القصة من الخيال تماماً لكنها خطرت على بالي عندما رأيت زوج أجنبي يعامل زوجته بمنتهى الرقة والحب ويشاركها في مسئولية طفلتهما بينما هي متجهمة دائما وغير راضية، وقارنته بمعاملة الزوج الشرقي الذي يلقي بكل العبء على زوجته حتى تظنه أحد أبنائها وليس شريك حياتها، ورأيت نظرات إعجاب الناس بتعامل الأجنبي مع زوجته بنفس الطريقة التي يحث الشرع الحنيف الرجال على التعامل مع زوجاتهم لكنهم يتجاهلونها ويصرون على التعامل بجفاء.
الفصل الأول
أغرق في بحر عميق مظلم ولا أستطيع الخروج منه فكلما بذلت جهدي جذبني الظلام إلى أعماقه ففقدت قدرتي على المقاومة واستسلمت لظلمات البحر، لكني فوجئت بيد قوية تمسك بيدي وتدفعني بكل قوة نحو السطح حتى استنشقت الهواء وتنعمت بضوء الشمس، ثم وجدت طوق نجاة فتعلقت به حتى وصلت للشاطئ. فتحت عيناي ببطء فوجدت نفسي على سرير مستشفى وكل جزء من جسدي يؤلمني ويدي محاطة بجبيرة، و رباط اخر يلف رأسي، تلفت حولي لعلي أرى أحدا وأسأله ماذا حدث لي وما سبب تواجدي هنا، لكني لم أجد أحداً فأغمضت عيناي وتدافعت الذكريات تهاجمني بشراسة، وتذكرت أن زوجي العزيز هو من فعل بي ذلك، ولم يكن أول من يؤذيني.
فأنا فتاة يتيمة الأم، فقد ماتت أمي وأنا في الرابعة من عمري ولم أرتوِ بعد من نبع حنانها وعلمت فيما بعد أنها ماتت أثناء ولادتها، في مستوصف في حينا الشعبي، لأخواي التوأم اللذان ماتا معها. تركتني مع أب قاسٍ يعبد المال وقلبه لا يعرف الحب ولا الرحمة. نشأت مع زوجة أب تكرهني لأني ورثت عن أمي جمالها ببشرتي البيضاء وعيوني اللوزية وشعري البني الناعم وفيما بعد أصبح لدي جسد متناسق، بينما زوجة أبي تفتقد لجمال الروح قبل جمال الشكل وأورثت أولادها الصبيان الثلاثة الحقد على الجميع والعنف في التعامل وكراهية الناس، فلم أذق منهم سوى كل قسوة وإساءة وما كان يمنعهم عن إيذائي جسدياً هو أبي، ليس حباً في أو شفقة علي، إنما لأنه أدرك بعينه الخبيرة أني سأكون في جمال أمي وهو يريد استغلال جمالي ليدر عليه المال، فكان يصون جمالي من أي تشوه قد ينقص قيمة ما سيناله من ورائي، كما حرص على تعليمي حتى يزداد سعري في سوق النخاسة حينما يحين وقت بيعي.
ورغم وقوف أبي في وجه أي إيذاء جسدي لي لكنه لم يمنع عني الإيذاء النفسي من زوجته وإخوتي الصبيان الذين يصغرونني ولكن المجتمع يمنحهم الحق بالتسلط علي لأنهم ذكور، فكنت أسمع الإهانات بسبب وبدون سبب، وكانت زوجة أبي تتفنن في سباب أمي بأقذر الشتائم وكأن ذلك يعوضها عن حقدها على أمي بسبب قلة جمالها مقارنة بأمي.كنت بجوار دراستي أقوم بكل مهام البيت من ترتيب وتنظيف وتكتفي هي بالطهي بينما رفض أبي خروجي لشراء طلبات البيت حتى لا يتعرض لي أحد العاطلين أو البلطجية أو المتحرشين فينتزع مني أغلى ما لدي، وذلك ليس غيرة على شرفه ولا حبا في ابنته بل حفاظاً علي حتى ينتفع بي فيما بعد، فعذريتي تزيد قيمة المدفوع من أجلي.
لم أكن أعلم مهنة أبي إلا عندما كبرت فكل ما أعرفه أنه يمتلك محل صغير في شارع جانبي من شوارع الجيزة لإصلاح الراديو والتلفزيون، لكن مع تطور الأجهزة لم تعد لديه تلك القدرة فاستغل محله وعلاقاته المتعددة والمتنوعة في العمل كسمسار للشقق المفروشة والعقارات القديمة، هذا ما كان ظاهراً على السطح أمام الجميع، أما في الخفاء فقد كان نخاساً، يزوج القاصرات الفقيرات للأثرياء كبار السن وخاصة من أهل الخليج ويقبض مبالغ مقابل ذلك.
لم يختلف قدري كثيراً عنهن فقد كان يدخر جمالي -كما يقول دائما-لمن يستحق، كنت أخشى أن يزوجني لأحد كبار السن كغيري وكنت أدعو الله في سري أن يرزقني بزوج يسترني ويمنحني الأمان والحب والاهتمام حيث أني لم اعرفهم أبدا ، ورغم عدم التزامي بالصلاة لأن أبي وزوجته لم يصليا يوماً، إلا أني كنت على يقين أن الله لن يتخلى عني لأني لا أؤذي أحداً.
وجاء اليوم الذي انتظره أبي كثيراً فقد عاد إلى البيت والفرحة تحمله على أجنحتها وتحلق به الآمال فوق السحاب، فقد وجد لي عريساً ثري وشاب ويدرس في الخارج وأهله يرغبون في عروسة جميلة لتحميه من الوقوع في براثن الأجنبيات، ولما عرض عليهم أبي صورتي وافقوا فطلب أبي مهراً كبيرا وشبكة غالية ومؤخراً ضخماً حيث يضمن لي مستقبلي إن قرر طلاقي أو سئم مني. وكانت النصيحة الوحيدة التي نصحتها لي زوجة أبي أن أستخدم جمالي ودلالي لأربطه بي العمر كله، وأن أستغله مادياً لأؤمن نفسي إن فكر في طلاقي.
لم يفكر أحدهما في وكيف سأتزوج برجل لا أعرفه من بلد تختلف عاداته وتقاليده عنا، وأعيش معه في بلد أجنبي، ولم يهتم أحد لا برأيي ولا مشاعري ولا حتى دراستي التي سأتخلى عنها.
حان موعد عرضي في سوق النخاسة فجاء والده لرؤيتي ومعه زوجته التي تفحصتني من رأسي حتى قدمي وطلبت من أبي أن تدخل غرفتي لترى شعري وجسدي حتى تحكم إن كنت أستحق نيل شرف الانتساب لأسرتهم الكريمة أم لا، أو استحق ما يطلبه أبي أم أنه يخدعهم. كم شعرت بالمهانة والإذلال وهي تجذب شعري وتتفحص جسدي وكأني إحدى الجواري في الأفلام القديمة. خرجت من غرفتي وانهمرت دموعي وأنا أرتدي ملابسي وأعيد ضبط حجابي وأخرج إليهم لأستمع لحكمها الذي سيحدد مستقبلي.
نظرت إلي بتعالي ثم أخبرتنا بموافقتها فأطلقت زوجة أبي الزغاريد، وأخبرنا زوجها أننا غدا سنعقد القرآن وعندها يمنح أبي المهر المتفق عليه أما الشبكة فستمنحها لي زوجته عند توديعي في المطار، شعرت بعدم ثقتهما بنا، كما أن نظرات الاحتقار كانت واضحة في عينيها أما زوجها فكان يتفحص الظاهر من جسدي بعين خبيرة ليحدد كم سيدفع مقابل شرائي لابنه.
لم أستطع لومهما فأبي من فعل ذلك بي وجعلني جارية تُباع وتُشترى، فلم ألوم الناس على احتقارهم لنا؟ وتعاملهم معي على أنها سلعة.
في اليوم التالي ذهبنا لعقد القران فأصر أبي قبل العقد أن يحصل على المهر فأصر أبو العريس على أن يمنحه له بعد العقد، وبعد فصال أهدر الباقي من آدميتي ،واتفقا أخيراً على أن يدفع أبو العريس لأبي مبلغاً قبل العقد والباقي بعد العقد، فتمت البيعة دون اعتبار لمشاعر السلعة وآدميتها. عُقد القران بالتوكيل الذي منحه وليد لأبيه ومنح الرجل باقي المهر المتفق عليه لأبي الذي انتشى فرجا هو وزوجته وسأل لعاب إخوتي طمعا. أصرت زوجة أبو العريس على اصطحابي وحدي لشراء الملابس المناسبة لي كعروس ،وحاولت زوجة أبي الإصرار على الحضور معنا لكن المرأة رفضت وقالت باشمئزاز:
-من اليوم ندى تخصنا وهي ضيفة عندكم فقط حتى يحين موعد سفرها.
وأمسكت بيدي وجذبتني حتى سيارتهما فجلس زوجها في الكرسي الأمامي وجلست هي معي بالخلف وانطلقت السيارة. قالت لي بصوت منخفض:
-من اليوم انت زوجة وليد ابن الحسب والنسب فتصرفي على هذا الأساس، مطلوب منك معه الطاعة التامة، وكل ما يحدث بينك وبينه لا يعرفه سواكما، هو جنتك ونارك، ستعيشين في مستوى لم تحلمي به يوماً، فعليك أن تتأقلمي بسرعة، وتعرفي ما يحبه وتفعلينه وما يكرهه فتتجنبيه، وكما أعرف أنك جامعية أي بمقدرتك التعامل برقي مع المجتمع الذي يخالطه، أنسي تماماً حياتك السابقة في بيتكم، هل تفهمين ما قلته لك؟
أومأت بالإيجاب بدون أية كلمة فقد كانت نظرات تلك المرأة القوية كفيلة ببقائي صامتة.
ذهبنا لأحد أفخم المراكز التجارية التي كنت أحلم بدخولها يوماً، واشترت لي ملابس متنوعة باهظة الثمن وبعض الملابس التي تناسب الصباح وممارسة الرياضة وكثير من ملابس البيت والملابس الداخلية، ثم اصطحبتني لمحل متخصص في ملابس العرائس وانتقت لي العديد من القمصان التي خجلت عندما رأيتها فقد كانت فاضحة وفاقعة الألوان. بعد أن انتهينا ذهبنا لمطعم فخم جدا لتناول الغداء الذي اختارته على ذوقها لأني لم أعرف تلك الأصناف من قبل، ثم قالت بعجرفتها:
- أرسلت الملابس مع السائق ليضعهم بالسيارة وسأخذهم معي إلى البيت لتضعهم الخادمة في الحقيبة التي سأرسلها لك مع السائق إلى المطار، فأنا لا أضمن أن زوجة أبيك تلك الجشعة فقد تبيعهم أو تستبدلهم بملابس رخيصة وربما تسرق منهم لنفسها، لذلك سيبقون بحوذتي حتى موعد سفرك.
صمتت وآلمتني كلماتها ولكنها كانت تعبر عن حقيقة زوجة أبي تماماً، فقد فهمتها وعرفت كيف تتصرف بمجرد أن رأتها. جاء الطعام وتناولته في صمت فأنا لا أجرؤ على الاعتراض على اي شئ فأنا مجرد جارية اشتروها بمالهم، ثم اصطحبتني لشراء فستان العرس واختارت لي فستاناً صاخباً فاستأذنتها أن أختار أخرعلى ذوقي، فظلت تراقبني وهي تظن أني سأختار آخر أغلى ثمناً أو أقل ذوقاً، لكني اخترت أخر من قماش الشيفون المطرز برقة بلون سكري فاتح(أوف وايت) وعندما ارتديته قالت لي البائعة:
-الفستان رقيق ولكن جمالك زاده روعة
ظننتها تجاملني لأشتريه ولكن عندما خرجت لزوجة أبو وليد ظهر الإعجاب جلياً في عينيها لكنها لم تقل سوى:
-لو كان يعجبك فلا بأس به
فقلت لأشرح لها وجهة نظري :
-إنه مناسب لأرتديه في أكثر من مناسبة، بينما الأخر سأرتديه مرة واحدة كما أنه باهظ الثمن.
فنظرت إلي بتعال وقالت:
-نحن لسنا فقراء لتوفري لنا المال
قالتها بعجرفة شديدة، فقلت بهدوء اعتدت عليه:
-التبذير سلوك قبيح حتى لو كان مع الثراء.
فنظرت لي باشمئزاز فلم أبالِ بها فهي تبدو أنها دخلت عالم الثراء حديثا وترغب بالتباهي بثرائها. اشترينا الفستان ومعه معطف من الفراء باهظ الثمن وأخبرتني أنه ضروري لأني سأسافر إنجلترا حيث يدرس وليد وهي بلد شديدة البرودة مقارنة ببلدنا، لم أعترض فليس لي حق الاعتراض لكني أعلم أنه غير عملي في اللبس والحركة اليومية.
بعد أن انتهينا من رحلة الشراء اتصلت بزوجها الذي جاء لاصطحابنا وسألني إن كنت أحتاج لشئ آخر فشكرته بخجل فمنحني الكثير من المال وقال:
-من اليوم أنت مسئولة مننا وأشتري ما تحتاجينه حتى موعد سفرك، وغداً أذهبي لجامعتك لتحصلي على ما يثبت وصولك للعام الأخير حتى تستطيعي إكمال هذا العام في كلية مشابهة فنحن لن نقبل بزوجة لا تحمل بشهادة جامعية لتليق بابني الذي يدرس الماچستير في إنجلترا.
أومأت برأسي بالإيجاب فرغم غطرستهم وغرورهم إلا أن أفضل ما في ذلك الزواج أنهم لن يحرموني من إكمال دراستي.
وصلت إلى البيت بعد أن أخفيت المال جيداً في ملابسي حتى لا يستولي عليه أبي أو زوجته، وعندما سألتني زوجة أبي عما اشتريناه أخبرتها بما فعلته زوجة أبو وليد فقالت غاضبة:
-تلك المتعجرفة من تظن نفسها لكي تشك فينا وتهيننا بتلك الطريقة؟ لو كان بيدي للقنتها درساً لن تنساه ويترك علاماته على جسدها وقطعت لها لسانها الذي تناولنا بالسوء، لكن الصبر جميل.
ثم جذبتني من يدي ودخلنا غرفتي-التي كانت في السابق مجرد شرفة وجعل منها أبي غرفة ليمنحني الخصوصية بعيداً عن أخوتي- وجلست بجسدها المكتنز على سريري الصغير الذي يئن تحت ثقلها وشاهدت فستان الزفاف الذي لم يعجبها وقالت:
-ستبقين كما أنت حمقاء، لماذا لم تختاري أغلى فستان في المحل؟ فهم أثرياء ويدفعون الكثير، كنا سنبيعه ونفصل أخر يشبهه ونحن أولى بفارق الثمن، لاتتصرفي بتلك الحماقة مرة أخرى.
نظرت لها بقرف فقد كانت زوجة أبو وليد محقة في تفكيرها فزوجة أبي جشعة ولا تشبع أبداً. جذبت يدي وأجلستني بجوارها وقالت:
-اسمعي نصيحتي حتى لا يكون بختك مثل بختي، زوجك ثري فاشتري أغلى الأشياء حتى وإن لم تحتاجيها اليوم فستحتاجينها غداً، والجمال لا يدوم يا حلوة والرجال سريعي الملل وخاصة الأثرياء فيسهل عليهم تبديل زوجة بأخرى أجمل واصغر سنا، فالمال يفعل العجائب، فإن جاءت تلك اللحظة يجب أن يكون لديك مال مُدخر ومصوغات ذهبية وملابس فاخرة يمكنك بيعها، هل تفهمينني؟
نظرت لها ببلاهة فأنا لم أفكر في ذلك أبداً، فأكملت قائلة:
-اليوم سعرك عالٍ لأنك عذراء وجميلة، لكن إن طلقك وعدتي إلينا فسيزوجك أبوك لأخر ولكن بسعر ومميزات أقل فاغتنمي فرصتك الأولى بقدر الإمكان ويا ليتك تنجبين له ولدا ًفبذلك تثبتين قدمك في حياتهم وحتى إن طلقك يظل ولدك الورقة الرابحة لاستنزافهم، لا تنظري إلي ببلاهة هكذا، فهذه هي قوانين اللعبة في عالمنا،فنحن فقراء وإن أتت لنا فرصة يجب أن نحسن استغلالها حتى نخرج من الفقر وإلا بقينا في القاع إلى الأبد لتدوسنا الاقدام باستمرار، فالأمان في الثراء.
تركتني وخرجت وكلماتها ترن في أذني وأتساءل ترى أهي على حق؟هل يجب أن أستغل تلك الفرصة؟ نعم سأستغلها وأجعله يحبني ويتعلق بي فتلك فرصتي حقاً لأتخلص من تعاستي وتكون لي حياتي الخاصة.
أنهيت كل أوراقي وحجز لي أبو وليد في أول طائرة، و أصرت زوجة أبي على أن تأتي مع أبي إلى المطار حتى تتأكد من أن تلك الحيزبون-كما تسميها-ستمنحني الشبكة التي وعدتني بها ولن تخلف وعدها.
أوصلنا سائق أبو وليد إلى المطار ووجدت هناك أبو وليد وزوجته فصافحونا ومنحني أبو وليد علبة قطيفة كبيرة بها شبكتي الذهبية ففتحتها أمام أبي وزوجته ورأيت نظرات الانبهار في عيونهما، كما منحتني زوجته حقيبتي الكبيرة التي بها ملابسي كما وضعت قلادة ذهبية غالية وقالت:
-تلك هديتي لزوجة وليد الغالي
فشكرتها وودعت أبي الذي قال لي هامسا ً:
-البنت تخرج من بيت أبيها لبيت زوجها ثم للقبر هل تفهمين؟
نظرت إليه وأدركت أني لم يعد لي سند حتى ولو كان شكلياً. احتضنتني زوجة أبي لأول مرة وقالت:
-لا تنسي نصائحي واعلمي أننا في غابة البقاء فيها للأذكى والأكثر طموحاً، أرسلي لي صورة لشبكتك وسأصنع لك مثلها وتتركين الاصلية لدينا للزمن.
