رحلة عبر الزمن
يُعدّ الفساد ظاهرة قديمة رافقت الحضارة المصرية منذ عصورها الأولى، وتنوعت أشكاله ومستوياته عبر العصور. ففي العصور القديمة ظهر الفساد الإداري في عهد الفراعنة، وقد تمثل ذلك في استغلال بعض المسؤولين لمناصبهم خاصة الكهنة لتحقيق مكاسب شخصية، كما حدثت حالات اختلاس للأموال العامة. وكان أبرزها الفساد الديني حيث شهدت بعض الفترات استغلالًا للسلطة الدينية لتحقيق مصالح مادية، كما ظهرت حالات بيع وشراء المناصب الدينية. بينما في العصور الوسطى تفاقم الفساد السياسي خلال هذه الحقبة، وقد تمثل ذلك في صراعات على السلطة ورشاوي وتعيينات غير عادلة. أما الفساد المالي فقد ازدادت حالات اختلاس الأموال العامة وفرض الضرائب الباهظة على المواطنين.
العصر الحديث:
• الفساد في عهد محمد علي: عانى عهد محمد علي من الفساد في بعض المجالات، مثل الرشاوى واختلاس الأموال العامة.
• الفساد في عهد الخديوية: ازدادت حدة الفساد في عهد الخديوية، تمثل ذلك في سيطرة بعض الأسر على مقدرات البلاد واستغلالها لمصالحها الخاصة.
• الفساد في عهد الملكية: شهد عهد الملكية المصرية تفاقمًا في الفساد، تمثل ذلك في صفقات مشبوهة ورشاوي واختلاسات واسعة النطاق حتي الألقاب الوهمية كانت تباع وتشتري والخدمة في صفوف الجيش كانوا يهربون منها بالرشاوي والجباية تحت مسمي البدلية .
• أما في عهد عبد الناصر: فقد عمل عبد الناصر على مكافحة الفساد، لكنه لم ينجح في القضاء عليه بشكل كامل رغم أنه قد تراجع بشكل كبير .
• الفساد في عهد السادات: شهد عهد السادات عودة ظهور الفساد واستفحال أمره ، وقد تمثل ذلك في صفقات مشبوهة ورشاوي واستغلال للنفوذ. في التجارة والصناعة وحتي في البرلمان فقد تعارف الجميع علي أن التمثيل في المجالس النيابية كان برشاوي كبيرة تدفع لمسئول التنظيم في الحزب الحاكم .
• الفساد في عهد مبارك: اتسم عهد مبارك بانتشار الفساد بشكل كبير، شمل ذلك مختلف المجالات السياسية والمالية والإدارية.
• الفساد بعد ثورة 2011: شهدت مصر بعد ثورة يناير 2011 بعض التطورات في مكافحة الفساد، لكنه لا يزال ظاهرة موجودة. بل استفحل أمره وانتشر في مختلف الدواوين تحت مسميات مختلفة في مجالات المقاولات والحصص الاستيرادية واحتكار السلع
جهود مكافحة الفساد:
• الإطار القانوني: توجد في مصر قوانين لمكافحة الفساد، لكن تطبيقها يواجه بعض التحديات.
• المؤسسات الرقابية: توجد في مصر مؤسسات رقابية معنية بمكافحة الفساد، مثل الجهاز المركزي للمحاسبات والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة . ولكنها لم تفلح جميعها في الحد من مظاهر الفساد والجباية
• المجتمع المدني: يلعب المجتمع المدني دورًا هامًا في مكافحة الفساد من خلال التوعية والمراقبة والضغط على الحكومة. إلا أن بعض مؤسسات المجتمع المدني ذاتها ضارت قناعا يتستر خلفه اكبر عناصر الفساد في مجالات تهريب الأثار وتجارة المخدرات والسلاح وغير ذلك
التأثيرات السلبية للفساد:
• الآثار الاقتصادية: يؤدي الفساد إلى هروب الاستثمارات وتراجع النمو الاقتصادي وزيادة البطالة.
• الآثار الاجتماعية: يُساهم الفساد في تفاقم الفقر وعدم المساواة الاجتماعية وتشويه القيم والمبادئ.
• الآثار السياسية: يُهدد الفساد الاستقرار السياسي ويقوض الثقة في الحكومة والمؤسسات.
مستقبل مكافحة الفساد في مصر:
• تعزيز الإرادة السياسية: تتطلب مكافحة الفساد إرادة سياسية قوية من قبل الحكومة.
• تحسين الشفافية: تُعدّ الشفافية ضرورية لمكافحة الفساد، وذلك من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات وتقديم الخدمات العامة بطريقة شفافة.
• مشاركة المجتمع المدني: يجب على المجتمع المدني أن يلعب دورًا أكثر فاعلية في مكافحة الفساد من خلال التوعية والمراقبة والضغط على الحكومة.
• تعزيز النزاهة القضائية: تُعدّ النزاهة القضائية ضرورية لضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومكافحة الفساد. إلا أن ذلك أيضا قد تم اختراقه وقد ظهرت بعض ملامحه في القضايا التي أدين فيها بعض القضاة في تهريب المخدرات أو بيع القضايا والرشوة .