هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة ايمن موسى
  3. المشرحة - رواية - الجزء الثالث

يقولون أنه لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومواز له في الإتجاه .
ولكنني ولأول مرة بحياتي أواجه هذا الموقف العصيب لأجد نفسي عاجزاً بل ومسلوب الإرادة لأقوم بأي رد فعل قوي أو حتى ضعيف .
ولشدة عجزي وخوفي وبغريزة فطرية وعفوية جلست القرفصاء وإتخذت وضعية الجنين ببطن أمه وكأنني أود العودة بالزمن للوراء .
دفنت رأسي بين يدي وأغمضت جفوني ظنًا مني أنني وبهذه الطريقة الأزلية والمعتادة سأهرب من تلك الورطة والتي أواجهها لأول مرة بحياتي وقد بدا لي أن غلق عيني هو طوق النجاة الوحيد والملاذ الآمن .
حتى وإن كانت نهايتي فأنا لا أود رؤيتها بأم عيني .
أود أن ينتهي كل شئ سريعًا وبلا ألم .
فأنا كما الكثيرين ربما يمكنني إحتمال الألم ولكنني لا أقوى على رؤيته أو مواجهته .
لست وحدي من يفعل ذلك الكثيرون يهربون ولكل منهم طريقته في الهروب من مخاوفه وهواجسه .
مرت الثواني ببطء مميت كنت أسمع فيها دقات الساعة وكأنها أجراس كنيسة أثرية تقرع لصلاة يوم الأحد .
الأدهى من ذلك والأمر أنني أسمع دقات قلبي وهى تدق بعنف حتى أنني بت أسمع نبضات عروقي أثناء سريان الدماء بشراييني .
أتراني أصبحت أمتلك الحاسة السادسة ؟
لماذا صفت كل حواسي وبالأخص حاسة السمع لدي والتي أصبحت تنقل لي أصوات هذا الكون الشاسع بشفافية ووضوح تامين .
إلى متى سأظل هكذا ؟
هناك ومن داخلي وبعمق إدراكي هاتف يناديني ويلح علي بإصرار غريب وعجيب وكأنه يحفزني قائلًا هيا يجب عليك النهوض يجب عليك أن تقف لتواجه كل مخاوفك وهـواجسك والتي ومما لا شك فيه هى نتاج خيالك وعقلك المتخم بقصص عتيقة وبالية تربينا عليها صغاراً .
فتحت عيناي وأنا بنفس وضعية الجنين وليتني ما فعلت لأنني فتحتهما وكأنني لم أفتحهما فأنا لم أرى أي شئ وكأنني دخلت بفوهة الظلام الأبدي .
بحركة عفوية ولا إرادية ممدت يدي لجيوبي بحثًا عن هاتفي لإشعال المصباح ليضئ لي المكان بعد أن إنقطع التيار الكهربائي بفعل الشتاء والرياح وهذا ما رددته بيني وبين نفسي لأجد سبباً مقنعًا حتى لا تزداد مخاوفي وتتوغل بداخلي يؤججها رعبي وهلعي .
كنت أحتاج لسبب أو مبرر وحيد يعينني على مواجهة ما أجهله .
وما أن عثرت على هاتفي حتى قمت بتشغيله وما كدت أفعل حتى سمعت أسوأ نغمة يمكن سماعها بمثل هذا الموقف وهى نغمة إغلاق الهاتف لنفاذ البطارية.
نهضت مستنداً على الجدار مطاطئ الرأس مرتعد الأوصال أكاد أغرق في عرقي رغم برودة هذه الليلة الشتوية القارصة .
إقتربت من باب الغرفة وأرهفت السمع وأنا أطرق على الباب وما أن فعلت ذلك حتى سمعت زمجرة قوية تأتي من الجهة الأخرى للباب جعلتني أتراجع للوراء وأقف بمنتصف الغرفة تماماً .
مع مرور الوقت تعودت على الظلام فتجولت ببصري مرة أخرى لأرى ثلاجة الموتى الفولاذية ذات اللون الفضي بأدراجها المتعددة وهنا طرأت لي فكرة مجنونة وهى البحث عن أي بطارية أو شموع بداخل أدراج ثلاجة المشرحة قد يكون وضعها عم توفيق لمواجهة أي ظروف طارئة ولكن هل أستطيع حقًا القيام بذلك بالفعل ؟
بالنهاية وبعد مشاورات عدة بيني ونفسي قررت بحسم أنني سأقوم بفتح بعض الأدراج وليحدث ما يحدث .
إقتربت بخوف ووجل أقدم قدمًا وأؤخر الثانية لأتوجه أولًا من جهة اليسار وبإيد مرتعشة فتحت أول درج والذي كان ولحسن حظي خاليًا تماماً من أي شئ .
شجعني ذلك على فتح درج أخر والذي كان أيضاً كسابقه .
تجرأت أكثر وأصبح الأمر رويداً رويداً إعتياديًا ففتحت كل الأدراج العلوية والسفلية من ناحية اليسار وكانت جميعها أيضًا خالية من أي شئ .
توجهت جهة اليمين وبدأت من الأعلى نزولًا للأسفل وأنهيت أيضًا جميع الأدراج ويداي ترتعشان من قبلهما ترتعش روحي ويهتز قلبي ومع كل محاولة لفتح أحد الأدراج كنت أعاني الأمرين متخيلًا ما سأواجهه بداخله .
بهذه اللحظات كانت أنفاسي مصدر رعب لي كذلك نبضات قلبي أي صوت يأتي من الخارج أو يحدث عفويًا هو مصدر رعب وخطر محتمل بالنسبة لي .
ما أن أنهيت جميع الأدراج جهة اليسار واليمين حتى تراجعت للخلف لأنظر نحو الثلاجة والتي تقف بثبات وشموخ وكأنها جبل صامد منذ ألاف السنوات .
لم يتبقى أمامي سوى ثلاثة أدراج سفلية وهنا توقفت لبرهة ربما لأستجمع قواي المنهكة ولأستعيد معها كلمات زميلي بالمناوبة السابقة والذي أخبرني أنه لا يوجد بالمشرحة سوى ثلاث جثث .
أتراني لم أسمعه جيدًا أو ربما هو قصد فقط أن يقول ذلك ربما ليخيفني وربما لا توجد أي جثث من الأساس؟
ولكن مهلاً عندما تحدثت مع عم توفيق بالهاتف هو أيضًا أخبرني عن وجود ثلاث جثث وقد أخبرني أنه سيتم دفنها ظهر الغد .
يا الله كم أصبح الأمر الأن أكثر رعبًا ومثيرًا للخوف فالأن أصبحت أعلم مكان الجثث بالتحديد .
ما زلت أحدق بالأدراج الثلاثة وأنا أقف بمواجهتها مباشرة وقد تعدى الأمر لدي البحث عن بطاريات أو شموع وأصبح لدي فضول غريب لفتح الأدراج والنظر بداخلها .
ربما كان الأمر تحديًا من نوع خاص تحديًا لمخاوفي وهـواجسي ومواجهتها .
أخذت نفسًا عميقًا من ثم تنهدت بعد أن زفرت لأخرج كل إنفعالاتي دفعة واحدة وأنا أمد يدي المرتعشة لأقوم بفتح الدرج الأول من الأدراج الثلاثة .
ما أن فعلت ذلك حتى تسمرت أقدامي بالأرض وأنا أقف بذهول
ما هذا الذي أراه ؟ وهل يعقل ذلك ؟
أمعنت النظر لأتأكد أن هذا الدرج أيضًا كان خاليًا ولا يحتوي على أية جثث !
فتحت الدرج الثاني والثالث بسرعة وحسم ولشدة ذهولي كانا كسابقهما خاليان من أي شئ !
إذن أين ذهبت الجثث الثلاث ؟
هل تبخرت ؟
وهل يعقل أنها بالثلاجة ولم أراها ؟
هل كذب زميلي علي ولماذا ؟
هل كذب عم توفيق ولكن لمَ قد يفعل ذلك ؟
أنا الأن أقف بمواجهة ثلاجة الموتى ذات الجسم المعدني المصقول والذي يشبه المرأة العاكسة حتى أنه يمكنني رؤية طاولة التشريح القابعة خلف ظهري من خلاله .
ولكن وبهذا الظلام الحالك لم أستطيع تبين ملامحي إنما رأيت ما جعل شعر رأس يقف والدماء تتجمد بعروقي فلم يكن جسم الثلاجة الخارجي يعكس لي وبوضوح تام سوى ثلاث هالات بيضاء تقف خلف ظهري مباشرة بالقرب من طاولة التشريح لتحدق بي بعمق وذهول .
تسمرت أقدامي بالأرض لأتحول لجبل راسخ لا يستطيع الحراك أو مبارحة مكانه .
إستجمعت ما تبقى لدي من أنفاس وبقلب واجف وروح منهكة وبإستسلام كامل ويأس إستدرت لمواجهتهما وما كدت أفعل ذلك حتى رأيت أسوأ كوابيسي على الإطلاق فعلى بعد أمتار قليلة مني وخلف طاولة التشريح مباشرة وفوق المقاعد الثلاثة وبهذا الظلام الحالك والليل الداكن كانت تواجهني أسوأ مخاوفي وهـواجسي وبطريقة ثلاثية الأبعاد .
نعم ما أراه بأم عيني ليس وهم من نسج خيالي بل أنا على يقين أنني أشاهد ثلاثة جثث بأكفانها البيضاء بددت هذا الظلام الدامس .
الأن أصبحت بلا حول ولا قوة بإنتظار ما ستسفر عنه اللحظات القليلة القادمة إن ظل بالعمر لحظات .
ــــــــــــــــــــــ
يتبع

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2073 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع