في لحظة يلفّها العتمة، يختار البعض إنهاء رحلة الحياة، تاركين وراءهم فراغا قاتماً في قلوب الأحبة، وعلامات استفهام لا جواب لها. ماذا يحدث بعد الانتحار؟ هل تنتهي المعاناة؟ أم تُخلّد في عذاب أبدي؟
تُفتح عينيّ "سامر" على ضوء خافت، يملأ غرفة باردة، يلفّها الصمت. يبحث عن جسده، فلا يجد سوى ضباب يحيط به. يظن نفسه في حلم، لكن الخوف يجتاحه. يمد يده، فيلامس جدارا خشنًا.
يتذكر قراره، قرار إنهاء حياته، هربًا من ألمٍ لا يطاق. لكن الألم مازال موجودًا، بل ازداد قسوة. يرى أشباحًا تُطارده، وجوهًا حزينة تُوبّخه. يشعر بالندم، لكنّ التراجع مستحيل.
يتجوّل "سامر" في عالمٍ غريب، يملأه الفراغ والوحشة. يرى أشخاصًا آخرين، ماتوا مثله، كل يحمل قصّة حزينة. يتحدثون عن مشاعرهم، عن الندم على ما فعلوه، عن رغبتهم في العودة. لكن عودتهم مستحيلة.
يُواجه "سامر" نفسه في النهاية. ينظر إلى انعكاسه في مرآةٍ ضبابية، يرى وجهًا شاحبًا، عيونًا مليئة بالحزن. يدرك خطأه، يدرك قيمة الحياة التي أهدرها. لكن الأوان قد فات.
يُدرك "سامر" أنّه لا يمكنه تغيير ما فعله، لكنّه يمكنه إيصال رسالة. يكتب على جدارٍ أبيض، رسالة لمن يفكر في الانتحار. يكتب عن الألم الذي يشعر به، عن الندم الذي يلاحقه، عن رغبته في العودة.
يُغلق عينيه، ويستسلم للظلام. يظنّ أنّه انتهى .ولكنه أدرك أنه بدأ رحلة أخرى سيظل بها حتى تحين قيامته.
رحلة إلى العدم ..