فوق الإطار الخشبي الذي أمامه كان يُمرِّرُ الفرشاة بيديه بخفِّةٍ واضعًا ألوان قوس المطر وذكرياته التي جمعتُهُ بزوجته الأحبُّ إلى قلبه، سبعة سنين من عُمُره قضاها بسعادة وطمأنينة لم يُدرِكُها قبل شهرٍ من الآن.
لذلك قرر وضع الأطياف السبعة تخليدًا لذكرى مرور سبعة سنوات من زواجهم المُكلَّل بجويرية التي كانت السبب السعادة والفرح داخل منزلهم.
أمسك الصورة الأولى التي جمعته بها حبيبته منار وقربَّها من صدره، أعادته نحو الأيام الربيعية التي كانا يقضيانها معًا، وإلى الجنون والإثارة التي كانت تقحمها داخل حياته بحركاتها الطفولية وغُنجها، تلعب بالأراجيح كالفتياة وتركض حوله بخفَّة ونشاط برِقَّة الورود.
أما الصورة الثانية أصاغَ لها السمع وهو يدمدم كلمات الأغنية التي كانت تُغنِّيها بصوتها الجميل تبعثُ من خلالها مشاعر الحُبِّ وتعانقه بصوتها المُمتلئ بالعشق لعينيه.
وقعت عينيه على الصورة العاشرة ببطنها المُنتفخ، كانت تقفُ مزهوَّة بنفسها وهي تضع يديها فوقه تشير إلى وجود ابنتهما داخله.
توالت الصور والذكريات الجميلة كان يشتمُّ رائحتها الجميلة من خلال لقطات لطفلته الصغيرة وأول خطوة تمشيها، وإلى جسدها الصغير والضعيف، إلى أن وقعت عينيه على الصورة الأخيرة، كانت غير مفهومة لا تمتلك ملامح واضحة، وكأنَّها لُقِطَت على عجل.
ذرفَت دموعه بغزارة فوق عينيه وهو يضعها لينهي العمل على الإطار، وهو يمشي نحو المكان الذي ينتظرانه به.
حثا فوق العشب الأخضر وهو ينظر نحو السماء السابعة، قبل أن يخرج صوته ليتحدَّثُ إليهما:
" عزيزتي وابنتي الغالية:
هديتي لكما هذا العام هو هذا الإطار الخشبي وضعت به ذكرياتنا الجميلة، سبعة أعوام مرَّت وكأنَّها سبعة أطياف، لطالما تمنَّيت وجودكما معي لتريان كم هو جميل، متأكد أنكما تنظران إليَّ من خلف قوس المط، لذلك لوَّنتُه لكما كما تُحبَّان تمامًا"
وضع الإطار الخشبي فوق القبر وعاد إلى منزله حيث رائحة ذكرياتهم معًا، وألوان المطر.