نظرت إليها وأنا أقول في نفسي وانت خير من أئتمنه على مالي،اصطحبني أبو وليد إلى الداخل حيث يعرف الكثير من كبار الضباط في المطار لتسهيل أوراقي وعندما حان موعد دخولي للطائرة قال لي:
-زوجك هو كل عالمك إن أسعدتيه أسعدك، وإن عصيته يتركك ويبحث عمن تسعده، تذكري كلامي هذا جيداً واعلمي أن بقائك في أسرتنا مرهون بحفيد.
أومأت بالإيجاب وانصرفت وأنا أشعر بالخوف من ذلك العالم الجديد الذي أرغمني أبي على دخوله ويرفض خروجي منه، فوجودي مشروط لدي أبو زوجي بحفيد، ولدى زوجته بالطاعة التامة، ترى كيف ستكون شروط زوجي المصون؟ ترى هل سأعجبه؟ قررت بيني وبين نفسي أن أبذل قصارى جهدي لأنال رضاه حتى لا أعود إلى أبي ليعيد بيعي.
الفصل الثاني
أجلس على كرسي متهالك في الحجز امن في قسم البوليس حتى الصباح أنتظر إفاقة زوجتي حتى تستجوبها الشرطة لتعرف من ضربها واغتصبها، كنت أشعر بصداع يكاد يفجر رأسي فوضعت رأسي بين كفي واستندت على ركبتي وعندها تدافعت ذكريات أول لقاء لي بها.
كنت أقف في المطار مضطرباً في انتظار العروس المنشودة التي قرر أبي أنها مناسبة لي وهي من ستسعدني،ومنذ متى يهتم أبي بسعادتي؟ أو يعرف حتى ما يسعدني أو يتعسني؟ إنه لا يبالي بي، كل ما يهمه المظاهر وهيبته أمام الناس ككبير العائلة، وأن أنجب له ولدا ليحافظ على اسم العائلة ولا يهم إن كانت زوجتي تسعدني أو حتى يترك لي حرية اختيارها بما يتناسب مع ذوقي، لذلك زوجني من قبل- دون إرادتي- من ابنة عمي سهيلة تلك الفتاة الجريئة التي لم أحبها يوماً لتنمرها الدائم علي في الطفولة، ولم يهتم برفضي وأصر أني أولى ببنت عمي فكان النتيجة فشل الزواج وطلاقنا بفضيحة مدوية في البلد، لم ينقذني منها سوى البعثة التي حصلت عليها لدراسة الماجستير في إنجلترا.
وها هو الآن مصمم على زواجي مرة أخرى وفقاً لاختياره ورغبته مرة أخرى حتى ينفي الشائعات التي أطلقتها ابنة عمي عن سبب طلاقنا وهي عدم قدرتي الجنسية، حتى تنفي عن نفسها أي عيب وحتى يظل الناس يتنمرون بي، والسبب الأهم هو انتقاما من أبي الذي أرغمها على الزواج مني وهي تكرهني-كما قالت لي- ولم تستطع هي أو والدها الرفض لأن أبي كبير العائلة الذي لا يُرفض له طلب.
أبي ذلك الديكتاتور بلا قلب، و يظن أني عبد يمتلكه يتحكم في مصيره كيفما يشاء ويختار له ما يراه هو صائبا ً،ولا يهتم بما أريد أو بما أكره، المهم ما يريده هو وما يحقق له النفع.
وصلت الطائرة وبدأ الركاب يخرجون من صالة المطار ففتحت هاتفي لأنظر للصورة التي أرسلها لي أبي له معها قبل ركوبها الطائرة، تأملت ملامحها تبدو هادئة وجميلة بخلاف سهيلة لذلك لن أدع لها الفرصة لتشعر أنها أقوى مني أو أنها ستفرض علي شخصيتها كما فعلت سهيلة، بل سأفرض أنا عليها شخصيتي وإرادتي.
بحثت عنها بين الركاب فوجدتها بنظراتها الضائعة والخوف المرسوم على وجهها كطفلة تاهت من أمها في الزحام. اقتربت منها وقلت لها:
-أنا وليد حسني الشافعي
فنظرت إلى مرتبكة ثم أخرجت موبايلها ونظرت للصورة الموجودة به واطلعت إلي مرة أخرى ثم قالت بارتياح:
-مرحبا أنا ندى
فقلت متهكما:
-هل تظنين إنك شخصية هامة حتى يفكر أحد في خداعك واختطافك؟
نظرت إلي بذهول ثم قالت بارتباك:
-كنت فقط أتأكد منك لأني خائفة أن أضيع في تلك البلاد الغريبة.
فقلت بلا مبالاة:
-أين هي حقائبك؟
فقالت بخجل:
-ها هي
أخذتها وذهبت بها إلى السيارة بدون كلمات حتى لا تظن أني مهتم بها أو ملهوف عليها. لاحظت ارتباكها وخاصة مع تفحصي لها، فقد كانت أقصر مني بنحو ١٠ سم، بجسد متوسط لا هو نحيل ولا سمين، وبشرة بيضاء،كانت في المجمل جميلة جمال هادئ، بعكس سهيلة التي كانت أقل جمالاً لكنها صاخبة في كل شئ، في جسدها وزينتها وحتى شخصيتها.
وصلنا البيت وصعدنا إلى الشقة ورأيت انبهارها فقلت لها متجاهلا:
-الأوضة اللي على اليمين دي أوضتك وهي قريبة من الحمام، أما الاوضة التانية فدي أوضتي وممنوع عليكي دخولها نهائي لأي سبب، مفهوم؟
أومات برأسها وهي تنظر لي متعجبة فقلت لها بازدراء:
-إيه؟ كنتي فاكراني هابقى ميت عليكي، ومش هاستحمل أول ما أشوفك؟ أنا أصلا ما كنتش عاوز اتجوز لولا إلحاح والدي، أنا دماغي مشغولة بالماچستير بتاعي، واعتقد إنك عندك دراسة انتي كمان، كمان احنا لسه مش واخدين على بعض.
لم تجب فقلت بحدة:
-انتي خرسا؟ بحب لما اتكلم حد يرد عليا
فقالت باضطراب:
-بس أنا ما عنديش رد إنت بتوضح نمط حياتنا وأنا ماعنديش تعليق، ممكن أدخل أوضتي لأني مرهقة جدا من الرحلة؟
فقلت ببرود:
-ادخلي غيري هدومك وتعالي نتعشى
فقالت بتعب:
-شكرا أكلت في الطيارة
فقلت غاضباً:
-لما اقول حاجة ما بحبش حد يناقشني
نظرت إلي بتعجب وقالت:
-انت ما بتحبش حد يناقشك ولا بتحب حد يرد عليك؟
امسكت ذراعها بغضب وعنف وقلت:
-ما بحبش كتر الكلام المفروض تكوني ذكية وتعرفي امتى تتكلمي وامتى تسكتي.
نزعت ذراعها من يدي ودخلت حجرتها وهي تحبس دموعي فقد نسيت نفسها للحظات وظنت أنها زوجة حقيقة تملك حق الاعتراض، ونسيت أنها مجرد جارية اشتراها لي أبي لتلبي رغباتي. انهمرت دموعها بمجرد دخولها إلى غرفتها وسمعت شهقاتها من خلف الباب، فشعرت بالشفقة عليها لكني حمدت الله أنها لا تراني وإلا لظنت في الضعف وبدأت تمارس سكوتها علي كما فعلت سهيلة.خرجت من غرفتها وهي ترتدي منامة شتوية من القطيفة الحمراء التي تلتصق بجسدها فتبرز مفاتنه، كما أطلقت لشعرها البني العنان فكان ناعما ومنسدلا على ظهرها حتى وصل إلى منتصفه تقريبا وكان مُغريا بشكل لا يُقاوم، بدت جميلة وعفوية لا تتكلف ولا تتصنع، جمالها الهادئ كان مغريا، لكني قررت أن أتجاهلها مؤقتا حتى لا تظن أني ملهوفا عليها فتبدأ في تحكماتها.ذهبت إلى الحمام لتغتسل بعد السفر ثم خرجت من الحمام وجلسنا معا نتناول العشاء، فحدثتها عن البلد وطقسها وما تحتاجه من ملابس يومية، كما أخبرتها أنها ستأتي معي إلى الجامعة في أول يوم حتى تعرف الطريق ثم بعد ذلك ستذهب بمفردها حتى تستطيع الاعتماد على نفسها وتعرف الأماكن بمفردها، واعطيتها نصائح عن كيفية التعامل مع الناس وعن اختلاف الثقافات والطباع، ثم أنهينا العشاء واغتسلت ودخلت غرفتها.
دخلت غرفتي وصورتها المثيرة حرمت عيناي النوم، لكني خفت من الاندفاع حتى لا يغلبني فشلي كما كنت مع سهيلة، فرغم أنوثتها المتدفقة لم تكن لدي رغبة فيها بدون المنشطات وعندما تخليت عنها فشلت معها أكثر من مرة فأصبحت تعايرني واستغلت تلك الفرصة وطلبت الطلاق بحجة أني عاجز جنسياً وفضحتني في البلد، ولم يستطع أحد منع الفضيحة من الانتشار ولا حتى نفوذ أبي، فقد انتقمت مني السافلة اشد انتقام لأن أبي زوجها لي رغماً عنها. لذلك أسرع أبي في اختيار عروس لي ليقضي على كل تلك الشائعات.
لم يعلم أبي أنني أكرة العلاقة الجنسية بسببه، ففي الرابعة من عمري استيقظت يوما على صوت صراخ أمي وأبي ينهال عليها صفعا ً وركلاً ويسبها بأفظع الألفاظ ويقول لها:
-ياعاهرة ألم أكن كافياً لك؟مع كم رجل خُنتني؟إن مصير مثلك الشارع وجذبها وهي بملابس البيت وألقاها في الشارع وأغلق الباب، ثم اتصل بوالدها وأخبره أن ابنته طالق وأنها خائنة وألقاها في الشارع. كنت أقف خلف باب غرفتي أرتجف من هول الموقف وأبكي بشدة لفقداني أمي الحنون، لم أعرف سبب ما فعله بها أبي إلا عندما كبرت وفهمت أنها كانت قريبته ومخطوبة لجارها،فتدخل أبي بماله ونفوذه وفسخ الخطبة وخطبها لنفسه دون رغبتها.كنت أراها تبكي كل يوم ولم أعرف لذلك سبباً وكانت دائماً تقول لي أنا أحيا من أجلك أنت فقط.
لكن بعد فضيحة أبي لها في القرية ونبذ الكل لها وجميعهم لاك سيرتها وساءت سمعة أسرتها كلها، انتحرت لتتخلص منه ومن الحياة كلها وتخلص أسرتها من الفضيحة التي ألحقها بهم أبي لمجرد أنها رددت اسم حبيبها السابق في منامها فاعتبر أبي ذلك دليلا على خيانتها.
ماتت أمي وتركتني مع أب قاسٍ لا يعرف الرحمة وكان دائما يعايرني بأني ابن عاهرة، لم أكن أعرف معنى الكلمة حينها لكني كنت أدرك أنها شئ سئ . تزوج أبي مرة أخرى من امرأة قاسية مثله لم ترحم يتمي ولا ضعفي ولا حاجتي إلى الحب والاهتمام،تزوج بعد طرده لأمي بأسبوعين، ولأن زوجته لم تحبني أو تهتم بي فأحضر لي امرأة فقيرة لم تنجب لتهتم بشئوني لصغر سني. كانت زينب طيبة وعطوفة وتحبني كثيرا وتمنحني الكثير من الحنان وتعوض معي أمومتها التي حُرمت منها وتعوضني غياب أمي وحرماني من حبها. ظلت زينب تعتني بأموري حتى صرت في التاسعة من عمري ،وذات ليلة رأيت كابوساً فظيعاً فقد تكرر في منامي ما فعله أبي بأمي ولكنها قبل أن تقتل نفسها أشعلت النيران فيه، فقمت مفزوعاً أصرخ بهلع،فجاءت زينب مسرعة من الغرفة المجاورة لي ولما حكيت لها ما رأيته ظلت تقرأ القرآن وترقيني حتى هدأ جسدي واستكان في حضنها الأمومي الذي كنت أشعر بالأمان فيه. رفضت أن تتركني وتخرج حتى لا يتكرر الكابوس فاحتضنتني حتى نمت وغفلت هي بجواري. استيقظنا مفزوعين على صوت أبي الغاضب الذي يصرخ فيها:
-ماذا تفعلين في فراش الولد؟ ولماذا تضمينه هكذا؟
فقالت بصوت واهن وهي ترتجف:
-كان خائفا فقد رأي كابوسا أفزعه وكنت بجانبه أطمئنه.
فقال بسخرية :
-تطمئنيه ام تتحرشين به؟
رأيت علامات الذهول على وجهها فصرخ أبي قائلاً بغضب و و يمسك ذراعها بعنف:
-ربما تريدين تعويض حرمانك من الرجال معه؟
ثم ابتسم بخبث وقال بصوت منخفض لكني سمعته:
-غيره موجود وعلى استعداد لإطفاء نيرانك ولكن تتمنعين وتدعيم الشرف
فأصابها الغضب وصفعته فجُن جنونه وانهال عليها ضربا وسبابا ً وطردها على مرأى ومسمع من أهل البيت والعاملين به مما تسبب لها في فضيحة مدوية، ثم عاد إلى غاضباً وسألني عما كانت تفعله معي اليوم وقبل ذلك فأخبرته أنها لم تفعل شيئاً فقال بحدة:
-لقد كبرت ولم تعد بحاجة لمن تعتني بك، أنت الآن رجل عليك أن تعتمد على نفسك في كل شئ وأريدك أن تهتم بدروسك ولا تهتم بسواها هل تفهم؟
أومات بنعم فخرج وأنا لا أفهم لم غضب من زينب ولم طردها، لكني فهمت أن قرب النساء مني شئ يثير حفظيته فقررت أن أبتعد عنهن حتى لا يغضب علي ويطردني أنا أيضاً كما يفعل معهن.
ابتعدت عن الجميع حتى زوجته التي أنجبت له ثلاثة فتيات وابعدتهن عني وكانت تخشى عليهن مني فتجنبتهن جميعاً رغم شوقي لأخ أو أخت يشاركني حياتي ككل الأطفال، وانشغلت بتفوقي الدراسي عن كل ما يحدث في بيتنا وانغمست في قراءاتي التي كانت تفتح أمامي آفاق المعرفة.ورغم زواجه بسيدة تشبهه كثيرا وإنجابه منها إلا أنه لم يرحمها من قسوته فكان أيضاً يعايرها بأنها لم تنجب الولد، حتى أمضت عشرة سنوات زواج كلها قسوة وخيانة-كما علمت فيما بعد- وهي تحتمله واصبر عليه خوفا من الطلاق فهو في الأرياف وجريمة تلوث سمعة النساء،صبرها وسكوتها على خيانته لم يشفعا لها عنده بل أصر إما أن تنجب الولد أو أن يطلقها فوافقت على أن تحمل مرة رابعة رغم خطورة ذلك على صحتها وتحذيرات الأطباء، لكنها خافت أن يلقي بها في الشارع وهو لا يتورع عن فعلها، وللأسف ماتت وهي في الشهر الثامن بسبب وفاة الجنين في بطنها مما تسبب لها في تسمم حمل.
كانت صدمة قاسية على أبي ليس فقط لأنها كانت بسببه بل لأنها تلك المرة كانت تحمل وكان الله أراد يعاقبه على كل آثامه فقد كان يظن أنه قادر على تحقيق كل رغباته وعلى امتلاك كل شئ في الدنيا، لكنه لا يعلم أن القدر لا يمنح كل شيء.
عاشت أخواتي مع جدتهن لأمهن وتركنني وحدي في سن المراهقة مع أب لا يهتم سوى بنفسه،فكنت أتخبط في دربي ولا أجد من يدلني على الصواب،فكان زملاء الدراسة يشترون المجلات الجنسية ويدخلون المواقع الإباحية، وحاولت أن أقلدهم لكني لم أحتمل المناظر المقززة التي رأيتها وشعرت بغثيان وأفرغت ما في جوفي وسط سخرية الزملاء واتهامهم لي بأني لست رجلاً، وهو اتهام خطير في مرحلة المراهقة وربما يظل ملتصقاً بي للأبد، فقررت أن أثبت لهم أني أفضل منهم جميعاً بطريقة أخرى.
كنت في الخامسة عشرعندما جاءت زهرة للعمل في البيت كخادمة كانت تكبرني بنحو ثلاثة أعوام وبالطبع لم تكمل تعليمها بسبب فقرها. كانت لها نظرات جريئة تتفحصني كلما رأتني فكنت أشعر بالارتباك، كما كانت تتعمد لمسي بمناسبة وبدون مناسبة وكانت تلك اللمسة تثير الرجفة في جسدي كله، فكنت أهرب منها.لكن بعد أن سخر مني زملائي قررت أن أستغل إعجابها بي لأثبت لهم أني رجل ولي مغامرات أخطر من مغامراتهم، فلابد ألا أكتفي بتفوقي الدراسي بل أثبت لهم تفوقي في عالم الرجولة أيضا حتى لا اصبح محل سخريتهم. وكأن القدر كان يعاونني في تنفيذ خطتي فقد قابلتها أثناء عودتي من المدرسة وطلبت منها أن تحضر لي كوباً من الشاي إلى غرفتي فوافقت مبتهجة، بعد خمس دقائق كانت تفتح الباب وتدخل بدون استئذان وكنت أبدل ملابسي وأقف بدون قميصي فارتبكت وارتديته بسرعة وقلت لها:
-لماذا لم تستأذني قبل دخولك؟
فقالت بدلال وهي تنظر بجرأة في عيناي:
-ظننتك متعجل فلم أرد أن أعطلك.
