هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3. المصباح الصغير (رواية محمد كافي)

 

إلتفت معلم التاريخ إلى تلاميذه الذين بدت عليهم الحماسة و التأهب للإجابة على أسئلته الخاصة بالدرس الذي طلب منهم في الحصة السابقة أن يقوموا بتحضيره , و لكنّ عينيه توقفت عند هذا الطالب المنطوي على نفسه في صمت و الذي يصيبه التوتر بشكل مستمر . ابتسم المعلم في سخرية و هو يوجه للطالب حديثه :

-حازم !! هل يمكنك النهوض من فضلك ؟

نهض حازم واقفا وسط همهمات ساخرة من زملاءه في الفصل و بدأ التوتر يصيبه ,بينما استطرد المعلم قائلا :

-هل تستطيع أن تخبرني بإسم آخر ملوك المملكة المصرية ؟

تريث حازم قليلا محاولا التغلب على توتره , و لكنه لم يكن يستطيع التأخر كثيرا في الإجابة عن السؤال و هو يشعر بأنه محاصر من الجميع .. أراد فقط أن ينتهي الأمر و يجلس فأجاب :

-الملك فاروق الأول يا سيدي ؟

فمط المعلم شفتيه في ضيق و هو يقول في سخرية :

-هل حقا تسألني أم تجيب ؟ .. أتعجب حقا من أن يكون اسمك " حازم " .. فأنت لا تبدو حازما في أي شيء سوى الجلوس صامتا و كأن الدارسة ليست ضمن اهتماماتك .. إجلس و حاول أن تكون مثل زملاءك .

جلس حازم و قد علت وجهه حمرة الخجل و الضيق بينما أشار المعلم لطالب آخر و هو يقول :

-وليد ! من فضلك صحح لحازم معلوماته ..

نهض الطالب وليد و هو يبتسم في ثقة قبل أن يقول :

-آخر ملوك المملكة المصرية هو الملك أحمد فؤاد الثاني , حيث أعلنه مجلس الضباط الأحرار ملكا في السادس و العشرين من يوليو عام إثنين و خمسين .. حتى إعلان الجمهورية في الثامن عشر من يونيو عام ثلاثة و خمسين .

ابتسم المعلم و هو يصيح في طلابه :

-صفقوا لزميلكم وليد .. إجابة نموذجية و رائعة يا وليد ..

جلس وليد و على وجهه علامات الفرح و نشوة الانتصار قبل أن ينظر إلى حازم نظرة المنتصر إلى المهزوم .. بينما حازم كان مطرق الرأس ممتلئا برغبته في الهروب بعيدا عن كل هؤلاء .

في نهاية الحصة طلب المعلم من الطلاب أن يقوموا باختيار شخصية بارزة في تاريخ العلم أو الأدب أو السياسة , و يقوموا بتقديم بحث عنها في خلال يومين فقط .

عاد حازم إلى منزله و هو يشعر بأنه يواجه هزيمة أخرى .. فهو لا يدري ماذا يكتب و عن من يكتب .. حتى أنه يشعر بأنه لو قدم بحثا ما , فإن المعلم سيجعل منه أضحوكة أمام زملاءه مرة أخرى .. إنتابه اليأس قبل أن يصل إلى منزله .. و بينما كانت تقابله أمه بابتسامة فرح لعودته سالما , هرول إلى حجرته لينطوي على نفسه كالعادة ..

لحقت به والدته و هي تشعر بالقلق نحوه فسألته : ماذا حدث ؟ ما بك ؟

فقال في ضيق : لا شيء .. أريد أن أجلس وحدي .

فابتسمت الأم في شفقة و هي تربت على كتفه قائلة في عطف : تعرضت للسخرية مرة أخرى ؟

قال حازم في ضيق : هل أنا غبي إلى هذه الدرجة ؟

قالت الأم في استنكار : لا بالطبع .. أنت فقط لا تؤمن بنفسك للدرجة التي تجعلك مع كل كلمة ساخرة تتوتر و تخطيء فتزداد سخريتهم منك ..فتنطوي على نفسك و تنعزل عمن حولك .. و تبدأ في إهمال دراستك .

نظر حازم إلى أمه في حيرة مختلطة بالحزن و هو يتساءل : ماذا علي أن أفعل يا أمي ؟

فقالت الأم في حزم : عليك ألا تلتفت لسخريتهم , و أن تهتم بدراستك .. عليك أن تثبت للجميع أنهم على خطأ ..عليك أن يكون هدفك كل يوم أن يصفقوا لك لأنك متفوق ..

ابتسم حازم ابتسامة باهتة دون أن يتكلم فربتت الأم على كتفه و قالت و هي تنهض : تعال .. سأريك شيئا .

فخرج حازم معها و هو يتساءل قي نفسه عما سيرى .. فأخذته أمه إلى مضدة كانت عليها بعض الأشياء التي كانت تقوم بتنظيفها قبل مجيء حازم .. فرفعت بيدها مصباحا كهربائيا كبيرا متسخا و هي تقول لحازم : هل تظن أن هذا المصباح الكبير بحالته هذه سيكون أفضل من المصباح الصغير النظيف ذاك ؟

و أشارت بيها لمصباح صغير مضيء معلق في إحدى الغرف قبل أن تستطرد : بالطبع كان متسخا هو الآخر قبل أن أقوم بتنظيفه ليسطع ضوئه من جديد .

صمت حازم للحظات و هو ينظر للمصباحين قبل أن يقول لأمه : ماذا تريدين أن تخبريني يا أمي ؟!

فنظرت إليه مبتسمة و هي تقول : العقل كالمصباح .. لا يهم إن كان صغيرا أو كبيرا .. فهو لا يسطع إلا إذا اهتم به صاحبه .

ابتسم حازم و قد شعر براحة و حماسة لتغيير نفسه و هو يقول : لقد فهمت يا أمي .. لقد فهمت .

صمت لحظة قبل أن تلمع عيناه من شيء خطر بباله فقال : أتعلمين ؟ لقد أتتني فكرة البحث المطلوب للتو .. سأكتبه عن مخترع المصباح الكهربائي .. توماس إديسون .

في الصباح توجه حازم إلى مدرسته و على وجهه ابتسامة ثقة .. لم يلتفت إلى نظرات زملاءه و لم يتردد في حصة التاريخ من تسليم البحث الذي عمل عليه بالأمس .. تناوله المعلم و هو في دهشة و يقول : لقد أعطيت مهلة يومين فكيف أنجزت بحثك بهذه السرعة ؟

فقال حازم بنفس ابتسامة الثقة : لقد عرفت ما أريد .. و لم أجد داعيا من التردد في كتابة البحث .

ابتسم المعلم مندهشا من هيئة حازم الواثق من نفسه قبل أن يلقي نظرة بداخل البحث و يقول : لماذا اخترت توماس إديسون ليكون بحثك عنه ؟

فقال حازم : عجبتني قصة حياته .. لقد سخر منه الجميع عندما كان طالبا في المدرسة .. حتى إدارة المدرسة نفسها لم تؤمن به .. كانوا يرونه غبيا مثيرا للسخرية .. إلا أمه هي من كانت تؤمن بأن توماس له القدرة على أن يكون أفضل .. في النهاية هذا الطفل هو من أنار العالم .. لأنه بسبب إيمان أمه به زادت ثقته في نفسه .. و أصبح يحاول بلا كلل أو ملل حتى وصل لما يريد .

صمت المعلم للحظات في ذهول و شعر بالإحراج في داخله قليلا قبل أن يبتسم لحازم و هو يقول في مودة : أحسنت يا حازم .. أحسنت .

ثم رفع صوته و هو يخاطب بقية الطلاب و يقول : زميلكم حازم قد أنهى بحثه قبل الجميع .. و يبدو بحثا ممتازا .. صفقوا له .

فصفق الطلاب جميعهم و شعر حازم وقتها بالسعادة و ابتسم و هو ينظر إلى وليد نظرة المنتصر .. و قال في نفسه " الآن سأنافس الجميع لكي أكون الأفضل "

*** تمـــــــــــت ***

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

904 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع