الفلوس اللي معايا مكانتش كفاية، كنت عارف إنها مش هتوصَّلني للبنزينة اللي هستلم شغلي فيها، لكن الظروف اللي بمُر بيها خلَّتني أتجاوز أي عقبة، حتى لو هركب مواصلات باللي معايا وهكمل باقي الطريق على رجلي، وزي ما حسبتها بالظبط، الفلوس وصَّلتني للبلد اللي قبل كَفر الغُباشي اللي فيه البنزينة.
نزلت من العربية بعد ما سألت السواق أوصل كَفر الغُباشي إزاي، وعرفت منه إني لازم أركب مواصلة تانية، لأن لسَّه عليه خمسة كيلو، ولأن معادش معايا فلوس قررت آخد المسافة موتورجل، أخدت شنطتي على كتفي ومشيت، وبعد كام دقيقة سمعت صوت عربية جاية من ورايا، اتفاجئت إنها بتهدّي، كملت طريقي ومشغلتش بالي، لكن لقيت العربية ماشية جنبي، ولما بصيت ناحيتها لقيت شبّاكها بيتفتح، وساعتها شُفت راجل كبير في السن بيقول لي:
-أوصَّلك؟
حسيت إنه جالي نجدَة من السما، ما صدَّقت عرض عليا فقلت:
-يبقى كتَّر خيرك والله يا حاج.
حطيت الشنطة في الكرسي اللي ورا وركبت جنبه، وبمجرد ما العربية اتحرَّكت سألني:
-أنت رايح فين؟
-كَفر الغُباشي.
-رايح عند مين في كَفر الغُباشي؟
-مُش رايح عند حد، أنا رايح محطة البنزين اللي هناك.
بعدها بشوية وقف على جنب الطريق، وساعتها شاور ناحية الشباك اللي جنبي وقال:
-دَه كَفر الغُباشي، واللي هناك دي محطة البنزين.
شكرتُه ونزلت أخدت شنطتي، وقفت أبُص على الكَفر اللي كان بيني وبينه طريق صغيَّر؛ حوالي 500 متر، وفي نُص الطريق دَه محطة البنزين، رفعت الشنطة على كتفي ومشيت لحد ما وصلت المحطة، أول حاجة عملتها إني رُحت مكتب المدير، حطيت شنطتي قدام الباب ودخلت، لقيته قاعد على المكتب، وساعتها قُلت له:
-مساء الخير يا فندم، أنا رامي؛ المحاسب اللي جاي يمسك حسابات البنزينة.
-حمدالله على السلامة، كويس إن الإدارة استجابت بسرعة وبعتت لنا محاسب، من وقت ما المحاسب اللي فات سابنا فجأة والدنيا بايظة، أنا متفائل بِك إن شاء الله.
-ربنا يقدّرني وأكون عند حُسن الظن، لكن أنا لسَّه متعيّن جديد، يادوب اتدرَّبت أسبوع في الإدارة وجيت على هنا.
-كله حاجة هتيجي مع الوقت، ولو وقفت قدامك حاجة أنا موجود.
-متشكر جدًا يا فندم.
-في هنا أوضة كان ساكن فيها المحاسب اللي قبلك، أصل كان نفس حالتك كده، من مكان بعيد عن هنا.
بعدها نَدَه على واحد اسمه رشاد وقال لي:
-عم رشاد هيوصَّلك الأوضة، ومن بكره الصبح تستلم.
ساعتها دخل علينا راجل كبير في السن، أول ما شافني بَص لي وبعدها بص للمدير وقال:
-أأمرني يا أستاذ أسامة.
-عايزك توصل الأستاذ رامي الأوضة اللي كان ساكن فيها المحاسب.
معرفش ليه حسيت بتوتّر على وش عم رشاد، كان بينقل عينيه ما بيني وبين المدير وهو ساكت، وبعدها قال لي:
-اتفضل يا أستاذ.
قُمت معاه، ولما خرجت من المكتب سحبت شنطتي ورايا، مشيت معاه لحد ما دخلنا مبنى صغير، كان عبارة عن أوضتين فوق بعض، طلعنا سلم صغير للدور اللي فوق، لحد ما وقفنا قدام الباب، بعدها حط إيده في جيبه وطلَّع مفتاح وفتح الباب، ولاحظت إنه مدخلش الأوضة، كان واقف يبُص فيها من برَّه بطريقة غريبة، وعشان أخلص من الوقفة دي قُلت له:
-هي دي الأوضة يا عم رشاد؟
مجاوبش على سؤالي، لكنه ناولني المفتاح وهو بيهز راسه، مديت إيدي مسكت الشنطة ودخلت، ولما دخلت لاحظت إنه لسه واقف على الباب بيبُص عليا، ولما استغربت تصرُّفه سألته:
-محتاج حاجة يا عم رشاد؟
"لو سمعت حد بيكلِّمك بالليل في الأوضة مترُدِّش؛ أنت هتكون لوحدَك.. فاهم؛ لوحدك!".
قال كلامه الغريب دَه وسابني ونزل، وقفت محتار وأنا بقول: إيه اللي بيقوله الراجل المخبول دَه؟! من ساعة ما شُفته وهو غريب؛ وتصرُّفاته أغرب؛ ونظراته مُريبة، كبرت دماغي منه، قفلت الباب وفتحت النور وبدأت أبُص في الأوضة، كان فيها سرير صغيّر، ودولاب درفة واحدة، وترابيزة عليها تلفزيون قديم وجهاز رسيفر، حطيت شنطتي تحت السرير لحد ما أشوف هعمل إيه، وبعدها اتمددت على السرير؛ الإرهاق كان قاتلني وما صدَّقت أفرد ضهري، ساعتها سمعت صوت لفت نظري، قُمت من مكاني وركزت مع الصوت اللي كان جاي من ناحية شباك الأوضة، مشيت ناحية الشباك وفتحته، الليل كان قرَّب يدخل، ساعتها شُفت أرض بايرة ورا محطة البنزين، قُلت في بالي: دَه الفيو اللي هتمسّى بيه كل ليلة، لكن مُش مهم، أنا ما صدَّقت لقيت شُغل يسندني في الظروف اللي أنا فيها.
ملقتش سبب للصوت، قفلت الشباك وطفيت النور، قررت أنام عشان أقوم الصبح فايق؛ حطيت راسي على المخدة وغمضت عيني، ولما بدأت أروح في النوم؛ سمعت حد ماشي في الأوضة، صوت خطواته كان بيرن في وداني، رفعت راسي وبصيت حواليا، الضلمة مكانتش مخلياني أشوف كويس، لكن قدرت ألمح خيال أو ظِل بيتحرك، حاولت أقوم لكن حسّيت راسي تقيلة، كأن في حد بيقاومني وبيضغط عليها ينزّلها على المخدة غصب عني.
الإحساس اللي سيطر عليا كان أقوى مني، مقدرتش أرفع راسي من على المخدة، لكن كنت سامع وحاسس بكل حاجة، ومركّز مع الخطوات اللي كانت بتقرَّب مني، لحد ما بدأت أحِس بأنفاس بتخبط في وشّي ورقبتي، ساعتها بس حسيت إن في حد موجود معايا في الأوضة، واتأكدت من إحساسي لما سمعت صوت بيهمس في ودني:
"أنت جيت لي برجليك!".
بمجرد ما سمعت الكلام الغريب ده راسي تقلِت أكتر، وساعتها لقيت الضلمة اللي في الأوضة بتنكسر، شُفت نور بيظهر، لكنه مش نور اللمبة اللي طفيتها من شوية؛ ده نور أحمر كان بيخرج من أماكن في حيطان الأوضة، زي ما تكون اتشقَّقت وفي ضوء أحمر برَّه اتسلل جوّه، ولما الضوء الأحمر كسر الضلمة لمحت واحد في الأوضة، كان واقف وشّه لحيطة من الحيطان وبيكتب عليها.
حاولت أقاوِم الحالة اللي سيطرت عليا، لكن حسيت وكأن جسمي كيس رمل مليان مَيّه؛ مقدرتش أزحزح نفسي، فضلت مبحلق فيه لحد ما التفت ناحيتي، وساعتها قال:
"كلِّمني؛ أنت ليه مُش عاوز ترُد عليا؟".
مكنتش فاهم حاجة، ولا قادر أفسَّر الحالة اللي مسيطرة عليا، ولا فاهم مين الشخص دَه ولا عارف هو بيتكلم عن إيه، بس رن في وداني كلام عم رشاد، لما قال: "لو سمعت حد بيكلِّمك بالليل في الأوضة مترُدِّش؛ أنت هتكون لوحدَك.. فاهم؛ لوحدك!".
سمعت خبطة على باب الأوضة، ومعاها كل ده اختفى، الضوء الأحمر، والشقوق اللي في الحيطة، والشخص اللي مش عارف هو مين ولا دخل هنا إزاي، حتى الحالة اللي سيطرت عليا راحت لحالها، قُمت من السرير وفتحت الباب وأنا حاسس بخوف غريب، وساعتها لقيت عم رشاد قدامي، أول ما شُفته بَص في الأوضة وقال:
_ما تفتح النور يابني؛ أنت مضلّمها كده ليه؟!
مديت إيدي وفتحت النور، وبعدها قُلت له:
_اتفضل يا عم رشاد.
_يزيد فضلك يابني، أنا بس جاي أشقَّر عليك يمكن تكون محتاج حاجة.
_متحرمش منك يا راجل يا طيب.
_أنا داخل كفر الغُباشي وراجع تاني، مُش محتاج حاجة من هناك.
افتكرت إني جعان لكن فلوسي خلصانة، وعشان كِدَه قلت له:
_متشكر؛ أنا مش ناقصني حاجة.
ساعتها بَص لي وابتسم وقال:
_هجيب لَك سندوتشات ونبقى نتحاسب لما تقبض، أنا شُفتك نازل من عربية قدام البنزينة، وده معناه إن صاحبها شافك جاي مَشي على الطريق واتبرع يوصَّلك، وبكِدَه يبقى مفيش معاك فلوس وإلا كنت ركبت مواصلة.
من وقت ما شُفت عم رشاد وأنا فاكره مجنون بسبب نظراته الغريبة، واتأكدت من إحساسي لما قال لي الكلام الغريب قبل ما يسيبني وينزل، وبعدها حصل اللي حصل معايا في الأوضة، ودلوقت قدر يفهم ظروفي ويحللها من موقف شافه قدامه، ودَه معناه إنه مش مجنون.
لما شافني سرحان زقني في كتفي زقة خفيفة وقال:
_أنت لسّه هتفكر؟ زمانك على لحم بطنك وواقع من الجوع، وأنا متعوّد أعمل كده مع اللي يشتغل جديد هنا لحد ما يقبض، هتدفع متقلقش يعني ماليش جمايل عليك.
سابني ومشي بعد ما قال إنه مش هيتأخر.. دخلت وقفلت الباب، معرفش ليه رجعت أفكّر من تاني في اللي حصل معايا، وفي كلام عم رشاد الغريب وتصرفاته الغريبة، وأقارن بينه وبين كلامه اللي قاله من شوية، كل ده كان بيدور في دماغي وعيني بتلِف في الأوضة، لحد ما لقيتني مبحلق في الشباك، أخدت بعضي ورُحت فتحته، ووقفت بصيت على الأرض البايرة اللي ورا المحطة، وبرغم الضلمة قدرت ألمح أنقاض بيت مساحته صغيرة، وخمِّنت إنه اتهدم من فترة طويلة، لأن الأنقاض اللي باقية كانت قليلة.
بعدها سألت نفسي: هو أنا ليه حصل معايا دَه في الأوضة؟ ملقتش إجابة غير إن الأماكن المقفولة فترة طويلة بيكون جوَّها مش كويس، لحد ما تتفتح والحركة ترجع لها من تاني، وبعد شوية تفكير لقتني بلغي الإجابة اللي وصلت لها، لأن زي ما فهمت إن في حد كان عايش في الأوضة قبل منّي، يعني إجابتي وارد جدًا متكونش صح.
كبرت دماغي من الأرض البايرة واللي فيها، سيبت الشباك مفتوح ودخلت الأوضة، وبمجرد ما قعدت على السرير لقيت الشباك اترزع واتقفل من نفسه، برغم إن مفيش هوا شديد يأثر عليه ويقفله، ويادوب هقوم من السرير ولقيت النور انطفى من نفسه، الأوضة رجعت ضلمة من تاني، ولقيت حاجة بتشدّني للسرير، وإيد زي الجَمر بتضغط على كتافي وبتقيّد حركتي، ولقيت عيني بتبحلق في الحيطان الي بدأت تظهر فيها الشقوق من تاني ويدخل منها الضوء الأحمر، ولما الضوء كسر الضلمة شُفت نفس الشخص اللي كان واقف وبيكتب على الحيطة، ساعتها التفت ناحيتي وسألني:
"لسَّه مُش عاوز تتكلم معايا؟".
قالها وضحك ضحكة مخيفة، صوتها كان بيرن بين الحيطان، لكن الخبطة اللي سمعتها على الباب قطعت كل ده، الشخص ده اختفى؛ والشقوق اللي في الحيطة والضوء الأحمر اختفوا، حتى اللمبة نوَّرت تاني من نفسها، وساعتها اتفاجئت إن شباك الأوضة مفتوح، حسيت إن جسمي اتحرَّر، قُمت من مكاني وجريت ناحية الباب وفتحت، وساعتها لقيت عم رشاد في وشي، كان بيبتسم وهو بيمِد إيده بكيس فيه سندوتشات وبيقول:
-اتفضل السندوتشات يا أستاذ رامي.
بصيت حوالين منّي ولقيت كل حاجة طبيعية، مكانش عندي حاجة أقولها ولا في دليل على كلامي، المدخل الوحيد قدامي هو إني أسأله كان يقصد إيه بكلامه الغريب اللي قاله لما وصَّلني للأوضة، ساعتها أخدت منه السندوتشات وشكرتُه، وبعدها سألته:
-بالحق يا عم رشاد كنت عايز أسألك عن حاجة.
-عايز تعرف حساب السندوتشات صح؟ عمومًا أنا مسجّل الحساب في النوتة بتاعتي، لما تقبض نبقى نتكلم.
-مُش دي الحاجة اللي عاوز أسأل عنها.
-أومال عاوز إيه؟
-أقصد الكلام الغريب اللي قُلت عليه لما وصلتني هنا.
-كلام إيه اللي تقصده؟
-لما قُلت لو سمعت حد بيكلمك في الأوضة بالليل متردّش؛ وإني ساعتها هكون لوحدي.
بمجرّد ما قُلت كده ارتَبك ووشُّه جاب ألوان، ولقيته سايبني وماشي، ندَهت عليه وقُلت...
-سايبني ورايح فين، أنا عاوز أعرف كنت تقصد إيه بالكلام دَه؟
لمَّا سألته رِجع عندي تاني وقال:
-بقول لَك إيه يابني، أنا قُلت لك نصيحة وعملت اللي عليا.
سابني ومشي، أعصابي كانت هربانة لدرجة إن إيدي اتهزت وكيس السندوتشات وقع مني..
حسيت إن نفسي مقفولة عن الأكل، ومكنتش قادر أقعد في الأوضة، أخدت بعضي ونزلت على تحت، لقيت مكتب المدير مقفول، وده شيء طبيعي لأن الوقت اتأخر وأكيد مش هيكون موجود لوقت، بدأت ألِف في محطة البنزينة، مكانش موجود غير المسؤول وكام عامل واقفين على ماكينات البنزين بيفوّلوا السيارات اللي تدخل، اتعرَّفت على المسؤول وقُلت له إني المحاسب الجديد، وعرفت إنه اسمه رجب، وبعد ما اتكلمنا شوية فتحت سيرة الأوضة اللي أنا فيه وقُلت:
-حظي كويس إني لقيت سكن في المحطة، أصل أنا من مكان بعيد عن كَفر الغُباشي.
-احمد ربنا يا أستاذ رامي، أول ما جيت المحطة الأوضة دي كانت فاضية، قضيت فيها كام ليلة، جوَّها طراوة وريحها حلو، بعدها الأستاذ أسامة المدير طلب مني أنقل السكن اللي العُمال ساكنين فيه، وقال إن الأوضة دي سكن إداري لمحاسب المحطة، عشان أي تناكر بنزين تيجي في وقت متأخر يكون موجود وقت استلامها، وأحيانًا المحاسب بيضطر يشتغل فترة مسائية لما الإدارة تطلب تقارير، يعني من الآخر أنت ساكن في المحطة عشان تحت أي ظرف يخبطوا عليك لو في نُص الليل.
لاحظت إنه اتكلم عن الأوضة عادي، دَه كمان عاش فيها كام ليلة ومقالش إنه شاف فيها حاجة، يعني أنا اللي بهلوس، طيب ولو كِدَه يبقى أفسَّر بإيه كلام عم رشاد!
حسيت إني متلخبط ومش قادر أفهم اللي بيحصل هنا، ودَه خلاني سألته:
-أنت كنت مبسوط في الأوضة؟
-إلا مبسوط يا أستاذ رامي، حد يطول يسكن فوق شغله، أقوم قبل ميعاد الشغل بربع ساعة، ولما أخلَّص ورديتي أكون على السرير، هي عيبها الوحيد إني شُفت فيها كابوس، وكان بيتكرر كل ليلة.
لحد هنا والكلام بدأ ياخد مسار تاني، وساعتها قُلت:
-كابوس زي إيه؟
-كُنت بشوف واحد بيكتب على الحيطة في الضلمة، ولما بقرَّب منه كان يقول لي: "عاوزك تتكلّم معايا".
بمجرَّد ما سمعت الكلام ده جسمي اتنفض، لأنه كان نفس اللي حصل معايا، بس لاحظت إن قال شاف ده في كابوس كان بيتكرر كل ليلة، لكن أنا شُفته في الواقع، ولا أنا نمت من الإرهاق بدون ما آخد بالي وشُفت الكابوس ولا إيه الحكاية، وبعدين دَه أنا شُفته مرتين في نفس الليلة، هو أنا بقيت أنام على نفسي ولا إيه! طيب ولو كابوس ليه عم رشاد بيقول كلامه الغريب دَه؟!
-أستاذ رامي أنت سَرحت في إيه؟
التفكير أخدني؛ لحد ما رجب لاحظ السرحان دَه ولفَت انتباهي، وساعتها قُلت:
-كنت بترُد على اللي بيكلِّمك في الكابوس يا رجب؟
ساعتها ضحك على كلامي وقال:
-هو برضه في حد هيرد على كابوس يا أستاذ رامي! أكيد محصلش.
لاحظت إن في رابط بين كلامه وبين كلام عم رشاد، ودَه نفس الشيء اللي حصل معايا، وساعتها سألته:
-ألاقي عم رشاد فين دلوقت؟
-عم رشاد إيه اللي هيكون موجود دلوقت، الراجل أخد بعضه وروَّح بعد ما جاب لَك السندوتشات، أصله عايش هِنا في كَفر الغُباشي، لكن متقلقش؛ بُكره من النِّجمة هتلاقيه هنا.
أخدت بعضي وطلعت على فوق، لقيت مالوش لازمة إني أفضل تَحت، كنت حاسس بتعب شديد وكان لازم أنام ساعتين بأي شكل وتحت أي ظرف، لو استلمت الشُغل بكره وأنا في الحالة دي مُش هيكون في مصلحتي، وأنا ما صدَّقت لقيت شغلانة تحسّن ظروفي..
لما وصلت الأوضة لقيت كيس السندوتشات واقع قدام الباب زي ما هو، فتحته وطلعت منه سندوتش وأكلت، بعدها دخلت وقفلت الباب، وقررت أنام ونور الأوضة مفتوح.
اتمددت وغمضت عيني، ولما بدأت أروح في النوم الأحداث بدأت تتكرر من تاني، كنت سامع صوت زي الطباشير على الحيطة، وخطوات رايحة جاية، وبرغم إني مفتحتش عيني لكن كنت متخيّل اللي بيحصل حوالين مني؛ لأني شُفته قبل كده، لكن في اللحظة دي حصلت حاجة مختلفة، وهو إني سمعت خبطة جوَّه الأوضة.
فتحت عيني ولقيت كل حاجة حواليا طبيعية، ولما فكّرت في إيه اللي ممكن يخبط جوَّه الأوضة، ملقتش غير الدولاب أبو درفة واحدة، وبمجرد ما خطر في بالي بصّيت ناحيته، لقيت الدرفة بتتهز، ساعتها اتأكدت إن الخبطة مُش من فراغ، في شيء خبط الدولاب خلّى الدرفة تتهز.
قمت من السرير وتخميني واخدني إن اللي عمل كده فار مثلًا، ولما وصلت للدولاب فتحته وفتّشت فيه، ساعتها لمحت حاجة غريبة في أرضية الدولاب، كان واضح جدًا إنها مفكوكة وراكبة في مكانها أي كلام، ومن فوقها ورقة جرايد التاريخ اللي عليها من زمان جدًا.
مديت إيدي وشيلت ورقة الجرايد، بعدها رفعت أرضية الدولاب لأن الفضول أخدني أعرف إيه اللي تحتها، ساعتها شُفت فار بيهرب من تحت أرضية الدولاب، واتضح لي إن هو سبب الخبطة، لكن الفار ده كان سبب في إني لقيت مفكّرة قديمة وصغيرة، مديت إيدي وأخدتها ورجعت قعدت على السرير، كان عندي شغف أعرف إيه اللي فيها، ولما فتحتها لقيت مكتوب في أول صفحة بخط كبير "بنزينة كفر الغباشي".
قلبت على الصفحة اللي بعدها، ساعتها قرأت كلمة "مذكرات"، لكن مكانش مكتوب اسم الشخص اللي كاتب المذكرات دي، تجاوزت الصفحة ورُحت على اللي بعدها، وساعتها قرأت...
المذكرة رقم "1".
"أول ليلة أبات في بنزينة كفر الغباشي، أوضة صغيرة في الدور التاني فيها حمام، فيها شباك بيفتح على أرض بايرة، مبني فيها بيت مساحته صغيّرة، السقف بتاعه من الخشب، أول ما غمضت عيني شُفت كابوس، كان في واحد بيكتب كلام غريب على الحيطة، ولما قرَّبت منه بَص لي وقال: "كلِّمني، أنت ليه مُش بتتكلم معايا؟".
بعدها قلبت الصفحة، المذكرة رقم "2".
"تاني ليلة في نفس الأوضة، حاسس بخوف غريب، ومش قادر أغمض عينيا برغم إني خَرمَان نوم، شباك الأوضة اتقفل من نفسه والنور انطفى، ولما الدنيا بقت ضلمة الشخص دَه ظهر من تاني، كان لسَّه بيكتب على الحيطة، وبعد ما خلَّص شُفت اليحطان بتتشقق وبيدخل منها ضوء أحمر، الشقوق كانت صغيّرة وغريبة وواخدة أشكال مختلفة، والضوء اللي داخل منها كان واخد شكلها، عشان كده حسيت إني غرقان في بَحر من الأشكال الغريبة اللي باللون الأحمر".
المذكرة رقم "3".
"قُمت من النوم قلقان بعد نُص الليل، مكنتش عايز أنزل تَحت، فتحت الشباك أشِم شوية هوا، وساعتها لمحت نفس الشخص واقف قدام البيت الصغيّر اللي في الأرض البايرة، وبيبُص ناحيتي، وفي اللحظة دي الشباك اتقفل في وشي، ولما فتحته تاني أشوف إيه الحكاية، لقيت إن الشخص ده مُش موجود".
المذكرة رقم "4".
"أنا صاحي وقاعد على السرير، نور الأوضة مفتوح، وبرغم كده حاسس بحد بيتحرك في الأوضة وأنا مُش شايفه، حتى التلفزيون اتفتح من نفسه، وغالبًا الشخص اللي أنا مُش شايفه دَه هو اللي عمل كِدَه".
المذكرة رقم "5".
"من شوية سمعت نفس الصوت اللي دايمًا بيطلب منّي أتكلم معاه، والمرة دي قال: "هو حد أقنعك إنك لو اتكلمت معايا هتموت؟".
المذكرة رقم "6".
"تقريبًا كلام عم رشاد طلع صح!".
قرأت باقي المذكرات، رغم إن عددها كبير لكنها كانت تكرار لنفس الأحداث اللي بتحصل، آخر مذكرة بس هي اللي كانت مختلفة، لأن الشخص اللي كتب المذكرات دي كان سايب فيها رسالة للي هيسكن بعده في الأوضة...
المذكرة الأخيرة.
"أنا هشوف مكان تاني؛ ونصيحتي لأي حد يقرأ مذكراتي، متسكُنش في الأوضة دي، بلاش أوضة بنزينة كفر الغباشي، ولو ظروفك أجبرتك تسكُن فيها، نصيحتي لك بلاش تطوّل فيها، واسمع نصيحة عم رشاد وبلاش ترُد عليه مهما حصل".
بمجرد ما قفلت المُفكّرة حسيت بدماغي تقيلة، حطيت راسي على المخدة وحطيت المفكرة جنبي، عيني غمضت غصب عني، ساعتها شُفت نفسي واقف في شباك الأوضة، والبيت اللي في الأرض البايرة موجود، كان بنفس الوصف اللي مكتوب في المذكرات، وساعتها شُفت قدامه الشخص اللي بيكتب على حيطان الأوضة، في اللحظة دي الشباك اتقفل في وشي، ولما فتحته أشوف إيه الحكاية؛ لقيت إن الشخص دَه اختفى.
فتحت عيني وأنا مفزوع، واتضح لي إني صحيت من النوم بالتزامن مع خبطة على الباب، أخدت المفكّرة وقُمت من السرير وفتحت، وساعتها شُفت عم رشاد، كان بيبُص في الأوضة نفس البصة الغريبة وبيقول:
-أنت نمت يا رامي يابني؟
-عيني غفلت ساعتين بالعافية، وياريتني شُفت فيهم طعم الراحة.
-إزاي سابَك تنام في الأوضة؟!
-هو مين دَه اللي سابني، ما تفهّمني إيه الحكاية.
ساعتها حَط إيده على بوقّي وكتم صوتي وقال:
-هُششش، بلاش هنا.
بعدت إيده وقُلت:
-أنا لقيت المفكّرة دي، شكلها قديم جدًا، وفيها كلام مطابق لكل حاجة بتحصل، حتى اسمك فيها، والكلام اللي فيها وكلامك بيقولوا إنك عارف كل اللي بيحصل في البنزينة، ولازم أفهم إيه الحكاية.
-مش ضروري تفهم، اللي لازم تعرفه إن لازم تنفِد بجلدَك من الأوضة دي، شوف لَك أوضة في أي مكان قريّب، اسكُن في سكن العمال، المُحاسب اللي قبلك دماغه كانت ناشفة، كان بيحكي لي عن حاجات كتير، وبرغم كده كان حابب يوفّر أجرة أوضة برَّه وفضل قاعد في الأوضة دي، اللي خلاه يسيبها إنه لقى شغلانة تانية ومشي فجأة، غير كده ربنا وحده أعلم كان هيحصل إيه، لأني مكنتش ضامن إنه هيفضل واخد بنصيحتي كتير.
أخدتها من قاصرها وسألته:
-الأوضة دي حصلت فيها جريمة قتل قبل كده؟
ساعتها حط إيده على بوقّي تاني وقال:
-هُششش؛ قُلت لَك بلاش هنا.
-أنا لازم أفهم كل حاجة.
-يبقى مُش هنا، هيسمعنا، تعالى نوصل القهوة اللي في كفر الغباشي، وهناك نتكلم.
كان فاضل أكتر من ساعة على ميعاد الوردية اللي هستلم فيها، خرجت ومشيت معاه لحد ما وصلنا على القهوة، المسافة مكانتش طويلة، يادوب أخدناها في خمس دقايق، وهناك قعدنا وطلب سندوتشات وشاي، وساعتها سألته:
-فهّمني بقى إيه الحكاية.
الخوف سيطر عليه بمجرد ما طلبت منه، لكنه قال لي:
-أنا ممنوع من الكلام.
-يعني جايبني لحد هنا عشان تقول ممنوع من الكلام! أنا لازم أفهم إيه اللي بيحصل معايا.
-مُش معاك أنت وبس، كل اللي اشتغل في البنزينة وعاش في الأوضة دي حصل معاه كده، الفرق بس أنت ردّيت عليه لما كلِّمك ولا لأ.
-أنا مردّيتش على حد، وبعدين هو مين دَه وإيه حكايته؟
-اللي ساكن الأوضة.
-قصدك إن في حد اتقتل فيها وعفريته لسه موجود؟
-مفيش حد اتقتل، اللي حصل انتحار، حالات انتحار.
لما سمعته بلعت ريقي وقُلت:
-حالاتَ! يعني مُش حالة واحدة؟
-برغم إني ممنوع من الكلام لكن هحكي لَك.
ساعتها بدأت أسمعه...
-أنا اشتغلت في البنزينة دي من وأنا شاب صغيّر، ودلوقت أنا داخل على سبعين سنة، وقتها كان في مسؤول عن المحطة هو الكُل في الكُل، كان ساكن في الأوضة دي، والأرض البايرة كان فيها بيت صغيّر ساكن فيه واحدة ست جميلة، لكنها شيطانة وكلها شَر، مشعوذة والعياذ بالله، كانت بانية البيت قوة واقتدار بدون تراخيص والكل كان بيخاف منها، لحد هنا كل حاجة كانت طبيعية، بعدها الست دي اتعرَّفت على مسؤول المحطة واتجوزته عرفي، والكل كان عارف إنه اتجوزها غصب عنه تحت تأثير السحر والحاجات اللي بتعملها، في البداية جوازهم كان في السر، كان بينزل بالليل يروح لها البيت بدون ما حد ياخد باله، لحد ما الموضوع اتكشف والحكاية اتعرفت، لكن بعد فوات الأوان، لأن الست دي كانت بتستخدم المسؤول في تسخير شيطان من تحت الأرض، وكانت بتعطيه طلاسم يكتبها على الحيطة في الأوضة ويقرأها، يعني من الآخر استخدمته عشان تحضر شيطان عن طريقه، لحد ما الشيطان اللي حضر خلَّص عليه لأنه مكانش عارف يصرفه، خلاه يقتل نفسه، ولما المسؤول اتأخر بطريقة غريبة، مدير المحطة طلب منّي أطلع معاه الأوضة نشوف إيه الحكاية، ولقيناه شانق نفسه، ولقينا كلام غريب بالطباشير على الحيطة، وبرغم إني كنت صغير في السن لكن فهمت إن الكلام ده طلاسم وكلام كُفر.
بعد ما حكي الكلام دَه أخد نفس وبعدها بدأ يكمّل...
-المدير طلب منّي أمسح الكلام اللي مكتوب، ولما مسحته طلب الإسعاف اللي وصلوا وأخدوا الجثة، والتقرير الطبي أثبت إنه انتحر، وبعدها بكام ليلة المدير طلب منّي أدهِن الأوضة، ولما سهرت فيها عشان أدهنها شباكها اتقفل من نفسه هو والباب، والأوضة ضلّمت، ساعتها شُفت المسؤول اللي شنق نفسه، ولما اتكلم عرفت من كلامه إنه مُش هو، لأنه قال لي: "أوعى تفكر إن اللي بتعمله هيخليني أرجع للعالم بتاعي من تاني، أنا بقيت هنا خلاص، أنا مخلوق بيتغذّى على سَلب الأرواح، ولو حصل حوار بيني وبين بشري بيفضل بيني وبينه رابط، لازم نهايته تكون على إيدي"، في اللحظة دي عرفت إن الشيطان اللي الملعونة استخدمت المسؤول في تحضيره سكن الأوضة، وساعتها اتحرَّج عليا أتكلم عنه أو أجيب سيرته، عشان يستفرد باللي يسكن، وأنا طول السنين اللي فاتت مجيبتش سيرته، لكن كنت بكتفي بالتحذير اللي سمعته منّي، في اللي سمع كلامي وهرب من الأوضة، وفي اللي مسمعش وكان مصيره نفس مصير المسؤول، وكل مدير ييجي للمحطة بيكون عنده تعليمات من الإدارة محدش يجيب سيرة حالات الانتحار، عشان الرِّجل متخفِّش عن المحطة والشركة تخسر، كله خايف على أكل عيشه، المذكرات اللي معاك أنا عارف مين صاحبها، كان مسؤول من اللي اشتغلوا معانا قبل ما ياخدوا قرار يشغلوا محاسبين في المحطة، كان لسَّه بيت اللي متتسماش موجود، وحظه كويس إنه سمع كلامي ومردِّش عليه ونفد بجلده، ولحد ما تطلع من الأوضة دي يابني أوعى ترُد عليه مهما حصل، أوعى.
ساعتها فضولي أخدني وسألته:
-أومال بيتها اتهَد ليه؟
-لأنه مُخالف، دَه غير إن الكَفر جاب آخره من عمايلها وقام عليها، الناس حرقت البيت وهي هربت، بعدها البيت اتهد ومعادش فاضل منه غير كوم الطوب اللي موجود دلوقت.
-ومحدش حاول يصرف الشيطان ده؟
-أنا رُحت لشيخ كان في الكفر، ولما حكيت له عن اللي حصل، قال إنها سبب في تحضير شيطان ملعون خارج عن السيطرة، وإنها استخدمت المسؤول في تحضيره برَّه بيتها، عشان هو مؤذي وصعب حد يصرفه أو يسيطر عليه، ولما حددت معاه ميعاد ييجي معايا بالليل ويحاول يصرفه بدون ما حد يعرف، اتفاجئت الناس بتقول إن الشيخ دخل يريح ساعتين زي ماهو متعود كل يوم ومات، وعندي يقين إن الشيطان دَه ورا موته، ومن وقتها والوضع كما هو عليه، واللي في إيدي إني بحذَّر وبس، ومقدرش أعمل أكتر من كده.
-وبعدين مش قُلت إن متحرَّج عليك تتكلم؟
-هو اللي حرَّج عليا.
-أومال اتكلّمت ليه؟
-لأني ردّيت عليه لما اتكلم معايا زمان، حصل حوار بيني وبينه، يعني كِدَه كِدَه نهايتي على إيده!
لما الشاي وصل والسندوتشات لقيته بينهي الحوار، كان مصمم إننا نفطر وإحنا ساكتين، ولما خلصنا فطار وشاي لقيته بيطلب مني نقوم ونمشي عشان يادوب نلحق الوردية، وصلنا البنزينة ولقيت مكتب المدير مفتوح، دخلت واتكلمت معاه أفهم منه تفاصيل الشغل قبل ما أبدأ، بعدها دخلت المكتب اللي هشتغل فيه، ومع الوقت انشغلت في الشغل اللي متراكم ولازم يخلص، محستش بنفسي غير آخر النهار، الليل كان قرب يدخل، خرجت من المكتب وقُلت أكمل باقي الشغل تاني يوم، ساعتها بس افتكرت حكاية الأوضة اللي الشغل خلاني أنساها، وافتكرت عم رشاد، رُحت عند رجب المسؤول وسألته عن مكانه، ولقيته بيقول لي إنه دخل المبنى اللي فيه أوضتي، أخدت بعضي وروحت على هناك، طلعت السلم، ولما وصلت الأوضة لقيت الباب متوارب والكالون فيه نسخة مفتاح مختلفة عن اللي معايا، دخلت وفتحت النور، وساعتها الصدمة خلتني أنزل في الأرض، لأني شُفت عم رشاد متمدد في الأرض، صدره مقطوع منه النفس، والسِّر الإلهي طالع منه!
لمَّا بلَّغت رجب المسؤول عن اللي شُفته طلع الأوضة، وساعتها طلب مني مجيبش سيرة لحد ما أستاذ أسامة المدير يوصل، وبلغني إنه اتصل بيه قبل ما يطلع، ولما المدير وصل، لقيته بيقول إن عم رشاد كان مريض سكر، وأكيد طلع الأوضة وجت له غيبوبة وملقاش حد يلحقه.
بعدها بلَّغ الإسعاف، ولما وصل أخدوا جثة عم رشاد على المستشفى، والتقرير الطبي أثبت إنه مات بالسكتة القلبية مش بغيبوبة السُّكر، وإن سبب السكتة القلبية إنه اتعرَّض لحاجة مقدرش يتحملها.
سبب الموت في التقرير كان طبيعي، حصل كتير وبيحصل وهيحصل، عشان كِدَه الدنيا مشيت عادي، مكانش في انتحار زي ما كان بيحصل قبل كده، لكن أنا كنت عارف مين اللي استدرج عم رشاد لحد الأوضة، وإيه اللي شافه يخلّي قلبه يُقف، وأكيد أنتوا كمان عارفين.
كانت حجتي معايا، بلغتهم إني مش هفضل في الأوضة اللي مات فيها عم رشاد، مكانش قدامي غير إني أعمل سلفة على مرتبي وتبقى تتخصم منه، وطلعت أخدت أوضة في كفر الغباشي، وجيت على نفسي ولو في شغل بالليل كنت بتحمل وبمشي المسافة دي لحد المحطة، الأيام فاتت، وطلع قرار من الإدارة إن مفيش حد يسكن في محطات البنزين، عشان كده الأوضة اتحولت لمخزن زي الأوضة اللي تحتها، وبرغم كده عمري ما نسيت اللي حصل معايا، ولا نسيت الشقوق اللي كانت بتظهر في الحيطان بعد ما فهمت إنها كانت على شكل الطلاسم اللي اتكتبت عليها، ولا الشخص اللي اتضح إنه شيطان متجسّد في شكل المسؤول اللي كان سبب في تحضيره، ومنسيتش حاجة من كلام عم رشاد.. لسَّه محتفظ بالمفكرة القديمة اللي لقيتها صدفة بسبب الفار، وبقرأ المذكرات اللي فيها من وقت للتاني، ولأني بقيت قديم في البنزينة، بقيت أحذَّر أي عامل بيشتغل بالليل وأقول له: "لو طلعت تجيب حاجة من الأوضة اللي فوق بالليل؛ وسمعت حد بيكلِّمك أوعى ترُد عليه، لأنك لوحدك ومفيش حد معاك"!
تمت...