كانت الساعات أنصافا وأرباعا ودقائق منثورات.. وكنت أرقُبها لأجمع شتات روحي التي أهانها الصمت وفتتها الانتظار..
لا أعلم أكان مرور الساعات سريعا هكذا ضربا من إشفاقها علي، أم فرط شتات من عقلي في حسابها.. لا أعلم، كما لم يهمني أن أعلم.. كل ما يعنيني أنها مرت، وأن بقيتها حتما سيمر..
الوقت ليس مخلوقا ليتلقى منا الاستفهامات والتعجبات، الوقت مخلوق ليمضي، ثم يحاسبك على ما اقترفته يداك إبّان ما هو ماضٍ، فإن لم تستطع أن تفعل شيئا رائعا تباهي به زمانك حينما يحل وقت حساب الزمان، فتعلم أن تصمت في حضور الوقت الثقيل.. وتعلم أن تمتن لاستمراره في المرور رغم ثقله.. فإنه إن أراد الثبات لثبت، وإنك لن تملك حيال ثباته أي فعل يذكر.. لكنه حنون، رغم صرامته الظاهرة حنون.. يكفيه أنه يحاسبك بوحدة ثابتة هي الأيام رغم حماقتك معه حين تحاسبه في كل يوم بفهم مختلف، فهم تتلاعب به روحك الوثابة.
كان هو دوما ثابتا، وكانت روحك على الدوام وثابة!
فهل -على ما في الثبات من عظمة وما في الحركة من خفة- يحمل الكون فضلا لمخلوق على مخلوق أكثر من أن يظل الثابت العظيم ثابتا رغم تطاول الوثاب المَهين؟!
كانت الساعات أنصافا وأرباعا ودقائق منثورات.. ولم يكن يعنيني منها إلا أنها تمر..
وإنني ممتنة حقا لمرورها المُستنير.