هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • حلم اللاقيود
  • عزيزي الخاشع
  • مجرد تبرير للعجز
  • لَمْ نَغَادِر بَعْدُ..
  • ظلال المدينة القديمة .. الفصل الثانى
  • ولكم فى النقد حياة 
  • صفات المجدد التى نص عليها العلماء
  • الحلم و صديقي
  • تقدر تطيل عمرك بنفسك
  • قلب طيب
  • محاولة نسيان فاشلة
  • أنا وهي وهن 
  • لما كنا صغار
  • الحب الحقيقي هو
  • القتيل
  • ظلال المدينة القديمة .. الفصل الأول
  • صلاة التراويح.. راحة للروح قبل الجسد
  • الفريسة 2
  • أحسد اثنين
  • أيقونة جديدة
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شاهين
  5. ظلال المدينة القديمة .. الفصل الثانى

الفصل الثانى: الباب المغلق

---

كان هناك شيء غير طبيعي في هذا البنسيون. ليس فقط صمته الثقيل أو نظرات النزلاء المريبة، بل ذلك الباب الذي يقبع في آخر الرواق كندبة قديمة لا يريد أحد التحدث عنها.

 

وقفت أمامه، أتلمس الخدوش التي حُفرت بأظافر شخص مجهول. بعضها كان عميقًا كأن من نحتها كان يقاتل لأجل حياته، أو لأجل عقله.

 

"لا تلمس الباب."

 

كانت المرأة النحيلة لا تزال واقفة هناك في الظلام، جسدها بالكاد يتحرك، لكن عينيها كانتا تتابعانني بيقظة مريبة.

 

"لماذا؟" سألتها دون أن ألتفت.

 

تقدمت نحوي ببطء، حتى أصبحت على بعد خطوة واحدة فقط. همست:

 

"لأن آخر من فتحه… لم يعد ليخبرنا بما رأى."

 

التفت إليها، لكنني لم أرَ سوى نظرة خوف حقيقي على وجهها. لم يكن الأمر مجرد خرافات أو حكايات تُروى للترهيب… بل كان شيئًا حقيقيًا، شيئًا يؤمنون به جميعًا.

 

******

 

عدت إلى غرفتي، لكن النوم رفض أن يزورني. كنت طبيبًا شرعيًا، معتادًا على الموتى أكثر من الأحياء، ولم يكن من طبعي تصديق الخرافات، لكن هناك شيء ما في هذا المكان… شيء يتنفس في العتمة.

 

تقلّبت في سريري محاولًا إراحة رأسي المثقل بالأفكار، حتى تسلل إلى أذني ذلك الصوت الخافت…

 

همسات…

 

شخص ما كان يتحدث في الغرفة المجاورة.

 

نهضت وألصقت أذني بالجدار. الكلمات كانت متقطعة، كأنها تأتي من مسافة بعيدة:

 

"… ليس وحده بعد الآن…"

 

"… رأيته…"

 

"… إنه يبحث… لكنه لا يعرف…"

 

سحبت معطفي على عجَل وخرجت إلى الممر، مصباحي الزيتي في يدي، لكن حين وصلت إلى باب الغرفة المجاورة… كان الصمت مطبقًا.

 

طرقت الباب. لا إجابة.

 

طرقت مجددًا، بعنف أكبر.

 

ثم جاءني الصوت من الداخل، صوت امرأة، ضعيف وخائف:

 

"ارحل، دكتور. قبل فوات الأوان."

 

********

 

في صباح اليوم التالي، استيقظت على طرقات سريعة على باب غرفتي. نهضت مترنحًا وفتحت، لأجد صاحب البنسيون، كارم، واقفًا أمامي، وجهه شاحب كأنه رأى شبحًا.

 

"تعال معي، دكتور… حدث شيء."

 

قادني عبر الرواق حتى وصلنا إلى باب إحدى الغرف، ففتحه ببطء.

 

رائحة العفن والموت ضربت أنفي فورًا. تقدمت بحذر، عيني تتجول في الغرفة، حتى وقعت على الجسد.

 

كان أحد النزلاء، الرجل النحيل ذو النظارة السميكة. كان ممددًا على سريره، لكن وجهه…

 

تجمدت ملامحه في تعبير من الرعب المطلق، عيناه كانتا متسعتين بشكل غير طبيعي، وفمه مفتوح كأنه صرخ حتى آخر أنفاسه.

 

لكن لم تكن هناك أي علامة على العنف. لا طعنات، لا دماء، لا أي شيء يمكن أن يخبرني كيف مات.

 

اقتربت أكثر، وفجأة لاحظت يده المرتجفة، التي كانت لا تزال قابضة على شيء…

 

أصابع ميتة، زرقاء وباردة، تمسكت بورقة، وكأنها آخر محاولة يائسة لترك رسالة خلفه.

 

سحبت الورقة ببطء، فتحتها، وقرأت الكلمات التي كُتبت بخط مرتجف:

 

"إنه يراقب… من خلف الباب."

 

*****

 

بدأت أشعر بأنني دخلت لعبة خطيرة دون أن أدرك ذلك. النزلاء أصبحوا أكثر صمتًا، أكثر خوفًا، وكأنهم يعلمون شيئًا لا يريدون قوله.

 

كان لابد أن أعرف.

 

وفي تلك الليلة، حين نام الجميع، حملت مصباحي وسرت في الرواق حتى وقفت أمام الباب المغلق.

 

مددت يدي إلى القفل… وتردد للحظة.

 

ثم، ببطء، أدرته.

 

الباب انفتح بصوت صرير طويل… وكأن المكان كله حبس أنفاسه معي.

 

الظلام كان كثيفًا، لكن حين رفعت المصباح، رأيت ما كان مخبأً في الداخل.

 

ورأيت… وجهًا يشبه وجهي تمامًا، يحدّق بي من العتمة.

 

(يتبع…)

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

490 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع