هل سألت نفسك أخي القارئ: لماذا نطوف حول الكعبة عكس دوران عقارب الساعة؟
الحقيقة أنه سؤال قديم تبادر لدى أذهان علماء الشريعة الأوائل فقال بعضهم كالإمام القرافي في الذخيرة: «إن جنبي البيت نسبتهما إليه كنسبة يمين الإنسان ويساره إليه، فالحجر موضع اليمين لأنه يقابل يسار الإنسان، وباب البيت وجهه، ولو جعله على يساره أقبل على الباب، ولا يليق بالأدب الإعراض عن وجوه الأماثل، وتعظيم بيت الله تعظيم له».

وقال بعضهم: لكي تستقبل الكعبة بقلبك.

وقالوا غير ذلك كثير، وكلها أقوال لا تخلو من فوائد تربوية لطيفة.

ولكن مع تداول القرون وفي ظل تطور العلوم وانفتاح الإنسان على الكون كله بالإلكترونيات والتكنولوجيا الحديثة؛ برزت لنا بعض الأسرار الأخرى التي يمكن أن نضمها إلى جملة الأسرار المحكمة المستودعة في حركة الطواف، وهي أيضًا لا تخلو من الفوائد.

وهذه الحكمة البارزة فحواها أنَّ «هذه رسالة من الله للخلق بالتناغم مع حركة الكون وعدم معارضة السنن الكونية وعدم الشرود عن الجماعة والاجتماع».

كيف ذلك؟!

بعدما تطورت العلوم واخترع الإنسان الميكروسكوبات والتليسكوبات والأشعة واستطاع أنَّ يتعرف على شريحة كبيرة من الكون من الذرة إلى المجرة اكتشف الآتي:

1- يتحرك الدم داخل جسم الإنسان عكس عقارب الساعة.! (الدورة الدموية)

2- الأرض تدور في فلكها حول الشمس عكس عقارب الساعة.!

3- القمر يدور حول الأرض عكس عقارب الساعة.!

4- الشمس بكواكبها (المجموعة الشمسية) تدور حول المجرة عكس عقارب الساعة.!

5- مجرة درب التبانة تدور حول مركزها عكس عقارب الساعة.!

6- الإلكترونات تدور حول النواة في الذرة عكس عقارب الساعة.!

7- كل الأجرام السماوية تدور عكس عقارب الساعة.!

8- سائل (السيتوبلازم) داخل الخلية يتحرك في أغلبه عكس عقارب الساعة.!

💡إذن الكون كله (من الذرة إلى المجرة) يتحرك عكس عقارب الساعة.!

وهنا يمكن أن نستشف الحكمة الإلهية في تشريع الطواف حول الكعبة عكس عقارب الساعة، وهو أنَّ الله يريدنا أن نتاغم مع الكون، أن نتآلف مع المخلوقات الأخرى، ألا نشذ عن سنن الله في كونه وكائناته.!

وهذا المعنى جليل يمكن استثماره على نطاق أوسع من الطواف.

🔴 فلا نشذ عن تسبيح الخالق الذي يُسبِّح له الكون كله: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِیحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورࣰا﴾ [الإسراء ٤٤]

🔴 لا نشذ عن النظام والالتزام والانضباط الذي هو شعار الكون كله: ﴿لَا ٱلشَّمۡسُ یَنۢبَغِی لَهَاۤ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّیۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلࣱّ فِی فَلَكࣲ یَسۡبَحُونَ﴾ [يس ٤٠]

🔴 لا نشذ عن خدمة الآخرين، طالما أن الله سخر الكون كله لخدمة الإنسان: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ دَاۤىِٕبَیۡنِۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ﴾ [إبراهيم ٣٣]

💥 هذه بعض المعاني التي تراءت لي من النظر في مخلوقات الله والتأمل في بديع صنع الخالق سبحانه وتعالى، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.