هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة م سامح فرج
  3. اكتشاف الالوان .. بسبب عقوبة !

مقالة .. طويلة حبتين .. لكن مسلية .!. 

بدايات اكتشافي لعالم الألوان .!. بسبب عقوبة تكدير .!. 

وعقوبة تكدير للنقيب الرادرجي.. تتحول إلى رحلة سفاري سياحية ممتعة ..!.

من بورفؤاد .. الى .. أبوقير .. رايح .. جاي .. صد .. رد .. عبر دلتا مصر .. الجميلة ..!. 

الصورة العليا .. مسار الرحلة .. من بورفؤاد إلى ابوقير .. باللون الأحمر ، وفي الأسفل جامع العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي ، حيث أول اكتشافاتي لعالم الألوان في ساحة الجامع .!.

التكدير ..أحدي العقوبات المقررة في القوات المسلحة ..، ويقصد بها تكليف المذنب بعمل إضافي مرهق .. وإسماعه فاصل من اللوم و التأنيب و التقريع .. من اللي يحرق الدم ( إذا كان عنده دم ..!. ) ، حتى لا يتكرر منه الخطأ ، وهي من اخف العقوبات العسكرية ، ولا تسجل في السجلات الرسمية . 

في أوائل ربيع 72 ، انتقلت كتيبتي ( 652 صواريخ دفاع جوي ) إلى بور فؤاد ، ضمن حائط الصواريخ على جبهة القناة ، وكنا نعمل ليلا ونهارا .. لا راحة .. ولا أجازات . ، وأحيانا لا نعرف الأيام من بعضها .. ، وكانت محطة الرادار بتاعتي ، ترتفع حرارتها وتسخن إلى درجة فظيعة .. لأن هذه المعدات السوفيتية .. مصممة للعمل في ظروف البرد و الجليد .. ، وكانت هي الموجودة في الترسانة السوفيتية وقتها . 

وحدث ذات يوم أن احترق أحد محولات القدرة ( ترانسفورمر الباور ) ، وهو ليس من قطع الغيار الموجودة عندي .. و التي يمكن استبدالها ، ولا مفر من إرساله إلى ورشة مركزية .. لإعادة لفه من جديد .. وهذه المسألة تستغرق ربما يوما أو أكثر.. 

وعندما تتعطل أحدى المعدات .. تتحول إلى كتلة من الحديد البارد .. فبدلا من أن تقوم بالدفاع عن منطقة معينة .. يصبح على باقي زملائها الدفاع عنها .. وهو شعور قاتل .. للمقاتل .. إذ يحس أن ليس لوجوده أي معنى .. حتى يتم إصلاح العطل .. 

وكان عندي في المحطة .. جهاز اسمه ( المحاكي ) يستخدم في التدريب .. لتوليد أهداف زائفة على شاشة الرادار ، وذلك لتدريب أطقم المحطة ، وهذا الجهاز كان لا يعمل منذ أن وصلنا للجبهة ، وكلفنا بواجب عمليات مستمرة ، وكان به محول مماثل للمحترق .. فقررت خلعه من المحاكي وتركيبه مكان المحترق .. وبعدها يتم إرسال المحترق إلى ورشة الإصلاح على مهل.. 

ذهبت لأبلغ قائد كتيبتي المقدم محمد عباس فرحات .. بأني أصلحت العطل .. وجاهز لاستئناف خدمة العمليات ..، وفرح قائد الكتيبة جدا وتناول سماعة التليفون .. لإبلاغ القيادة .. بأننا جاهزين .. ، وطالت المكالمة جدا وأخذ وجهه يتجهم .. 

وقال لي " حتروح بنفسك .. لورشة الإصلاح .. وتقعد ساعتين لغاية لما يصلحوا المحول المحروق ويلفوه تاني ..وترجع بيه ..

قلت له " يا فندم مش ممكن ابعته مع جندي من الطقم ..أو حتى واحد من الحكمدارية .؟. " ، قال " لأ .. كبير المهندسين بيقول لازم تروح بنفسك .. لأن كان لازم تاخد إذن الأول قبل ما تفك المحول .. من المحاكي .. " . 

قلت له " يا فندم كده تكدير .. المحاكي .. مش شغال .. من ساعة ما وصلنا لبورفؤاد .. واخدنا واجب عمليات مستمرة .. وأنا اللى كنت متوقع شكر .." .

قال " أنت عارف أن كبير المهندسين ..حاططك في دماغه ..أنت وفلان وفلان ..".

.قلت " والورشة دي فين يا فندم ..؟.

قال " ورشة ابو قير .. " .

قلت " طيب ملقاش ورشة في ليبيا .. بالمرة ..؟. 

ضحك قائد الكتيبة وأخذ يفكر قليلا ، وكان قائدا فذا محنكا وموهوبا في القيادة ، ويعرف كيف يداوي جراح العاملين تحت قيادته . 

ثم قال : ليه بتبص للموضوع على إنه تكدير .. يا حضرة الظابط سامح .. حتتفسح من بورفؤاد لغاية ابوقير تشوف الدلتا كلها .. رايح جاي .. وتشم هوا .. على حساب الجيش .. لا نبطشيات ولا قلق .. وتشوف زميلك قائد الورشة .. وترجع لنا بالسلامة .. يا راجل ده أي ظابط يتمنى يطلع المأمورية دي .. ".

واحتكم الأمر ..لا مفر من المأمورية ، وكان قائد هذه الورشة النقيب ابو السعود من المهندسين الأفذاذ .. كان بالإختصار .. راجل مجدع .. و كان زميلي في الكلية وسبقني في التخرج ودخول الجيش بعام ، وأصبح ضابط صواريخ .. دفنا ( سام 2 ) . وأصيب في حرب الاستنزاف في ساقه إصابة بليغة ، غير أنه رفض الإعفاء من الخدمة لإصابته ، فعينوه قائدا لهذه الورشة .

قال لي القائد " سوف اطلب من المسئول عن كتيبة النقل .. أن يعطيك ..أحسن عربة عنده .. وأحسن سواق عنده " . ( والسفر في هده المأمورية كان من مسئولية قيادة التشكيل ) .

أخذت أراجع الرحلة علي الخرائط عندي .. ، سوف يكون خط السير كالآتي ( بورفؤاد ـ بورسعيد ـ دمياط ـ شربين ـ بلقاس ـ بيلا ـ كفر الشيخ ـ دسوق ـ فوه ـ ادفينا ـ رشيد ـ ابوقير ) ثم العودة بالعكس .. يا لها من رحلة لم تكن على البال أو الخاطر ..!.

ووصلت سيارة المأمورية .. كانت كراز ( 255 معدل ) وبشحم الفابريكه الروسي .!. وهي سيارة مهمات للنقل الثقيل .. حمولتها خمسة عشر طنا ويمكن أن تقطر مثلهم .. ولكن سرعتها لا تزيد عن خمسين كيلو في الساعة ..عندما تكون غير محملة لأنها تتقافذ مثل العصفورة على الطريق .!. ، والسائق كان من امهر سائقي العمليات ، هؤلاء السائقين ينقلون الذخيرة .. و يقودون ناقلات الصواريخ و الردارات والأوناش و المعدات الضخمة ، ويلمون بكل طرق الدلتا و الجبهة .. ويعرفون أماكن التشكيلات المختلفة .

وكان السائق قد تلقى تلقينا بمدى أهمية مأموريته ..

نزل من السيارة وأدي لي التحية العسكرية ، وقال " إن شاء الله يا فندم .. نروح ونرجع بأقصى سرعة علشان محطة الرادار ما تقعدش عطلانه كتير .." . 

قلت له " عطلانه فين يا حضرة الصول .. ماهي قدامك شغالة اهية .. " .. وأشرت الى المحطة التي كانت تعمل .. 

ذهل الرقيب السائق .. ، فشرحت له الموقف بإختصار .. فأفلتت من فمه جملة " ده كبير مهندسين أبن ( وس **.!.) " ..، ثم تدارك نفسه وأحس إنه أخطأ . .. فقلت له " لأ قولها يا حضرة الصول .. أنا قولتها قبلك .. عداك العيب .. وقزح .!. " .

وانطلقت بالسيارة .. أنا و السائق الرقيب جمعة .. وكان ذلك في العاشرة مساء تقريبا .

عبرنا بالمعدية من بورفؤاد إلى بورسعيد ..، ثم انطلقنا إلى دمياط .. وبلغناها قبل منتصف الليل تقريبا .. كانت دمياط الجميلة قد خلدت الى النوم .. وكنت أنا اغفو ثم استيقظ على رجرجة السيارة .. وكان السائق ينبهني كل فترة .. داخلين على شربين .. داخلين على بلقاس .. داخلين على بيلا .. إحنا في كفر الشيخ دلوقت .. وهنا أصبحت في كامل الانتباه .. لقد بدأت بلاد الدلتا الجميلة تستيقظ .!. وراح ضوء الفجر الذهبي يغمر الحقول .. ، مررنا بمزارع ادفينا كانت شجيرات الباميه ..تنتظم في خطوط مستقيمة .. إذا ما نظرت إليها من أي زاوية .. ما أروعك أيها الفلاح المصري .. ، وصلنا إلى رشيد وتناولت إنا و السائق الإفطار و شربنا الشاي وانطلقنا إلى الورشة في ابو قير . 

أخذني النقيب أبو السعود بالأحضان " .. يعني يا ابو السماح ماشوفكشي إلا في المصايب .!. هوه ايه اللي حصل .. الشرطة العسكرية جابتنا من بيوتنا أنا و الأسطوات ..من الفجر .!. " .

شرحت له الموقف باختصار ..، فتملكه الغيظ .. وأضاف ده كبير مهندسين ابن (***) . 

قلت " اصله حاططني في دماغه أنا وكام ظابط .. يظهر أن أنا كان لازم آخد إذن .. من موشي ديان و جولدا مائيير .!. علشان اركب الترنس بتاع المحاكي مكان ترانس الباور المحروق ..!." .

أطلعته على أمر المهمة الذي معي وضرورة أن أكون على باب الورشة في طريقي للرجوع .. بعد ساعتين من دخولي ..

ضحك هازئا وقال " هوه فاكر أن الورشة دي .. بتاعت أمه .!. ، انا بقي اصلح الترنس ده .. في خمس ساعات .. واللي مش عاجبه ييجي يشغل الورشه مكاني .!. " .

قلت له " أهم حاجة عندي ..السواق يرتاح .. " .

قال "عيب يابو السماح .. انه حابعته الاستراحه بتاعتي .. ولك عندي أنت و هوه اكلة سمك من ابوقير ما حصلتش .. "

انهمك الأوسطوات في فك المحول المحترق .. تمهيدا لإصلاحه وإعادة لفه .. ورحنا نتجاذب إطراف الحديث .. 

قال " صحيح من عندك في بور فؤاد .. بتشوف المطارات اللي في سينا .. " .

قلت " الرادار بتاعي ..بيجيب مطارات العريش و السر و المليز .. وارض هبوط في بير تمادا .. ولو فتحت على الماكسيمم .. ممكن اجيب مطارات رماد عكير و بن جوريون و راس النقب .. بس أنا عندي أوامر اشتغل على 100 كيلومتر فقط ..

اتغديت أنا و النقيب ابوالسعود والرقيب جمعه ..السائق .. أحلى غدوة متينة من البوري المشوي و الجمبري .. ، وتبادلنا تحية الوداع انا وابو السعود .. مين عارف حنتقابل تاني امتي ..، آخر مره شفته كانت سنة 69 واحنا في كلية الهندسة .. وانطلقت أنا و الرقيب جمعة على الطريق ..

لم اترك بلدة في طريق عودتي إلا وشربت فيها شاي أو عصير قصب أو أكلت رغبف كفته وطرب ..!. أنا و السائق .. وصلنا إلى رشيد ثم تجاوزناها إلى ادفينا ثم فوه ثم دسوق ..

في دسوق .. كان يجري الاستعداد لمولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي .. ، نزلت انا و السائق للتجول في إنحاء السوق الشعبي المجاور لساحة الجامع .. ، كانت هناك عربة يد قد ثبتت عليها إطارات مربعة .. وتتدلى منها و ترفرف في الهواء .. العديد من مناديل الرأس النسائية ( الآويه ) .. والتي تخطف الأبصار .. واستوقفني البائع الريفي البسيط .. وأخذ يعدد لي هذه الالوان .. هذا تانجو .. وهذا دم الغزال .. وهذا سمنجوني .. واضاف .. ما تستفتحني ياحضرة الظابط .. منديل أوية آخر جمال .. لجماعتك .. او خطيبتك .!. 

قلتله .. " يا آبا الحاج .. انا في الجيش .. لا خاطب .. ولا متجوز .. "

قال .. " طب ما عندكش اخوات بنات .. تدخل عليهم .. بهدية تفرحهم .!. " .

قلت له .." عندي اخوات بنات .. بس احنا .. بندرية .. ومن اهل البندر .!. و الحريم عندنا ما بتلبسش مناديل راس .!.

قال .. " كده .. تفرحهم اكتر .!. " .

.. وأمام إلحاح هذا البائع .. العجوز.. المبتسم .!. اشتريت ثلاثة مناديل أويه .. ازرق سمنجوني و اصفر تانجو و اخضر زرعي ..

وبعد ان ابتعدت عن البائع .. ناولت الرقيب جمعة السائق هذه الثلاث مناديل .. قائلا " اتفضل .. حاجة تفرح الجماعة و العيال ..!!.. " ، فتناولها شاكرا و مرتبكا .!. ودسها داخل سترة الافرول .!. 

ثم شاهدت عند بائع بجواره .. ملاءات للسرير .. محلاة بأقلام طولية وعرضية ملونه ..ازرق و اخضر .. وقال لي البائع أن اسمها ملايات .. جنجنان .. وأشتريت حلاوة طحينية شعر .. من التي تشتهر بها مدينة دسوق .. 

وانطلقت انا و الرقيب جمعة .. لنستكمل رحلة العودة ..

...ولمدة سنين طويلة ..عندما كنت أتذكر هذه الرحلة .. كنت أتذكر الألوان التي سمعتها في دسوق .. ( تانجو .. سمنجوني .. جنجان ..) ..وأقول لنفسي .. من أين آتي هؤلاء البسطاء .. بهذه الأسماء .؟. 

وعندما تجمعت عندي العديد من أسماء الألوان ..التقطتها من الشارع المصري .. قررت عمل كتاب يضم أسماء الألوان .. وقمت بجمع العديد من الموسوعات و المعاجم .. لبحث أصول أسماء الألوان .. واكتشفت ..أن التانجو .. هو لون صبغة مشهورة و معروفه عالميا ..وتنتجها الكثير من الشركات الاوروبيه مثل ( مكفرسون و هيجينيك هدسون و كوردابانتس ) ..وأن ( السمنجوني ) .. هي كلمه فارسية الأصل ولكنها شائعة في ريف مصر لوصف لون زرقة السماء .!. وقد دخلت اللغة العربية و اعتمدها المجمع اللغوي للغة العربية ..نظرا لشيوعها و انتشارها .. وأن ( جنجان ) هي كلمة ماليزية الأصل وتطلق على المنسوجات التي تحتوي على أقلام طولية و عرضية ملونة .. وقد كانت شائعة أكثر في دول الخليج و تستخدم كمئزر للنصف الأسفل من الجسم ..... 

وما زلت حتى الآن .. أقول لنفسي .. لو أن كبير المهندسين .. لم يكدرني بهذه الرحلة .. هل كنت سوف أقوم بتأليف كتاب ( معجم أسماء الألوان حسب التسميات المصرية و العالمية ) ..!؟. 

...لست أدري .!..

تحديث .. وقد تم بحمد الله و نوفيقه ، عمل معجم اسماء الالوان حسب التسميات المصرية و العالمية ، وتوجد نسخة مجانية سهلة التحميل محفوظة على الأنترنت .

نقيب د/جو سامح فرج . مؤلف معجم فرج للعامية المصرية و معجم أسماء الألوان حسب التسميات المصرية و العالمية .

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2172 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع