خاطرة:
ليتني أعرف ماوراء ثقة بعض التيارات الإسلامية بأنهم وحدهم هم أهل السنة والجماعة ، أو الفرقة الناجية ، وعلى أي أساس علمي تكونت عندهم هذه القناعة.
وليتني أعرف ماوراء رغبة كثير من المسلمين في رمي بعضهم بعضا بالإلحاد والخروج من الملة ،ولماذا نعشق الحديث عن النار والتعذيب في الآخرة إلى هذا الحد ؟
فلأن يطير الناس إلى ربهم على أجنحة من الشوق خير من أن يساقوا إليه بمقامع من حديد ( من عبارات الشيخ محمد الغزالي رحمه الله )
وليتني كذلك أعرف لماذا نحرص في خطاباتنا الدينية على تقديم ربنا الرحمن الرحيم للناس في صورة الجبار المنتقم الذي خلق الخلق ليعذبهم في نار جهنم وكفى، ولماذا نعشق الحديث عن صفات الجلال دون صفات الجمال ؟
وأتساءل : لماذا تعلو لغة التشنج والعويل والصراخ في الخطب والمواعظ ، والأصل أن تقدم هذه في لغة متخشعة متحننة أواهة أوابة .
لقد بتنا نحن كمسلمين في حاجة إلى تدشين ثقافة التسامح والحوار فيما بيننا ، وأن تتسع صدورنا للتنوع والاختلاف في الرؤى والتوجهات ، وأن نحترم قناعات بعضنا وخلافاتنا المذهبية مهما اتسعت ، ولانرى فيها أبدا مايخرج من الملة مادام ينطق المخالف بكلمة التوحيد .
وإذا كان أقل من ثلثنا يخرج الثلثين من الملة ويحكم بخلودهم في النار ، فبأي منطق نتحدث عن الأمة الواحدة ؟ وبأي وجه نتحدث عن التسامح والحوار وقبول الآخر،
لقد أصبح كثير منا آخرين بالنسبة لباقينا
وهذا أمر جد خطير خاصة في المرحلة الراهنة ، فالتوحد فيما بيننا لم يعد أمرا ترفيا ولكنه معركة مصير ووجود ، فأما أن نكون أو لانكون .