، احتمالات :
احتمال أن يتخلى عنك الحبيب ويخرج من حياتك وألا تثق بأي أحد آخر بعد رحيله .
احتمال أن تبكي عندما تسمع الموسيقى التي تحبانها معا.
احتمال أن تسجن نفسك بعيدا عن الجميع وأنت تفكر فيه .
احتمال ألا يحبك أحد آخر بعده.
كل تلك الاحتمالات مقابل احتمال واحد أن تعيش سعيدا فرحا معه وتنتهي حياتك إلى جانبه لأنه الشخص المناسب .
الحب هو أن تتأرجح بين كل تلك الاحتمالات .
ذلك ما حصل معه ، تأرجح في كل الاحتمالات إلا أنها هي الشخص المناسب الذي رغب أن تنتهي حياته إلى جانبها،
كان يجب أن يجد سببا لوجوده كل يوم ، لكي لا ينساب داخل ذلك الفراغ الذي يترصده ويتملكه .
قال لها :
ـــ أنت هدية الله تعالى إلي ، ولو أنني لا أستحقها ، أريد أن أعيش حضورك في كل لحظة لكي لا أشعر أنني سأفقدك في أية لحظة ..
ردت عليه بكل ثقة :
ـــ أتمنى أن أكون أجمل أحلامك كما أنك أجمل أحلامي ..
إنه يخشى دائما الآخرين،لدرجة أنه يظن أنه خلق بهذا الارتياب الذي يلازمه كظله ، إنه يأخذ وقتا طويلا ليثق أو يمنح ثقته لأحد ما ، كان يخشى أن يصدروا عليه أحكامهم .
وتبين له أنه يوجد على هذا الكوكب،كائن لديه القدرة ليظهر الألوان الزاهية ، الأشياء البهية،الشتاء يصبح معها هادئا ولطيفا والأشياء غير المحتملة تصبح محتملة ، والجميل يصبح أكثر جمالا والقبيح أقل قبحا .
على كل، أحالت وجوده إلى وجود جميل وسعيد .
وهي كانت كثيرا ما تسأله :
ـــ هل تتذكر لماذا أحببنا بعضنا ؟ ولماذا كان ذلك الحب قويا بيني وبينك ؟
وعندما يستمر في صمته دون أن يحري جوابا ، كانت تجيب بدلا منه :
ـــ لأنني كنت قادرة أن أرى فيك أشياء لم يرها الآخرون .
لكن كل هذا كان في زمن مضى ، إنها لا تستطيع تقديره اليوم ،
اليوم تحرق عينيها هذه الدموع لذكريات موجعة ، لكل تلك الكلمات الأخرى المؤلمة الساكنة داخلها والتي لن تخرج إلى الوجود أبدا .
من بين كل الاحتمالات ، والتي لم يضعه في الحسبان، احتمال أن قلبه لم ينس أبدا أجمل اللحظات السابقة مع من أحبها للمرة الأولى ، الأشعة التي كانت تفاجئه في الكثير من الأحيان وتملأ كيانه فيرتسم وجهها في مخيلته ..
احتمال تلك اللحظة ، التي يخيل له فيها أنه يمكن أن يحررها من طغيان زوجها الذي فرض عليها من طرف عائلتها ومن أغلال عنفه وقسوته.
اليوم ومن بين الجروح النازفة والتي لن تندمل أبدا ، تسيطر على دماغها صورته مجندلا ، غير بعيد من بيتهما ــ وفي اصطدام بينه وبين زوج تلك المرأة ــ وقد أخترقه سكينه الغادر والذي قام بغرسه في صدره ، دون سابق إنذار ..
وبعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة مضرجا بدمائه ، بين يديها ، لم تغادرها تلك الأوجاع التي تجز قلبها من الداخل وتترك عقدتها المؤلمة في نفسها ، لا يمكن الشفاء منها .
أن تعيش لما كل شيء يذهب ، يتركك ، يفشل ..
لما كل الكلمات تفسد عقلك ، تصمه ، تملأه بالأوساخ ، تقتحم عالمك ، فصولك ..
أن تعيش لما كل شيء يصبح معتما ،لما يغيب الهدوء والسلام داخلك وتصبح خائفا من كل ما حولك ، من كل الأنفاس ، لذلك هناك من لا يريد ون أن تلمسهم أو أن تلمس ذكرياتهم ، لأن هناك دائما شخص آخر داخلهم يقوم بذلك .