arhery heros center logo v2

           من منصة تاميكوم 

آخر المواضيع

  • أنواع النكاح في الجاهلية | 21-07-2024
  • المطبات الجوية و أنواعها | 11-07-2024
  • أنواع و وظيفة المراقبين الجويين للطائرات | 26-06-2024
  • كيف يتفادى الطيار المُقاتل الصواريخ جو/جو ؟؟!! | 24-06-2024
  • الحب يروي الحياة .. قصص حب | 17-06-2024
  • الفرق بين ليلة القدر ويوم عرفه؟ ! | 14-06-2024
  • معنى : "الآشيه معدن"  | 13-06-2024
  • الإعجاز في "فَالْتَقَمَهُ الحوت" .. و النظام الغذائي للحوت الأزرق | 21-05-2024
  • إعجاز (لنتوفينك) في القرآن .. هل هو صدفة ؟! | 19-05-2024
  • من قصيدة: شرايين تاجية | 15-05-2024
  • معجزة بصمة كل سورة في القرآن الكريم | 12-05-2024
  • كفكف دموعك وانسحب يا عنترة | 08-05-2024
  • الفارق بين الطيار المدني و الطيار الحربي | 02-05-2024
  • لماذا لا تسقط الطائرة أثناء الإقلاع ؟ | 21-04-2024
  • الجذور التاريخية لبعض الأطعمة المصرية....لقمة القاضي إنموذجاً | 25-03-2024
  • قصة مثل ... الكلاب تعوي والقافلة تسير | 25-03-2024
  • من هم الأساطير و من هو الأسطورة ؟ | 23-03-2024
  • قوانين العقل الباطن | 21-03-2024
  • نبذة عن مكابح الطائرة بوينج 787 | 20-03-2024
  • كيف تمنع ظهور محتوى اباحي و جنسي حساس 18+ على الفيسبوك بسهولة | 08-03-2024
  1. الرئيسية
  2. بريد الجمعة
  3. بريد الجمعة يكتبه: أحمد البرى .. كلمة شرف !

 

أنا سيدة بلغت سن الخمسين منذ شهور ، ومررت برحلة طويلة من الكفاح والنجاح، والسعادة والحزن، وواجهت المصاعب التى اعترضتنى بعزيمة وإصرار ، وتحقق لى ما أردته من نعيم، وأوجه الحياة المرهفة، لكنى بعد كل هذا العمر وجدتنى فى موقف صعب احترت كثيرا فى الوصول إلى وسيلة للتغلب عليه واستعادة الهدوء الذى افتقدته بسبب سوء تصرفي، وعدم حسابى الأمور على النحو الذى اعتدته من الكياسة والفطنة والدقة.

 

