رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو فرصة ذهبية لإعادة ترتيب أرواحنا، وقلب موازين يومنا من العادي إلى الاستثنائي. وفي قلب هذه الفرصة، تأتي صلاة التراويح، كأنها جلسة مسائية دافئة بين العبد وربه، مليئة بالطمأنينة والخشوع.
تخيل أنك قضيت يومك في الصيام، شعرت ببعض الجوع، وربما التعب، ثم أذن المغرب، فارتوى جسدك بالماء والطعام. لكن، ماذا عن روحك؟ هنا تأتي التراويح كالماء العذب للقلب، تسقيه نورًا، وتغسله من أثقال الدنيا.
في كل ركعة، كأنك تودع هموم يومك على السجادة، تتركها هناك، وترفع رأسك أخف، وأكثر سكينة. وحين ينتهي الإمام من الصلاة، تشعر أنك كأنك خرجت من يومك بجرعة من النور والسكينة، وكأنك عدت إلى فطرتك الصافية.
ولعل أجمل ما في التراويح، أنها صلاة الجماعة التي تُعيد للمساجد حياتها، فنرى كبار السن والشباب، بل حتى الأطفال الذين يصرّون على مجاراة الكبار، يملؤون الصفوف، وكأنهم يتسابقون نحو النور. هذا المشهد وحده يكفي ليملأ قلبك دفئًا.
ولمن يخشى الإرهاق، فليتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، أي أن كل سجدة، كل لحظة خشوع، ليست مجرد حركة، بل خطوة نحو مغفرة ورحمة أوسع مما نتخيل.
فهلّا جربت هذا الشعور اليوم؟ اذهب للمسجد، صلّ التراويح، ودع قلبك يرتوي كما يرتوي جسدك بعد الإفطار.
دمتم بخير.