قصة وسيناريو وحوار: محمد سعد شاهين
المشهد السادس عشر: البيت - بعد السكون
(الجميع يقف في صمت مطبق بعد أن عاد الهدوء. حسن يجلس على الأرض، يبدو مرهقًا لكن عينيه تلمعان بوميض غريب. زهرة تحتضنه وهي تبكي. عبده يقف بعيدًا، مرتبكًا، بينما الدكتور أمين يحاول استيعاب ما حدث.)
زهرة (بهمس):
حسن... حبيبي، مالك؟ إيه اللي حصل؟
حسن (بصوت واهن):
مش أنا يا أمي... هو اللي جوايا...
الدكتور أمين (بقلق):
مين يا حسن؟ مين اللي جواك؟
(حسن يرفع رأسه ببطء وينظر إلى الدكتور أمين، وعيناه تتحولان للحظة إلى لون أسود حالك، ثم يعود لطبيعته.)
حسن (بصوت مغاير):
أنا سيفرخ.
(زهرة تصرخ، بينما الدكتور أمين يتراجع خطوة إلى الخلف. عبده يمسك بعصا ويحاول التقدم نحو حسن.)
عبده (بغضب):
إنت مش حسن! سيب جسد ابني!
حسن (بصوت غامض):
ابنك كان ضعيفًا... لكنني جعلته قويًا. أنا لن أُهزم بسهولة.
المشهد السابع عشر: الاقتران
( كانت لعنة سيفرخ تنتظر ، وتنتظر فى صبر مخيف ..
القرون تمر ، والصحراء تتحول إلى قرية يسكنها مجموعة من فلاحين مصر..
ينتشر وباء الكوليرا ويحتل الأجساد ومنها جسد حسن الضعيف، وتخفيه والدته فى المقابر..
وهناك تنتعش الروح من جديد ، تتألق وتزهو وتدرك أنها عثرت على مبتغاها ..
تحتل جسده الرقيق وتبدأ فى طرد المرض ..
(يحدث ارتباطًا بين حسن والساحر، حيث تظهر صورة جسد حسن مستلقيًا على الأرض بجانب جسد "سيفرخ". أصوات غامضة تتداخل بينهما، تشير إلى قوة قديمة تتجدد.)
المشهد الثامن عشر: مواجهة الحقيقة
(الدكتور أمين يجمع عبده وزهرة وبعض شيوخ القرية في محاولة لفهم اللعنة.)
الدكتور أمين:
الحل الوحيد إننا نعرف مصدر اللعنة ونقطعها من جذورها.
الشيخ الكبير:
دى مش لعنة عادية. بالتأكيد لمسه جن من المقابر. لو استمر في التحكم بحسن، هيدمر القرية وكل اللى فيها.
الدكتور:
الاسم الذى نطقه فرعوني ، ولازم نبحث عنه فى كتب التاريخ .
زهرة (ببكاء):
لكن... ده ابني. مش ممكن نضحي بيه.
الشيخ الكبير:
إما أن نطهر جسده من هذه الروح الشريرة... أو نخسر كل شيء.
الدكتور:
الحل لازم يكون علمى، مش بالطريقة دى.
عبده (بإصرار):
إحنا هنطهره.
المشهد التاسع عشر: الطقوس
(يجتمع الجميع في ساحة كبيرة وسط القرية. الشيخ يضع حسن في دائرة مرسومة بالطباشير ويشعل الشموع حوله. يبدأ بتلاوة بعض السور ، بينما حسن يصرخ ويتلوى من الألم.)
حسن (بصوت مختلط):
لن تستطيعوا التخلص مني... أنا أمتلك هذا الجسد!
(الرياح تزداد قوة، والأرض تهتز مجددًا. زهرة تحاول التدخل، لكن عبده يمنعها. فجأة، ينهار حسن تمامًا ويقفز ظلام كثيف من جسده، متجهًا نحو السماء.)
الشيخ الكبير (بتوتر):
علينا أن نحرق هذا الظلام قبل أن يجد جسدًا آخر!
(يشعلون نارًا كبيرة، ويقذف فيها بعض الأوراق المكتوب فيها بعض التعاويذ. الظلام يحترق تدريجيًا، ويعود السكون.)
__
(تظهر الشمس ببطء، والقرية تستعيد هدوءها. حسن يرقد في حضن أمه، يبدو منهكًا لكن سليمًا.)
زهرة (بفرحة):
حسن... يا حبيبي، رجعت لنا؟
حسن (بصوت ضعيف):
أنا آسف يا أمي... كنت ضعيف... بس دلوقتي أنا بخير.
(الدكتور أمين ينظر إلى الشيخ الكبير.)
الدكتور أمين:
تفتكر اللعنة انتهت؟
_______
المشهد العشرون: بداية جديدة
(في الفجر، القرية تبدو هادئة وكأن شيئًا لم يحدث. حسن يستعيد وعيه تدريجيًا بينما زهرة تمسح على جبينه. عبده ينظر إليه بنظرة مختلطة بين الفرح والقلق، والدكتور أمين يراقب الوضع عن كثب، لكن الشيخ الكبير يبدو شارد الذهن.)
زهرة (بابتسامة باكية):
حسن، حبيبي، الحمد لله إنك بخير.
حسن (بصوت خافت):
أنا تعبان، بس… كأن في حاجة لسه جوايا.
(يتبادل الشيخ الكبير والدكتور أمين نظرات سريعة، ثم يقترب الدكتور أمين.)
الدكتور أمين:
ده طبيعي بعد اللي حصل. جسمك محتاج يرتاح… وروحك كمان.
(الشيخ الكبير يقترب وينظر إلى حسن بعمق، ثم يتمتم بشيء غير مفهوم.)
الدكتور أمين (بهمس):
الهدوء ده… دايمًا بيجي قبله عاصفة أكبر.
عبده (بغضب) وهو ينظر للشيخ:
يعني إيه يا شيخ؟ مش قولت إننا خلصنا؟!
الشيخ الكبير (بتردد):
النار اللي شوفناها حرقت الظلام… لكن الأثر بيبقى. اللعنة دي أقدم مننا بكتير.
زهرة (بفزع):
يعني ممكن يرجع تاني؟
الشيخ الكبير:
مش بس يرجع… ده ممكن يكون أقوى.
المشهد الواحد والعشرون: العلامة
( يظهر حسن نائمًا في غرفته. فجأة، يفتح عينيه، ويبدو أن وجهه مغطى بعرق بارد. ينهض ببطء ويتجه نحو المرآة. هناك، يرى انعكاسًا غريبًا لعينيه التي تعود للحظات إلى اللون الأسود الحالك.)
حسن (بصوت مرتجف):
لا… مش ممكن… أنا بخير…
(يظهر انعكاس سيفرخ في المرآة، وهو يبتسم بسخرية.)
سيفرخ (بصوت عميق):
لم ينتهِ شيء، يا حسن. أنا هنا… وأنت لي.
(حسن يصرخ ويسقط على الأرض. يهرع عبده وزهرة إلى الغرفة ليجداه فاقدًا للوعي.)
المشهد الثاني والعشرون: الكشف
(يجتمع الدكتور أمين والشيخ الكبير في بيت عبده بينما حسن ينام في سريره، وقد بدا أكثر شحوبًا.)
الدكتور أمين:
أنا متأكد إن اللعنة دي مش مجرد خرافات. فيه تفسير تاريخي وعلمي ليها.
الشيخ الكبير:
والتفسير ده لوحده مش كفاية. إحنا محتاجين نواجهه بقوة أكبر.
عبده (بغضب):
كفاية كلام! ابني هيموت قدامي وأنا مش عارف أعمل إيه!
الدكتور أمين:
فيه نصوص فرعونية اتكلمت عن "سيفرخ". ممكن نلاقي طريقة نعرف بيها أصل قوته ونقضي عليه نهائيًا.
الشيخ الكبير (بقلق):
لكن ده معناه إننا نواجهه مباشرة… ولو فشلنا…
زهرة (بصوت حازم):
ما عندناش خيار. حسن لازم يرجع لنا.
المشهد الثالث والعشرون: الكتاب المفقود
(يتوجه الدكتور أمين والشيخ الكبير إلى مكتبة قديمة في القاهرة، يبحثان عن كتب فرعونية قديمة تتحدث عن "سيفرخ". بعد ساعات من البحث، يعثر الدكتور على مخطوطة تحتوي على رمز غريب.)
الدكتور أمين:
ده رمز اللعنة… ودي الطريقة الوحيدة لكسرها.
الشيخ الكبير (بصوت خافت):
لكن تنفيذ الطقوس دي خطير. لو فشلنا… الروح دي ممكن تستولي على أكتر من حسن.
الدكتور أمين:
إحنا لازم نحاول.
المشهد الرابع والعشرون: الطقوس الكبرى
(يعود الجميع إلى القرية ويجتمعون عند المقابر حيث بدأت اللعنة. يُرسم رمز الطقوس على الأرض باستخدام دماء حيوانات ميتة رغم اعتراض شديد من الشيخ فى البداية ، ورسم نقوش فرعونية قديمة في أماكن محددة. حسن يوضع في مركز الدائرة، وقد بدا مستسلمًا.)
حسن (بصوت ضعيف):
لو ما قدرتوش… متسيبونيش أعيش كده.
زهرة (تبكي):
هنقدر، يا حسن.
(يبدأ الدكتور في تلاوة النصوص، والشيخ يراقب الرموز. فجأة، تبدأ الرياح في الهبوب بقوة، والأرض تهتز.)
سيفرخ (بصوت غاضب يظهر من حسن):
لن تتخلصوا مني! أنا أبدي!
(تظهر ظلال كثيفة حول حسن، وتحاول مهاجمة الجميع. الشيخ الكبير يصرخ:)
الشيخ الكبير:
لازم نكمل! مفيش رجوع!
(تستمر الطقوس، وتشتعل النيران حولهم فى عدة مقابر وتدوى صرخات مفزعة وكأنها أصوات تتألم وتتلوى فى قلب الجحيم )
تسقط زهرة على الأرض من شدة الحزن والخوف ..
ثم يسقط حسن وراءها أرضا ..
ويسكن كل شيء..
تختفي الأصوات، وتخبو النيران..
ويقف الجميع فى صمت ..
_______
المشهد الخامس والعشرون: الهدوء الوهمي
(الصباح يلوح على القرية، الشمس تشرق ببطء كأنها تنفض الغبار عن ليلة مظلمة. حسن يستعيد وعيه تدريجيًا، وزهرة بجواره، تمسك بيده وتبكي بحرقة. عبده والشيخ الكبير ينظران بحذر، والدكتور أمين يتحقق من الرموز التي تلاشت آثارها.)
حسن (بصوت متقطع):
خلصنا…؟
الدكتور أمين (بتردد):
أعتقد… أن اللعنة انتهت
(زهرة تنظر إلى حسن، تحاول رسم ابتسامة تطمئنه، لكنها تبدو مرهقة وعيناها تحملان ظلًا غريبًا. تهز رأسها محاولة نفي أي شكوك.)
زهرة:
المهم إنك بخير، يا حبيبي.
عبده (بغضب مكبوت):
دي كانت ليلة سوداء. المفروض ماحدش يتكلم عن اللي حصل تاني.
(الكل يتفق بصمت، لكن الشيخ الكبير يظل يحدق في زهرة، التي تبدو مرتبكة للحظة، ثم تصرف وجهها بعيدًا.)
---
المشهد السادس والعشرون: الزهرة السوداء
(بعد أيام، حسن يتحسن تدريجيًا، والقرية تعود لحياتها الطبيعية. لكن زهرة تبدأ بالتصرف بغرابة. تنام قليلًا، تصمت لفترات طويلة، وتبدو كأنها تسمع أصواتًا خفية. عبده يلاحظ التغير، لكنه يعتقد أنه بسبب ما مرت به.)
عبده:
زهرة… انتي كويسة؟
زهرة (بصوت منخفض):
آه، تمام. بس محتاجة شوية وقت.
(في تلك الليلة، تستيقظ زهرة فجأة وتتجه نحو المرآة في غرفتها. تنظر إلى انعكاسها، فتشاهد ظلالًا سوداء في عينيها للحظات، ثم يظهر انعكاس "سيفرخ" مبتسمًا.)
سيفرخ (بصوت عميق):
لم أترككم أبدًا… لقد اخترت الآن أن أكون حيث الألم أعمق.
زهرة (بصوت مرتجف):
لا… لا… مش أنا!
(تسقط على الأرض فاقدة للوعي. عبده يدخل الغرفة مسرعًا ليجدها ملقاة على الأرض، ووجهها مغطى بعرق بارد.)
---
المشهد السابع والعشرون:
(يجتمع الدكتور أمين والشيخ الكبير مرة أخرى في بيت عبده. حسن يجلس على كرسي قريب، يبدو مرتبكًا، بينما عبده يروي ما حدث.)
الدكتور أمين (بحذر):
بالتأكيد "سيفرخ" لم يُهزم بالكامل… بل انتقل إلى جسد آخر.
حسن (بصوت مرتعش):
مش ممكن… مش ممكن ..أنا السبب
الشيخ الكبير:
الأرواح الشريرة تختار دائمًا الشخص الأضعف عاطفيًا… اللي حبه قوي لدرجة يعرض نفسه للخطر عشان يحمي اللي بيحبهم. هى كانت فى لحظة خروجه منك ضعيفة وهشة علشان كده اختارها.
زهرة (تظهر فجأة في الباب، بوجه متعب):
أنا سامعة كل حاجة. لو ده صحيح… لازم تخلصوني منه، زي ما عملتوا مع حسن.
الدكتور أمين (بتردد):
لكن… مش هينفع نكرر الطقوس بنفس الطريقة. الجسد اللي بيحمل اللعنة دلوقتي أقوى… وأي خطأ هيكلفنا غالي.
زهرة (بصوت حازم):
أنا مش خايفة. اعملوا اللي لازم يتعمل.
---
المشهد الثامن والعشرون: المواجهة الأخيرة
(يجتمع الجميع مرة أخرى في مكان الطقوس، لكن هذه المرة مع تجهيزات أكثر حذرًا. زهرة تقف في مركز الدائرة، عيناها تعكسان مزيجًا من الحزن والقوة)
الشيخ الكبير:
متقربش… ده أخطر وقت.
(يبدأ الدكتور أمين في تلاوة النصوص، لكن الظلال السوداء تبدأ في الظهور حول زهرة. فجأة، يظهر "سيفرخ" بوضوح على وجهها، يتحدث بصوته العميق.)
سيفرخ:
هل تعتقدون أنكم تستطيعون التخلص مني؟ أنا الأبدي… أنتم مجرد لحظات. ألا تشعرون بالملل من تكرار التجربة.!
زهرة (بصوت متداخل مع صوته):
أنا مش هسمحلك… مش هسمحلك تأذيني أو تأذي عيلتي!
(تبدأ الرياح في الهبوب بقوة، وتشتعل النيران مرة أخرى. لكن هذه المرة، زهرة تنظر إلى حسن وتبتسم بحب قبل أن ترفع يديها نحو السماء.)
زهرة:
لو ده الثمن… فأنا موافقة.
وفجأة ..قفزت داخل النيران وهى تصرخ فى قوة ..
صرخ فيها الشيخ :
ليه؟
حاول زوجها والدكتور أمين إنقاذها من النيران ولكن النار قد احتوت جسدها بالكامل وخيل لهم أن هناك ظل يقفز منها إلى الخارج ثم يطير إلى قلب القرية.
ثم انتهى كل شىء..
عبده ينظر لجثة زوجته المتفحمة فى ذهول ..وهو لا يصدق ما حدث.
الدموع تنهمر من الشيخ الكبير..
بينما الدكتور أمين ينظر إلى القرية الصامتة فى حذر..
وسؤال يتردد فى ذهنه : من التالى؟
وبدا له من بعيد ظلا ضخما يحتل القرية بأكملها.