هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • صرخات العمارة التي تئن،، مقال
  • بلاش نبقى الدبه التي قتلت صاحبها
  • الرحمات …..دليڤري
  • الإبداع في العبادة في رمضان
  • الحب وحده ليس كافيا
  • مرحبًا أيُّها البطل!
  • يا عزيزي كُلّنا نصوص
  • شبح سعد - قصة قصيرة
  • الشقاء فوق العادي
  • ما بين صمته وحديثها ضياع
  • قتل خطأ
  • تجربة مركز اعداد الرواد الثقافيين وسعد الدين وهبة
  • أعراض جانبية قد تبدو بسيطة رغم خطورتها
  • هذا هو جيشنا
  • بارك الله فيه،، كبسولة
  • لا أسيء التقدير..
  • حوار مع زعفرانة ١٢
  • انحنى صُلْبُ الدهر
  • الانطباع الأول
  • قوة السوشيال ميديا
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شاهين
  5. الحب والحرب
كان صوت الطبل والمزمار يدوى فى قرية بشلا كلها، تلك القرية التابعة لمركز ميت غمر محافظة الدقهلية، حيث بدأ الاستعداد لهذا اليوم قبل أسبوع كامل وتزينت القرية بأكملها لزفاف (صفية) و(علي) أطيب قلبين فى القرية بعد قصة حب نقية منذ الصغر.
(على) شابا فى منتصف العشرينات من عمره، نحيل الجسد، يمتلك وسامة محببة،يجلس مبتسما وكأن العالم لا يسعه.ظلت (صفية) تلك الشابة الجميلة صامتة وعلى وجهها ابتسامة خجلى. اقترب منهما عجوز يبدو عليه المهابة ومد يده ليصافح (على) في قوة قائلا:
_ابنتي أمانة في عنقك يا (علي) .
ثم التفت إلى ابنته محذرا:_لولاكِ ما كنت رضيت أو باركت هذه الزيجة.
توترت (صفية) وهى تقول:_بارك الله لك يا أبي.
أدرك العجوز أن ابنته تغلق الحديث كعادتها فهز رأسه ومط شفتيه وابتعد عنهما .
علي:- والدك لا يتقبلني كزوج لكِ رغم مرور تلك الأعوام ونحن نحاول إقناعه بزواجنا .والدك يرفضني لأن عائلتي فقيرة وليست ..
بترت صفية كلامه :- لا تهتم للأمر؛ فقد انتظرنا هذا اليوم أعواما ولن أقبل بفرحة يشوبها حزن،من اليوم حياتنا كلها ستكون بهجة صافية.
قالتها وقلبها ينبئها بأنها مخطئة تماما..
وكان على حق.
****************
انتفض (علي) فزعا، وأطلقت (صفية)صرخة خوف وهى تسمع تلك الضربات القوية على باب منزلهما الصغير. كان من الواضح أنها طرقات أمنية ولهذا فقد أسرع (علي) للباب وفتحه في قلق وهو ينظر إلى خفير نظامي ضخم الجثة صاح به في حدة:
_عندك استدعاء للجيش.
علي:_ماذا؟ زفافي كان البارحة، وأنا كنت في المعسكر عن قريب و..
قاطعه الخفير :_البلد في حالة حرب.سوف تأتي معي الآن.
اتسعت عينا (علي) فزعا وانهارت(صفية) في البكاء وهي تشاهد زوجها يمتثل للأمرفي ألم،ثم أمسكت بيده وهى تهتف :_ستعود.
نظر لها بعيون دامعة وتمتم :
-إن شاء الله.
وبقلب عاجز وإرادة مسلوبة غادر (علي) المنزل ومعه قلب (صفية) المحطم..
****************
صمتت القرية صمت القبور واتشحت النساء بالسواد فى ذلك اليوم المشئوم .
كانت أخبار نكسة يونيو 1967م قد انتشرت فى ربوع مصر بعد محاولة التستر على أحداثها واحتل الحزن كل بيت مصري ومن بينهم بيت صفية التي ظلت صامتة ،واهمة.
اقترب منها والدها واحتضنها فى حنان وهو يقول :_سيعود بإذن المولى يا صفية.
لم تنظر إليه ولكنها تمتمت :_لم تحبه يا أبي ولكني عشقته،كان لي الماء والهواءو الدنيا بأسرها.
غمغم في خفوت :_كنت أراه أدنى منكِ،أنتِ ابنة الحاج(عوض الشربيني)،الرجل الذي تهابه أهل القرية كلها بما فيها عمدتها.(علي)شاب فقير من عائلة(الزكي) وهم بالكاد يعيشون حياتهم ولولا والدتك –رحمها الله- ما كنت قبلت.
ثم تنهد وقال:_سيعود يا ابنتي وستظلين عندي حتى عودته.
سالت دموع (صفية)من عينيها المنتفخين وشردت بأفكارها وحواسها هناك..
في سيناء..حيث المحبوب.
*************
ستة أشهر كاملة مرت ولم تفقد صفية الأمل في عودة زوجها وفقد الجميع الأمل في عودة ابن قريتهم واعتبره البعض شهيدا من شهداء النكسة حتى والدها حاول أن يلمح بكلامه عن ذلك ولكنها صرخت في وجهه "سيعود".
وفي فجر يوم ممطر لمح المصلون شابا مألوفا،فقد نصف وزنه فانثنت قامته وازداد سمرة.
كان يسير في بطء شديد، متهالكا،خاوى النظرات..
صرخ الجميع:_ (علي)!
تحلق الكثير منهم حوله،ولم يكد يطمأن بقربهم حتى سقط وسط أكتافهم فاقد الوعي.
لم تصدق (صفية) عيناها رغم شعورها الدائم بعودته ..
كانت تتأمله وهوفاقد الوعي،طريح الفراش وهي تحاول منع نفسها من إلقاء نفسها بين أحضانه..
تجهم وجهها عندما لمحت ذراعه اليمنى أو بالأدق عندما لم تلمحها..
كتمت صرخة ألم وانسابت دموعها بغزارة فلم تشعر بوالدها وهو يربت على كتفها ويقول:_طبيب الوحدة سيأتي الآن وسيتعافى زوجك يا (صفية).
صفية:_لقد فقد ذراعه يا والدي.لقد تألم كثيرا طوال تلك الفترة.
ثم انهارت فى حضن والدها الذى ضمها في حنان،ونظر له فى عطف أبوي لأول مرة.
كانت النكسة قد بدلت الكثير من مشاعره وشعر مثلما شعر الكثيرون بأن كل جندي هو ابنه الذى لم ينجبه.
ولم تلبث لحظات حتى امتلأت الحجرة بالأهل والأقارب ومنهم والدة (علي) المسنة،وعمه الذي يرعاه منذ وفاة والده .كانا يشعران بمزيج من الفرحة والحزن وهما ينظران له وطبيب الوحدة يفحصه بعناية ويخبر الجميع بأنه يحتاج للكثير من العناية فقد يبدو أنه عانى الأمرين طوال الفترة السابقة، وأن ذراعه قد عولجت بطريقة بدائية يستخدمها بعض البدو؛ولكنها منعت نزيف الدم وداوت جراحه،ثم غرس محقنا في ذراعه وطمأن الجميع.
وبعد ساعة كاملة بدرت من (علي)آهة مكتومة،وهتف فى لوعة "صفية"،فاقترب الجميع منه ليحتضنه في رقة وبكت والدته في حضنه الدافىء.
كانت (صفية) تنتظرهم جميعا؛لا ترغب في ترحاب منقوص أو مسلوب.وكأنما أدرك الجميع ذلك واستعدوا لإخلاء الحجرة، فقبلته والدته وربت عمه على كتفه مشجعا وابتسم له والد (صفية) في أبوة صافية.
ارتمت (صفية)فى أحضان زوجها وبكت غير مصدقة،وهو يتمتم في عتاب:
_لا بكاء بعد اليوم.كفانا ما حدث،ولولا عناية الله ما كنت نجوت من الشظية التي أطاحت بذراعي؛لقد أنقذني بدو سيناء ولكن رحلة عودتي إليكم كانت شاقة كدت أفقد حياتي مرة أخرى و..
قاطعته(صفية) في عطف:_لا تتحدث كثيرا؛فأنت تحتاج للراحة.
علي:_لقد فقدت ذراعي التى كنت أرعى بها أرضي.
صفية:_والدي قد تغير ومن الممكن أن...
علي:-لن أسمح بذلك،ولن يساعدنا أحد حتى لو كان والدك.
صمتت (صفية) وشردت لحظات،ثم ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تنظر فى عينيه وتقول :_سيرزقنا الله، لقد عدت لي ومعا سنهزم المستحيل.
ضمها في حنان وابتسما سويا وهما يستمعان لكروان يغرد في الأفق..
وصوت يُطمئنهما بأن الملك لله وحده..
تمت
التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1222 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع