت إلى عینیھ وقلت

أفضل أحتفظ بیھ لنفسي-

:فابتسم تلك الإبتسامة الساحرة التي تأسر قلبي وقال

كل واحد فیھ في حیاتھ لحظات ضعف وقوة لكن المھم ما یستسلمش لضعفھ-

وحضرتك كان عندك لحظات ضعف؟-

أنا اتجوزت مراتي عن قصة حب كبیرة وخلفنا مروان لكن بعد جوازنا بست سنین اتفاجئنا بإصابتھا -بالسرطان في مرحلة متأخرة ورغم كل محاولاتنا لإنقاذھا إلا إن إرادة ربنا أرادت إنھا تموت وتسیبني أناومروان وكانت الفراق صعب على قلبي جدا وكنت شایف إن حیاتي من بعدھا مالھاش لازمة وقررت أنتحرعشان أكون معاھا ساعتھا مافكرتش غیر في نفسي نسیت خوفي من ربنا ونسیت مروان ابني وإنھ محتاجليوإنھ صعب علیھ یفقد أمھ وأبوه مع بعض ، لكن ربنا أراد إني أعیش وكأنھ بیدیني فرصة تانیة أعیش عشانابني أولا وعشان أكفر عن ذنبي ومن یومھا عاھدت ربنا إني مش ھاسیب مریض محتاج لمساعدتي إلاوھاساعده یمكن ربنا یغفر لي، عرفتي إنك مش لوحدك اللي بتضعفي؟

یاااه كل واحد فینا شایل حمولة تقیلة وبیحاول یعدي بحمولتھ دي لبر الأمان-

ویمكن محتاج حد یفھمھ ویشیل معاه-

نظرت إلیھ وساد الصمت بیننا وتمنیت لو أن یفھم من نظراتي ما یخفق بھ قلبي وتھفو إلیھ روحي، لكنھ قال:بجدیة

الكلام أخدنا وأنا أخرتك ونسیت أقولك خدي مرتبك أنا زودتھ لأنك بتعملي معایا مجھود كبیر-

متشكرة یا دكتور ومھما عملت ھاعیش عمري كلھ مدیونة لك بحیاتي وفرصتي التانیة-

ماتقولیش كده یمكن ربنا حطك في طریقي عشان أشوف وأعرف حاجات ما كنتش عارفھا، یالا روحي عشان-ما تتأخریش أكتر من كده

بعد ذلك الیوم صارت العلاقة بیننا علاقة صداقة قویة وتعرفت على مروان الذي جاء عدة مرات للعیادةوصرنا خلالھا صدیقین فقد كان فتى لطیف جدا ولكنھ كان یعیش تحت كنف جدة صارمة جدا ولا تقبل بأيأحطاء أو تجاوزات فكان معي یسعد بفراره ولو للحظات من تلك الحیاة الصارمة. حان موعد الامتحاناتالنھائیة فاستأذنت رامي أن أسافر أیام الامتحانات وأعود في نفس الیوم لكنھ رفض وصمم أن أقیم في دارمغتربات في القاھرة حتى نھایة الامتحانات على نفقتھ الكاملة فوافقت بشرط أن یكون دینا علي أسدده حین.عودتي

كان قلبي یتمزق شوقا لھ ولكني كنت أحاول التركیز لأجتاز الامتحان النھائي بتقدیر مرتفع حتى أنال تقدیره،ورغم أنھ كان یتصل بي یومیا لیطمئن علي إلا أن ذلك لم یُطفئ نار شوقي إلیھ، حتى انتھیت من امتحاناتي:فخرجت من الجامعة لأستقل القطار وأعود إلیھ ووصلت على موعد العیادة فتفاجيء بي أمامھ فابتسم وقال

وأنا أقول اسكندریة نورت كده لیھ-

:فضحكت وقلت

بنورك یا دكتور-

كنت فاكر ھتاخدي كمان یومین ترتاحي فیھم-

ما قدرتش ..قصدي الشغل وحشني-

:فابتسم وقال

طیب یالا إرجعي على شغلك ونتكلم بعدین-

كان قلبي یرقص فرحا لرؤیتھ ویطرب لسماع كلماتھ ویشعر بالأمان لوجوده بجواره. مرت الأیام ومشاعري:تزداد تجاه طبیب القلب كما أسمتھ ھدى التي لاحظت مشاعري نحوه وقالت لي ذات مرة

تعرفي الدكتور طول عمره لطیف مع الناس كلھا لكنھ معاكي حاجة تانیة ، ابتسامة مختلفة وعنین بتلمع،-واھتمام بكل كبیرة وصغیره تفتكري ده نسمیھ إیھ؟

نسمیھ إنسانیة-

لأ یا ھبلة نسمیھ حب، الدكتور باینھ طًب-

بلاش عبط ھو فین وأنا فین، اللي زیھ ھیبص لي لیھ؟ وفیھ ألف ست أجمل وأحسن مني تتمنى بس رضاه-ھیسیب كل دول ویبص لي؟

القلب ومایرید، وغالبا طبیب العظام ھیبقى طبیب القلب بتاع الست لیلى مراد، إوعي تقولیلي ماتعرفیش-أغنیتھا اللي بتقول یا طبیب القلب بقیت حبیب القلب

ضحكت وتمنیت أن یكون كلامھا صحیحا وأن یبادلني حبا بحب وأن نعیش معا في سعادة وكلانا یحاولتعویض الأخر سنوات العذاب والحرمان. كم كان حلما جمیلا كنت أحلم بھ أیاما عدیدة حتى أفقت من ذلك الحلمعلى وجود سھى وھي إحدى الفتیات التي كانت صدیقة لواحد من أصدقاء عبد الحمید وكانت تعرفني جیدا:فاندھشت لرؤیتي ولحسن الحظ كانت العیادة خالیة فرحبت بھا وتبادلت معھا بضع كلمات تحیة جافة فقالت لي

إنتي بتعملي إیھ ھنا؟-

باشتغل مساعدة للدكتور-

أنا عرفت إن عبد الحمید طلقك وإتجوز صافي صاحبة رفیق بیھ فقلت أكید إنتي شوفتي لك سكة تانیة-

أنا فعلا شفت سكة تانیة خالص باشتغل وكملت تعلیمي-

تعلیم إیھ بلاش عبط تفتكري مرتبك ومرمطتك یساووا شبابك وجمالك اللي ھیضیعوا بسرعة في البھدلة؟-

أنا راضیة بحالي كده، ما قلتلیش جایة للدكتور لیھ؟-

جوزي الجدید زقني على السلم ومن یومھا ضھري بیوجعني فكنت جایة أزور أھلي قاموا دلوني على دكتور-رامي وقالوا شاطر أوي

فعلا ھو شاطر جدا ألف سلامة علیكي-

:قطع كلامنا وصول الدكتور فانشغلت معھ وعندما خرجت من عنده طلبت منھا الدخول فقالت لي ھامسة

اوعي تضیعیھ من إیدك واتجوزیھ حتى لو متجوز ده لقطھ مركز وغنا ولسھ شباب مش زي الكھنة اللي معایا-ولو ماعملتیھاش أوعدك في الاستشارة ھاكون متجوزاه

ضحكت بمجون ودخلت إلیھ وأنا أستشیط غضبا من كلماتھا ولا أعرف ھل أغضبني إعجابھا بھ ومدحھا فیھأكثر ؟ أم أنھا ترى أن زواجي منھ فرصة لا تُعوض؟ ھل سینظر الناس ھكذا لعلاقتنا؟ المساعدة المُطلقة ذاتالسمعة السیئة التي أوقعت بالطبیب المشھور، لن یتركنا أحد في حالنا وربما یبحثون في ماضي حیاتيویُعایرونھ بھ وھو لا یستحق إلا كل خیر. ھل من الطبیعي أن یُحسن إلي وأسٌئ إلیھ وإلى ابنھ لأنھ اختار امرأة:لھا ماض غیر مُشرف؟ انتبھت من أفكاري على صوت سھى وھي تقول لي

لأ ده جامد بجد وفرصة عمرك امسكي فیھا كویس-

:خرجت وكلماتھا ترن في أذني مما شتت تفكیري طوال الیوم حتى أنھ قال لي بعد إنتھاء العیادة

مالك النھاردة مش طبیعیة؟-

لا أبدا مافیش حاجة-

حد من الزباین ضایقك؟-

لیھ بتقول كده؟-

لأنك متلخبطة جدا النھاردة ودي مش طبیعتك-

لأ بس مُرھقة شویة-

تحبي تاخدي أجازة بكرة-

لأ لما ھانام ھابقى كویسة-

:اقترب مني على غیر عادتھ وقال

لو فیھ أي حاجة ضایقتك قولیلي بصراحة-

:سكت ونظرت لعینیھ فقال

ممكن أسألك سؤال؟-

اتفضل-

فیھ حد في حیاتك حالیا؟ یعني بتحبي حد أو مرتبطة بحد؟-

:سكت للحظات ثم أشحت بعیني عنھ وقلت وخفقات قلبي تتسارع

لأ یا دكتور لیھ السؤال ده؟-

قلت یمكن ده سبب توترك النھاردة-

لأ خالص-

طیب ما بتفكریش تتجوزي تاني-

أنا جربت نصیبي وخلاص-

فیھ ناس مختلفة عن اللي انت قابلتیھم-

ھو حضرتك جایب لي عریس؟-

:قلتھا مُتھكمة وأنا لم أتخیل رده فقال

فعلا والعریس ده یبقى أنا-

حضرتك؟-

أیوة عارف إن فارق السن بیننا كبیر-

..مش قصدي أنا قصدي إن حضرتك مكانتك ومستواك أعلى مني بكتیر كمان حضرتك عارف-

عارف الماضي بتاعك وشایف توبتك وإذا كان رب الكون بیغفر الزلات ھنیجي إحنا البشر ومانغفرش؟ أنا-معجب بیكي إنتي الوحیدة بعد المرحومة اللي قدرت تحرك مشاعري وأنا كنت فاكر ده مجرد تعود أو إعجابلكن لما غبتي عني عرفت إنھ حب وبقیت زي المراھقین باخترع أي سبب عشان أكلمك واسمع صوتك ولولاامتحاناتك كنت جیت لك بنفسي ورجعتك تاني یوم لأني مش قادر على بُعدك، عارف إني أكبر منك بكتیر لكن.أوعدك ھابذل كل جھدي عشان أسعدك

سكت مذھولة فكان من المفروض أن أكون في قمة سعادتي عندما أستمع اعترافھ بحبي وأنا أبادلھ حبا بحبوأسعد معھ لكني بقیت واجمة ونسیت كل الكلمات وبقیت أنظر إلیھ وأنا أود بشدة أن أرتمي بین ذراعیھ ولكن:بیننا ألف حاجز وألف سور فقال لي بحزن

مالك شكلك مش مبسوطة بمشاعري أو مُحرجة إنك ترفضي-

أنا بس مذھولة عمري ما تخیلت إن دكتور كبیر ومحترم ومكانتھ الاجتماعیة كبیرة زي حضرتك یحب واحدة-بسیطة زیي، حضرتك ما فكرتش الناس ھتقول عنك إیھ؟ ھیقولوا البنت اللي بتشتغل عنھ استغلتھ عشانفلوسھ، ولو یوم صادفت وقابلنا ناس من اللي كانوا یعرفوني قبل كدة ھیقولوا لك عني إیھ؟ وھیبصولي إزاي؟وساعتھا ھتضایق مني وھتبقى مكسوف من وجودي في حیاتك، أنا كل أملي وحلم حیاتي كان إنك تحسبمشاعري ناحیتك، والنھاردة لما اكتشفت إنك بتحبني المفروض أكون أسعد إنسانة في الكون لكن لأني

باعشقك فأنا باخاف علیك أكتر من نفسي وسمعتك تھمني وكمان مستقبل ابنك مش عاوزاه في یوم من الأیام.یتكسف إنك اخترتني

لو ھنفضل نخاف من كلام الناس ونظرتھم عمرنا ما ھنعیش لحظة سعادة واحدة سیبك من الناس أنا بحبك-وإنتي بتحبیني بلاش نضیع عمرنا في الخوف، لو بتحبني صحیح وافقي إننا نكتب كتابنا یوم الخمیس، خديبكرة وبعده أجازة تستعدي فیھم وھاحجز قاعة نكتب فیھا الكتاب ونشھر جوازنا للدنیا كلھا، موافقة؟

تلاشت كل الحجج وكلمات الرفض من رأسي ولم یبق لي سوى ابتسامة منحتھا إیاه وإیماءة تدل على موافقتي،:أصر على توصیلي بسیارتھ حتى باب السكن وقبل أن أنزل قال برقة

ھتوحشیني وھاستنى یوم الخمیس بفارغ الصبر-

.احمرت وجنتاي وخفق قلبي بعنف من جمال ورقة مشاعره

:صعدت للبیت فوجدت منى مازالت مستیقظة فقالت لي مبتسمة

شایفة في وشك علامات سعادة وفي نفس الوقت نظرة خوف یا ترى إیھ السبب؟-

ھاحكیلك وانصحیني، أنا بحب الدكتور رامي وھو بیحبني وعاوز یتجوزني وده مخلیني طایرة من الفرحة-لكن في نفس الوقت خایفة بعد مانشوة الحب تروح ونعیش الواقع الناس تعایره بیھ لأني أقل منھ في كل حاجھویتھموه إنھ مراھق بیجري ورا بنت صغیرة أو یتھموني باستغلالھ عشان أوقعھ واتمتع بفلوسھ ، الناس مشھترحمنا ولا تسیبنا في حالنا وھیحولوا حیاتنا جحیم وأنا محتارة بین حبي لھ وخوفي علیھ مش عارفھ أعملإیھ؟

أنا ھاعمل كبایتین شاي وأجي نتكلم برواقھ على ما تكوني غیرتي ھدومك-:جاءت بعد عدة دقائق ومعھا الشاي وحكیت لھا حكایتي بدون حجل فقالت

الخلاصة إنك محتارة بین قلبك وعقلك، واللي ھیحكم ھنا ھتقدري تتجوزیھ وتستحملي كلام الناس وتواجھي-نظرتھم لك ولھ؟ ولا ھتقدري تضحي بحبك وسعادتك عشان مصلحتھ؟ على أد حبك ھیكون قرارك في الأول

.وفي الأخر من حقك تعیشي وتنسي الناس لكن استخیري ربنا وھو یدلك على الخیر

بالفعل استخرت ﷲ كثیرا وكنت أمیل كثیرا لرأي عقلي فشدة حبي لرامي تجعلني حریصة علیھ وعلى سمعتھومستقبل ابنھ، لا أریده أن یعاني بسببي فمھما كان شدة حبنا سینھار أمام ضغط الناس علینا وعندھا سیكرھنویندم على زواجھ بي. لیتنا كنا نعیش في جزیرة بمفردنا بعیدا عن كل الناس نستمتع بحبنا ونحیا في سلام بعیدا.عن كل شرور البشر، لكنھا تظل أمنیات في عالم الخیال

قررت أن أبتعد عنھ سیتألم قلیلا لكنھ سیتجاوز ألمھ وسیعود لممارسة حیاتھ وینساني وربما یجد من ھي أفضلمني، أعلم أنني لن أستطیع نسیانھ أبدا ولن أجد مثلھ لكن الحب تضحیة ولیس أنانیة فلا أریده أن ینظر في:وجھي یوما ما وھو یكرھني ویتمنى لو لم یلتقیني یوما. أبلغت منى بقراري فقالت

ھتعملي إیھ وھتروحي فین؟-

مش عارفة-

طیب أنا عندي واحد قریبي بیشتغل في شرم الشیخ تحبي أكلمھ لو عنده شغلانة مناسبة-

یاریت وحتى لو مش مناسبة مش فارقة-

اتصلت بھ وأخبرھا أن الوظیفة المتاحة لدیھ في خدمة الغرف فوافقت وجمعت ملابسي وأخذت رقمھ وودعتمنى وشكرتھا كثیرا ووعدتھا أن نظل على اتصال دائم. نزلت للقاھرة في الصباح الباكر وذھبت للجامعةوحصلت على مُستخرج رسمي من شھادتي ومن ھناك توجھت للمحطة وركبت أتوبیس شرم الشیخ، یبدو أنقدري الترحال من حیاة لحیاة ومن شخص لشخص وكأن الاستقرار مُحرَم علي. أرسلت لرامي رسالة على:الواتس قلت لھ فیھا

:إلى أغلى شخص على قلبي

لم أكن یوما أحلم أو أتمنى إلا برجل مثلك لھ أخلاق الفرسان وقلبھ ممتلئ بالحنان لكل البشر، رجل وفيلمحبوبتھ لسنوات ومازالت رغم الفراق تعیش في حنایا قلبھ. ھل تعلم أني أحسدھا على حبك وإخلاصك لھا،ویوم أن اعترفت لي بحبك كنت أسعد مخلوقة في الكون فبعد طول عناء وحزن یحبني من أحببتھ، وھو رجلقل أن یجود الزمن بمثلھ، عشقت كل ما فیك، عینیك العمیقتین اللتان تحملان الشدة والحزم والحنان والعطففي آن واحد، ابتسامتك العذبة التي لم أر مثلھا وكان قلبي یرقص طربا كلما منحتني إیاھا، وقلبك الحنون الذيیفیض بالخیر على كل من حولك . عشقتك وتمنیت أن أظل بجوارك العمر كلھ كمساعدة لك فلم أكن أتصورحتى في أحلامي أن أرتبط بمثلك فأنت حلم بعید المنال، لكن عندما عرضت علي أن أشاركك حیاتك –رغمعشقي الجارف- شعرت بالخوف لیس منك بل علیك فحبنا ستعصف بھ ظنون الناس وماضي المُشین ولنیرحمنا أحد ولن ینس أحد بل ستظل سُمعتي تطاردك وتُلطخ اسمك بل وستنال من اسم ابنك وسیعایرونكما بي،وھو ما لن أتحملھ ولا أقبلھ على الرجل الذي انتشلني من القاع وأخذ بیدي ورفعني لأحیا كإنسانة بعد أن كنتمجرد جاریة یبیعونھا لمن یدفع أكثر من أجل المُتعة. لقد غفرت لي ذنبي وجھلي وضعفي لأنك إنسان راقيوقد یغفر لي رب الكون لأنھ یعلم صدق توبتي ، بینما لن یغفر لي الناس خطیئتي وستظل لعنتھا تطاردني حتىأخر عمري ولیس من العدل أن تدفع أنت وابنك ثمن أخطائي. لذلك اتخذت أصعب قرار في حیاتي أن ابتعدعنك وأنت لا تعلم كم أعاني بھذا البُعد فقد تركت معك قلبي وروحي فأنا جسد حي ولكن بلا قلبي فسیظل قلبيمعك وحدك ولكن یبدو أن السعادة لیست قدري. فوداعا یا أغلى من قلبي وأرجوك انساني ولا تبحث عني.وعش حیاتك فأنت تستحق كل السعادة وأعدك أني أبدا لن أنساك

أرسلت رسالتي وتأكدت أنھ استلمھا ثم نقلت كل الأرقام على الھاتف ونزعت الشریحة ووضعت أخرى كنتاشتریتھا من محطة الأتوبیس بالقاھرة حتى لا یتصل بي ولا أضعف أمام قلبي فمھما كان ألمي في بُعدي عنھ.فسعادتھ عندي أھم فلأتعذب أنا لیسعد ھو العمر كلھ

الحلقة السابعة

وصلت شرم الشیخ واستقبلني الأستاذ ابراھیم قریب منى وعرفني على الأستاذ حمدي في شئون العاملین:فقدمت لھ أوراقي فنظر إلي وقال

خریجة تجارة ومعاكي كورسات كمبیوتر وعاوزة تشتغلي في خدمة الغرف أقدر أعرف السبب؟؟-

محتاجة الشغل ضروري وكمان میزة الشغل ھنا إنھ ھیوفر لي مكان للإقامة-

أھلك فین؟-

مقاطعیني-

اوعي تكوني عاملة جریمة وجایة ھنا تستخبي؟-

لأ خالص بس لأني مُطلقة أھلي قاطعوني-

وریني بطاقتك-

:أعطیتھ إیاھا فتفحصھا ثم قال

ھاخد صورة من شھادة تخرجك وصورة من بطاقتك وعاوز فیش وتشبیھ عشان أضمن إنك ما فیش علیكي-أي قضیة

بس ھو الفیش ده لازم أعملھ من محل إقامتي ؟؟ بطاقتي كانت على عنواني القدیم في القاھرة ومش معقول-ھارجع تاني

ثواني ھاتصل بواحد معرفتي وأقولك-

اتصل بصدیق لھ في الداخلیھ وطلب منھ أن أذھب لھ في القسم وھو سیتصرف، شكرتھ وانصرفت حیث دلني:على أماكن إقامة العاملات وأرسل لفتاة اسمھا دعاء وقال لھا

دي زمیلتك الجدیدة ھتكونوا شركاء في السكن وعرفیھا الشغل-

حاضر یا فندم-

ذھبت مع دعاء التي كانت مُتحفظة في كلامھا كثیرا و متجھمة ، أرتني الغرفة التي سأشاركھا فیھا:واصطحبتني لمكان العمل وعرفتني طبیعة العمل وأعطتني رقم ھاتفھا وأخذت رقمي ثم قالت لي

تقدري تروحي مشوارك اللي أستاذ حمدي قالك علیھ-

ممكن توصفي لي أروح إزاي؟-

وصفت لي طریق الذھاب وكیفیة العودة وبالفعل أنھیت الإجراءات وعدت فلم أجد الأستاذ حمدي فسألت عنھفعرفت أنھ انتھى من عملھ فاحتفظت بالورق معي حتى أعود إلیھ في الیوم التالي. كان التعب قد نال منيفذھبت للغرفة التي أعطتني دعاء نسخة من مفتاحھا وبدلت ملابسي ونمت ولكن رامي لم یتركني في صحوي:أو حتى منامي فاستیقظت وأنا أبكي، فقالت دعاء

طول اللیل بتعیطي شكل حكایتك حكایة-

أسفة إني أزعجتك-

ولایھمك كل قلب فیھ اللي مكفیھ-

نھضت واغتسلت وخرجنا معا تناولنا إفطارنا واصطحبتني معھا في أثناء أداء عملھا وكانت تعلمني كیف أقومبالعمل المطلوب مني ، وعند الظھیرة استأذنت منھا لأسلم الورق للأستاذ حمدي ، طرقت على باب مكتبھ:ودخلت فلم یرفع عینیھ من على الحاسوب فقلت

الفیش اللي حضرتك طلبتھ والحمد طلعت مش مطلوبة جنائیا-

ده إجراء بنعملھ مع الكل مش حاجھ خاصة بیكي-

عموما اتفضل حضرتك عاوز مني حاجھ تانیة؟-

لأ-

عن إذنك-

انصرفت وأنا حانقة على ذلك السمج الذي یظن نفسھ فوق الجمیع، عدت لعملي مع دعاء التي كانت تتحرككإنسان آلي یعرف المھام المطلوبة منھ ولا تتحدث إلا للضرورة. بعد انتھاء العمل ذھبنا لتناول الغداء فيالمكان المخصص للعمال والموظفین وھناك التقیت بالعدید ممن یعملون في القریة الذین یجلسون معاویتحدثون بألُفة ولمحت من بعید أستاذ حمدي یجلس وحیدا فقلت في نفسي لابد أن أحدا لا یُطیقھ بسبب تجھمھ:وشدتھ. بعد الغداء قالت لي دعاء

الوقت الباقي ملكك تعملي فیھ اللي انت عاوزاه تنزلي البلد أو تفضلي ھنا براحتك بس ممنوع علینا نزول-البحر أو البیسینات

أنا ھادخل الأوضھ ومش عاوزه أكتر من كده-

براحتك-

كانت الغرفة مكونة من سریرین ودولاب منقسم لجزأین كل جزء بمفتاح خاص بھ ومنضدة صغیرة بجوارالنافذة ، رتبت ملابسي في دولابي ووضعت أوراقي الشخصیة أسفل ملابسي وأغلقت الدولاب بالمفتاحوجلست على سریري أبحث على النت عن دورة تدریبیة على النت عن الفندقة حتى أطور نفسي ولا أبقى كماأنا مجرد عاملة في خدمة الغرف فأسعفني البحث فوجدت بعض الدورات لكنھا باھظة التكالیف وأخیرا وجدتواحدة منخفضة التكالیف والأخرى منحة مجانیة فأرسلت للمنحة وسجلت بیاناتي بھا وأنا في انتظار القبول.

مرت الأیام وتعرف على العدید من الزمیلات لكن معاملتي مع الزملاء والموظفین كانت محدودة للغایةوعرفت من خلال ثرثرة الفتیات أن البعض یُقمن علاقات مع كبار الموظفین من أجل الترقیة كما أن إحدىالموظفات أوقعت في حبالھا شاب ثري خلیجي وتزوجتھ وسافرت معھ، لم تتحدث أي واحدة منھن عن حمديفلما سألتھن عنھ أجمعن أنھ رجل كئیب قلیل الكلام ولا یسمح لأیة موظفة أن تتجاوز حدودھا معھ كما أن وجھھ:لا یعرف الإبتسام، فقالت دعاء

راجل جد بتاع شغل وبس وعایش عشان یربي بنتین سابتھم لھ مراتھ اللي طلبت الطلاق-

:فقالت إحداھن

ماھو عشانھ كئیب اتطلقت-

مش أحسن ما یكون عینھ زایغة وكل شویة مع واحدة؟ اتلموا بقى وكفایة سیرة الناس وكل واحدة تخلیھا في-حالھا

:انصرفن فقالت دعاء

لو عاوزة تاكلي عیش ابعدي عنھم وعن سلوكھم وكلامھم-

حاضر-

بعد عدة أیام أرسلت لي الجامعة بقبولي للدراسة على النت والتي ستبدأ أول الشھر، ففكرت أني أحتاج لتابلتأو لاب توب صغیر حتى أستطیع متابعة دراستي فسألت دعاء فوعدتني أن تصطحبني للمدینة حیث تعرف أحدالمحلات المتخصصة في بیع المستعمل بسعر معقول. بالفعل اشتریت تابلت مُستعمل واشتریت لھ خطواشتركت في النت وبدأت في تلقي المحاضرات ، كنت أنھي عملي وأتناول غدائي وأعود لغرفتي وأنغمس فيالدراسة ، أما دعاء فلم تكن تعود قبل الحادیة عشر مساءا فكنت أتعجب من غیابھا ثم أفصحت لي بعد فترة أنھاتعمل في إحدى المحلات في المدینة بعد إنتھاء عملھا حتى تسدد مصاریف دراسة إخوتھا الصغار لأن والدھاعلى المعاش ووالدتھا تعمل ولكن دخلھما لا یكفي، فعرفت معنى كلامھا أن كل قلب بھ ما یكفیھ. حرصت أنأدخر جزءا من راتبي للمستقبل فأنا لاأعلم ماذا ینتظرني فقد علمتني الدنیا أن أتوقع الأسوأ دائما، وأن المال.یحمیني من الوقوع تحت رحمة من لا یرحمون

نلت في عملي إعجاب رؤسائي كما استطعت الحصول على شھادة الدورة التدریبیة بعد أن أرسلت للجامعةقیمة شحنھا فأرسلتھا لي فأردت إضافتھا لملفي الوظیفي فكان علي أن ألتقي بأستاذ حمدي مرة أخرى، ذھبت:إلى مكتبھ واستأذنت ودخلت وقلت لھ

من فضلك عاوزة أضیف الشھادة دي لملفي الوظیفي-

:فلم ینظر إلي وقال

شھادة إیھ دي؟-

شھادة كورس فندقة من جامعة مُعتمدة في بریطانیا-

:نظر إلي بتعجب وقال

ودي جبتیھا إزاي؟-

درست على النت-

:فظل ینظر إلي للحظات ثم أخذ مني الشھادة وقرأھا جیدا ثم قال

ھاخد منھا صورة وخلي الأصل معاكي-

:صورھا وأعطاني الأصل وقال

لو تعرفي تاخدي كورس یقوي اللغة عندك في مجال المحادثة یبقى كویس عشان لو فضیت أي وظیفة یبقى-أنتي أولى

تمام شكرا لحضرتك-

:كدت أنصرف فنادى علي

ھدیر-

:التفت لھ فقال مبتسما

برافو ما تخلیش لطموحك نھایة وطوري نفسك دایما-

إن شاء ﷲ-

تعجبت من تغیره معي لكني لم أھتم إنما بالفعل بحثت عن كورسات محادثة على النت ووجدت فبدأت اتعلمفكان بعضھا مجاني وبعضھا بمبالغ فلما سألتني دعاء عما یشغلني أخبرتھا أني أدرس محادثة على النت فقالت:لي

أحسن طریقة تتعلمي فیھا إنجلیزي إنك تتكلمي مع الأجانب-

و دول ھاجیبھم منین؟-

تعالي معایا فیھ واحدة أجنبیة عایشة جنب المحل ھاعرفك علیھا وممكن ھي تعلمك أحسن وأرخص-

طیب كلمیھا لو وافقت ھاجي-

في الیوم التالي أخبرتني دعاء أنھا وافقت وستعطیني دروسا بمبلغ زھید، فسعدت بذلك وكنت أذھب لھا ثلاثةأیام في الأسبوع ومدة كل حصة ساعتین نتكلم فیھا في كل الموضوعات وتصحح لي طریقة نطقي وبعد أن.انتھي من الدروس أبقى مع دعاء أساعدھا في البیع كنوع من التسلیة ولأتحدث مع الأجانب فتزداد ثقتي بنفسي

وذات یوم بینما كنت مع دعاء دخلت فتاتان بین الثامنة والعاشرة المحل وظلت دعاء تتحدث معھما وتضحكوكانت تلك المرة الأولى التي أراھا فیھا تضحك- لغیر الزبائن- وعندما دخل الأستاذ حمدي وحیانا رأیتنظراتھا التي تلتھمھ وتبثھ أشواقھا لكنھ كان غافلا عنھا وعرفت من مجرى الحدیث أن الفتاتین ھما بناتھسلوى ویمنى ، كانتا فتاتان لطیفتان فحاولت الإندماج معھما في الحدیث حتى أتُیح الفرصة لدعاء وحمدي، لكنھلم یھتم بالحدیث معھا بقدر اھتمامھ للإستماع لما یدور بیني وبین الفتاتان. علمت أنھ أحضرھما لیشتري لھما:ملابس جدیدة فذھبت دعاء لتریھما أفضل ما عندھا وأردت الذھاب معھا لأساعدھا لكنھ استوقفني عندما قال

عملتي إیھ في كورس المحادثة؟-

ماشیة فیھ كویس كمان مدام جینا جارة دعاء ھنا بتدیني دروس-

عمما فیھ وظیفة قدامي وبافكر أرشحك لھا وخاصة إن معاكي مؤھل عالي وكورس فندقة وكدة كمان لغة-.كویسة، ھتقدمي لھا زیك زي غیرك ولو لقیوكي كویسة ھیكون لك الأولویة

شكرا یا فندم على تشجیعك-

:فابتسم وقال

إنتي مجتھدة وفي حالك وده یخلیني أشجعك طبعا-

:جاءت دعاء فوجدتنا نتحدث فتغیرت ملامحھا وكساھا الغضب وقال بحدة

اتفضل حضرتك شوف اللبس ده مناسب ولا لأ؟-:فذھب لیرى ما اختارتھ الفتاتان فقالت دعاء ھامسة

كنتوا بتتكلموا في إیھ؟-

في الشغل لأن قریب مدام منى كان موصیھ لو لقي لي شغل مناسب بمؤھلي یبقى أحسن فكان بیقولي فیھ-وظیفة فضیت عشان أقدم لھا

بس كدة؟-

أمال ھاتكلم معاه في إیھ؟-

:جاء حمدي وأخبر دعاء أنھ سیشتري الملابس فابتسمت وخصمت لھ من ثمنھا نحو 20% وقالت لھ

ده خصم مخصوص مش لأي حد إنما للناس العُزاز بس-

:فقال لھا مجاملا

شكرا یا دعاء وإنت برضھ أخت عزیزة-

:وانصرف ولم یرَ ابتسامتھا التي غابت عن وجھھا، ثم قالت لي بغضب

یالا نمشي كفایة كده-

:مشینا وحالة من الغضب تسیطر على دعاء وبمجرد دخولنا حجرتنا قالت

اشمعنى انت اللي مھتم بیكي؟-

بس تلاقي قریب منى كلمھ تاني أصلھا كانت بتكلمني امبارح وسألتني عن شغلي قلت لھا زي ما أنا فزعلت-وأكید كلمت قریبھا وھو كلمھ عشان كده لما شافني افتكر

سكتت ولم تجب وأدركت أنھا تحبھ وتغارعلیھ مني فصممت أن أتجنب الحدیث معھ حرصا على مشاعرھا.

قدمت للوظیفة وطلبوني للمقابلة الشخصیة وقالوا لي أن النتیجة القبول ستكون بعد أسبوعین فسألت ﷲ أنیكتب لي الخیر. رغم انغماسي في عملي ودراستي فلم أستطع نسیان رامي ولو للحظة واحدة فكان یحتل قلبيوعقلي أجمل احتلال، كان طیفھ یمر بخیالي فیرسم ابتسامة على شفتي، وعندما كان یزورني في أحلامي كنتأسعد بھ وكان قلبي یخفق كلما أتذكر كلمات عشقھ. كنت أسأل منى دائما عن أحوالھ وأدعو ﷲ أن یمن علیھبالسعادة وراحة القلب، كما كنت أتتبع أخباره من خلال صفحتھ على الفیسبوك وفكرت مرارا أن أتواصل معھ.لكني كنت أتراجع حرصا علیھ

أخطرني مدیري أني انتقلت للوظیفة الجدیدة بعد ما أعلنوا قبولي بھا فسعدت بذلك كثیرا لكني لاحظت الغیرةفي عیون دعاء ولم أعلم لذلك سببا فأنا لم أشعر بالظلم عندما عملت في وظیفة أقل من مؤھلي وھي تعلم أني:أستحق أكثر مما أنا فیھ فلا أعلم ما سر غیرتھا، وقالت لي

طبعا ھتتنقلي من ھنا لأن ده سكن العمال مش الموظفین؟-

ھو النقل إجباري؟-

لأ طبعا بس إیھ ھیخلي موظفة زیك تعیش مع العمال؟ -

نفس اللي خلاني أعیش معاھم قبل كده، ممكن أعیش مع ناس أغنیا وأصحاب مناصب وما أرتحش معاھم-وممكن أعیش مع ناس بسیطة وأرتاح، الراحة النفسیة مش بالفلوس

سكتت ولم تجب لكنھا عادت لحالتھا الأولى من القوقعة، ونتیجة اختلاف العمل اختلفت مواعیدنا فكنا نادرا مانلتقي وإن التقینا تقابلني بجمود رغم ابتسامتي ولم تكن تتخلى عن جمودھا إلا عندما أسألھا عن إخوتھا فتُسھبفي الكلام والشكوى وأن الحمل فوق طاقتھا وأن سنوات العمر تمر وھي مازالت كما ھي لم تفعل لنفسھا شیئا.

أدركت أنھا تتحمل عبئھا رغما عنھا وھذا سبب تعاستھا ، كما أنھا لا تجد من تشكو لھ وكل أملھا أن یھتم بھاحمدي وھي لا تفھم أن الفارق بینھما كبیر في السن والمستوى الإجتماعي والتعلیمي وأنھ لن یتخذھا زوجة.بسبب ذلك كما أنھا لا تصلح لتربیة بنتیھ اللتان تدرسان في مدارس اللغات

مرت بنا الأیام وأنا أحتمل تجھم دعاء وألتمس لھا الأعذار وكنت أنغمس في عملي حتى أني فكرت فيالحصول على بكالوریوس الفندقة على النت لأكون مؤھلة للعمل في أي مكان. كانت القریة في كل عام تختارالموظف المثالي وتكرمھ وذلك تشجیعا للموظفین على بذل المزید من الجھد، وفي ذلك العام فوجئت باختیاري وتكریمي من قِبل الإدارة وعندھا استعرت نیران الغیرة في قلب دعاء فأدركت ألا محالة من انتقاليمن غرفتھا فھي أصبحت تضغط على أعصابي كثیرا خاصة عندما تقارن بیني وبینھا لیل نھار ، بینما أنھا لاتدري أنھا تتفوق علي في أشیاء كثیرة یكفي أن سمعتھا لا تشوبھا شائبة وأنھا لم تتزوج وتُطلق من قبل، لكن.كل منا لایرى ما بیده بل یبحث دائما عما ینقصھ

فكرت كثیرا كیف أخبرھا بانتقالي دون أن أجرحھا ولم أھتدِ لوسیلة حتى جاءت سامیة –إحدى عاملات: النظافة- وقالت لي أمام دعاء

یاستي انت موظفة كبیرة ولك مكان محجوز لك في سكن الموظفین ماتسیبي لي مكانك مع دعاء-

بس أنا مش عاوزة أسیب دعاء-

:فقالت دعاء بجفاء

بس أنا عاوزاكي تسیبیني-

:فقلت مبتسمة

حاضر بس برضھ ھافضل مدیونة لكي بحاجات كتیر علمتیھا لي وعملتیھا عشاني-

توجھت للغرفة وجمعت أشیائي وتوجھت نحو غرفتي الجدیدة كانت غرفة خاصة بي بحمام ، حقا كان حجمھا

.صغیر لكن یكفیني أن أستقل بنفسي فیھا، ورغم كل ما فعلتھ دعاء فقد كنت مشفقة علیھا تماما

مع الوظیفة الجدیدة ارتفع راتبي لكن حرصت على أن تظل مصروفاتي محددة حتى أستطیع التقدم للحصولعلى البكالوریوس في الفندقة لأنھ سیكلفني كل عام مبلغا لیس بقلیل، كما حرصت على تنظیم وقتي بین عمليودراستي حتى أستطیع التوفیق بینھما. كنت ألتقي كثیرا بالأستاذ حمدي الذي كان یشجعني على الدراسةووجھني للمجال المطلوب بكثرة في العمل ، وكان دائما یسألني عن دراستي ومدى تقدمي فیھا. كثرت أحادیثنافعرفت من خلالھا أنھ إنسان مھذب وعلى قدر كبیر من الثقافة ویتحدث الإنجلیزیة والروسیة بطلاقة، كما أنھالمسئول عن سلوى ویمنى بعد طلاق زوجتھ وھو من یتولى شئونھما وحده في وجود سیدة كبیرة تھتم بشئون.المنزل من نظافة وطعام

حرصت على أن تظل علاقتي بھ في حدود العمل حتى لا أتعرض لأن یخوض الناس في سمعتي، حتى سألني:ذات یوم

مافكرتیش لیھ تتجوزي تاني؟-

ظروفي ملخبطة ومش عاوزه أدخل حیاتي حد یلخبطھا بزیادة-

یعني مافیش حد في حیاتك؟-

:عندھا سرحت في رامي وكدت أقول كان رامي كل حیاتي ولكني اكتفیت بالنفي فقال

أنا ھاكلمك بصراحة بعد ما مراتي طلبت الطلاق بعد قصة حب كنت فاكرھا كبیرة قررت أقفل قلبي وأعیش-بعقلي بس ولما فكرت بعقلي لقیتنا مناسبین لبعض ظروفنا متشابھة ومستوانا التعلیمي واحد، كمان طموحاتناكبیرة، وأنا وبناتي محتاجین ست تخلي حیاتنا لھا معنى ولأني عارف أخلاقك من خلال الفترة اللي اشتغلتیھامعانا فكرت إنك الأنسب لیھ، إیھ رأیك؟

:أصابني الذھول ولم أتكلم فأضاف

بصراحة أكتر عندي فرصة شغل خارج مصر براتب أعلى لكن أنا باكبر ومحتاج زوجة وبناتي كمان-محتاجین أم متعلمة تعلمھم وترعاھم

حضرتك فاجئتني بعرضك ده-

ھاسیب لك یومین تفكري فیھم وسواء ردك بالإیجاب أو الرفض عاوز أعرفھ عشان أحدد ھاقبل الوظیفة ولا-.ھافضل ھنا

لم أعرف بم أجیبھ فقلبي مُتعلق برامي وزواجي من آخر ستكون خیانة للإثنین فخیانتي لرامي لأني أحبھ ولاأتخیل نفسي مع غیره، وخیانتي لحمدي أن أكون زوجتھ وأحب غیره، كنت حائرة ولكن ھل سأعیش طولعمري بدون زوج وأسرة وحیاة مستقرة؟ أم أتزوج رجل لا أحبھ للمرة الثالثة وأحیا جسدا بلا روح؟ فعندماوجدت الحب خفت علیھ من الماضي وكأن قدري أن أحیا بلا حب. اتصلت بمنى وحكیت لھا لعلھا تُخرجني من:حیرتي فقالت

  • طبعا كان نفسك تعرفي من زمان أنا لیھ عایشة من غیر جواز؟ وأنا صغیرة حبیت ابن الجیران وكانت بینناقصة حب كبیرة جدا لكن لللأسف والدتھ الأرملة فضلت ورا والدي لحد ما اتجوزھا على والدتي وساعتھاوالدتي اتجننت وعملت مشاكل كتیر وأصرت على الطلاق ووالدي تجنبا للمشاكل أخد مراتھ الجدیدة في منطقةبعیدة عننا وقصة حبي بقت مستحیلة ولما جھ حبیبي یتقدم لي أمي خیرتني بینھا وبینھ، طبعا اخترتھا وأنامُنھارة وقفلت قلبي على حبي وعشت جسم من غیر قلب، اتقدم لي كتیر ناس مناسبین لكن رفضت وكأنيباعاقب أمي على حرماني من حبیبي اللي فضل مستنیني كتیر ولما یأس ھاجر واتجوز أجنبیة وفضلت أنا منغیر جواز لحد ما ماتت أمي وكنت عدیت ال35 وقلت فرص جوازي وساعتھا عرفت إني عاقبت نفسي مشأمي ، وحرمت نفسي إن یكون لي بیت وحیاة وأولاد، باحكیلك الحكایة دي عشان ماتغلطیش غلطتي وتعیشيالعمر كلھ لوحدك تستني حد یسأل علیكي أو یخبط علیكي الباب، لو مش ھترجعي لرامي وده قرارك النھائي

.اتجوزي حمدي وسافري وابعدي عن كل أسباب تعاستك، وقبل أي قرار استخیري ربنا

استخرت ﷲ عدة مرات ثم اتصلت بحمدي وأبلغتھ بموافقتي فحدد لي موعدا في أحد المقاھي في المدینة بعیدا:عن مكان عملنا وجلسنا نتحدث في كل التفاصیل، فقال

قولي طلباتك-

أفضل أشتغل-

بس؟ دي كل طلباتك؟-

أه وطبعا إنت عارف إني مُطلقة وأھلي مقاطعني بس أنا ھاحاول معاھم للمرة الأخیرة ، وكل اللي عاوزاه-منك تعاملني بما یُرضي ﷲ مش أكتر

  • والمھر والشبكة؟

الجوازة الأولى علمتني إن كل الحاجات دي مالھاش قیمة لما یبقى الزوج مش راجل أنا سبت شبكتي-ومؤخري وحتى ھدومي بس عشان یطلقني وأبعد عنھ

عموما أنا ھاقدم مھر وشبكة في حدود إمكانیاتي وھاكتب لك المؤخر اللي إنتي عاوزاه وأنا شقتي ھنا-ومفروشة بالكامل لو رجعنا ھنرجع علیھا

اتفقنا وأنا ھاكلم والدي وإخواتي النھاردة واتمنى إنھم یحضروا-

:اتصلت بوالدي الذي رفض تماما الحدیث معي وقال لي

أنا ماعندیش بنات بنتي ماتت-

قتلتني كلماتھ فكم كنت أحلم أن یكون رفیقا بي وأن یستمع إلي مرة واحدة عندھا لم أكن أتعرض لكل ماتعرضت لھ، كفكفت دموعي واتصلت بإخوتي واحدا تلو الأخر وكانت إجابتھم واحدة( أختنا ماتت)، قررتحینھا أن أمضي في حیاتي وحدي رغم أني كنت أتمنى أن یكونوا عزوتي وسندي ولكنھم رفضوا وأغشتالقسوة قلوبھم فتخلوا عن دورھم الرئیسي في حیاتي فكل ما یھمھ كبریاؤھم وماذ سیقول الناس عنھم، أماسعادتي أو شقائي فھي أشیاء لیست في اعتبارھم.قررت أن أعیش حیاتي وفقا لما أراه مناسبا لمصلحتي وألاأبالي بأحد كما لا یبالون بي، كما قررت أن أدفن حبي في أعماق روحي فمن غیر المعقول أن أتزوج برجل.وأنا أحب أخر، إن كان الحب لیس قدري فلیكن الإخلاص ھو قدري

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

992 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع