أحداث سوريا .. و مشاعرك .. كمصري أو تونسي ... و ليس كعراقي أو يمنى او ليبي أو سوري ؟!
السؤال الكبير .. كيف تحكم انت علي الحدث السوري ؟
سؤال آخر أكبر .. هل قرأت التاريخ ؟
بالمناسبة .. التاريخ يتغير بسرعة .. لذا لا يجب ان تكون مثقفا تقرأ كل يوم كتاب قبل النوم لكي تستوعب .. .. فقط يكفي أن تحلل و تشاهد ..
التونسيون ... أطاحوا بزين الدين بن علي.. الذي هرب الي السعودية ... و عبروا الي ديمقراطية حقيقية... لماذا ؟
ببساطة شديدة .. لأن بلدهم لم تنهر داخليا .. جيشهم ظل صامدا ..
النموذج المصري أيضا.... تنحى الرئيس المصري السابق محمد حسنى مبارك .. تحت وطأة الاحتجاجات ... لكنه لم يهرب ... و ظل في بلده و مات فيها ... و عبرت مصر الأزمة ... و ظلت متماسكة صلبة .. قاومت محاولاتهم في سيناء و غيرها .. لماذا ؟
لا تحتاج الاجابة الي مفهومية ... الجيش المصري الفاخر .. ظل صامدا متماسكا .. و سيظل ان شاء الله كذلك .. الي ان يرى "إياهم" حلمات آذانهم ..
سوريا ... منذ 2011 .. و الجيش لم يصمد ... ففقدت السلطة المركزية ثلثي البلاد تقريبا ... اي ان بشار الأسد فعليا لم يكن يحكم التراب السوري كله .. علي العكس .. تمزقت سوريا فعليا ..
الآن سوريا ... اصبحت في قبضة "الفصائل" ..
لاحظ أن كلمة "الفصائل" جمع و ليست مفرد ..
اذا ماذا يقول التاريخ ... ؟
يقول التاريخ ان ليبيا "بلدي الثاني الذي احبه" لم تعد ليبيا الموحده .. لأنها تحت حكم "الفصائل" .. ، لا توجد في ليبيا حكومة مركزية تبسط يديها علي كامل التراب الليبي ...
يقول التاريخ ايضا ... ان افغانستان عندما طردت التنظيمات المسلحة الاحتلال الروسي منها ... ايام رشيد دستم و حكمتيار و آخرين من هؤلاء القادة .. تناحروا فيما بينهم .. و غرقت افغانستان في مستنقع الحرب الأهلية .. ثم مستنقع اكبر و اكبر حتى وقتنا هذا .. و التفاصيل كثيرة
العراق .. نموذج واضح عن الدولة الشكلية .. جيش و حشد شعبي .. و شمال كردي له قوات خاصة به .. و فصائل مسلحة ... ، العراق لم يعد العراق ..
هل كل ما سبق غريب عجيب جديد عليك .. و لاول مرة تلاحظة ... ؟!! ... لا طبعا ... لكن من مميزاتنا نحن العرب اننا لا نتعلم و الغباء سيد موقفنا دائما ..
عندما كانت فصائل سوريا المسلحة تقول انها فتحت حلب و حمص و غيرها ... كنت اتساءل اين .. كانت صيحات الله اكبر عندما كانت غزة تئن و تباد لمدة عام كامل .. ؟!!
دعك من غزة ... اين كانت هذه الفصائل عندما كانت اسرائيل تقصف سوريا نفسها ..
ربما سيرد احدهم ... : سوريا دولة طائفية ..كذلك العراق و لبنان .. علويين و دروز و شيعه و ترك و سنة عرب و سنة اكراد و غيرهم ...
جميل جدا ... ماذا تنتظر من دول ضعيفة لا يوجد فيها جيوش ... و بها كل هذه الطوائف .. و كل طائفة في يدها سلاح ؟
الإجابة : انظر الي النموذج اللبناني و انت تعرف الاجابة ... لبنان نموذج لإنحطاط الكرامة الوطنية الي ادنى مستوى ممكن ... ، لا اعرف ما هو شعور ضابط الجيش اللبناني و بلدة عرضه مستباح ... و هو غير قادر حتي علي تامين طعام جنوده .. لا الدفاع عن بلده !
عموما .. كل ما سبق ... لم يعد له قيمة بعد أن دارت العجلة ... ، و يبقى السؤال ... هل ستكسر سوريا الاستثناء ؟؟
هل فعلا ستتوحد الفصائل و تلقي بالسلاح .. و تصبح لها قيادة موحده و تسيطر علي كامل التراب السوري .. ؟
هذه امنية غالية ... لا يدعمها التاريخ و لا علم البتنجانولوجي حتى ..
الملاحظة الاخري التي استوقفتني ايضا .. في تونس ثم مصر .. ظل علم البلاد نفسه هو نفسه العلم ... ، هو علم البلاد و ليس علم النظام ... ، في العراق .. قاوموا تغيير العلم جزئيا و لولا كلمة الله اكبر التي وضعها صدام حسين علي العلم .. كان قد تغير العلم كليا .. لكنهم اكتفوا بإزالة الثلاث نجمات ..
سوريا و ليبيا غيروا العلم كليا .. و مع تغير العلم يتغير الانتماء و الولاء و الاحساس بالوطن ...
بالمناسبة ايضا .. هذا ليس دفاعا عن بشار الأسد او حزب البعث .. او ماهر الاسد .. و انما دفاعا عن مفهوم "السلطة المركزية القوية" ..
اسرائيل مثلا ... دولة قوية .. ليس لان جيشها قوي ..بل هو جيش هزمته مصر .. و يمكن هزيمته و سيهزم ان شاء الله... لكن الدولة نفسها .. دولة ذات نظام ديمقراطي قوي و سلطة مركزية قوية ..
يا أخي .. يا أيها المغيب ... خليك مثل عدوك اولا .. ثم املئ الدنيا زغاريد و سوف ازغرد معك انا ايضا ..
اعود الي بلادي مصر ... ، و رغم الظروف الاقتصادية الصعبة و مشاكل البنك الدولي... و التضخم ... إلا ان المواطن المصري ... ينام آمنا في بيته .. الطائرات التي تطير فوقه هي طائرات جيشه .. ، و لم تستبح سماءه صواريخ اسرائيلية ..و لا ينتظر التهجير ... ، حدوده آمنة و قوية ... ، بل و فوق ذلك استضاف السوري و اليمني و الليبي و السوداني ... و كل من ضاع وطنه حتى حين ..
كضابط في الجيش المصري... افخر كثيرا بانتمائي له .. و بدوره في حماية وطني و ترابه و كرامته و عرضه و هو الجيش الوحيد المنتصر علي إسرائيل ... و افخر ان بلادي لم تصبح - و لن تصبح ان شاء الله - مثل سوريا او العراق او ليبيا او اليمن او العراق او السودان او لبنان ..
و اعتقد ان زميلي في الجيش التونسي يشاركني هذا الشعور ..
و تظل كل همومنا فقط ... اصلاح الإقتصاد .. و تخفيف المعاناة الحياتية للمواطن .. و ليس تامين خيمة لكل مواطن نازح ...