هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3. الغــــــــــرفة قصة قصيرة

" لنطلق بعض الأسماء على أنفسنا ... "

قالها أحد الجالسين في الغرفة مبتسما في سخرية , وقد بدأ يشير إلى كل فرد بالغرفة على حدا , و يطلق عليه اسما :

-ليكن هذا هو " الشيخ " .. و هذا هو " العالم " .. و أما ذاك الذي يجلس وحيدا فلنطلق عليه .. فلنطلق عليه السيد " الصامت " .. سيكون ملائما له ..

فقال " الشيخ " متهكما :

-ربما يجدر بنا أن نطلق عليك اسم " الفتى العابث " .. سيكون ملائما لك أكثر ..

فضحك " العابث " قائلا :

-لقد أصبتني بالحيرة أيها الشيخ من أمرك .. لقد مضى علينا وقت طويل و نحن نتجادل .. لقد نعتني بالملحد و الفاسق ..و الآن تنعتني بالعابث .. لا تحتمل أن يجادلك أحد فيما تردد ..

فقال "الشيخ " عابسا :

-هذا ما يضايقني تماما .. تتهمني بأنني أردد الأشياء دون فهم و بحث .. ورغم ذلك فإنني أؤيد هذه الفكرة طالما ما أردده صحيحا وليس به خطأ ..

فأطرق " العابث " رأسه في استسلام و على شفتيه ابتسامة سخرية بينما قال " العالم " :

-يبدو أن كلماتك متناقضة أيها الشيخ .. فكيف تتضايق من كون أحد ينعتك بصفة الببغاء من جهة .. ومن جهة أخرى تصر على هذه الصفة و تؤيدها ؟!

فقال " الشيخ " في حنق :

-ماذا تقول؟ هل تؤيده في سخريته مني ؟

فقال " العالم " في هدوء و إتزان :

-أنا لا أؤيده في شيء .. و لكنني أحاول أن أفهمك ..

فقال " الشيخ " موضحا :

-يا سيدي الفاضل .. جل ما هناك هو أنه يوجد أشياء لا يجب السؤال فيها أو الإستفسار عنها .. قد لا يجيبك أحد عنها أبدا ..

فقال " العابث " :

-و كيف تعرف أنها صحيحة ؟ و ما أدراك ؟ .. تهاجمنا بدعوى الدين دون أن تملك الحق في أن تفرض وصايتك علينا .. نريد أن نستمتع بكل ما تجلبه الحياة لنا دون فرضيات أو قيود ..

فمط " العالم " شفتيه قبل أن يقول :

-لم تختلف عنه كثيرا .. فأنت أيضا تهاجمه بلا هدف مقنع .. أنا لا أؤيد أي من أفكاركما .. فقط العلم هو طريق التقدم .. أن تحيى حياة علمية ترفع من شأنك و شأن المجتمع الذي تحيى به .. بغض النظر عن أي شيء .. التقدم العلمي هو الأفضل ..

فضحك " العابث " ساخرا :

-و تمضي بنا الحياة من أجل الآخرين .. و كأننا في سجن علمي حتى الموت .. تبا لهذا ..

فقال " الشيخ " للعالم :

-بغض النظر عن أي شيء؟ .. تجارب محرمة تنتهك كرامة الإنسان .. إختراعات تضر بالعالم .. بالله عليك لقد عانى كوكب الأرض من العلماء أكثر مما عانى من الجهلاء .. فلا تأتي إلينا لتحدثنا عن التقدم .. من الأفضل لنا أن نفكر في الآخرة , و أن ندع الدنيا و شأنها ..

فقال " العالم " متحديا :

-الغاية تبرر الوسيلة أيها الشيخ ..

فقال " الشيخ " في ضيق :

-مبدأ علماني صرف .. ينتهك كل الأخلاقيات و الشرائع السماوية ..

ملأ التوتر و الحنق أرجاء الغرفة , و سادت لحظات من الصمت قبل أن ينظر " العالم " إلى الشخص " الصامت " في أحد أركان الغرفة و يقول :

-هل ستظل صامتا هكذا ؟ .. يجب أن تخبرنا برأيك .. بما يجول في خاطرك ..

فقال " العابث " متهكما :

-يبدو أن الأمور قد اختلطت عليه .. أصبح لا يرى إلا الضباب ..

قال " الشيخ " و هو ينظر للسيد " الصامت " :

-لو ظل هكذا فلن يصيبه أي تغيير إلا الموت .. سيخسر الدنيا و الآخرة .. و كأنه لم يكن..

فحك " العالم " رأسه مفكرا قبل أن يقول مبتسما :

-إسمعا .. سنجعل من هذا الصامت حلا لجدالنا ..

فتساءل " العابث " :

-و كيف هذا ؟ هل ستجري تجربة علمية عليه ؟

فقال " العالم " :

-الأمر بسيط .. سيلخص كل منا مبادئه له .. و سنجعله يختار من بيننا الأصلح .. و المختار يتبعه الأخرون .. إتفقنا ؟

فقال " الشيخ " مترددا :

-هذه مجازفة .. ولن أتبع أحدا..

فقال " العابث " بعبثه المعتاد :

-إذن فأنت غير مقتنع بمبادئك .. لذلك تخشى أن تفشل في أن تقنعه ..

فزفر " الشيخ " في حنق قائلا :

-حسنا .. حسنا .. أنا موافق ..

فابتسم " العابث " في سخرية و نظر إلى " الصامت " صائحا :

-هل سمعت هذا ؟ .. سيأتي دورك فانتبه جيدا لتحكم ..

و لكن الصامت مطرق الرأس لم يبد حراكا , و كأنه لم يسمع شيئا .. غير أنهم لم يأبهوا لهذا الأمر .. و قد بدأ الشيخ في الحديث :

-الدين هو أهم شيء في الحياة .. الحياة مصيرها للفناء يوما ما بكل ما عليها من متع و تقدم و كل شيء .. الأمل في الآخرة فقط دون غيرها .. و الناس الغير مؤمنين لا مكان لهم في الدنيا أو الآخرة .. وجودهم بيننا يجلب علينا اللعنات .. ليس المهم أن تفهم شيئا و لكن المهم أن تطبق كل الأوامر .. و تنتهي عن كل النواهي .. دع الدنيا فهي فانية .. و كن دائما متعبدا مخلصا في التعبد ..كن زاهدا تربح الأبدية في الجنة .. دع الدنيا بصراعتها .. و لا تشغل بالك بصراع غير الصراع ضد غير المؤمنين .. فقط لا غير ..

هز " العابث " رأسه في استهزاء قبل أن يبدأ كلامه قائلا :

-إذا كانت الدنيا فانية فعلينا أن نستمتع بها قبل أن تفنى .. فما معنى وجودنا بها في الأساس إن لم نستمتع بها دائما .. ما الزهد إلا أشبه بإمتناع عن تناول طعام شهي في حين أنك تتضور جوعا .. ما الفائدة .. لقد خلقنا في الدنيا .. و كل ما بها ملك للإنسان .. لما نعذب أنفسنا بالتمنع ما دمنا نحيا حياة واحدة .. تكفي الظروف العصيبة التي نمر بها في تمنع عننا أي شيء .. و لكن عندما تمضي .. فعلينا أن ننهل من كل خير تناله أيدينا .. استمتع بالدنيا و لا تدع ملذة تفوتك .. فهي فرص فاغتنمها ..

نظر " العالم " إليهما في ثقة و قال :

-العقل البشري بالغ التعقيد .. لم يخلق في الدنيا هباءا .. لقد فعلنا الأعاجيب .. قديما تخيل الإنسان في سردياته أن السحرة لديهم بلورة زجاجية يروا من خلالها العالم كله .. لقد نجحنا في تحقيق الخيال و اخترعنا التلفاز .. و في عصر السماوات المفتوحة أصبح العالم وكأنه قرية صغيرة .. ترى و تشاهد و تسمع أي شخص في أي مكان بالعالم .. معجزات حققناها .. إحترامنا لعقلنا ليس بالأمر الهين .. و في طريقنا لتحقيق المعجزات نحتاج دائما للتضحية .. من أجل مستقبل مشرق دائما للحياة على الأرض .. دون الرجعية الدينية .. أو الإستهتار و الجهل العبثي .. هذا ما يجب أن نكونه بالفعل .. المستقبل العلمي للأرض..

ساد الصمت للحظات و الجميع ينظرون إلى السيد الصامت قبل أن يصيح " العابث " :

-أيها السيد " الصامت " .. تنح عن صمتك لدقيقة و أخبرنا بالأصلح .. من يكون ؟

فتح " الصامت " عينيه في بطء .. رفع رأسه و بدأ يتمعن في وجوههم و قد بدا عليه شبح الدهشة للحظات قبل أن يقول :

-أربعة أشياء .. سأخبركم بها في شأنكم ..

فقال " العالم " مبتسما :

-تفضل .. فلتقل ما عندك و كلنا آذان صاغية ..

فنهض " الصامت " في بطء و هو يقول :

-سأبدأ بك أيها " العالم " .. كلماتك عن التقدم رائعة .. و لكن بلا أخلاقيات فإنك تقتل من بني جنسك ما ينتفع به آخرون .. ليس من العدل و الآخلاق في شيء .. ليس ضروريا لكي نتقدم أن نقر مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " .. العلم يجب أن يصاحب المبدأ الأخلاقي الرفيع .. وهدفه للبشر كافة دون تمييز .. دون أن يعتدي على كرامة فرض واحد .. فأنت بعيوبك لا تصلح أن تقود ..

فتجهم وجه " العالم " وصمت بينما ضحك " العابث " ساخرا فالتفت " الصامت " إليه و قال :

-أنت أسوأ بكثير ..

فقطع " العابث " ضحكته و بدت عليه الحيرة و التساؤل فاستطرد " الصامت " :

-العبث و المجون .. ليس لهذا خلقنا .. من الجيد أن يستمتع الإنسان بحياته .. و لكن ليس من الجيد أبدا أن تكون حياته كلها لمجرد اللهو و المجون .. ليس هناك ما يقال في هذا الشأن .. فالمجون لا يصلح أن يقود ..

فبدت على " العابث " خيبة الأمل بينما ابتسم " الشيخ " و قد شعر بالظفر قبل أن يقول " الصامت " :

-لا تتعجل في الحكم أيها " الشيخ " .. فعلي أن أخبرك بأن الدين قد احترم عقل الإنسان و حريته .. و كثير من النصوص الشرعية قد أقرت هذه الحقوق .. الحق في الفهم و الإدراك .. الحق في حرية الإختيار بين الصواب و الخطأ .. و أيضا شددت على أهمية العمل في الدنيا و أن نحيى حياة طبيعية ..و نتعامل مع كافة البشر , مؤمنين و غيرهم , معاملة حسنة و حكيمة .. لا مجال لنبذ الدنيا كلها .. بل بضوابط نتعامل معها .. فأنت بعيوبك هذه لا تصلح أن تقود ..

عاد " الصامت " لصمته لحظات قبل أن يقول " الشيخ " المتجهم متسائلا :

-لقد قلت أربعة أشياء .. ما الشيء الرابع الذي ستخبرنا به في شأننا ؟

فتمعن " الصامت " فيهم للحظات قبل أن يقول :

-ألم تتدركوا كم أن ثلاثتكم متشابهين ؟ ما تغير فقط هي ملابسكم .. و لكنكم .. كأنكم شخص واحد ..

فنظر الثلاثة لبعضهم و على وجوهم ابتسامة غامضة قبل أن يلتفتوا إليه و هو يقول بصوت أقرب للخفوت :

-و كأنكم .. أنا ..

فنظر بجواره ليجد مرآة معلقة .. و كأنه اكتشف لتوه أنهم نسخ متطابقة له هو .. وعندما التفت إليهم لم يجد سوى مرايا .. مجرد الكثير من المرايا .. فقال في خفوت :

-فلتتركوني أقرر من سأكون .. سأختبر حياتي بنفسي من الآن ..

و خلف أحد ألواح الزجاج العاكس بأحد جدران الغرفة .. وقف الطبيب مبتسما و بجواره سيدة بدا عليها القلق و هي تسأله :

-هل شفي الآن أيها الطبيب ؟ هل هو على ما يرام ؟

فقال الطبيب وهو ينظر إلى مريضه عبر الزجاج :

-لقد بدأ يكون على مايرام .. أقله لم يعد السيد " الصامت " .. لقد تكلم أخيرا .. لقد بدأ يتحرر..

******* تــــمــــت *****

 

 

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

968 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع