"لا تستهين بصغائر الذنوب ولا تستخف بصغائر الأمور.. ففقد المسمار أضاع الحدوة وفقد الحدوة أضاعت الحصان وفقد الحصان أضاع الفارس ».

كذلك في عالم الدواء لا تستهين بأعراض جانبية قد تسببها أدوية تستخدم في علاج أمراض بسيطة وقد نظنها أدوية آمنة ولكن الحقيقة عكس ذلك!💊

و مثالنا اليوم هي "أدوية البرد و الكحة" فهل استخدامها دائماً ما يكون آمناً 

الادوية المستخدمة في علاج البرد و الكحة والشائع جداً استخدامها ولكنها قد تتسبب في مشاكل صحية جسيمة إذا لم نتخذ بعض المحاذير خلال استخدامها 

و هذه بعض الأمثلة:

١-على المرضى الذين يتناولون مضادات الاكتئاب المعروفة بالSSRIs ( ليسترال، بروزاك، سيبراليكس، وغيرها) الحد من تناول أدوية البرد و الكحة التي تحتوي على قابضات الأوعية الدموية ( sympathomimetic vasoconstrictors مثل xylometazoline, ephedrine ) و كذلك مضادات الهيستامين من الجيل الاول ( مثل chlorpheniramine) حيث أن تناول هذه الأدوية متزامنة يزيد من مخاطر حدوث عرض جانبي يسمى بال reversible cerebral vasoconstriction syndrome( RCVS)...و الذي يحدث فيه ضيق في بعض الأوعية الدموية في المخ و تكون أعراضه في صورة صداع مفاجيء شديد جداً ( يوصف بكونه Thunderclap headache ) و قد يؤدي إلى حدوث نزيف في المخ!!!! و اذا حدث هذا العرض الجانبي فأهم مرحلة في العلاج هو التشخيص الصحيح المبكر ( اكلينيكيا و بوجود دلائل باستخدام الأشعة مثل computed tomography angiography ) و ايقاف الدواء المسبب و اعطاء موسع للاوعية الدموية في المخ ( مثل nimodipin).

٢- يجب ادراك أن علاج الكحة الفعال هو علاج السبب و ان كل أدوية الكحة لا تعالج السبب انما تعالج العرض ( ie symptom relief only) و بالتالي لا توجد ضرورة ملحة في استخدام ادوية الكحة و التي تشتمل على مجموعتين رئيسيتين : أدوية مثبطة للكحة( تستخدم في الكحة الجافة أي كحة بدون بلغم) و أدوية مذيبة و طاردة للبلغم ( تستخدم في الكحة التي تحتوي على بلغم لكي تساعد على طرده) و لا ينفع ان تستخدم الادوية الاولي بدلاً من الثانية و العكس. 

٣- عند حدوث الكحة في سيدة حامل تعاني من دور برد فيرجى اتباع التالي:

أ- فأفضل علاج هو العسل و الليمون ( مذكورين في الguidelines كعلاج فعال و آمن).

ب-هناك فرق بين النبات الذي يوخذ كطعام و الذي يستخرج منه مادة فعالة و يستخدم في العلاج، ففي الاخير تكون كمية المادة المستخدمة أكبر بكثير من الموجودة في الطعام و لم يتم إجراء أبحاث كافية عليها للتأكد من أمانها التام علي الجنين و لذلك نجد أن نشرات هذه الادوية نفسها تذكر ذلك و انها غير مستحب استخدامها أثناء الحمل لان لم يتم اجراء أبحاث كافية عليها. فمثلاً بالنسبة لشراب الجوافة للكحة فانه لا يحتوي فقط على مستخلص اوراق الجوافة و لكن أيضاً على مستخلص الشمر ( غير مستحب استخدامه اثناء الحمل لانه قد يسبب انقباضات في الرحم) .

ج-بالنسبة للكحة الجافة الغير مستجيبة للعسل و الليمون و الاستنشاقات الموضعية فيمكن استخدام الchlorpheniramine or diphenhydramine) class B(و لكن هذه الادوية فقط للكحة الجافة و ليست المصاحبة بالبلغم.

د-مرضى أزمة الربو الشعبي عليهم تناول علاجهم اثناء الحمل ( عدم تناول العلاج مضر أكثر بالجنين من تناوله) و تعتبر الادوية الموضعية آمنة إلى حد كبير لان النسبة التي تصل منها لدم الام و بالتالي للجنين قليلة للغاية                                         

٤- أحد أدوية الكحة وتحديدا guaifenesin الموجود في العديد من مركبات الكحة OTC cough therapies مثل Bronchovent، All-vent, Tusskan, Bronchophane قد تزيد من مخاطر حدوث حصوات في البول نتيجة ترسب هذا الدواء في مجرى البول عند وجود بعض العوامل و منها تناول ادوية الكحة التي تحتوي ليس فقط على الguaifenesin ولكن ايضا على الephedrine حيث ان وجود الephedrine يزيد من فرص تكون حصوات من الguaifenesin و من سمات الحصوات المتكونة من الguaifenesin انها لا تظهر بالاشعة العادية ولكن فقط بالاشعة المقطعية وذلك لكونها radiolucent        

٥- بعض أدوية الكحة مثل التوبلكسيل وكذلك الأوبلكس تحتوي على مضاد للهيستامين من الجيل الاول( first generation antihistaminic ) معروف بال mometasone و الذي قد يسبب انخفاض في ضغط الدم نظراً لانه يثبط مستقبلات معروفة باسم الalpha receptors موجودة في الاوعية الدموية الطرفية و ينتج عن تثبيط هذه المستقبلات اتساع الاوعية الدموية ( vasodilation ) مما يؤدي الى انخفاض في ضغط الدم خاصة عند الوقوف او ما يسمى بال postural hypotension و كذلك قد يسبب زيادة في ضربات القلب و جفاف في الحلق نتيجة تثبيط مستقبلات أخرى معروفة بال muscarinic receptors، ذلك بالاضافة الى الاعراض الجانبية الناتجة عن تثبيط مستقبلات الهيستامين في الدماغ و أهمها الشعور بالنعاس ( sedation ) و يحدث ذلك خاصة اذا تم تناول هذه الادوية مع أدوية البرد التي تحتوي أيضاً على مواد اخرى مضادة للهيستامين من الجيل الاول (chlorpheniramine او brompheniramine او diphenhydramine ) مثل الكونجيستال ، بنادول كولد أند فلو ( panadol cold and flu) ، فلورست، كوميتركس ،...

لذلك فلا ينصح بالتناول المزمن لادوية الكحة التي تحتوي على هذه مضادات للهيستامين مع ادوية البرد التي تحتوي ايضا على مضادات للهيستامين من الجيل الاول. مع العلم انه توجد ادوية للكحة و ايضا للبرد لا تحتوي على هذه المضادات للهيستامين من الجيل الاول. و يرجى ايضا العلم ان الأدوية التي تحتوي على المضادات للهيستامين من الجيل الثاني مثل الكلارينيز، كليريست ،.. لا تسبب هذه الاعراض الجانبية.     

دمتم دايماً ان شاءالله بصحة وسلامة