هل عشقتِ قراءةَ الرعب ثمَّ أخبركِ كاتبُ رعبٍ أنه يرغبُ في الارتباط بكِ فوافقتِ دونَ تردُّدٍ؟
حسنًا...
سوفَ تجدينه روتينيًّا جدًا، ستتقابلانِ دومًا في مقهى ثابتٍ لا يتغيَّر، وستجلسانِ على الطاولةِ نفسها، سوف يخبركِ بأنه إنسانٌ نباتيٌّ؛ ستذكِّرينه أنه أخبركِ ذات مرةٍ بأنه يأكلُ ما تبقى من اللحمِ الملتصقِ بعظامِ الدجاجِ والقراقيش أحيانًا؛ ليقومَ بإقناعكِ بأن الدجاجةَ نباتيةٌ وآكلةٌ للعُشبِ، وبالتالي؛ هو نباتيٌّ بالتبعيَّة.
ثم سيخبركِ بأنه ينامُ مبكرًا؛ وستخبرينه بأنكِ شاهدتِهِ ذاتَ مرةٍ يقفُ في النافذةِ في وقتٍ متأخر، حينَ مررتِ على مسكنه الذي أخبركِ بهِ من قبل، ستلاحظينَ إصراره على أنه كانَ نائمًا بالفعل، ولن تصدّقيه إلا حينما تشاهدين منه نسختين صدفةً عبر نفس النافذة في المرَّةِ التالية.
ثمَّ سيطلبُ منكِ التقاطَ صورةَ سيلفي تجمعُ بينكما، وبعد التقاطها؛ ستجدينَ نفسكِ بلا رأس، وسيزولُ فزعُكِ حينما يخبركِ أنه التقطها عبرَ تطبيقٍ يجيدُ إخفاءَ الرؤوس، دونَ أن تدركي أنَّ الصورة طبيعية، وأنكِ في هذهِ اللحظةِ كنتِ بلا رأسٍ فعلًا.
وإذا تجاذبتِ معه أطرافَ الحديثِ ذاتَ جلسةٍ سيبتسمُ فجأة، حينها ستسمعينَ رنينَ هاتفكِ وتقرأينَ اسمه على شاشته، ستعاودين النظرَ إليه بذهول بينما تضعينَ هاتفَكِ على أذنكِ بعد قبولِ الاتصال؛ ليخبركِ أنه قادمٌ إليكِ في الطريق، بينما لازال يجلسُ أمامكِ صامتًا ومبتسمًا.
ثم سيواصلُ ابتسامته الغامضة ويتبعها بكلامٍ معسول؛ فتتورَّدُ وجنتاكِ وأنتِ لا تدركين أنه يتحدثُ إلى كيانٍ غامضٍ يجلسُ على الطاولةِ بجواركِ ولم تستطع عيناكِ أن ترياه، ولن تستشعري شيئًا غريبًا إلا بعدما تنظرين إلى كوبكِ الذي فرغ فجأةً من العصير دون أن تمسَّه يداك.
وفي حديثه؛ سوف تجدينه يؤكدُ دومًا أنه يكرهُ مشاهدة الدماء، فتتذكرينَ أن رواياته لا يخلو مشهدٌ فيها من الدماء، وإذا حدثَ جدالٌ فيما بينكم، سيخبركِ أنه يكره دماء الطيور والحيوانات، أما دماء البشر، فذلكَ مشروبُ شخصياته المُفضَّل، ومشروبه أيضًا.
وفي عيد ميلادكِ، سيخبركِ في مفاجأة أنه جعلكِ بطلةَ روايته الجديدة، ستُفصحُ شفتاكِ عن ابتسامةٍ حتى تظهر أسنانكِ الأمامية البرَّاقة، وبعد قراءة الرواية؛ ستعلمين أن البطلة انتحرت شنقًا بمشنقةٍ وردية، حينها ستسمعينَ رنين جرس الباب، وعند خروجكِ ستجدين علبةَ هدايا حمراء، مظهرها الرومانسيُّ سيُنسيكِ الفزع الذي شعرتِ به عند قراءة نهاية الرواية، وبعدَ الاطلاع على محتوى العلبة؛ ستجدين بها مشنقةً ورديةً تطابقُ في الوصف تلك التي قمتِ بالانتحار بها في نهاية الرواية.
ستهرولين خوفًا إلى المقهى الذي تجلسان فيه دائمًا، ستقومين بالاتصال بهِ؛ فتجدينَ رقمَه غير موجودٍ بالخدمة، وعند وصولكِ للمقهى؛ ستنظرين إليه في ذهول، حينما تجدينه مهجورًا وطاعنًا في القِدَم، حالهُ كحالِ مسكنه الذي ستهرولينَ إليه، وستعرفين وقتها أنكِ قضيتِ وقتًا طويلًا في مقهى مهجورٍ، تعشقينَ كائنًا لا ينتمي لعالمِك، ولا تعرفين اسمه الحقيقي أو هيئته الحقيقية، وأن الرابط الوحيد الذي بينه وبينكِ؛ هو إدمانُكِ لقراءةِ الرعب والطلاسم والتعاويذ، وستستشعرين سذاجتكِ حينَ سخرتِ منه حينما أخبركِ أنه يأكلُ أحيانًا بقايا اللحم الملتصق بعظامِ الدجاج والقراقيش، في هذه اللحظةِ فقط؛ ستتذكرين أن ذلكَ هو طعامُ الجِن، وستدركينَ بعد فواتِ الأوان أن كاتب الرعب الذي تظنين أنه قد وقعَ في عشقِك لا يحبُّ ولا يعشقُ، ولا يجلسُ في المقاهي مع الحسناوات.
تمت...