ودعنى أروى لك قصتى منذ البداية، فلقد نشأت فى أسرة ثرية من وسط راق، وجمعتنى صداقة قوية بزميلة لى من الوسط الاجتماعى نفسه منذ الصبا، وظللنا ندرس معا حتى المرحلة الثانوية، ثم التحقت هى بكلية غير الكلية التى أدرس بها فى الجامعة نفسها، وأخذت كل منا منحنى مختلفا عن الأخري، وفى أثناء الدراسة لم أستجب لعلاقات الشباب الذين حاولوا الاقتراب مني، وعاملتهم جميعا بحزم، ولم أسمح لأى منهم بالحديث معى فى أى أمور شخصية، أو التمادى فى الكلام عن الحب والزواج، فحافظت على مسافة بيننا فى حدود الزمالة، وبعد تخرجى طرق بابى شاب من أسرة عريقة، وابن رجل أعمال شهير وأقبلت على حياتى معه بكل حب، وقفلت قلبى عليه، وطفت معه الكثير من دول العالم بحكم عمله الذى يتطلب السفر الدائم، وأنجبت ولدا، ثم حملت فى بنت بعد عام واحد، وتعرضت فى حملها لمتاعب جمة، وتنقلت بين عيادات الأطباء بحثا عن دواء لآلامى الرهيبة، وانتهى بى المطاف عند طبيب شهير، واقتضت مراحل العلاج أن أزوره فى فترات منتظمة، وخلال تلك الزيارات العلاجية تطرق حديثنا إلى بعض الأمور العائلية، وقال لى إنه متزوج ولديه ثلاثة أولاد، وأن زوجته فلانة بنت فلان وكانت المفاجأة أنها صديقتى القديمة التى لم أرها منذ سنوات طويلة، فعقدت الدهشة لساني، ولم أبد اهتماما بما قاله، وأسرعت بالخروج، وكان واضحا علىّ الارتباك، ولاحظ هو ذلك، لكنه لم يعلق بأى كلمة، ونظرت إلىّ سكرتيرته نظرة لها معني، وكأنها تسألنى «ما الذى بينك وبين الدكتور»، وفى الزيارة التالية وجدت وجهها متغيرا، ولم تقابلنى بنفس الحماس والترحاب الذى كانت تلقانى به من قبل، وراودنى إحساس بأن شيئا ما قد حدث، وأن هناك مالا أعرفه عن صديقتى القديمة، وزيارة تلو الزيارة أدركت أنها تعلم أننى أتردد على العيادة كثيرا، وأن السكرتيرة تخبرها بما يدور بين زوجها ومرضاه خصوصا من النساء اللاتى يترددن عليه طلبا للمشورة الطبية، ومن تلاحظ اهتمامه بهن، وبعد عدة أشهر جاءت هى إلى العيادة ، فور علمها بوجودي، ووجهت لى كلاما شديد اللهجة، وطلبت منى أن أبحث عن طبيب آخر لعرض نفسى عليه، فصرخت فيها بأننى سيدة متزوجة، ومن العيب أن تتهمنى بأى اتهامات باطلة، وسمع زوجها المشاجرة، فخرج من حجرة الكشف، وصاح فى زوجته طالبا منها أن تتوقف عن هذا الكلام الجارح، وكان موقفا صعبا أمام المرضى الذين اندهشوا لما يحدث أمامهم، بل وغادر بعضهم العيادة دون كشف، بينما هدأنى الطبيب، وتابع حالتى الصحية، ثم خرجت من العيادة وأنا فى حالة ذهول. ومضت أسابيع كالدهر، وتجنبت تماما الحديث مع أحد عن هذا الطبيب وزرت طبيبا آخر، وظللت أتابع معه تطورات حملى إلى أن وضعت طفلتي، وبعدها وجدته هو الذى يتصل بي، ويسألنى عن أخبار الحمل فأبلغته بأننى رزقت ببنت، فطلب أن يرانى لكى يوقع الكشف الطبى على ابنتى ويطمئن على صحتها، وانتهت المكالمة عند هذا الحد دون أن يفاتحنى فى أى شيء يخص حياته، ولما ذهبت إليه أحسست من الوهلة الأولى بأن تغيرا ما قد طرأ على حياته ولم يُطل التفكير فيما أراد أن يخبرنى به، وإنما تكلم بشكل مباشر بأنه طلق زوجته بعد أن أحالت حياته إلى نكد دائم إذ تشك بأن بيننا علاقة، ثم راح يبثنى حبه، ويقول لى إنه بصراحة احبنى منذ أول مرة زرت فيها العيادة، وقد أثرت كلماته فىّ وملكت قلبي، ولكنى تماسكت وقلت له إننى سيدة متزوجة، وما كان لى أن أقع فى الخطيئة وتعجلت الخروج من العيادة وعدت إلى منزلي، وقد حدث تحول كبير داخلي، وبدأت حياتى تأخذ منحى آخر، إذ لا أنكر أننى أحببته، ولكن لم يكن بذهنى ولو مجرد التفكير فى أن أهدم بيتى من أجله.

 

كانت هذه هى حالي، أما مطلقته، فأرادت أن تحيل حياتى إلى عذاب، فأوعزت إلى بعض معارفها أن يقوموا بتوصيل معلومات مغلوطة إلى زوجى عن علاقتى بزوجها السابق، وأنه طلقها من أجلى، ووصل الخبر إلى زوجى فثار ضدى ثورة عارمة، وأصيب بأزمة قلبية توفى على أثرها، وأمضيت شهورا قابعة فى المنزل لا أغادره، وزارنى العديد من الأطباء النفسيين بعد أن عجزت عن الوقوف على قدمىّ من هول الصدمة، وعلم مطلق صديقتى القديمة بما حدث، فاتصل بى ورجانى أن أزوره فى عيادته، لأنه لا يستطيع أن يأتى إلىّ، وهو شخصية معروفة، وسوف تزيد الأقاويل فى حقنا، عندما يراه الجيران فى منزلي، فيسيئون إلى سمعتنا مع أننا لم نرتكب إثما ولا جريرة، ومع إلحاحه ذهبت إليه، وكلى يأس من الحياة، فقال لى إنه يحبنى ويريد أن يتزوجني، وأن ابنى وابنتى سوف يعيشان معنا وسوف يعتبرهما ابنيه بعد أن حرمته مطلقته من أولاده، وتزوجت بآخر، وشاورت أهلى فى الأمر، فوافقوا عليه، وانتقلنا إلى بيته، وبالفعل وجدته كما قال أبا لابنىّ، وزوجا مخلصا لي، ولا أبالغ إذا قلت لك أننى أنزلت «ستائر النسيان» على الماضى بكل ما فيه، وأقبلت على حياتى الجديدة بكل حب، وتفانيت فى إرضائه، وكبر ابناى معه، ولم يعرفا أبا سواه.. صحيح أن إرثهما من أبيهما رحمه الله كبير، وهو موجود تحت الوصاية الحسبية. لكن المصاريف الشهرية المقررة لهما تكفيهما وتزيد، وقد ركزت حياتى فى بيتي، ولم ألتحق بأى عمل، أما هو فقد قسّم وقته بين العيادة والمنزل، وحرصت على متابعة ابنىّ، والخروج معا فى نزهات أسبوعية، وقد أحباه كثيرا، ووجدا فيه تعويضا عن أهلهما الذين قاطعونا، ولم تعد تربطنا بهم أى صلة، أما مطلقته التى تزوجت بآخر، فلم تنجح حياتها وانفصلت عن زوجها، وهى تعيش مع أولادها فى الشقة الفخمة التى كانت عش الزوجية مع زوجها الأول، فى حى راق لا يبعد كثيرا عن الحى الذى نقطن به، فزوجى لم يتخل عن أولاده ويلتقى بهم باستمرار فى النادى العريق الذى يشترك فيه.

 

وقد شغلت وقتى فى أعمال اجتماعية وأنشطة خيرية، وتعرفت على العديد من رجال الأعمال، وفى أحد اللقاءات حدثنى أحدهم عن أنه يفكر فى إقامة شركة سياحة، وعرض علىّ أن أشاركه فيها، وفكرت فى الأمر، وسألت نفسي: لم لا أخوض هذه التجربة، وكان المبلغ المطلوب للمشاركة فيها يقترب من ربع مليون جنيه، وبحسبة بسيطة وفقا لما قاله شريكى المنتظر وقتها، وبقراءة لمعطيات السوق. فسوف أسترد رأس المال بالكامل خلال عام واحد، فالأوضاع الاقتصادية وقتها كانت تشهد انتعاشا ملحوظا، وحدثت زوجى فى الأمر، وطلبت منه المبلغ على سبيل القرض على أن أسدده له بعد عام واحد، فأعطانى إياه، وسلمته إلى شريكي، ولم آخذ منه أى مستندات بالمبلغ، واعتبرت اتفاقنا «كلمة شرف» ولم تمر أسابيع حتى اندلعت ثورة الخامس والعشرين من يناير، وانقلبت الأوضاع رأسا على عقب، واختفى شريكى تماما، ثم تبين أنه تم القبض عليه بتهم عديدة، إذ أسس شركات وهمية للسياحة والتجارة وتوظيف الأموال، ولم أستطع أن أثبت حقى لديه، وعلم زوجى بما حدث. فلم ينطق ببنت شفة، والتزم الصمت، ولم يعد يتحدث معي، أو يقترب مني، ولما ألححت عليه بأن يفضفض لى عما بداخله، طلب منى أن أرد إليه المبلغ الكبير الذى أخذته منه، بعد أن حل موعد سداده، وحاولت أن آخذ قرضا من أى بنك بأى ضمانات، لكنى لم أتمكن من الحصول عليه، ثم كانت المفاجأة الجديدة أنه ألمح لى بأن أسدد له المبلغ من ميراث ابنى عن أبيه بعد رفع الوصاية عليه خلال الأسابيع المقبلة وهذا بالطبع مستحيل، إذ لا يمكن بأى حال من الأحوال أن أطلب ذلك من ابني، فهو لا يملك شيئا غير أرثه، كما أنه شاب لم يبدأ حياته بعد، والمبلغ الذى أخذته من زوجى شأن خاص بيننا ولا دخل لابنى فيه.

 

لقد تبدلت أحوالنا، وخيّم الحزن على بيتنا بسبب هذا المبلغ الذى لا يساوى فى ثروته شيئا، لكنه دائم السرحان، ولم تعد علاقته بابنىّ كما كانت من قبل، وهو الذى رباهما، وعاشا معه أسعد لحظات حياتهما، ووجدتنى معه إنسانة لا تعرف سوى الحب والإيثار، والإخلاص لكل من حولها.. إننى أحاسب نفسى دائما على ما أمر به من مواقف، وما أتخذه من قرارات، وأحاول أن أستعيد الطريق الصحيح كلما وجدتنى أحيد عن جادة الصواب، لكنى هذه المرة عاجزة عن استعادة زوجى الذى لا يريد أن يتجاوز عن هذا الخطأ، وأؤكد لك أننى لا أتوقف عن بذل أقصى جهدى للحصول على عدة قروض ولو فى صورة دفعات صغيرة لكى أسدد له المبلغ الذى اقترضته منه، والمهم أن تعود البسمة إليه، وأن يلتئم شملنا من جديد، فأنا ليس لى غيره زوجا وحبيبا وليس لابنى سواه أبا حنونا عطوفا عوضهما عن أبيهما رحمه الله، وليس من السهل عليهما أن يفقداه وهو حى بيننا.. وأرجوك أن توجه إليه كلمة أو رجاء بأن نبدأ معا صفحة جديدة خالية من الشوائب، وأعده بأننا سوف نكون عند ظنه بنا، ولك التحية والسلام.

 

 ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

 

ليست الحالة التى عليها زوجك الآن وليدة عدم التزامك «بكلمة الشرف» التى قطعتيها على نفسك بسداد المبلغ الذى اقترضتيه منه بعد عام واحد فقط، وإنما أيضا نتيجة طبيعية لمحاسبته نفسه فى هذه المرحلة من العمر على ما جرى فى محطات حياته، من خلافات مع زوجته السابقة، وطلاقه لها، وانتقال أولاده للمعيشة معها حتى وهى فى كنف زوج آخر، فى الوقت الذى يربى فيه أبناء غيره حتى لو أن أمهم هى زوجته.

 

نعم يا سيدتي، هذه أمور عادية لمن مر بنفس تجربته، وربما لو أن ابنيك لم يتربيا معك لصرت الى الحال نفسها، وليس معنى ذلك أننى أغفل الجوانب الأخرى المتعلقة بماله، فمن يدريك أنه يشك أيضا فى حكاية شريكك «النصاب» الذى تتحدثين عنه، وأن الأمر برمته ليس سوى رواية صنعتيها لكى تأخذى منه هذا المبلغ وهو لا يساوى شيئا فى ثروته الضخمة، لكنه يمثل بالنسبة له حالة طمع فى ماله من أقرب الناس إليه، واذا كان قد ألمح لك بأن تأخذى من ميراث ابنك وتعطيه ما اقترضتيه منه، فهو مخطئ تماما، ويجب ألا تفعلى ذلك، وما أظن أن ابنك نفسه سوف يطاوعك فيصبح خالى الوفاض، ولا يستطيع مواجهة الحياة، وهو لا يملك سوى هذا الميراث.

 

والحقيقة أن هذا الطبيب أخطأ منذ البداية، وقد جاريتيه فى هذا الخطأ عندما سمحتما لنفسيكما بالحديث فى أمور شخصية وعائلية، وهو مرتبط بزوجة أخري، وأنت مرتبطة بزوج آخر، ولقد جر عليكما ذلك المتاعب التى توالت على الجانبين حتى الآن، حيث إنه فعل ما فعل واختلق المشكلات مع زوجته، مع أنه لا ينكر عليها خلقا ولا دينا ولم تذكرى عنها فعلا مشينا أو خطأ يبرر انفصاله عنها، وكذلك فعلت أنت باعترافك أنك أحسست بالميل إليه وقتها، كيف ذلك وأنت على ذمة رجل آخر، ألا تدركين أن «الإثم هو ما حاك فى صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس»؟ هذا بالضبط هو لسان حالك مع طبيبك الخاص قبل أن تتسببى فى الاطاحة بزوجته وتحتلى مكانها، وأعتقد أن زوجك على حالته الراهنة، وكذلك أنت تستعيدان أخطاءكما وتندمان عليها، وأتذكر هنا قول عالم النفس وليم جيمس «إن الله يغفر لنا أخطاءنا، لكن جهازنا العصبى لا يغفرها أبدا»، فحالكما معا تؤكد هذا القول البليغ، إذ استسلم زوجك للاكتئاب والإحباط، وهو يجلس وحيدا على أريكته بعد عودته من عيادته يسترجع الماضي، ويشعر بأنه وصل الى طريق مسدود، وهذا الإحساس القاتل لا تشفيه كنوز الدنيا كلها، فلا علاج للقلق من هذا النوع، ولا للخوف عندما يتجاوز حدوده الطبيعية، ومن هذا المنطق أراه خائفا من المستقبل عندما يخلو البيت ممن فيه بزواج ابنيك، وعدم استطاعته التواصل الطبيعى مع أولاده الذين قصّر فى حقهم كثيرا، فالتربية ليست أموالا يتم ضخها الى الأبناء، وإنما هى نوع من الألفة والمودة والشدة أحيانا حتى ينشأوا نشأة سوية، وهو ما حرم منه بتطليقه زوجته التى كنت أنت السبب المباشر فى طلاقها باقترابك غير المبرر من هذا الطبيب ولم يكن ترددك الدائم عليه سوى اعجاب به، وليس طلبا للعلاج فقط كما تقولين.

 

وربما يكون أيضا وهو على هذه الحال قد تذكر اغواءك له، بعد أن لسعه الألم منك فبات يردد مع الشاعر قوله:

 

تجرى الأمور وما للمرء معتبر

 

حتى تحل به فى نفسه العبر

 

كل ذلك وارد ياسيدتي، ولكن يبقى أن يتعلم الإنسان ويكيف نفسه على الواقع، وليعلم أن قسوته عليك حتى وإن أخطأت سوف تقتل بذور الحب بداخلك، وبالتالى سوف تجف أزهاره وتتساقط، وتبقى المرارة وحدها مترسبة فى القلب، أما لو تجاوز عن الخطأ الذى وقعت فيه، وقبل بحل وسط كالذى تعرضينه بتسديد المبلغ إليه على أقساط، فإن ذلك سوف يساعد على إنماء بذور الحب من جديد، وتتفتح أزهاره وتنثر أريجها الفواح فى أرجاء البيت.

 

إن الأموال والكنوز لا تصنع السعادة أبدا، فراحة البال والطمأنينة أهم كنز يمكن أن يملكه الإنسان، وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من بات آمنا فى سربه، معافى فى بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، وقد وجه الحق تبارك وتعالي، حديثه إلى رسوله الكريم قائلا: «وأتممت عليكم نعمتي» فأى نعمة تمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.. أهى الأموال؟.. أم القصور والذهب والفضة وهو لم يملك من ذلك شيئا؟.. إنها نعمة الإيمان والقناعة والرضا، فالرسول كان ينام فى غرفة من الطين وسقفها من جريد النخل، ورهن درعه عند يهودى فى ثلاثين صاعا من الشعير، وقال فيه الشاعر:

 

مت ودرعك مرهون على شظف

 

من الشعير وأبقى رهنك الأجل

 

لأن فيك معانى اليتم أعذبه

 

حتى دعيت أبا الأيتام يا بطل

 

وقال تعالى موجها حديثه إليه فى موضع آخر «وللآخرة خير لك من الأولي، ولسوف يعطيك ربك فترضي».

 

هذه هى السعادة الحقيقية التى ينبغى أن ننشدها جميعا فنحيا بقلوب مطمئنة عامرة بالإيمان، وبالقناعة التى هى كنز لا يفني، ولن يشقى زوجك اذا لم تردى إليه المبلغ الذى اقترضتيه منه، فليرض بعرضك تقسيطه على مراحل حينما يتيسر الأمر لك، أو أن يتجاوز عنه، ويسدل ستائر النسيان على الماضي، وليحاول ضم أولاده إليه أو على الأقل يبنى جسور الصلة معهم، وأسأل الله لكم السعادة، وأن تواصلوا الإبحار بأمان فى نهر الحياة.

لا تعليقات