ويا صاحب التجربة.. لا تنصح!
فإن في حال النصيحة مشهد استعلاء لا يليق بنفس أدركت حكمة الابتلاء..
كما وإن ألمك غير ألمه، فإن هو نجا اتخذك إماما، وفي ذلك ما يكبلك كونك بالأصل إنسان لا معجزة فيك.. وإن هلك حمَّلك ما لا تُطيق من ذنب اتباع نصيحتك والعمل بآثار وجيعتك، وفي ذلك عذاب لا يطيقه سليم النفس السديد..
لا تنصح.. فإن جلَدك غير جلَده.. وصَحبك غير صحبه.. وأبواب انتظرتك لا تنتظره.. وطرقات قد توصل خطوته لم توصل خطوتك..
لا تنصح.. فإن كنت لابد شارحا خلاصة أيامك الثقال وآلامك العضال فقُلها منكسرا بألم منتشيا بنجاة متبصرا بحكمة.. وقُلها غير فارض فهما غير متوقع سمعا غير مستغرب إعراضا..
إن كنت لابد شارحا حالك ما كان وما آل، فاشرح لمن ينظر إليك بملء عينيه فيبتسم في تفاصيل قصتك الباسمة ويعبس لما آذاك.. فإنما سرد المواجع بالأساس تخفيف أحمال وتعزيز وصال..
أما ما عدا ذلك فكشف في غير محله وغرور نفس لم تهذبها التجربة كما ينبغي للتجارب أن تهذب نفسا..
أن تتلو تجربتك نموذجا يحتذى.. فإن نفسك لم تُدرك من التجربة بعد خلاصة قولها الفصل.