إلى صاحبةِ الحُزْنِ الطَّوِيلِ،
الأُمُورُ لَيْسَتْ عَلَى مَا يُرَامُ، غُيُومٌ وَرَاءَ غُيُومٍ، لَا تُفْلِتِي لَيْلَةً دُونَ عِنَاقٍ طَوِيلٍ مَعَ دُمُوعِكِ...
صَدِيقَةُ القَلْبِ/ صَفِيَّةُ،
المُصَابُ وَرَاءَ الآخَرِ يُعَلِّمُ المُؤْمِنَ الجَلَدَ، يَسْتَنِدُ لِعُكَازِ الصَّبْرِ، فَيَصْعَدُ دَرَجَاتٍ لِأَعْلَى، يَرْتَقِي يَا غَالِيَتِي...
يَتَغَيَّرُ...
الحُزْنُ يُغَيِّرُنَا، وَالألَمُ رَائِعٌ يَا صَفِيَّتِي...
لَا تَظُنِّي أَبَدًا أَنَّ الألَمَ شَرٌّ...
إِذَا لَمْ نَشْعُرْ بِالألَمِ، لَنْ نَشْعُرَ بِرَوْعَةِ التَّعَافِي مِنْهُ...
الألَمُ هُوَ مِلْحُ الأَيَّامِ، الَّذِي يُعْطِيهَا هَيْئَةً وَكِيَانًا مَفْهُومًا...
نَتَأَلَّمُ لِنَفْهَمَ...
الفَقْدُ؟؟
الفَقْدُ دَرْسٌ قَوِيٌّ بأن الاسْتِغْنَاءِ كهف آمن لقلوبنا ، نسعى بجهد للتَّعَلُّقِ بِاللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَقْدُ المُحِبِّينَ يُعَلِّمُنَا ضَآلَةَ الإِنْسَانِ بِجَانِبِ تَصْرِيفِ الرَّبِّ...
وَقِلَّةَ حِيلَتِهِ أَمَامَ حَوْلِ وَقُوَّةِ خَالِقِهِ...
فَيَتَوَاضَعَ وَيَضَعَ عَنْهُ كِبْرَهُ وَغُرُورَهُ...
كَيْفَ نُكْمِلُ مَعَ الألَمِ؟؟
الألَمُ هُوَ الطَّاقَةُ الَّتِي تَجْعَلُنَا نُكْمِلُ، لَكِنْ لَيْسَ مِنْ أَجْلِنَا، بَلْ مِنْ أَجْلِ مَنْ يَسْتَنِدُ إِلَيْنَا حِينَ يَأْتِي دَوْرُهُ فِي الألَمِ، فَنَكُونَ مُتَوَهِّجِينَ بِوُقُودِهِ سلفًا، نَقِفُ بِصَلَابَةٍ وَقَدْ هَزَمْنَا كُلَّ مَا أَضْعَفَنَا سَابِقًا...
يَا صَاحِبَةَ الحُزْنِ الطَّوِيلِ...
دَعِينَا نَمُرُّ مَعًا، قَلِيلَةٌ أَيَّامِي البَاقِيَةُ صَغِيرَتِي، أُحِبُّ أَنَّنِي لَوْ تَرَكْتُكِ، لَا تَبْكِينِي، بَلْ تَبْتَسِمِي لِكِيَانٍ مَدَّ أَجْنِحَتَهُ حَوْلَكِ، يُضَمِّدُ فِيكِ انْكِسَارَاتِكِ، فَلَا تَنْهَزِمِي لِفَقْدِي حِينَها...
ضَعِي عَلَى قَبْرِي رِوَايَةً كَتَبْتُهَا فِي غَمْرَةِ الألَمِ، وَعَلَيْهَا إِهْدَاءٌ رَقِيقٌ:
"إِلَى امْرَأَةٍ عَادِيَّةٍ كَأُمٍّ، خُرَافِيَّةٍ لَا يَهْزِمُهَا فِي قَلْبِكِ الغِيَابُ..."
أحزنتك كلماتي تلك؟!
لا بَأس ..
أحب أن تتفهمي غيابي إن غِبت ...
اكتبي من جديد فالكتابةِ شخُوص دَاخلنا نُفرغها على صفحاتِ الورق، نصنع مشاعرها لننسى بعضِ مشاعرنا ...