هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة حنان صلاح الدين
  3. رحيمة - رواية - الجزء الثالث

"رحيمة"
"الجزء الثالث"
-------------
سمعت همسًا إلى جانبي، اهتز جسدي
-"راضي.. راضي .. أفق أرجوك.. راضي"
فتحت عيني، وكأن جفناي جوالي دقيق، ممددًا على الأرض بنفس المكان، الذي سقطت به حينما رأيت الرضيعة على الأريكة، وإلى جانبي رقية بعينيها البريئتين تتأرجح بهما دموع القلق وهي تقول بخوف
-"ما الذي حدث يا راضي كيف أذيت نفسك؟؟ أرجوك انهض معي، رأسك ينزف.. دعني أضمده لك"
استندتُ إلى رقية، وعيني كانت زائغة، أبحث عن جدي، كانت رقية يدها باردة، وحينما لمست ذراعي تذكرت احتراقها، فنظرت في رعب إلى ذراعي منتفضًا، مما أفزع رقية، لم أجد شيئًا بيدى، أو ذراعي، ارتميت على الأريكة منهكًا لم أعد أعرف واقعي من أحلامي، رفعت عيني لأجد المسكينه تضع يدها على فمها، ودموعها تهرمن أجلي، لولا وجودها لما شعر بهذياني أحد وبقيت مثل كومة ثياب رثة لا يُنظر لها، أشرت لها بوهن
-"تعالي رقية.. أعتذر أنني أفزعتك"
لكنها تحركت إلى الداخل، وعادت ومعها صندوق الإسعافات، لتضمد جرح رأسي، استندتْ إلى ركبتيها، على الأريكة جانبي، ووضعتُ أنا رأسي على صدرها واستنشقت رائحتها على هذا القرب لأول مرة منذ خمسة أشهر ، ما فاجأنى أنها كرائحة جدي، شعرت بالخدر، ورغبة باحتلالها كمكان آمن أختبئ به، إلى ضلوعها ولم أتراجع مددت ذراعي حول خصرها الغض الدافئ، ودفنت رأسي أشتهي نبضات قلبها العاشق، أستمد عبقًا من حنانها، أتمنى لو أدفن بين ضلوعها، هاربًا من انهياري، لا أعلم ماذا دهاني، لكن كأنها زُرعت بقلبي، ونالت ببراءتها ورقتها من جبروتي، وغروري، شعرت برعشتها بين ذراعي، و لم تحاول إبعادي، احتضنت رأسي، شعرت بها تقبلها بخفة، وجدتني أشفق عليها من نفسي وشيطاني، فمرغمًا أبعدتها برفق
-"أعتذر ثانية رقية، سامحيني لم أستطع أن أمنع نفسي"
أزاحت بعض خصلات شعرها خلف أذنها، وأسدلت جفنيها خجلًا، كنت أشعر بلهيب وجنتيها، ابتعدت مرتبكة، مرتعشة، شعرت بالصراع بين أنوثتها التي تدفعها لترتمي بين ذراعي وجمال حيائها، أكاد أجزم أنني أسمع نبض قلبها، وقالت بحنان وعذوبة
-"وضعت فطورك على المائدة، سلمت من كل شر"
ثم ركضت نحو الباب، تخفي شبح ابتسامة طفلة، أخذت عيديتها للتو.
كنت مرهقًا للغاية لا أقوى على حمل نفسي لأنهض؛ فقررت أن لا أذهب للعمل، امتدت يدي إلى هاتفي لأجري اتصال، أبلغهم به بأنني لن أحضر للمستشفى اليوم، تحاملت على نفسي فتحت الماء الساخن على جسدي المتيبس، ارتديت ملابسي، عزفت عن طعام الفطور، لم تكن شهيتي بخير، صوت جدي مازال يملأني، شعرت بالصداع يكاد يفجر رأسي، فقررت أن أذهب لشراء مُسكن للألم، وبعض الاحتياجات،
واشتريت منوم علني أحصل على قسط كافٍ من الراحة، وعدت، ففتحت بهدوء باب شقتي، لتقابلني رائحة البخور الرائعة التي ينشرح لها الصدر مختلطًا مع رائحة طعام رقية الشهي متلازمًا مع شعوري بالجوع، والإرهاق، دخلت وأغلقت الباب وعندما استدرت كانت أمامي، جميلة، بهية بوجهها الطفولي، وشعرها الأسود الطويل الناعم، وبنطالها الجينز الذي يحتضن ساقيها بألفة، وكنزتها البنفسجية، قصيرة الأكمام وحذاءها الذي يزيد من جمال قامتها القصيرة وانوثتها وهي تعلو عن الأرض كراقصة باليه بعلبة صغيرة، وزاد الأمر وهجًا وعبثًا رائحة عطرها الفرنسي الهادئ، كانت رقية صعيدية، متمدنة، لم ترتدي حجابًا، ولاحظت أن والدتها كذلك، أذكر يومًا أخبرتني أن والدتها من الإسكندرية ووقع والدها الصعيدي بحبها ، تربت والدتها بإسبانيا حيث أن جدة رقية أسبانية ، لذا تختلف طباعها عن طبيعة أهل الصعيد، تميل لحرية الغرب، أخرجني من شرودي بهذه اللوحة الرائعة، التي أمامي صوتها الحنون.

-"قلقت حينما لم أجدك ظننت أنك ذهبت للعمل وأنت متعب،حمًدا لله على سلامتك يا راضي هيا بدل ثيابك، أعلم أنك لم تفطر لذا حضرت طعام الغداء مبكرًا لنأكل معًا."
تعجبت فليس بالعادة أن تتناول الغداء معي، خشبت أن أنثاها جاءت لتكمل غمرة العشق التي بدأت اليوم ولم أكن بالقديس لأقاوم، فأكلمت عندما لاحظت دهشتي
-"عندي مفاجأة لك ستفرحك"
فابتسمت لها وهمست
-"دعينا نضع ما اشتريت بالثلاجة ثم نجلس ونتحدث"
بعد أن انتهينا جَلستُ إلى المائدة بهدوء في انتظار المفاجأة، ، اتسعت ابتسامتها كطفلة رأت أبيها بعد عام من الغياب، عجبًا لحبي الذي زُرع بقلب تلك المسكينة، وكم أراها بريئة، أصابتها لعنة الحب، وما أنا إلا رجلًا وحيدًا يأنس فقط لوجودها، فقد حملت كذلك عني عبء ماذا أتناول من طعام، ماذا يحتاج البيت، ومن ينظفه، لو أنني أعيش بفندق سبع نجوم ما حصلت على ذلك، بالإضافة إلى لحظات الحب، ومكالمات الغرام من آن لآخر التي أحتاج جرعات منها، لأمتع غروري الرجولي لبعض الوقت، وكانت تتحمل سوء مزاجي وكل هذا دون مقابل... لا زواج.
نعم ..لا تقولينها سرًا يا رحيمة وغد نعم أنا وغد، فاسق، وفاسد جدًا، دعيني أكمل
جلست إلى المائدة لأجد أصناف متعددة من الطعام، قُدمت بشكل فاخر أكثر رقيًا من أفخم الفنادق، فابتسمت، ومددت يدي واحتضنت يديها، ناظرًا إلى عينيها بهذه النظرة الحنونة التي أتقن ادعائها، ولا ترهقني لكن تسعدها متمتمًا بالقرب
-"رقية.. ما أمرك!! كل هذا الطعام من أجلي!! لِمَ حبيبتي كل هذا التعب، أنا بخير،اطمئني يكفيني حنانك أنا لا أريد غيرك."
اتسعت ابتسامتها، كأنها تحتضنني، اقتربت مني بلهف فاجأني ووضعت رأسي داخل صدرها، كنت أسمع نبضها واضحًا لفرط قربي منها وجاء صوتها يرقص سعادة
-"وأنا لك.. أنا لك أنت يا راضي وللأبد"
لم أفهم ما تعنيه، وكنت من التعب وعدم التركيز لدرجة لم أحاول أن أفهم، فأنا لا أعطي للكثير من كلامها اهتمامًا، أُظهر الاهتمام لكن حقيقة لا أكثرث، أستمتع بقربي منها، وبدلال عطرها لأنفاسي الشرهة، وعشقها الذي غرقت به وشددت ذراعي عليها فأكملت بهمس
-"راضي.. ابن عمي سوف يتزوج بأخرى، ابنة أحد أصدقاء عمي، وبينهما مصالح مشتركة، لذا لم يعد هناك أي عائق يمنعنا أن نكن معًا"
الكاذب يا رحيمة تصبه الصدمة بقوة لفرط ثقته بذكائه ، شعرت كمن أخذ برأسي، ودفع بها بكل قوة إلى الحائط؛ فأرخيت يدي عن يديها محاولًا السيطرة على هلعي فتمتمت بإعياء
-"رقية.. آه رأسي يؤلمني، وأشعر بطنين أذني"
فابتعدت لتنظر إلى جرحي، وتنظر إلىً بقلق
-"فلنذهب إلى المستشفى، ونطمئن يا راضي"
فوضعت يدي على رأسي مدعيًا التعب، وأنني مصاب بالدوار أقول بتثاقل
-" سأذهب غدًا، أنا حقيقة لا أريد سوى النوم"
ربتت على كتفي بحنو، ومسحت على شعري برقة
-"سأتركك لترتاح.. أرجوك يا راضي.. نم جيدًا واعتني بنفسك.. أنا أحبك يا راضي"
أسرعت الخطى، وذهبت مغلقة الباب خلفها، فتنفست الصعداء أن الأمر قد مر، لكنني سألت نفسي، ماذا أفعل بعد ذلك، وكيف أهرب من أمر الزواج، فأنا لا أفكر في هذا الأمر أبدًا، بيت، أطفال ومسؤوليات.. لا لا.. الأمر لا يشبهني أبدًا.
دق هاتفي تلك الليلة وقد تعدت الساعة الواحدة صباحًا رقم غير مسجل لدي فرددت
-"نعم من؟"
-" ماجد زوج والدتك، هي متعبة وتود رؤيتك"
شعرت بالحنق، والدماء تتصاعد لرأسي، كأنني على وشك الانفجار، أي قبح هذا!!! وأي جرأة تلك
"كيف لك أن تتصل على رقمي أيها الانتهازي القذر، وإن احترقت لا أريد أن أعرف عنها شيئًا"
أنهيت المكالمة، وقذفت بالهاتف على مقعد بالقرب، والغيظ يتملكني بشدة فذهبت إلى الحمام، فتحت الماء ووضعت رأسي تحته لعله يطفئ ما أشعر به، هدأت قليلًا ودخلت إلى فراشي بعد أن ابتلعت حبة منوم، واستلقيت على ظهري حتى أغفو لأتذكر أمر فيروس كوفيد ١٩ وما أحدثه بيوم وليلة، لكن لا أعلم لِمَ أخذتني الذكرى حينها هناك يا رحيمة،
ووجدت الذكريات تتسلل لرأسي شيئًا فشيئًا، حينها كنت بالعاشرة، أمتطي داليدا لأول مرة، مهرتي الغالية، اشتقت إليها كثيرًا كنا نقضي أسبوعين في الشتاء ببيتنا الكبير بالأقصر، يومها سقطتُ عنها، أصابتني بعض الكدمات، يا الله كم صرخت أمي، وظلت إلى جانبي ترفض أن يساعدها أحد ممن يعملون بالبيت في حملي، كنت في العاشرة، طويلًا وممتلئًا، أبدو أكبر، كانت تحملني إلى الحمام لأن كاحلي كان ملتوٍ، تمشطني، وتطعمني.
حينما عاقبني مُعلم اللغة العربية بالضرب، وإن كنت أستحق، كنت مشاغبًا، ذهبت إلى المدرسة، وتحدثت بفظاظة لا تشبهها، فأمي إنسانة رقيقة، هادئة للغاية، والأمر لم ينتهي إلا بإحالة المُعلم إلى التحقيق، كانت تعيش من أجلي، والدي صعيدي بمعني الكلمة وكبير عائلته، صارمًا للغاية، قوي الشخصية لا يسمح لها بالخروج، أو الصداقات، وكانت تمتثل دون معارضة لذا كنت أنا والاهتمام بي وبأزهاري التي ملأت بها الحديقة شغلها الشاغل، مما كان يغضب والدي فقرر زرع الطماطم وأنتزعت زهورنا عنوة؛ فابن "بدر الرضواني" لا يزرع الورود، فما كان منها إلا أن أحضرت خلسة أصيص لوردة بشرفة غرفتي نصادقها في الخفاء وكانت سرنا فأبي لا يعرف طريق غرفتي ولم يدثرني يومًا ويتمنى لي نومًا جيدًا ، حينما كنت بالعشرين من عمري كانت هى بالخامسة والثلاثين، نعم تزوجت صغيرة للغاية من رجل يكبرها بنفس فرق السنوات بيننا خمسة عشر عامًا، في هذا العام توفي، واكتشفت هي حقيقته ونسائه الأخريات وتألمت وبكت، و صمتت.
بدأ النعاس يداعب أهدابي، وتنفلت جفوني لتغمض من آن لآخر لكن وأنا بحالتي تلك كانت يدي مسجاة إلى جانبي، تتسلل برفق ليدى فنظرت جانبي، كانت هي من جديد، الوردة على السرير، أوراقها بيضاء كأنها عجوز مالت على كفي، لم أفزع هذه المرة، اعتدت هذه الوردة الغبية، فتبسمت وسألتها
-"وماذا ستفعلين بي اليوم!! فأنا مخدر تمامًا، ولن أقاوم أفعالك"
،،يتبع،،

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2032 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع