العزيز يحيى،
أخبروني اليوم بمنتهى القسوة أنك بعقلي، قالوا عنك بأنك وهمي، ذلك الوهم الذي تغذّى على وحدتي حتى تجسّد لي...
وهم؟
الوهم يقرأ لي؟ يجدل لي شعري؟ يشرح لي الأمور السياسية التي لا أفهمها؟ يقصّ لي قصص القدامى؟ يرسمني؟
هل الوهم يرسم، يا يحيى؟
ضحكتُ منهم وجئتُ إليك أُحدّثك،
يا الله، يا يحيى، ما أسخى أحاديثنا بالكثير من الحكايا!
نضحك من كلّ الأحداث حتى المحزن منها نغلبه بضحكات السخرية، أنتَ تفكّر لي، وأنا أُشاغبك، أتذكر حين كنتُ أضحك، وفجأة صَمَتَّ؟ فسألتُك...
فقلتَ لي:
"أقسمُ يا ورد، أن الشرفة تضحك بعدك، وكأنها تؤمّن على ضحكاتك..."
نتحدّث عن كلّ شيء، حتى مغامراتك النسائية أخبرتني بها، وضحكتَ وأضحكتَني، لا أذكر يومًا أنك أبكيتني...
أو لعلّي بكيتُ...
بكيت؟
نعم...
بكيتُ اليوم، يا يحيى، لأنني أعرف أنك وهمٌ برأسي، اصطَنَعتُه لنفسي وعلقت روحي به...
بكيتُ اليوم، لأنهم أخبروني أنّه كي أتعافى، يجب التخلّص منك...
منك؟
أنت؟
يحيى؟
لا مفرّ... سأفعل، لكن، أيمكن أن نشرب الشاي معًا اليوم؟ بكوبٍ زجاجيّ، وملعقةٍ تتقلّب داخله، مُحدثةً صوتًا...
أيها الوهم الجميل، إن عدتُ منك يومًا، كيف أعود من ذكريات الصوت والعطر والقُرب والتنهيد؟
يحيى، ربما غدًا أفيق منك... أو لنجعلها بعد غد.