هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة عبير عزاوي
  3. توابل حادة

كيف يمكن أن أقنع هذه المعتوهة بقصتي رفعت لها إصبعي المقطوعة وأنا أشرح تفاصيل لايمكن لدماغها المحشو بالقمامة أن يفهمها كانت تقلب الأوراق التي أمامها وتقلب شفتيها دلالة على عدم اقتناعها بماورد فيها مثلت لها ماحدث ثم عدت لأرفع الاصبع المبتورة من منتصفها كيف يمكن لنصف إصبع أن يقنعها بالخطر الذي يتهددني وأني غير آمنة وأتعرض لمخاطر جديرة بأن تمنحني على إثرها صك المرور الى بلدها، حيث الأمان وفرصة حياة، أو نصف فرصة، أو على الأقل وهما بالنجاة، ألابد أن أكون ذات وزن في المعارضة أو عنصراً فاعلاً لحساب جهة ما لأحصل على تلك الفرصة، لكنني مجرد امرأة مقطوعة الإصبع لم يثنها عطب يدها أن تكون طباخة ماهرة تجيد مزج النكهات لابتكار وصفات طبخ تبثها على قناة حقيرة في فضاء مزدحم بمن هم أمهر وأجدر منها،هل يجب أن أكون مشروع صفقة ناجحة لتمنحني دولتها إذن المرور إليها؟!

قالت المترجمة التي تتولى نقل الحديث بيننا : سأنصحك بأمر وهذا غير مسموح لي لكنني فهمت مرادك، لن يقتنعوا بقصتك هذه يجب أن يكون لديك سبب أكثر تأثيرا لخطر يهددك مباشرة حتى يحق لك طلب اللجوء لديهم

- لابأس، فهمت ذلك همست لها باستسلام.

 ولا أدري ما الكلمات التي قامت بترجمتها قبل أن تطلب مني الموظفة الكندية إنهاء المقابلة

خرجت من المبنى الكبير توقفت لدقائق أمام البوابة ربما لألتقط أنفاسي بعد الجهد الكلامي والنفسي الهائل الذي بذلته في الداخل، راقبت حركة السيارات التي تهدئ قليلاً من سرعتها عندما تمر من أمام البوابة ثم تنطلق بسرعة مرة ثانية ما إن تبتعد لبضعة أمتار انتظرت أن تمر سيارة وما إن أبطأت سيرها حتى ألقيت نفسي فيها وأمرت السائق

: - اطلع على جسر الكولا

في الحقيقة لم أكن اعرف المكان جيدا فهذه المرة الأولى التي أحضر فيها إلى بيروت ولا أحفظ سوى بعض أسماء المناطق التي كنت أسمعها أثناء الحرب من بعض أقربائي الذين هجروا بلدتي الصغيرة وتوجهوا إلى لبنان على غير هدى

فتح السائق عينيه اللتين تبدوان حمراوين ومتورمتين، حملق في وأشار بأصابعه مرتين مضاعفا الأجرة هززت رأسي موافقة بينما انطلق هو بسرعة قصوى ظننته مزهوا بحسمه الخلاف المعتاد على أجر التوصيل بلا جهد يذكر وربما هذا ما جعله يبدأ بفتح أحاديث متنوعة سريعة وتافهة ، كنت أكتفي بهز رأسي وعقلي يعمل بعيدا عن هذا الأخرق الذي حسبت أنه قد تعاطى شيئا ما فأذهله، فهاهو يحاول أن يلفت نظري بكل الطرق الممكنة لشاب وسيم مثله كان يتحدث ويضحك بصخب وعيناه ترمشان بسرعة كأنهما تحبساند دموعاً.

لم أكن أعرف الطريق ولكني أخفيت جهلي عنه منعا لاي تصرف أحمق قد يفكر به بل رفعت هاتفي وادعيت انني أتحدث إلى زوجي أحمد و سردت عامدة بعض تفصيلات مقابلتي في السفارة

وطلبت من أحمد أن يلاقيني في نهاية مشواري أنهيت الاتصال المزيف، وأنا أقلب الأوراق التي تستند على حجري، أردت أن أجهز هويتي الشخصية، لكنني لم أجدها، بحثت وقلبت الأوراق وحقيبة يدي، لكن تذكرت أنني ربما لم أخذها من موظفة السفارة، قلت للسائق بسرعة: عد أدراجك، عد من فضلك لقد نسيت هويتي عندهم.

أكمل السائق دورة الساحة وعاد بي أسرع مما جاء، وعلى باب السفارة قلت له: انتظرني دقائق، وكل شيء بحسابه، أحضرت بطاقتي وعدت للارتماء في مقعد السيارة الخلفي وأنا احتضن الأوراق وأعيد بطاقة الهوية لمكانها في محفظتي.

لمحت السائق الشاب يراقبني من مرآته ويهم بالعودة لمواصلة ثرثرته تنبهت أني لم أراقب الطريق لكن ماذا سأستفيد وأنا لاأعرف الاتجاهات استسلمت لفكرة أنني تحت سيطرة هذا السائق ولن أميز شارعا من شارع

ظننت أننا اقتربنا من المكان،

فناولت الشاب المبلغ المالي نظر مليا إلى اصبعي المقطوعة قبل أن يمد يده ويمسك بالأوراق النقدية.

قلت وأنا أرفع يدي ناقصة الإصبع : لم تقتنع تلك الحقيرة بقصتي لو كانت تعلم أنها قصة صادقة لما تململت ولوت بوزها وزمت شفتيها العجفاوين

ضحك الشاب حتى نزلت دموعه وماهي قصة إصبعك لابد أنك قطعتيها وأنت تحضرين طبقا من اللحم

هززت رأسي نفيا:

- أصابتها رصاصة قناص! انقطعت ضحكة الشاب وصمت برهة ثم قال:

- أنت تبالغين كيف يمكن لقناص أن يستهدف إصبعك بكل هذه الدقة؟

-لم يستهدف اصبعي بل رأس ابني خالد كان خالد في حضني وأنا أرضعه، فجأة خرج الحليب من فمه مختلطا بالدم لم أنتبه أن إصبعي تفجرت أيضا مع رأس خالد. أخفض السائق الشاب رأسه واحمر وجهه، أوقف السيارة وتنفس مرات عدة بصوت مسموع،شعرت بتأثره البالغ لكني كنت أجد في قلبي رغبة بأن أحكي منذ زمن لم أجد هذه الرغبة فقدتها مثلما فقدت أطفالي الذين أجهضتهم دون أن أعرف السبب

تحدثت للشاب عن أولئك الأطفال عشرة أجنة قذفهم رحمي ولم يحتفظ سوى ب خالد

بهت وقال : عشرة؟ معقول؟!

قلت:- كنت أعاني من مرض مناعي ذاتي، كان جسمي يرفض الأجنة يعتبرها أجساما غريبة تحل فيه فيحاربها حتى يطردها، مثل بلادنا تماما وضحكت بسخرية مريرة

وحده خالد تشبث لكن رصاصة القناص فجرت رأسه وتركت لي إمقطوعة حتى لاأنسى أبدا

أحنى الشاب رأسه على مقود السيارة وبقي دقائق على وضعه ثم رفع رأسه أعاد تشغيل المحرك وانطلق بهدوء

فجأة قال لي: أتحبين ورق الدوالي

هززت رأسي نفيا حاولت ألا أظهر أي صلة لي بالطعام

-أمي أعدت لي طنجرة من الملفوف لكني لم أذهب للبيت بعد لآكل منها، هل تسمحين لي أن أدعوك على الغداء مادمت قد أنهيت عملك؟

تنحنحت وقلت: - أنا لا آكل سوى من طبخ يدي

-أمي طباخة ماهرة وأخذ يستفيض في شرح أنواع الطعام التي تطهوها، والتوابل التي تنقيها بيدها، تفرزها ثم تطحنها، تخلطها ببعضها البعض لتخرج بنكهات جديدة

استوقفته مرات عديدة لأسجل أنواع الخلطات التي ذكرها وحين استغرب اهتمامي بالوصفات والخلطات أخبرته أنني أعمل طاهية وأصور طبخاتي على قناتي الخاصة وأن هذا هو سبب طلبي للهجرة

أوقف السيارة ثم قال:

- لقد وصلنا محطتك.

 نزلت وأنا أتعثر بخطواتي، وهو يراقب حركاتي ربما أملا منه بأن أقبل دعوته، لم أشعر بالخوف منه كما كنت في أول المشوار كان شيء ما ينبئني أن هذا الشاب ذو قلب طيب لكن نظراته المرتبكة تخيفني الآن

وقفنا متقابلين على الرصيف قال :

- أرجوك اقبلي دعوتي سأنتظر أن يأتي زوجك ونذهب معا.

قلت له بارتباك طفل انكشفت كذبته :

- لن يأتي! أنا لا أعرف أين هو، ولا في أي مكان يكون أو حتى إن كان مدفونا أو مرميا في معتقل بائس لا أعرف حقا لا أعرف.

قال بصوت باك : أمي ماتت أمس بعد أن طهت لي ورق العريش مازال جثمانها في المشفى، لاأستطيع الدخول إلى البيت بمفردي.

وانفجر بالبكاء جلس على الرصيف وضع رأسه بين ركبته وأخذ ينشج بنحيب مر.

جلست إلى جواره وأنا أربت على ظهره لو كان طفلي الأكبر قد بقي حيا لقاربه في العمر بعد أن هدأ من نوبة بكائه صعد إلى السيارة واستعد لينطلق بها بهدوء وأسى.

قال:- انتبهي لنفسك

ابتسمت رفعت دفتر الوصفات الذي كتبته وقلت:

- شكرا

 أدار المحرك، النافذة رفع يده ليلوح لي بها عندما تحركت السيارة مشيت وراءها خطوتين سألته بصوت عال:

 -ما اسمك

قال : - خالد ...

وتبعثرت الحروف بينما كانت السيارة تبتعد مسرعة.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1677 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع