_ازيك.
_الله يسلمك.
_أخيرًا عرفت أقابلك، عايز أحكي لَك على حاجة.
_ماشي يا سيدي، وأنا سامع، بس عمَّال تتلفِّت حواليك ليه، أنت هتحكي إيه بالظبط!
_بتأكد إن مفيش حد سامعنا، أصل بيني وبينك أنا بشوف خيالات في الضلمة، وطول الوقت بكون حاسس إني مش لوحدي، ومن وقت للتاني بسمع حد بيكلمني، برغم إني في الوقت دَه مفيش حد بيكون معايا.
_لأ عادي اطَّمِّن أنت طبيعي.
_يا راجل!
_بكلمك بجد، أنت طبيعي وزي الفل.
_يعني كل اللي بحكيه ده مُش أعراض مَس؟
_لأ طبعًا.
_أومال هبقى ممسوس إمتى؟
_وأنت ليه عايز تبقى ممسوس؟
_عايز أشوفهم وأتكلم معاهم وأدخل عالمهم.
_وأنت ما شاء الله عارف تتعايش مع العالم بتاعنا عشان تتعايش مع العالم بتاعهم.
_أنا من كُتر ما قرأت عن العالم دَه وأنا عايز أتعامل معاه ومعاهم، وبما إن كل الممسوسين بيشوفوهم وبيتكلموا معاهم؛ فأنا عاوز أبقى ممسوس.
_طيِّب بُص، عندك شيفونيرة في أوضتك؟
_عندي، بس إيه علاقتها بالموضوع؟
_طبعًا ليها علاقة، أنت هتُقف قدام الشيفونيرة وتبدأ تتكلم معاها.
_وبعدين. كده هبقى ممسوس؟
_لأ أنت لحد كده هتكون طبيعي وزي الفل برضه، بَس أوّل ما تلاقي الشيفونيرة بدأت تكلمك وترُد عليك؛ ساعتها تجيب بعضك وتيجي عندي العيادة.
_كده هكون اتمسِّيت؟
_لأ كده هتكون اتجنِّنت.
_أنت بتهزَّر؟
_أكيد لأ، ما هو مفيش حد هيقول إنه بيكلِّم الشيفونيرة وهي بترُد عليه وهيكون عاقل يعني.
_بقول لَك إيه، أنت لازم تشوف لي حل وتقول لي على طريقة تخليني أتمَس بجد، لأني جرَّبت طُرق كتير ومفيش فايدة.
_طُرق إيه اللي جرَّبتها؟
_في مرّة دخلت الحمام في نُص الليل بعد ما أبويا وأمي ناموا.
_وبعدين.
_طفيت النور وفضلت أعيَّط في الضلمة.
_ليه كده؟
_عشان قرأت إن اللي بيعمل كده في الضلمة بيتمَس.
_وحصل إيه بعدها؟
_بعد شوية سمعت خبط على باب الحمام، فرحت بقى وقُلت إن اللي عملته جاب نتيجه وحد منهم حضر عشان يمسِّني، وبادئ حضوره بجَو الخبط والاشتغالات والكلام ده.
_ويا ترى كان مين اللي بيخبَّط، حد منهم فعلًا؟
_لأ. طلع أبويا، كان قايم يروح الحمام وسمعني بعيَّط جوّه، وساعتها قال لي: يا ما حذَّرتك من أكل الشطة وأنت جِبلَّة مبتسمعش الكلام، اشرَب بقى.
_الحاج فهم غلط، احمِد ربنا إن أبوك معرفش اللي فيها كان زمانه هوَّ اللي لِبِسَك.
_ما المحاولة دي لمَّا فشلت عملت محاولة تانية.
_خير عملت إيه تاني، رُحت تعيَّط في المطبخ المرَّة دي ولا إيه!
_لأ بدأت أدوَّر على قصص ورايات رعب عشان أقرأها.
_وإيه علاقة قراءة أدب الرعب بالمَس والكلام ده!
_أصل في بعض المؤلفين بيستخدموا تعاويذ وطلاسم، وسمعت إن قراءة الكلام ده بيخلِّي اللي بيقرأ يتمَس.
_وكانت إيه النتيجة بقى؟
_لقيت كتاباتك ظهرت قدامي وفضلت أقرأ عشان أتمَس، بَس مفيش فايدة برضه.
_طبيعي، يعني تفتكر لو كلامك صح اللي هيقرأ هيتمَس واللي بيكتب مش هيجرى له حاجة يعني؟
_مش أنت كاتب رعب؛ لازم تشوف لي طريقة تخليني أتمَس.
_يابني أنت بتقول بنفسك أهو، كاتب مُش مشعوذ ولا دجَّال ولا بقرأ الطالع ولا الفنجان.
_أومال كاتب رعب إزاي!
_يابني افهمني، الرعب ده تصنيف أدبي، كتابة زيها زي أي كتابة بس في مجال الماورائيات وكده، مش معنى كده إن اللي بيكتبها جايب راكية بخور وقاعد قدامها يقول أشتاتًا أشتوت.
_يعني مش هتشوف لي طريقة تخليني أتمَس؟
_طيِّب بُص أنا هفاجأك وهقول لك اللي فيها.
_بجد هتفاجئني؟
_طبعًا، وعايز أفرَّحك وأقول لَك مبروك أنت فعلًا ممسوس.
_بتتكلم بجد؟
_طبعًا يابني هوَّ المَس فيه هزار!
_أومال ليه مش بشوف حد منهم!
_ما هي دي المفاجأة التانية اللي لسّه هقول لَك عليها، أنت شُفتهم خلاص وأنا فعلًا حد منهم.
_أنت بتتكلم بجد؟
_أنت فاكر إن مخلوقات العالم ده بيهزروا برضه!
_ربنا يبشَّرك بالخير.
_حيث كده بقى قول لي، حاسس بإيه وأنت ممسوس؟
_مبسوط، عندي طاقة غريبة، حتى بقيت شايفك في هيئة تانية، استنى كده، أنت نِن عينك بقى بيضاوي، بشرتك شاحبة، في صَهد طالع منَّك، حتى طولك زاد فجأه وراسك بقت مقرَّبة للسقف.
_شُفت بقى إنك ممسوس وعياطك في الحمام جاب نتيجة.
_يعني أنا فعلًا اتمسِّيت بسبب الحمام مش بسبب كتاباتك؟
_يابني افهم متبقاش ممسوس وغبي، أنت لولا ما دخلت الحمام تعيَّط في الضلمة مكانتش كتاباتي ظهرت لك أصلًا ولا كُنت اتمسِّيت وقابلتني.
_يعني أنت اللي كنت بتخبَّط على باب الحمام وكلمتني يومها؟
_أنا برضه هاجي أخبّط عليك في الحمام وأقول لَك يا ما حذَّرتك من أكل الشطة وكده!
_أومال مين اللي كان بيكلمني؟
_ده كان أبوك عادي، ما أنا نسيت أقول لَك، أصل ساعتها صوتك أزعجني وكنت عايز أنام، فخلِّيته يقلق عشان يدخل الحمام ويخبَّط عليك وتخرج، عشان أنا أعرف أنام.
_يعني أنت كنت وقتها في الحمام ولا صوتي هو اللي خلاك تحضر؟
_لأ أنا كنت جوَّه ممدِّد في الصبَّانة عشان كنت حاسس بشوية إرهاق.
_عفريت وبتحِس بإرهاق!
_عادي يابني إذا كان الحديد بيتعب ولازم يرتاح.
_حيث كده بقى إيه الخطوة الجاية اللي هنعملها؟
_عايزك أنت اللي تختار، تحِب أخليك تنتـ..ـحر؛ ولا أجيب لَك صرع وأخليك ترمي نفسك من فوق السطوح؟
_وإيه الفرق ما كده انتحـ..ـار وكده انتحـ..ـار.
_لأ طبعًا التانية هصرعك وبعدها تنتـ..ـحر، إنما الأولى هتنتـ..ـحر علطول.
_لأ الله الغني، هو أنت جاي تلبسني وتخليني ممسوس ولا جاي تموِّتني.
_اللي حضَّر العفريت بقى.
_طيِّب خلاص، انصرف، انصرف.. منصرفتش ليه؟
_هو إيه اللي انصرف! أنت مجنون يابني ولا إيه حكايتك؟ هو أنت فاكرني عفريت بجد ولا إيه؟
_أنت حيَّرتني معاك، أنت بني آدم ولا واحد منهم ولا مين بالظبط!
_أنت مش عايز تتمَس يابني؟
_أيون.
_خلاص مش هتفرق بقى تتمَس من واحد منهم أو تتمَس من بني آدم، أصلًا طالما وقعت في إيدي اعتبر نفسك اتمسِّيت وألعَن كمان، ها؛ هتيجي العيادة إمتى بقى؟
_العيادة؛ العيادة، هي إيه العيادة دي؟
_العيادة بتاعتي، ودي يا سيدي مكان يخصّني عايش فيه شوية من نفس عيِّنتك كده، هتلاقي هناك عفريتة هي اللي هتمِسَّك بجد وهتخليك تقول حقي برقبتي.
_عفريتة بجد ولا واحدة عايشة معاك؟
_اتحشِّم يا ممسوس، واحدة إيه دي اللي تعيش معايا، دي عفريتة بنت عفاريت، وأهي هتاخدك سلِّيوة وتحِل عني شوية، بس مترجعش تزعل، دي لا بتتصرف ولا بيأثَّر فيها الحاجات دي.
_اسمها إيه بقى العفريتة دي؟
_زعفرانة.
_في عفريتة اسمها زعفرانة برضه؟
_طبعًا، وفي حبَّهان ومستكة وعشتاروش، العيلة كلها هناك، والست لطفات وشُكري جوزها كمان.
_في عفاريت اسمهم لطفات وشُكري؟
_لأ دول أسخن من العفاريت وهيعجبوك متقلقش، وعمومًا أنت هتنوَّرني في العيادة، أنا كان ناقصني واحد زيَّك وبدوّر عليه من زمان. دَه أنت لُقطة، قول لي بقى، أنت بتحِب الكوبايات؟
_يعني عادي، بتعامل معاها لمّا بكون بشرب حاجة بَس.
_أوعدك إنك هتحبها زي ما بتحب المَس كده ومش هتفارقها، توكلنا على الله، هتنورني والله.
تمت...