نظرت لها متفحصاً جسدها الواضح من تحت فستانها الملتصق بجسدها فأثارت في مشاعر غريبة ولكني في نفس الوقت شعرت بغثيان إلا أني تمالكت نفسي، فقالت وهي تمنحني كوب الشاي وتعمدت أن تلامس أصابعي:
-ألا تريد شيئا أخر ؟
فقلت مرتبكاً وأنا أشيح بوجهي عن فتحة صدرها التي بدت واضحة عندما اقتربت مني:
-لأ شكرا انصرفي الآن
فقالت بدلال:
-عندما تريد أي شئ أي شئ أنا رهن إشارتك
وخرجت وهي تسير بدلال وكأنها تمنحني الفرصة لأتأمل مفاتنها.شعرت بالخوف والاضطراب وفكرت كثيراً في التراجع عما انتويت لكن سخرية زملائي المستمرة دفعتني لأكمل طريقي. خططت أن أنتهي من دروسي وأطلب منها أن تحضر لي العشاء في غرفتي وعندها انفرد بها وأسجل ذلك بالموبايل لأريه لزملائي، لكني كنت أخشى أن تصرخ وتفضحني. طلبت منها أن تحضر لي العشاء وجاءت بعد خمس دقائق بصينية تكتظ بالطعام فقلت لها مندهشا:
-لما كل هذا الطعام لن أستطيع تناوله
فقالت بنظرة كلها رغبة وهي تتفحص جسدي:
-أنت تبذل جهودا كبيرة في المذاكرة وتحتاج للطعام لتقوية جسدك
ومدت يدها وتحسست صدري وقالت:
-وتحتاج لممارسة الرياضة لتصبح أقوى
تحركت بداخلي رغبة قوية فجذبتها لصدري وقبلتها ولم أنس أن أجعل الموبايل يسجل كل ما حدث بالڤيديو. كانت هي خبيرة وتعلم ما تفعل وكانت تلك أول مرة لي ومازالت أتخبط في طريقي. ابتعدت عني وكلانا يلهث وقالت بدلال:
-سأغادر لكن سأعود مرة أخرى.
غادرت وأنا أرتجف من من فرط الخوف من التجربة وفي نفس الوقت أشعر وكأني مغامر يقتحم المجهول. حفظت الڤيديو وحذفت منه ما أريد وأبقيت الجزء الذي سأعرضه غدا على زملائي لأثبت لهم أني أكثر خبرة منهم فلم أكتفِ بالمشاهدة مثلهم بل خضت التجربة. في اليوم التالي ذاع صيتي في المدرسة أني الدنچوان صاحب الخبرات واكتسبت احترام الزملاء، وكأن الرجولة لا يمكن إثباتها إلا بممارسة الجنس حتى لو بطريقة تخالف الشرع والأخلاق ، فلا أحد يهتم بالصواب والخطأ المهم أن تثبت أنك رجل فقط.
ظلت زهرة تطاردني بلمساتها وتتعمد دخول حجرتي بمفردها وتتصنع ترتيبها أمامي حتى تحرك رغبتي بها، كنت أحياناً أرغب بها وكثيرا كنت أشعر بالغثيان ولا أعرف لذلك سبباً، حتى عرضت علي ذات يوم أن تقضي ليلتها في غرفتي وأن تسلمني نفسها لأنها كما تقول تحبني بجنون وستفعل أي شئ لأكون لها ولتثبت لي حبها. كنت خائفا من مجرد الفكرة وخوض تلك التجربة، كما كنت أخشى عقاب أبي إن علم بذلك ،وكأنها قرأت ما يدور في عقلي فقالت:
-والدك مسافر الليلة للقاهرة ولن يعود إلا غدا ،أترك لي نفسك وسأمنحك ليلة لن تنساها طوال عمرك.
بالفعل كانت ليلة لن أنساها طوال عمري، فقد تسللت إلى غرفتي بعد منتصف الليل وكانت ترتدي عباءة سوداء وسرعان ما تخلصت منها و بقيت بملابسها الداخلية ، فأثارت رغبتي بها وبدأنا نغيب عن العالم حولنا وكانت هي من تقود تلك العلاقة بحكم خبرتها، وفجأة فُتح الباب ودخل أبي كالأعصار وصرخ فينا بسباب:
-ماذا تفعلان؟
واجتذبني بعيدا عنها وراح يكيل لها الصفعات وأنا متجمد في مكاني لا أستطيع الحركة أو الدفاع عنها. كل ما تمكنت من فعله هو ارتداء ملابسي، بينما كان أبي يضربها كان يقول لها:
-فاجرة ومتبجحة وبعد أن كنتي في فراشي تزحفين على فراش ولدي لتفسديه؟ لن أتركك تعيشين في هذه القرية لحظة واحدة، اجمعي ملابسك حالا
وجذبها من شعرها خارج غرفتي وهي تصرخ وترجو عفوه بلا فائدة حتى استيقظ كل من في البيت على صوته فأمر أحد الخدم أن يلقيها خارج القرية وأقسم إن رآها ليقتلنها ويشرد أهلها
دخلت غرفتي وأغلقت بابها وجلست على سريري وأنا لا أعلم ما سر غضبه، هل هو لأني على علاقة بالخادمة؟ أم لأني أقمت علاقة أصلاً؟ فإن كان ذلك ما أغضبه فقد فعل مثلي فلم الغضب؟ كان دائما يريدني رجلاً قوياً والآن غضب عندما بدأت أمارس رجولتي حسب تعريف مجتمعنا فما هو المطلوب مني؟ أن أعيش عفيفا وسط سخرية الجميع واتهامهم لي في رجولتي؟ أم أن أفعل ما أشاء وأثبت لهم أني رجل؟!
كنت حائرا وليس لي صديق أو قريب يدلني.
بينما أنا غارق في أفكاري دخل والدي كالإعصار مرة أخرى وجذبني من ياقة قميصي بكل قوة وقال:
-تلك النجاسة لن تتكرر مرة أخرى وإلا سترى مني وجه لا ترغبه، ركز في دروسك وتفوقك فقط أما عالم النساء وأوحاله فابتعد عنها الآن، وإياك أن تتورط مع أية فتاة حتى لو في قصة حب بريئة، مازال الوقت مبكراً على ذلك، هل تفهمني؟
اومأت بنعم وأنا أرتجف من عنفه وقسوته فقال بحدة:
-قل الحقيقة ولا تكذب هل أنت من سعيت خلفها أم هي؟
فقلت وأنا أرتجف خوفا:
-هي التي كانت تلاحقني دائما وتعرض نفسها علي
فأطلق سبة نابية ثم قال:
-كانت ستورطك وتطلب أن تتزوجها يا غبي، إنها عاهرة تبيع شرفها مقابل المال وتبحث عن غبي مثلك ليتزوجها ويمنحها مكانة اجتماعية واحتراما بين الناس ثم تخونك وتلوث سمعتك، عاهرة كغيرها من النساء ،كأمك ومربيتك وكل النساء لا يعرفن الحب والوفاء لا يعرفن سوى الجنس والمال، لذا ابتعد عن النساء حتى لا يفسدن حياتك.
تركني وخرج وأغلق باب غرفتي بعد أن صور لي كل النساء وكأنهن شياطين ،لكن كنت أرغب في سؤاله مادامت النساء شياطين لم يسعَ دائما خلفهن؟ حتى زهرة الخادمة أقام معها علاقة ، لم يبيح ذلك لنفسه ويحرمه علي؟ كادت الحيرة أن تفتك برأسي بدون أن أجد من ينتشلني من أعماقها.
انشغلت بدراستي لكني لم أنس َ تجربتي مع زهرة ولا ما قاله لي أبي لقد رسم لي حياتي وفقا لرؤيته وتفكيري دون أن يترك لي حرية الاختيار كعادته.
أنهيت الثانوية العامة ودخلت الجامعة في القاهرة كانت صدمتي مزدوجة ،فلأول مرة أفارق بيتي وأحيا غريباً، وصدمتي الثانية كانت بسبب الاختلاط الرهيب بين الشباب والفتيات، بل وجرأة بعض الفتيات اللامتناهية ، فقد تذكرت زهرة فقد كانت لها نفس نظراتهن الجريئة المتفحصة ونفس الجرأة في الكلام والتلامس، مما زاد شعوري بالنفور والغثيان ، هل رأي أبي صحيح و بداخل كل أنثى عاهرة تنتظر الفرصة المناسبة للانحراف؟
انشغلت بدراستي وتفوقي عن مصادقة الفتيات كباقي الشباب، لكن لفت نظري منافستي في التفوق مي تلك الفتاة ذات البشرة الخمرية والعيون البندقية والشعر الأسود القصير الذي ينسدل بنعومة ويحيط بوجهها ورقبتها. لم تكن مي تتميز بتفوقها فقط ولكن بحياتها الاجتماعية الصاخبة فهي تمارس الإسكواش وبطلة الجامعة، كما أنها عضو في إحدى الأسر الجامعية التي تنظم الندوات الثقافية والرحلات ومعارض الملابس للفقراء، كانت مزيجاً عجيباً لم أعرف مثلها من قبل، كنت مبهوراً بها وأتعجب من أين تجد الوقت والطاقة لكل ذلك، كما أنها كانت من أشهر فتيات الجامعة ووقع في غرامها الكثيرون وبالطبع كنت أحدهم ،إلا أني حرصت ألا أظهر ذلك. كانت مي كالضوء الذي يجتذب الفراشات لتلقى حتفها في سبيل الوصول إليها ،ويبدو أنها كانت تعلم ذلك وتستمتع به ، بدأت هي التقرب مني حيث أني كنت الوحيد بين الطلبة الذي لم أسعَ خلفها أو أغازلها. كان أول تعارف بيننا بحجة استعارة دفتر محاضراتي لنقل ما فاتها ،ثم طلبت مني شرح مالم تفهمه ،ثم تطورت العلاقة لزمالة يحسدني الكثيرون عليها ، فحرصت أن تظل علاقتنا في إطار الزمالة حتى لا أخسرها ومع الوقت أستطيع كسب قلبها.
كنت أظن أن العلاقة بيننا تتوطد حتى أصبحت قصة حب الكل يتحاكى بها وهي لم تنفها ولم تؤكدها ،إنما كنا معاً دائما حتى السنة النهائية من الكلية وفي نهاية الامتحانات قررت أن أفاتحها في رغبتي بالزواج منها ففوجئت بها تقول لي:
-أنت لست أكثر من زميل كغيرك من الزملاء ولم ولن أفكر يوما في الزواج منك فأنت لست مناسباً لي فأنت خجول ومتردد وبدون غضب ضعيف الشخصية وأنا أحلم برجل قوي الشخصية مغامر طموحه بلا حدود ويحبني بجنون.
كانت كلماتها بمثابة الصفعة وقد علمت فيما بعد أنها خُطبت لأحد المعيدين في الكلية وكانت تستخدمني كوسيلة لإثارة غيرته وبالفعل نجحت في ذلك ولم تبالِ بقلبي الذي داسته بقدميها وحطمته فالمهم أنها وصلت إلى هدفها. دمرني كذبها وخداعها واستخدامي كوسيلة لتحقيق أهدافها ،كنت أحلم بالحب والسعادة معها لكنها أكدت لي نظرية أبي أن النساء ماهن إلا عاهرات. قررت أن أعتزلهن جميعاً لكن أبي لم يترك لي الفرصة فبمجرد تخرجي أصر على زواجي من سهيلة ابنة عمي حتى أنجب له الحفيد الذي يحمل اسم العائلة. حاولت كثيرا الاعتراض لكنه لم يقبل وأصر على زواجي رغماً عني من أكثر فتاة أكرهها في العالم فقد كانت دائمة السخرية مني وتراني لست رجلاً وأني ضعيف الشخصية وكانت تسميني دمية أبي. حاولت أن أقنعه أن أتزوج أية فتاة سواها لكنه أصر فكانت النتيجة كارثية ، فلم تكن لي أية رغبة بها ولم أستطع الاقتراب منها بسبب كرهي لها بالإضافة لكرهي لجنس النساء. استمر زواجنا لمدة عام وكان مأساة فلم أستطع إقامة علاقة معها إلا مرات معدودة وكانت بعدها تسخر مني وتبدي عدم رضاها عن تلك العلاقة وفي أخر مرة لم أستطع تمالك نفسي فانهلت عليها ضربا حتى كسرت يدها فأصر عمي على تطليقها مني ولم أسلم من لسانها واتهامها لي بالعجز الجنسي مما دفع والدي للإسراع بزواجي مرة أخرى ليدحض كل تلك الشائعات وهو لا يعرف أنها حقيقة وأني عاجز عن معاشرة أية امرأة.