هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة حنان صلاح الدين
  3. رحيمة - رواية - الجزء الاول
غلاف رواية رحيمة لحنان صالح

"عاتم جدُا المكان إلا من صوتك يا رحيمة "

"صوتي لن يبدد العتمة يا راضي ..تحدث كلما تحدثت عَمَّر الضوء المكان واتسع"

"وهل يتسع هذا الضيق المستوطن لضلوعي يا رحيمة ؟...رحيمة ..
رحيمة ...
***
الاعتياد يا رحيمة، أحيانًا هو قيد، نحاول التخلص حينًا ونوقع به غيرنا حينًا، نتمنى صحبة وزحام لكن نخطو بطريق الوحدة يا رحيمة لنكن بالنهاية غرباء، لست الأسوأ عزيزتي لكنني سيء اعتدت كوني السيء، أصيص الوردة يا رحيمة كان بداية كل شيء، أو الأصح النهاية، صدقتِ كم هو ممتع الحديث والأجمل حديثي معك، أن أخلع عن روحي عباءة الأوهام، أن يجثو قلبي أمام راحتيك، وأرى حقيقتي بعينيك، سأحاول لملمة الصور، وأنبش داخلي عن فضلات أفعالي، أرمي وابل همي على صخرة تحملك الصلدة، كان مساءً اعتياديًا،
عدت إلى بيتي منهكاً للغاية، كبريائي الأعمي يظن أنه صنع جدران وحدة محصنة، يخلو بيتي من أي صوت سوى صوتي، خطواتي، تنفسي، تصفح كتابي، وحيدًا .. بعيدًا عن نكهة العائلة والدفء الكاذب كما رأيت، أمور تعني لي الآن فقط معلومة ببطاقتي اسمها "محل الميلاد".
أعمل بإحدى المستشفيات بصعيد مصر كما تعلمين، خمسة وثلاثون عامًا لكن مازال طفلي لم يتجاوز العاشرة داخلي يا رحيمة،
لا أعود من عملي كطبيب إلا و يفصلني عن شروق الشمس بضع ساعات هذيلة، النعاس يثقل جفوني بشدة، لكن تحاملت على نفسي لقطع روتين يومي بجلسة هادئة نوعًا كاستراحة من سخافة التكرار والرسميات والواجب.
أنعشت نفسي بحمام ساخن، حضرت قهوتي وبعض الكيك التي صنعته جارتي الحسناء ، جلست إلى أريكتي، ووضعت التلفاز بصوت لا يكاد يسمع فيلم لإسماعيل ياسين، تناولت رواية بدأتها منذ حوالي الشهر محاولاً استكمالها، لكن يبدو أنني غفوت دقيقة، فتحت عيني فجأة؛ فوجدت أمامي على منضدة الصالون أصيص به وردة صغيرة حمراء، تساءلت كيف لم أنتبه لها وهي أمامي تمامًا، لكن لعنت الإرهاق يكاد يخطف نظري، أظنها هدية من جارتي، أخذت الأصيص، وسقيته بالماء، وخيل لي أن الوردة تبتسم، فابتسمت لظني، كل ما نهتم به يبتسم يا رحيمة أليس كذلك؟؟ لا تسخري ودعيني أكمل، أخذتها، واضعًا إياها بالشرفة، وذهبت إلى غرفتي لأنام بعض الوقت، فرن هاتفي، تناهى إلى مسامعي صوت طفلة صغيرة بحروف مرتجفة، تطلب مني أن أدخلها لشدة برودة الطقس وكنا بأول شهر يناير،
نظرت إلى الهاتف؛ لأرى الرقم، لكن لا يوجد ، اعتذرت من الصغيرة، بدا لي الأمر كاتصال خاطئ ، سمعت صوتها وكأنها ستجهش بالبكاء، وهى تقول
"لا لم أخطئ أنا الوردة.."
اقشعر جسدي، واهتز الهاتف بيدي، أيمكن أنني نمت وأحلم
أغلقت الهاتف، دفعني جنون الظن، فخرجت إلى الشرفة، أدهشني ما رأيت، الوردة متجمدة يغطيها ثلجٌ أبيض رغم أن الطقس ليس باردًا لهذه الدرجة، وتهتز مرتعشة، تناولتها، ظهرت لها فجأة أسنان نشبت بيدي؛ ليصيبني منها عضة قوية، فوقعت من هول الفزع ولم أشعر بشئ بعدها.
دوي صوت منبهي، لأفيق، فأجدني في فراشي مدثرًا، بحثت بيدي وعينيَّ مغمضتين عن المنبه وأسكته، توافدت أحداث البارحة لرأسي، فزعت وتفحصت جسدي، فلم أجد أثرًا لعضة، نظرت حولي فلم أجد أي وردة، تركت فراشي كي أستعد للذهاب إلى المسنشفى مقنعًا نفسي أنه مجرد كابوس، حينما أكلمت استعدادي، وهممت بالانصراف سمعت هاتفي
"راضي كيف حالك؟ أفتقدك كثيرًا"
حمدًا لله على العتمة لا أستطيع أن أنظر لعينيكِ يا رحيمة، وأنا أكمل قصتي، لكن خضراء القلب أنتِ وستتحملينني،
تأففت حينها وردي كان باردًا
"سحر.. أنا بخير وأنتِ ؟"
ردت واللهفة تملأ صوتها الرفيع بأنها بخير، وفعلت ما طلبت، و علينا أن نحدد موعدًا لزواجنا لينتهي الأمر، سخرت منها يا رحيمة، سحر تلك الراقصة تريد أن تتزوج طبيب الصدر الحاصل على درجة الدكتوراه من ألمانيا سليل العائلة الرضوانية ، كانت بلهاء، أو كانت تحب، فلم ترني جيدًا، رغم قبحي، أخبرتها يا رحيمة بمنتهى القسوة أنها لا شئ، أو شيئًا كان قيد الاستخدام وانتهت صلاحيته.
لم يكن هناك أبله غيري و فرطت بقطعة مني يا رحيمة وكأنه ليس بالأهمية وأنا أغلق هاتفي وضعتها على لائحة الحظر، نعم فعلت نسيت صغيرتي التي ذنب لها سوى أنها طرح الفُجر والرذيلة، طرقات رقيقة على الباب، جارتي التي تصغرني باثني عشر عامًا، تحمل صينية الصباح كعادتها،
ابتسمت لها مُرحبًا وأفسحت الطريق أمامها
-" رقية اشتقت لكِ كثيرًا"
وبصوتها الحنون الناعم، وملامحها الطفولية، تبسمت وتمتمت بأنها لن تسمح لي بالذهاب دون تناول فطوري
ودخلت إلى شقتي، وضعت الصينية على مائدة الطعام تاركًا الباب مُشرعًا كالعادة تبعتها ، فهذا كان طلبها دائمًا، لم أكن أشعر نحوها بالحب، لكن أغراني شدة حبها، وحنانها واهتمامها بكل ما يخصني والحقيقة أنني أخبرتها بحبي لها كضمانة لاستمرار تواجدها كنت أحب استماعها لي وحنانها أو أحب راضي الذي تحب هي، لم أكن بالخسة صدقيني إنما بعض الأنانية، وهذا يسعدها وما تريده فقط لم تكن متطلبة، تناولنا الطعام معًا وتبادلنا بعض كلمات الغزل العفيف، ثم انصرفت، تعيش رقية مع والدتها الكفيفة بعد وفاة والدها، تدير الفتاة مركز تجاري صغير تركه لها والدها، وتعتني بأمها وبي طبعًا، هي من قرية بقلب الصعيد، وابن عمها لايكف عن عرض الزواج عليها، ويهدد بأنها إذا فكرت بغيره سيقتله، فكان ذلك ضمانة مريحة كونها لن تطلب الارتباط ، فأنا لا أحب قيد الزواج، ولا أفكر به، لذا لم يكن هناك خطر من أن أوهمها أنني أريد الزواج بها، لتتأكد فقط من صدق مشاعري، وتبقى إلى جانبي، وجودها كان يؤمن لى نوعًا من الراحة النفسية.
مر اليوم في عملي كالعادة فقدت الكثير من مشاعري لم أراه كل يوم كل يوم، تظنين العكس يا رحيمة ؟؟ لا عزيزتي للأسف أنا تجمدت لفرط سماع تأوهات المرضى، نسيت أمر كابوس الوردة، وعدت إلى المنزل قرب الفجر، أنا لم أكن ملتزمًا بالصلاة، دخلت إلى شقتي، يصل إلى أنفي رائحة الطعام والبخور وتلمع شقتي من النظافة، ويعود الفضل إلى رقية بالطبع.
بدلت ملابسي، وتناولت طعامها الشهي، حضرت قهوتي، وجلست كاليوم السابق بنفس التفاصيل، أقسم يا رحيمة بأن هذا حدث،
انطفأت الكهرباء لدقيقة، شعرت خلالها، وكأن هناك من يقبل عنقي، ارتعش جسدي لكنني حينما حاولت الحركة، لم أتمكن عادت الكهرباء تحركت، ونظرت حولي بفزع شديد، ولم أجد شيئًا، شربت بعض الماء لأهدأ ، وقررت أن أخلد للنوم وحينما رفعت عيني وجدت الوردة على التلفاز، أزعجتني رؤيتها، فذهبت إليها بغضب وأطبقت قبضتي عليها، ودفعت بها للأرض لأسمع صوت فتاة تئن، يشبه صوتًا أعرفه أو هكذا تخيلت، تبكى بكاءً عاليًا بالمكان، لكن مصدره كان واضحًا، إنها الوردة، التي تزحف أرضًا من بين طينها، واهنة ضعيفة، تلتف حول ساقي كأفعى، وينغرز شوكها في جلدي، تأوهت بشدة ألمًا وفزعًا، محاولًا التخلص منها، حينها سمعت طرقات على الباب بهذا الوقت المتأخر، نظرت إلى قدمي، وجدت الوردة وقد اختفت، ذهبت، بقدم عرجاء متألمة من جراء أشواك الوردة، أفتح الباب لأجد والدة رقية، تقف أمامي بوجه قاس، وعين خالية من سوادها، أمسكت ذراعي بقوة، تفوهت بتلك الجملة المترددة بأذني حتى الآن
"عد طالما تستطيع"
نشبت أظافرها التي طالت فجأة بذراعي ويتكرر الأمر ثانية، وأراني أسقط أرضًا.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2098 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع