هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تقدر تطيل عمرك بنفسك
  • قلب طيب
  • محاولة نسيان فاشلة
  • أنا وهي وهن 
  • لما كنا صغار
  • الحب الحقيقي هو
  • القتيل
  • ظلال المدينة القديمة .. الفصل الأول
  • صلاة التراويح.. راحة للروح قبل الجسد
  • الفريسة 2
  • أحسد اثنين
  • أيقونة جديدة
  • دور الميتفورمين في مرحلة ما قبل السكري
  • تغريد الكروان: إنه لطيف بعباده
  •  أكلة اللصيمة العرايشية
  • التزم بقانون التركيز 
  • يالروحك الواسعة!
  • حبل من جليد  
  • فَرْق تَسُدّ
  • لازال مجتمعنا المصري متراص
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ياسمين رحمي
  5. الفريسة 2

الدنيا ضلمت، فتحت عنيا لقيت دوشة حواليا ولمحت بنتي واقفة على مسافة، كانت بتتكلم مع دكتور، وشها قلقان، الدكتور سألها:

-هو أنتي لاحظتي على والدك إنه بينسى مؤخرًا، ذاكرته مبقتش حاضرة زي الأول؟

- ليه حضرتك بتقول كده؟

- إحنا شاكين أنه أخد أدويته أكتر من مرة وده اللي عمل له اضطراب وخلاه يفقد اتزانه.

-حضرتك قصدك إن عنده بدايات زهايمر؟

-مش هنتسرع، أنا بس بستفسر منك.

"زهايمر"؟ أنا؟ معقول، لأ، مش ممكن، أنا ذاكرتي زي الفل، ومركز جدًا، مركز أكتر حتى من العيال اللي أصغر بخمسين سنة....

"هدى" قربت عليا، ابتسمت لما لقيتني فقت، باست راسي وقعدت جنبي، سألتني حاسس بإيه، قلتلها إني كويس، سكتت شوية وسألتني لو في اختلاف في الفترة الأخيرة، أي حاجة غريبة....

حاجة غريبة زي إيه؟ إني بخرف مثلًا....

فلت إيدي من إيدها وبصيت الناحية التانية ومردتش عليها....

حاولت تكلمني، حايلتني، لكن أنا أصريت على موقفي، قامت استعدت تمشي وأنا وقفتها لما سألت:

= فيروز فين؟

-روحت بيتها، فضلت معاك طول الليل، وروحت عشان تريح شوية وقالت هترجع تاني.

= كلميها قوليلها تيجي.

.................

إيه اللي بيحصل معايا؟ فيا إيه؟ أنا مريض؟ أنا كنت حاسس إني في وسط بحر كبير، في موقع مجهول، مش عارف إيه اللي رماني هناك ومش شايف شط....

 غصب عني دموعي جريت أول ما لمحت "فيروز"، قلتلها:

= عايز أعيشلك.

هدتني وأكدتلي إني كويس وهعيش، حكيتلها بعد كده اللي دار ما بين "هدى" والدكتور وإن "هدى" طريقتها معايا كانت توحي إن كلامه أثر عليها....

-بس يا "عصمت"، مفيش مؤامرة عليك، دي بنتك وكانت هتتجنن من القلق...

حواجبي اتعقدت، سرحت، صح، ليه لأ، ممكن طبعًا تكون مؤامرة....

كملت كلامها:

-دي كانت منهارة ومشافتش النوم، فضلت تلاحق الدكتور وترجع تقعد معاك طول الليل، هو صحيح من كلامك على جوزها واضح إنه مش إنسان طيب لكن هي ملهاش ذنب، ومش هتطاوعه لو في نية مش تمام ناحيتك.

= "فيروز"....إحنا لازم نتجوز بسرعة، أنا محتاجك جنبي ومبقتش واثق في حد، حتى في "هدى"، التِعبان ده ممكن يكون لف حواليها وأثر فيها...

-وبعدين معاك؟ شيل الكلام ده من دماغك، لف إيه وبتاع إيه؟ عاملين عليك خطة يعني عشان يقنعوك إنك بتخرف؟

مردتش، لكن عيني قالت كل حاجة....

اتفقنا نتجوز في خلال إسبوعين، وفي الفترة دي "فيروز" مكنتش بتسيبني غير وقت النوم، بتروح تبات في شفتها وترجعلي تاني يوم، طبعًا "هدى" مكنش عاجبها الحال، بس أنا مكنتش مديها وش، وشبه بطردها، كل مرة بشوفها فيها كنت بقرا أكتر على وشها نيتها، عايزين يجننوني عشان يحجروا عليا وياكلوني حي، ياخدوا كل فلوسي، لكن مش هيحصل، يانا يا هم.....

....................

خلاص كان فاضل يومين وأدخل القفص الذهبي، أحلى قفص ده ولا إيه؟ مع أحلى عصفورة ،"فيروز"، كان مزاجي رايق ومحستش طول الفترة اللي قبلها بأي تعب، ولا دوخة ولا حوادث ولا نسيان من أي نوع، لحد ما مزاجي اتعكر بسبب الزيارة دي، زيارة "هدى" المفاجأة، دخلت زي المارد الغضبان علينا، عنيها كانت بتطق شرارة، طلبت من "فيروز" تسيبنا وتمشي، حاولت أوقفها لكن مقدرتش، "فيروز" سابت الشقة و"هدى" حطت إيديها في وسطها ووقفت تتحداني.....

-أنا عايزه أفهم إيه اللي بيحصل لك يا بابا؟

= أنا زي الفل، طول مانتوا بعيد عني أنا بومب.

-و"فيروز"، خلاص كده بقت عايشة معاك من غير جواز؟ ده عادي؟

= أنا و"فيروز" هنتجوز كمان يومين والست كانت شغالة ممرضة ليا ومدبرة بيت وطباخة، مش جايه تتسرمح يعني، وبعدين الست دي أنا أثق فيها مليون مرة عنكم عشان كده عملتلتها توكيل عام!

وشها انقبض، نزلت إيديها من وسطها وفتحت بوقها....

-عملتلها إيه؟

= عملت توكيل عام، لسه مبلغتهاش، هديلها نسخة منه يوم الجواز...

أدتني ضهرها لحظات وبعدين لفت تاني ليا وقالت:

-أنا اللي كنت بشجعك تتجوزها وبسرعة، دلوقتي بقول لك بلاش يا بابا، استنى شوية.

= اه، عشان خططكوا كده هتبوظ.

-خطة مين؟

= إنتي وجوزك الديب، عايزين تقنعوني وتقنعوا الناس إن عقلي خف عشان تسرقوني، تحجروا عليا وتاخدوا فلوسي، لكن باللي هعمله ده هوقفلكم المراكب السايرة، عشان تبقي عارفة طول مانا عايش...

مقدرتش أكمل الجملة، لساني تقل، الكلام تاه عني، كإني نسيت اللغة، شكلها غريب "هدى"، رجليها طافية على الأرض، مش لامساها، و...إيه ده اللي بيكبر على راسها، في اليمين والشمال، في زي ورم، ومنهم خرج قرنين صغيرين! قرون حمرة، شيطانة!

رجعت لورا وأنا بصرخ بصوت مكتوم، عيني اتثبتت على السقف اللي كان في حد متعلق عليه، "هنا"، نطت من السقف للأرض، قربت مني بخطوات سريعة، عنيها حمرة، قالت بغضب:

-مفيش فايدة فيك!

غمضت عيني وفتحت لقيتني في المستشفى، المشهد بقى معتاد.....

المرة دي كنت في أوضة كبيرة لوحدي، رعاية خاصة، الدكتور قربلي لما شاف إني فقت وقال:

-حمد الله عالسلامة، هنعمل لك فحوصات دقيقة، تحاليل دم...

= ليه؟

-خير إن شاء الله، لازم نفهم فيك إيه، عشان نبدأ العلاج....

"فيروز" ظهرت بعدها بشوية، كانت مشفقة عليا، المرة دي قلقانة أوي، أكتر من أي مرة فاتت، باين عليها، عنيها مليانة دموع، قلتلها اللي حصل وإن الدكتور قال لي هيعملوا تحاليل دم وفحوصات شاملة، حطت إيدها على بوقها، عنيها زاغت وقالت:

-أنا مش متستحملة أشوفك كده، أنا ما صدقت لقيتك ومش هستحمل عليك حاجة، همشي دلوقتي، هتمالك أعصابي وأرجعلك تاني.

= هتروحي فين؟

مسكت إيدي وطبطبت عليا وهي بتبتسم إبتسامة واسعة وقالت:

= هروح أشرب قهوة وأجي، متخافش مش هغيب....

وهي خارجة الممرضين دخلوا وسحبوا مني عينة الدم، مفيش فايدة، لسه الإبر بتوجعني حتى في السن ده، بكرهها، غمضت عيني عبال ما خلصوا، واستنيتها تيجي....

"فيروز" غابت، أكيد أعصابها بايظة ومش عايزه تفضل قلقانة قدامي عشان أنا كمان مقلقش أكتر، بس غيابها طول، يا ساتر أستر، تكون شافت "هدى" و"هدى" استفزتها بكلمتين ولا طردتها؟

الباب خبط وقلت: "أدخل".....أخيرًا "فيروز" جت ، أخيرًا هتطل عليا وتنور الأوضة الكئيبة الضلمة وتبعد البرد بدفا وجودها....

ابتسامتي كانت واسعة لكن ضاقت لما لقيت اللي داخل مش هي، ده واحد غريب، معرفوش.....

-إزيك يا دكتور "عصمت"؟

مردتش عليه...كمل:

-أنا ملازم أول مصطفى حمدي. أنا ليا الشرف إني أكون أول واحد يبلغك بإن صحتك هتبقى زي الفل.

مردتش، عشان مش لاقي حاجة أرد بيها، مش فاهم! إيش جاب القلعة جنب البحر؟ مش دي كانت شغلانة الدكاترة، بيعمل إيه ظابط عندي؟

-أنا هوضحلك، مع تكرار تعبك الدكاترة كانوا شاكين في كذه احتمال، منهم إنك بتتلخبط وبتاخد جرعات زيادة من أدويتك، لكن بعد تحليل الدم الأخير، اللي اتعمل من ساعات لقوا حاجة تانية، لقوا مادة مخدرة، الجرعات الزيادة منها بتموت...

= م....مخدر، مش فاهم، أنا مخدتش مخدر.

-مش بوعيك يمكن.

= قصدك؟....لا مش ممكن، مفيش حد يعمل معايا كده...

-دكتور "عصمت" إيه أول إسم جه في بالك لما قلتلك؟

في نفس اللحظة دخلت "هدى"، كانت جايه ناحيتي واتجمدت مكانها لما شافت الظابط ، هو مكنش لابس اللبس الرسمي لكن هي فهمت إن في حاجة غلط...

سألتها:

= فين "فيروز"؟

-معرفش يا بابا أنا مش ولية أمرها عشان أعرف كل تحركاتها.

= إسكتي متتكلميش ولا كلمة عليها، مش كفاية متسخرة ليا كل الفترة اللي فاتت، كانت الممرضة بتاعتي وبتاخد بالها من البيت ومن أكلي وبتحاول تهون عليا، وبتدلعني، كل مرة تجيبلي الآيس كريم وتأكلهولي في بوقي.

الظابط بصلي و"هدى" كمان، الاتنين في نفس الوقت ونفس البصة بالظبط...

"هدى" قالت:

-كل مرة كانت بتجيبلك آيس كريم وتأكلك؟

-اه، طب إحنا كده محتاجين مدام "فيروز" ومحتاجين نفتش شقة حضرتك.

ملامحي انقضبت، بصتله باستغراب، أنا توهت أكتر، بجد مكنتش فاهم حاجة...

أما "فيروز" فاختفت تمامًا، تليفونها علطول مقفول ومكنتش موجودة في شقتها ومرجعتش ليها..... شقتي اتفتشت والزبالة اتفضت والبحث الجنائي أخدوا علب الآيس الفاضية وعاينوها ولقوا بواقي لمادة مخدرة قوية اسمها "بنزوديازيبين" ودي مادة بتستخدم لتخدير المرضى قبل العمليات، لكن....لأ، أكيد هم غلطانين، في سوء تفاهم، ليه "فيروز" تكون عايزه تخدرني؟ إيه، كان قصدها تقتلني؟ مش ممكن....

"بس يا "عصمت"، مفيش مؤامرة عليك، دي بنتك وكانت هتتجنن من القلق...جوزها واضح إنه مش إنسان طيب لكن هي ملهاش ذنب، ومش هتطاوعه لو في نية مش تمام ناحيتك"

هو كلامها كان يبان دفاع عن "هدى"، لكن كان في كلمات في النص، كلمات محفزة، مستفزة، زي مفاتيح للتنويم المغناطيسي، "مؤامرة"، "نية مش تمام"، الكلمات دي سخنتني وخلت دماغي مشغولة، كل اللي كان بيزن عليا هو المؤامرة والنية السودة ضدي...

كل ده منطقي، تحليل الأحداث ومواقف كتير لفيروز من وقت ما شفتها ولحد اختفائها، لكن لما بفتكر وشها، عنيها ونبرتها بقول مستحيل، ترجع كل حاجة تتلخبط، متبقاش منطقية على الإطلاق....أكيد في تفسير تاني...

الظابط اللي حقق معايا فضل يتواصل معانا أنا و"هدى"، كان عايز اي خيط ممكن يوصله لفيروز، أي حد تعرفه، أي قريب أو صديق، افتكرت إزاي اتقابلنا، قلتله عن شرم الشيخ وإنها كانت هناك مع بنت أخواتها وولاد بنت الأخت، في نفس الفندق اللي نزلت فيه....

فعلًا الشرطة سألت عن اللي كانوا حاجزين مع "فيروز" في الفندق لكن ملقوش حد!

"فيروز" جت لوحدها، مكنش في حجز غير بإسمها، ولا فيه بنت أخت ولا أحفاد....

الله! يعني إيه مكنش فيه غيرها، هو أنا عقلي شت مني، بخرف، بيتهيألي حاجات؟؟!

راجعت مع "هدى" الأحداث، والحمد لله أكدت إني فعلًا حكيتلها حادثة حفيد "فيروز"، إبن بنت أختها، اللي كانت فاكره إنه بيغرق، وده كله ملوش غير معنى واحد، مكنش في حفيد ولا عيلة، وأنا كنت صيدة! "فيروز" اصطادتني والطُعم هو ملامحها البريئة والصورة اللي ظهرت بيها، الست الكبيرة المسالمة الرقيقة، مكنش في حاجة صدفة، هي أخدت بالها مني قبل ما أنا أشوفها، يمكن قبلها بساعات، يمكن بيوم، من وقت ما دخلت الفندق، وميزت إني مرتاح ماديًا واختارتني فريسة ليها وكانت على وشك إنها تنجح، لولا اختبار السموم اللي الدكاترة قرروا يعملوه....

.....................

في ليلة لقيت الباب بيخبط، كنت متأكد إنها مش "هدى"، عشان هي كانت لسه ماشية من شوية، فتحت وشوفت قدامي الظابط "مصطفى"....

دعيته يدخل وعملتله حاجة يشربها، وشه كان بيقول إن عنده كتير، عنده أخبار، كان ماسك ملف تخين....

قال لي:

-تعرف إيه اللي معايا ده؟

=شكله كده ورق قضية.

-قضية؟ قول قضايا! وبلاغات ومحاضر وبيانات عن "فيروز"....

إيدي عرقت، حطيت الفنجان عشان مكنتش متحكم في أعصابي وقلتله:

= إحكيلي.

-"فيروز" اتجوزت واحد إسمه "طارق"، كان بيشتغل طيار، فضلوا عايشين مع بعض 3 سنين، وفي يوم، دخلت على قسم شرطة في الهرم، وشها وهدومها كانوا مبلولين من العرق! وده عشان اتعرضت لتجربة بشعة على حد قولها، هي و"طارق" كانوا في طريقهم لاسكندرية ، هو ساق النص الأول من المسافة وبعدين تعب وقالوا يبدلوا، قعدت في كرسي السواق، كانوا لسه واقفين بالعربية، حصل ما بينهم نقاش اتحول لجدل و"طارق" جتله نوبة غضب من اللي كانت بتجيله من وقت للتاني وبتحوله لوحش، كان شايل مسدس مترخص جوه العربية، رفع المسدس عليها، هي من الذعر دورت العربية ومشيت بأقصى سرعة، باب "طارق" كان مفتوح وهو كان قريب منه ومش حاطط حزام فأتنتر براها، هي دفاعًا عن النفس بعد ما مشيت شوية بالعربية رجعت بضهرها وخبطته لأنه كان رافع مسدسه وضرب عليها كام طلقة....

المشكلة إن الشرطة لما عاينت موقع الحادثة ملقتش أي مسدس وبتحليل مسار كاوتش العربية بان إنها داست عليه 3 مرات! 3 مرات دفاعًا عن النفس؟ وفين االمسدس ده اللي قالت عليه؟ وفين الطلقات ولا فوراغها في موقع الحادثة ولا في العربية؟ تعرف إتحكم عليها بكام سنة؟

= كام؟

-صفر....المحامي بتاعها برغم الأدلة دي قدر يطلعها وكمان خلاها ضحية للعنف الزوجي، وده بسبب كدمات كانت على جسمها ووشها ادعت إنها من جوزها، وإنه كان بيضربها على مدار سنين، وقت ما الحادثة دي حصلت كان عندها 27 سنة، سافرت بعدها أستراليا، ما هي أمها أسترالية وعندها الجنسية وفضلت هناك 24 سنة وبعدها اتخطبت لراجل مصري كان عنده 60 سنة، صحته مكنتش قد كده ومناعته ضايعة، اتجوزوا ونزلوا في شهر عسلهم في فندق في سهل حشيش، الدنيا كانت شتا، تلج، نزلت الصبح تفطر في الفندق بس كانت لوحدها! لما رجعت قعدت تصرخ واستنجدت بالإدارة، جوزها كان متخشب على الأرض، اتنقل للمستشفى وطلع ميت، الغريب بقى إن شباك الأوضة كان مفتوح على الآخر ده غير إنها سابت العريس ونزلت تفطر لوحدها، هي قالت إنه طلب منها تنزل لوحدها وقال يا هيحصلها يا إما هيطلب الأكل على الأوضة بعدين عشان كان عايز يكمل نوم، إنما بمعاينة الجثة تقرير الطب الشرعي أثبت إن الراجل ميت من ساعات، من بليل! وعيلته كانوا متأكدين إن "فيروز" زقته وهو غرقان في النوم وفتحت الشباك عشان يموت من البرد وهي دفت نفسها، ده غير إنها متعودة على درجات أقل من كده بكتير فجسمها مش هيتأثر ببرد مصر، للأسف مكنش في بحث جنائي عشان كده متعملش تحليل للسموم، ممكن تكون حطت له مخدر خلاه مش قادر يفوق ولا يحرك نفسه ويمكن من غلبه وضعفه عجز عن الحركة وكان غايب في النوم، النتيجة واحدة، الراجل مات، الدكتور اللي مسؤول عن إصدار تصريح الدفن كان في إجازة وحب يريح نفسه، خلى دكتور بيشتغل تحته يمضي بداله على التصريح والدفن تم، المحظوظة! طبعًا الدكتور عديم الضمير اللي خلى التاني يمضي بداله لا يمكن كان يعترف إنه مكنش موجود، أكد إنه اشرف على التشريح وإن مفيش شبهة جنائية، طب ومعاد الموت، رد وقال ده بيبقى توقيت تقريبي، طب ممكن في ساعة ولا اتنين مش 7 ساعات! وورثت من الراجل ثروة قد كده....

وغابت "فيروز" مرة تانية، راحت على بلدها التانية "أستراليا" ورجعت بعد سنين، ومفاتش شهر وكانت متجوزة الضحية الجديدة، المرة دي كان راجل صعيدي، بزنس مان عنده أراضي كتير، ومشغلها كلها في الزراعة وما شاء الله كان بيورد لشركات وقطاعات كتير منتجات مختلفة، بس مكنش عنده إخوات ولا متجوز، عنده بس كام قريب مكنش بيثق فيهم ولا كان بيثق في أي حد، عنده وسواس، وهو إن أي حد يقرب منه هيبقى طمعان في فلوسه وأراضيه، واللي لسه مقربش ومطمعش، هيطمع بعدين، عشان كده كمان متجوزش، ما هو بالنسبة له أي واحدة هتكون شايفاه زكيبة فلوس، مش هتقدره كبني آدم ولا هتحبه، لحد ما جت اللي رجعت ثقته في الناس، وخلته متصالح مع الكون، نفسيته بقت أحسن، قلقه قل، حتى إنه استغنى عن المهدئات اللي كان مدمن عليها ومش بيعرف ينام من غيرها، أيوه....هي "فيروز"، الحرباية اللي بتعرف تغير جلدها بمنتهى السهولة عشان تكسب ثقة فرايسها، أهو الراجل ده بقى إختفى من الوجود! اختفى تمامًا، وبعد أربع سنين اُعتبر ميت وفقًا للقانون و"فيروز" ورثت واتمرمغت في الثروة الجديدة اللي اتضافت لثرواتها، وحضرتك بقى يا دكتور كنت الضحية الجديدة لكن الحمد لله ربنا نجاك عشان شوية دكاترة فيهم دماغ...... هو الخبر الحلو إن خلاص "فيروز" بقت مشتبه فيها وسهل جدًا يتعمل عليها قضية وتدخل السجن وكمان كل الملفات القديمة تتفتح، لكن الخبر الوحش إن ملهاش أثر، كإنها حبة رمل دابت وسط شط كبير....

أنت يا دكتور "عصمت" كنت بتتعامل مع قاتل متسلسل، سايكوباث، مبتحسش بأي تعاطف مع غيرها، الناس بالنسبة لها مجرد مشاريع، مش أرواح، ولا بيفرق معاها غير نفسها وطمعها، تخيل، كنت بتتكلم وبتاكل وبتشرب وبتقعد بالساعات مع سفاح، وكمان على مسافة قريبة ، الحمد لله إنك تمام...

............................

بس أنا مكنتش تمام! مش تمام أبدًا، مينفعش أكون جاحد وأنكر فضل ربنا عليا، إنه نجاني من مخالبها، لكن أنا بقيت شبح بني آدم من بعدها، ببص لكل الناس بحذر، مش بثق في الوشوش السمحة ولا الابتسامات الودودة، اتعلمت إن اي حد ممكن يكون مخبي وحش جواه، وبيتدارى ورا المظاهر، ده غير إني فتحت قلبي من بعد "هنا"، بعد كتير من موتها، مع إني مكنتش قادر أبص لغيرها، يعني يوم ما أفتحه، أفتحه لمصاصة دماء؟!

ده أنا دُهل صحيح!! لقطة!

متهيألي إني خلال تعبي في الفترة اللي كنت فيها مع "فيروز" كنت بشوف وبسمع "هنا"، كانت بتحاول تحذرني، بيجيلي لقطات غريبة وكإنها ذكريات، لوش هنا وهو غضبان وجد، وشها بيقول إن عندها كلام تقوله ومش عارفة، شوية في المستشفى اللي كانوا بينقلوني ليها وشوية في البيت، ودلوقتي رجعت تاني للي كنا فيه، رجعت أنام وأتمنى مقومش عشان أروح لهنا بس مش عارف هودي وشي منها فين...

...........................

وتفوت سنتين وربنا لسه كاتبلي عمر......

ولسه كمان بصحتي، جسمي وعقلي تمام، الجديد بقى إن بما إن ربنا رايد لي أعيش شوية كمان، قررت إني لازم أحبب نفسي في الحياة، أعمل ولو عادات بسيطة تخلي الأيام ليها طعم، زي إني كل يوم بقرا كام صفحة الصبح من الكتاب اللي عليه الدور بعد ما مليت مكتبتي بالكتب، بقرا وأنا بشرب قهوتي على رواقة، جبت قطة ملت عليا حياتي وخلتني حاسس بالمسؤولية وإني ليا لازمة، بدلعها وأهتم بيها، بقيت أطبخ أكتر، كل شوية أعمل وصفة جديدة من البرامج اللي بشوفها في التليفزيون والسوشيال ميديا، وأخيرًا بروح حفلات توقيع وندوات كُتاب كل فترة....

وفي يوم روحت ندوة، الجو كان مثالي، الشمس جميلة، والدنيا لا منها برد ولا حر، الندوة كانت في جنينة في فيلا متأجرة كمكتبة، وفي وسط الجنينة في حمام سباحة، حاجة منتهى الشياكة، عديت من الجنينة من بره، كنت رايح الأول أجيب حاجة أكلها لما لمحت حاجة.....

لمحت ست لابسة برنيطة صوف ونضارة وماسكة كتاب، بتضحك مع راجل كبير قاعد جنبها، وش بريء مليان تجاعيد، ضحكة تجنن، وملامح رقيقة، هي، "فيروز"، كنت ناوي أجري ناحيتها بس للأسف مجموعة كبيرة من الناس عدت وحجبت الرؤية، لما المجموعة أخيرًا مشيت ملقتهاش! ولا لقيت الراجل، مشيوا!

أنا متأكد ، دي كانت "فيروز" وده كان ضحيتها الجديدة، "فيروز" لحد آخر نفس عندها، ولحد ما سنانها كلها تقع وضهرها يبقى مقوس مش هتبطل، القتل في دمها، كلنا مهددين طول ما هي عايشة، محدش في أمان!

تمت

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1559 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع