فى اول يوميات عربية الستات

اللى قررت أشارككم باللى بيحصل فيها ، علشان تتفائلوا و تكتئبوا و كل حاجة :)

سأحكى لكم موقف لن أنساه طول حياتى ، لانه ببساطة موقف بسيط و لكنه "جميل" و تعلمت منه الكثير :)


فى مترو الأنفاق ، و من كثره ذهابك فيه يوميا ، تقابل أشخاص يوميا فى رحلة الذهاب أو العودة ... فعادة الجميع ينطلق فى ميعادة بالثانية كل يوم ...

و كنت قد رأيت مرتين من قبل ، هذا الطفل ذو الأربع او الخمس سنوات الذى يلعب أمام امه فى المترو ، و لكنى لاحظت ان لديه "عين" مغلقة تمام ، و الأخرى عليها " ما يشبه الغشاوة البيضاء"

و أتذكر أنى كنت أنظر له ، أريد ان أستنتج هل يرى أم لا ، و لكنى تيقنت من أنه يرى ،حين رأيته يتنقل بين أعمدة المترو ، يلف بينهم ...

و لكنى حزنت جداا ، لا أعلم هل حزنت على أمه ، أم عليه هو شخصيا ...

هذا الطفل جميل فعلا ، وجهه الدائرى و لون بشرته الخمرى ، و شعره الأسود ، يجعلانه كالملائكة ... و لكن عينيه ...

أتذكر أنى كنت أنظر له طول رحلتى ، أستمع لغنائه و هو يلف حول العمود فى سعادة ...

و تمنيت او "لعبت" معه ... :) و لكن " برستيجى" :)

المهم ، تكررت رؤيتى له مرتين ، و ها هى المرة الثالثة ... و لكن هذه المرة بجانبه مكان فارغ ...

فأجلس بجانبه ، دون أن أنظر له ، فهو لا يلعب المرة دة و لا يغنى ...

هو يبحث فى شنطة بلاستيكسة تجملها امه التى ترتدى جلباب أسود ، يدل على مستواها المادى المحدود ...

ثم يُخرج ورق "بنس شعر" بها عدد كبير من البنس...

و يبتدئ اللعب بهم ، يريد أن يفتحها ، و امه تقول له لأ ...

تلاعبة أمرأه أخرى على الجانب الأخر ، فتقول له " ادينى واحدة"

فلا يتردد الولد ، و لا تنهره أمه ، فيفتح الورقة ، و يُخرج أثنان و يعطيهم للسيدة

ترجع السيدة فى كلامها ، فهى لا تتوقع هذا الرد السريع ، فتقول له " لا لا واحدة بس"

يقول لها " لأ الأثنين " و تقول له أمه " الأثنين " :)

تأخذ السيدة البنس بعد مفاوضات كثيرة و تمضى فى محطتها ...

ثم يجين دور من ؟؟؟؟

يحين دورى :) فيتجهه لى الولد ، و يقول لى " خدى"

أبتسم له و أقول " شكرا ، مش عايزه ، مش بأستعملهم "

يقول لى لأ هتاخدى ..... خدى لعيالك :)

أبتسم و أقول له ما عنديش عيال لسه :) ، يمد يده ليعطينى و يقولى لأ خدى لعيالك ...

تتدخل امه ، و تقول له هى لسه ما عندهاش عيال :)

أبتسم من هذا الحوار "الغريب" :) و أقول له ، مش هاخد البنسة ، بس هأخد حاجة تانية ...
ثم أقبله و أذهب ناحية باب الخروج ...

و انظر اليه ، فأجده يتجهه للكراسى اللى أمامه ليبدأ فى توزيع البنس على كل السيدات الموجودات ...

فى مشهد ، تضحك فيه أمه ، و انا ، و كل الموجودات فى العربة ...
:)

فى لحطة خلانا كلنا "سعداء"

أخرج من المترو و انا أفكر ....

- هذا الولد يعطى بحب ما يملكه من "بنس"
- هذه الأم ، لا تنهره من توزيع البنس للناس ، و هى "تخصها"
- كم من مرة اتشبث بأشيائى ، حتى لو كانت بسيطة ، دون ان أفكر فى إعطائها بحب للأخرين .
- هذا الطفل "المعاق" فى عينيه ضرب لى مثل كبييييييييير فى "العطاء" بلا حدود ... لجميع الناس ، حتى دون أن يعرفهم ...

و و ضعنى انا فى ورطة امام ضميرى :)

و لكنه جعلنى أبتسم ... و أتذكره فى كل مرة أكون فى إختيار "عطاء" لـ "بنسى" للأخرين

:)

و الى اللقاء