كنت في زيارة عائلية لمدة يومين وأردت أن أستمع لقناة النيل الثقافية حيث أنني من هواة تلك القناة حتى أنني أكاد لا أتابع غيرها تقريبا .. ولما كان لكل منزل ترتيبه الخاص بالقنوات حسب رغباته .. فلم تكن النيل الثقافية تحتل رقم 1 مثل ما عندي ولا حتى رقم 100 .. ولذلك عكفت على البحث عليها وأثناء بحثي مررت بالعشرات من القنوات كلهم وبلا استثناء برامج توك شو .. نفس المشهد لا يتغير .. مذيعة أو مذيع أو كلاهما ومجموعة من الضيوف يصيحوا بصوت مرتفع حتى أنني أتساءل كيف يسمع بعضهم البعض .. الاختلاف فقط في المذيع أو المذيعة والضيوف وأقول الضيوف وليس الضيف .. نفس المشهد مع اختلاف السيناريو .. وإن لله وإنا إليه راجعون .. ما هذا الكم الهائل من البرامج التي أراها شعارها الوحيد (شعللها شعللها ولعها ولعها) .. الحياة اليوم والحياة الآن والحياة بعد شوية ومصر الجديدة ومصر القديمة وصفحة جديدة وصفحة سوداء وغيره وغيره .. حتى البرامج التي كانت أسبوعية أصبحت يومية مثل الطبعة الأولى والحقيقة وغيرها .. أين العقل الذي سيستوعب هذا كله ..
قبل الاحتفال بالثورة رأيت الأخ المبجل معتز الدمرداش يتلقى يسأل بائع جرائد : كيف تتوقع أن يسير الاحتفال بالثورة هل سيكون مجرد احتفال أم هو انطلاق لثورة جديدة .. ما هذا الهراء ؟؟!! أنا لا أبخس من قيمة بائع الجرائد كل مهنة لها احترامها وتقديرها ولكن لاأدعو طبيب أسنان لإجراء جراجة في القلب .. فما بالك إن لم يكن طبيبا أصلا .. ما هذا التسخين الذي يمارسه الإعلاميين .. لمصلحة من ما يحدث .. هناك قناة شعارها (نحن ننقل الحدث في حينه) أيا كان هذا الحدث وتأكدنا منه أم لم نتأكد نأتي بالأستاذ فلان والأستاذ علان وهات يا تحليل للحدث وهات يا تسخين بحجة الحرية والمصداقية .. وإن لله وإنا إليه راجعون .. في خطبة الجمعة البارحة .. سمعت الخطيب وهو يقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق أتاه من يخبره أن الكفار قد تحالفوا مع اليهود ضد المسلمين فقال له صلى الله عليه وسلم : إذهب فتحرى الأمر وإن كان صحيحا فأشر لي إشارة أفهم منها حتى لايعلم بقية المسلمين فيفت في عضدهم وتشيع الفوضى بينهم وكانت غزوة الخندق التي لم تراق فيها قطرة دم واحدة من دماء المسلمين .. أين نحن من ذلك .. أين الإعلام من خلق النبي صلى الله عليه وسلم .. كل ما يحدث سواء تأكدوا منه أم لم يتأكدوا تتسابق الفضائيات في نقله وبسرعة البرق أرى العديد من الضيوف تراصوا على المقاعد ونبدأ في التحليل (والتوليع ) ولا حول ولا قوة إلا بالله .. يا ناس .. يا عالم .. حتى هالة سرحان بتتكلم .. من هالة سرحان هذه ؟؟ .. بالأمس كانت .... والآن انقلبت بقدرة قادر وأصبحت وطنية ثورجية ... من له في الإعلام يتكلم ومن ليس له يتكلم .. حرام عليكم بلدنا .. حرام عليكم مصر .. يا حضرة المذيع الهمام ما دمت ثورجي هكذا وقلبك على البلد هكذا .. لماذا غضبت عندما عرضوا مشروع المساواة في الأجور .. غضبت وتركت القناة عندما علمت أن ملايينك ستقل بعض الشيء .. في الوقت نفسه الذي يدفع المواطن البسيط ثمن اشعالك للفتن .. بما أنني أعيش في بلد ريفي .. فإنني أقرب من هؤلاء البسطاء .. أحدهم كان يعمل في ليبيا ليسد احتياجاته واحتياجات عائلته وعاد من ليبيا مع من عادوا .. وسافر للقاهرة ليبحث عن عمل في المعمار حيث هو الشيء الوحيد الذي يعرفه ولكنه عاد بالأمس دون أن يجد عمل لماذا ؟؟ لأن ببساطة شديدة وعلى حد قوله (الحال واقف) المقاول لم يصرف نقودة لدى الشركات والهيئات لأن لا يوجد نقود لأن البلد واقفة من جراء المليونيات والاعتصمات وبالتالي المقاول أوقف العمل لأنه ليس لديه مال يكمل به عمله وبالتالي العمالة لاتجد عمل .. وبالتالي لايجد ما يسد به احتياجته .. بصورة أوضح سددت أبواب الرزق في وجهه .. والسؤال الآن .. عندما لايجد ما يسد به رمق أولاده إلى أين سيذهب سيتحول لحرامي أو بلطجي .. وإن لله وإنا إليه راجعون .. أرى ما يحدث هو المؤامرة الكبرى .. أرجوكم الهدوء بعض الشيء .. مصرنا تسير لهوة سحيقة .. من جراء الكلام والرغي ومن له ومن ليس له يتكلم .. إن اله إذا غضب على قوم ابتلاهم بالجدل ولاحول ولاقوة إلا بالله .. تونس قامت بثورة والآن تبني نفسها أما نحن فنتقهقر .. كفانا سياسة القطيع التي نعيش بها .. أنا لاأؤيد أحد ولكن ما أريد قوله أرجوكم نصمت بعض الشيء ليسمع بعضنا البعض نصمت بعض الشيء لنبني بلدنا ......
أيها المواطن المصري البسيط لا تندفع وراء من يزج بك النار لأنك الخاسر الوحيد دائما
جناب المذيع بالأمس كان يطبل للنظام السابق وإن بدا غير ذلك وكان يحصد ألاف الجنيهات مقابل ذلك
والآن يشعللها بحجة غضبه مما يحدث ويحصد أيضا آلاف الجنيهات
(بمعنى إنت مع أومو كسبانه كسبانه)
ولا عزاء لك يامصر
ولا عزاء لك أيها المصري البسيط
أدعوكم لمقاطعة برامج التوك شو وكل من يغرر بالعقول
اللهم ارحمنا فانك بنا راحم
اللهم من يريد بمصرنا شرا
اللهم اجعل كيده في نحره
ورد عليه كيد يا ارحم الراحمين
يارب بلدي .. يارب بلدي .. يارب بلدي