ينخر الانتظار في أعماق الروح كالدودة في الثمرة، يترك ندوبًا عميقة لا تمحوها السنون. لحظات تمتد كالأبدية، ثوانٍ تتجمد كالجليد، كل ذلك في انتظار شيء ما، حلم، لقاء، خبر... شيء يتحول مع كل لحظة إلى وهم يراودنا.
الانتظار سجن بلا قضبان، يحبسنا في زنزانة الزمن، نرقب عقارب الساعة وهي تدور بلا رحمة، كل تكة تكسر جزءًا من صبرنا. إنه كالصحراء الشاسعة، لا نهاية لها، ولا ماء يروي ظمأنا، ولا ظلال تحتمي بها من لهيب الشوق.
في انتظارنا، نفقد جزءًا من أنفسنا، نصاب بالشك، نخاف من المستقبل، نتساءل: هل سيأتي ما ننتظره؟ وهل سيكون كما نتمناه؟ الأسئلة تتراكم، والإجابات تتلاشى في بحر الشكوك.
وفي لحظات اليأس، نبحث عن ملاذ، نلجأ إلى الذكريات، نحاول أن ننسى، لكن الأمل يظل يراودنا، كشرارة ضئيلة تحاول أن تشعل نارًا في قلوبنا الميتة.
الانتظار قاسٍ، لكنه مدرسة الحياة، يعلمنا الصبر، الثبات، القوة. يجعلنا نقدر قيمة الأشياء، وندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في اللحظة الحاضرة، وليس في المستقبل الغامض.