كان يعيش بين أهل مدينته معروفًا بذكائه وفطنته، ومرحه بين الناس ، ولكنه كان يعاني من صراع داخلي عميق. فقد كان يواجه حيرةً بين متطلبات الحياة اليومية وملذاتها، وبين القيم الدينية التي تربى عليها.
كان يعمل في التجارة، وتدر عليه الأرباح الجيدة، مما أتاح له فرصة الاستمتاع بالحياة. لكنه في كل مرة كان يستمتع فيها بملذات الدنيا، كان يشعر في أعماقه بوجود فراغ. كان يتردد إلى المساجد، ويستمع إلى الخطباء الذين يتحدثون عن أهمية الدين وأثره في الحياة. كانت كلماتهم تثير في نفسه تساؤلات كثيرة.
في يوم من الأيام، قرر أن يذهب إلى السوق لشراء بعض الملابس الفاخرة. وبينما كان يتجول بين المحلات، لفت انتباهه بائع متجول يبيع كتبًا دينية. اقترب منه وبدأ يقلب صفحات الكتب، ووجد فيها الكثير من الحكم والنصائح التي لم يتوقعها. شعر بشيء من الراحة الداخلية، لكنه عاد إلى حياته اليومية.
مع مرور الوقت، بدأ الصراع يتصاعد في داخله. ففي كل مرة كان يحضر فيها مناسبة اجتماعية أو تجمع مع أصدقائه، كان يشعر بالذنب بسبب إهماله للعبادات. وفي المقابل، كان يشتاق إلى تلك اللحظات التي يشعر فيها بالحرية والمرح.
في إحدى الليالي، قرر أن يخرج إلى الطبيعة ليكون وحده مع أفكاره. جلس تحت شجرة كبيرة، وتأمل في السماء المرصعة بالنجوم. ، كان يحاول إيجاد السلام الداخلي والتواصل مع الله."
أخذ نفسًا عميقًا، وبدأ يفكر في خياراته. كيف يمكنه تحقيق التوازن بين الحياة والدين. كيف يجد السبيل لإرضاء ذاته وإرضاء الله فى الوقت نفسه.
تمر الأيام عليه ويرى نفسه ينجرف لملذات ترضيه، ثم يعود نادما، يبكي ويندم ويتوب إلى الله..ثم يعاود الكَرَّة.
يغوص فى ملذاته ثم يبكى ويحاول أن يتطهر من ثوب الذنب صادق النية.
يبدأ بتنظيم وقته بشكل أفضل. يذهب إلى المسجد بانتظام، ويقرأ الكتب الدينية، ولكنه أيضًا كان يخرج مع أصدقائه ويستمتع بلحظات الحياة. ومع مرور الوقت، بدأت سعادته تتزايد، وشعر بأنه قد وجد طريقه.
تتبدد حيرته قليلا ، يحاول أن يحيا حياة مليئة بالمعنى،و يتمتع بالملذات المباحة دون أن ينسى مبادئه الدينية.
يشعر بالراحة والسكون ، ثم ينقبض صدره ، يهدأ وينفعل، يضحك ويبكى، يزهد ويسرف..
تتوه أفكاره مع حكمة الله المخفية عنه، مع القدر الذى يقف أحيانا ضد رغباته ويتحير هل تلك العوائق لحكمة تخفى عنه؟ أم لذنب ارتكبه سابقا؟
يدرك أنه ضئيل أمام عظمة الله ، وأن عليه أن يقترب أكثر ، ويغير رؤيته الضيقة التى لا تتسع لبراح الكون.