تعتبر الخيانة من أخطر الآفات التي تؤثر على المجتمعات، وتاريخ الحكام العرب حافل بأمثلة عديدة على هذه الظاهرة. إن الحديث عن تاريخ الخيانة بين حكام العرب هو موضوع شائك ومعقد، يتطلب تحليلاً عميقاً للظروف التاريخية والاجتماعية والسياسية التي سادت في تلك العصور. ففي العصر الجاهلي كانت الخيانات ترتبط بالقبائل والعشائر ومن أمثلتها خيانة عمرو بن هشام لأخيه الحارث.
وفي العصر الإسلامي كانت الخيانات مرتبطة بالصراعات على الخلافة والسلطة الدينية مثل مقتل عثمان بن عفان وخروج علي بن أبي طالب. وفي العصر العباسي مؤامرة بني العباس على بني أمية.
وللخيانة أسباب كثيرة في دوائر الحكم علي مر التاريخ منها محاولة الحفاظ على السلطة حيث يلجأ بعض الحكام إلى خيانة أقرانهم للحفاظ على عروشهم أو توسيع نفوذهم حتى لو تطلب الأمر التعاون مع الأعداء. ومنها المصالح الشخصية التي قد تدفع بعض الحكام إلى الخيانة مثل الثراء الفاحش أو تحقيق مكاسب سياسية شخصية.
وضعف وانقسام الدول قد يؤدي إلى ظهور الفرص للخيانة والتآمر طمعا في السلطة ومحاولة القفر علي كراسي الحكم كما وأن مؤامرات الدول الأخري والتأثيرات الخارجية قد تؤثر في قرارات الحكام بتدخلات القوى الخارجية مما قد يدفعهم إلى اتخاذ قرارات تضر بمصالح بلادهم .
وهناك أمثلة تاريخية كثيرة تؤيد ذلك فقد شهد العصر العباسي العديد من المؤامرات والخيانات التي أدت في نهاية الأمر إلى سقوط الخلافة العباسية وإبان الحروب الصليبية تعاون بعض الحكام العرب مع الصليبيين ضد المسلمين، مما أدى إلى خسارة أراضٍ واسعة وسقوط المسجد الأقصي في أيدي الفرنجة.
وفي العصر الحديث شهد هذا العصر العديد من الخيانات مثل التعاون مع الاستعمار وتقسيم الدول العربية. مابين الدول الاستعمارية البريطانية والفرنسية وحتي البرتغالية والبلجيكية . حيث أدي سقوط الدول بفعل الخيانة إلى سقوط العديد من الدول العربية، وتقسيمها إلى دويلات صغيرة مما أدي إلي ضعف الأمة العربية وتشتيتها وقد انعكس ذلك كله علي فقدان الثقة بسبب الخيانة بين الحكام والشعوب.
الذين سارع بعضهم علي الانخراط في أحلاف دولية استعمارية مثل حلف بغداد وحلف الاطلنطي أو الدوران في فلك استراتيجيات أيديولوجية تابعة لدول المعسكر الشرقي والشيوعية العالمية
وإن كان للتعميم محاذيره وأخطاؤه لذا وجب الحذر من تعميم هذه الظاهرة على جميع الحكام العرب، فهناك العديد منهم الذين ضحوا بأنفسهم من أجل أوطانهم وأمتهم
ونصل إلي الأحداث علي الساحة العربية الأخيرة التي شهدت كثيرا من الخيانات والجاسوسية لحساب العدو الصهيوني وداعميه من الغرب والأمريكان مما أدي إلي تمزق دول عربية كثيرة وانهيار قواها العسكرية والاقتصادية مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان والصومال كما أدث هذه الخيانات إلي مصرع كثير من الزعماء والأعلام مثل صدام حسين والقذافي وعمر البشير وأخيرا الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية وحسن نصر الله وكثير من قيادات حزبه وقيادات حماس بفعل خيانة أقرانهم لهم من بين صفوفهم لصالح أعداء الأمة العربية والإسلامية .
ولنصل إلي تلك الآثار المدمرة التي تسببت فيها خيانات الحكام العرب على المجتمعات والأمم حيث أدت إلى الضعف والتشرذم وتفكك الوحدة الوطنية وتقسيم الدول وضياع الانتماء القومي والوطني لدي الأفراد كما أدث إلي كثير من الفوضى والاضطرابات وانتشار الصراعات الداخلية والحروب الأهلية والتبعية وسقوط الدول تحت سيطرة القوى الأجنبية. وبالتالي فقدان الثقة وتآكلها بين الحاكم والمحكوم. وقد تجلت هذه الخيانات بفعل التحالفات السرية وعقد الصفقات مع الأعداء ونشر الإشاعات والافتراءات بغرض تشويه سمعة بعضهم البعض وانتشار الرشوة والابتزاز واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية.
وفي العصر الحديث: كانت الخيانات مرتبطة بالاستعمار والتدخلات الخارجية. والأيديولوجيات السائدة عبر العصور، مما أثر على الدوافع والأهداف وراء الخيانات وأدي إلي التفريط في الأراضي بقبول اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الوطن العربي دون الرجوع إلى شعوبه والتعاون مع الاستعمار وقبول بعض الحكام بالحماية الأجنبية والتنازل عن جزء من سيادتهم واستغل أعداء الأمة تلك الصراعات الداخلية في إثارة الحروب الأهلية والصراعات الطائفية التي أدت إلى إضعاف الدول العربية عامة
وتراجع حضارتها وتوقف عجلة التقدم والتنمية.