هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • الحب علامة بسيطة
  • جمال مصطنع
  • عدالة الأرض وعدالة السماء
  • عندما يغيب النور 
  • مش هاسمح لحلمي يموت
  • اعط تعطى
  • فتاه من الفيوم 
  • سيكون هناك
  • تتجول في ظلام السماء
  • أمانة يا صاحبي
  • قراءتي لكتاب لعنة فستان فرح لمايكل يوسف
  • خلاصة الكلام في حدود البدعة المذمومة:
  • زيارة القبور و الدعاء .. جائز
  • "بدون سابق انذار" نوعه إيه ؟
  • زمان بعيد فكريا
  • حبل المشنقة
  • رسالة إلى الله
  • رحلة سافاري
  • ألم أقل إنني
  • يا رعاكَ اللَّه
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3. الشماس

آخر موعد : 24 أكتوبر

إضغط هنا لمزيد من التفاصيل 😋

 

١

جلس برداءه الكهنوتي على بُعد عدة أمتار من الدير ,يتأمل نجوم السماء و كأنه يبحث بينها عن فُرجة لما ألم به من هم ثقيل , حتى إذا ما شعر بالتعب و اليأس وضع رأسه بين كفيه و هو يتمتم و كأنه يتضرع إلى الله أن يغيثه . فاقترب منه زميل له و ربت على كتفه قائلا " هوِّن على نفسك الأمر يا صمويل, فلا فائدة من حمل هذا الهم "

فالتفت إليه صمويل قائلا " إنها خيانة .. كيف يكون الأمر هينا ؟! "

فقال صديقه " بل هو من ارتكب الخيانة .. لقد أراق دما مقدسا و نقض عهده مع الرب,هو من نقض و ليس أنت "

فقال صمويل " أنا كاهن الإعتراف الخاص به , لا يجوز لي إفشاء سر أسر به إليّ و أنت تعلم ذلك "

فقال صديقه " هذا لو كان الأمر بيننا , و لكن الأمر بات في يد القانون , و نحن بدولة قانون , لا يجوز أن تتنصل من شهادتك إن دُعيت إليها "

ثم ربت على كتفه قبل أن يغادره و هو يستطرد قائلا " ليس هناك خيار آخر " .

مر الوقت قبل أن ينهي صمويل خلوته بنفسه و يتجه إلى قلّايته * , و ما أن دلف إليها حتى وجد هناك من ينتظره في زي الشماس الإنجيلي المميز بلونه الأسود و ياقته البيضاء و على رأسه قبعة فيدورا سوداء , جالسا يتصفح إحدى نسخ الكتاب المقدس , ففزع منه قائلا " من أنت ؟ و ماذا تفعل و كيف دلفت إلى هنا ؟ "

فقال بهدوء و بصوت أقرب إلى الهمس  و لم يرفع بصره عن الكتاب " أنا شماس و أعتني بالأمور كأي شماس مخلص  لإخوانه… و يدخلني الرب حيث يشاء  "

فقال صمويل مستنكرا و هو يقترب منه " أنا لا أعرف من أنت و يبدو من لكنتك أنك لست بمصري .. كما أنك لست من طائفتنا "

فأغلق الشماس الكتاب  و قام بهدوء تجاه الباب و على شفتيه شبح ابتسامة  و هو يقول " نعم لديك حق .. أنا لست أنتمي لطائفتكم .. و لكن العالم كله ينتمي لطائفتي .. يا أبت " .

ثم أغلق الباب عليهما .

*************

في الطابق العلوي لإحدى البنايات الشاهقة بقلب العاصمة كان يقف رجل في منتصف العقد الخامس من عمره شارد الذهن مطلقا بصره عبر الجدار الزجاجي لواجهة البناية ليرى أضواء العاصمة المتلألئة بشكل مبهر , قبل أن يصدر اهتزاز هاتفه بداخل جيبه معلنا عن مكالمة منتظره لم تتجاوز الثلاث كلمات " لقد تم الأمر " .

فارتسمت على شفتيه ابتسامة قبل أن ينهي المكالمة و يلتفت إلى رجل أكبر سنا يجلس إلى مكتب ضخم يتفحص بعض البيانات المالية على حاسوبه المحمول و قال له " لقد تم الأمر سيدي العميد .. قام الشماس بمهمته "

فقال العميد مضيفا دون أن يرفع بصره " الأولى .. مهمته الأولى يا سالم " .

فمط سالم شفتيه قبل أن يقول  " ألم يكن  من الأفضل  تولي سيد عدنان الأمر ؟

فرفع العميد بصره و قال " السيد عدنان في رحلة علاجية طويلة و هو أعلى من مستواك بدرجة كاملة للتذكير قبل أن تبدأ في التهكم عليه "

فقال سالم " معذرة سيدي العميد .. و لكنه كما تعلم أفسد نموذج (سوبر66)و كانت مهمة إيجاد المفتاح تخصه "

فقال العميد " لم أكن أحب هذا النموذج على أي حال .. نموذج للبطل الخارق الأبله .. لدينا نماذج أفضل كما أنها فرصة لتطوير نموذج (سوبر 66 ) “

ثم نهض عن مكتبه و توجه إلى الواجهة الزجاجية و هو يستطرد " لقد مرت ستة أشهر على إغلاق ملف حسين نظمي و تأمين المفتاح رغم تواجد شخص مثل يوسف الراوي في الطريق … أنت محظوظ بوجود الشماس في الملف الذي تتولاه "

فقال سالم في قلق " و ماذا لو قام يوسف  بالتحرك لإفساد مهامي ؟"

قال العميد مبتسما " سوف نرى بخصوص هذا الشأن حينئذ .. عليك أن تتأكد من إعدام الراهب .. لقد كاد أن يفسد علينا الأمر برمته باعترافاته الغبية "

فقال سالم " كان من الممكن أن نستخدم أحد أفراد صناعة الفتنة الطائفية تجنبا لكل هذه الأحداث "

فقال العميد مستنكرا للفكرة " أحداث الفتنة يجب تحدث في الشوارع .. هناك تصوير لهاتف ما هنا أو كاميرة مراقبة هناك .. كما أنها يفضل أن تعطي الإنطباع بأنها مرتجلة و ليست مخططة .. أي أنها في سياق (شخص ما وجد كاهنا يسير أمامه فقتله ) فتعطي إنطباعا بكراهية دفينة و مثل هذه الأمور التي تسبب اشتعال الفتن … لكن ذلك الأنبا كان يقطن  بالدير معظم وقته .. كان لابد أن نستخدم أحد رجالنا هناك لكي نغلق ملفه .. لقد بدأ في تتبع أمر الأيتام بسبب خطأ الراهب الغبي .. طفل واحد كشف أمره الأنبا فأصبحنا جميعا على المحك .. و عملنا لا يحتمل الهفوات"

فقال سالم مستكملا  " إذن كان لابد من تحميل الراهب مسئولية تصحيح خطأه بقتل الأنبا ثم تقبل مصيره بالإعدام عن طريق  تهديد سلامة عائلته .. لكننا لم نكن ندرك أنه كان له راهب الاعتراف صمويل .. الذي نما إلى علمنا أنه سيتم طلبه للشهادة .. و كان هذا بمثابة تهديد آخر لنا "

فقال العميد  " لم يكن أمامنا سوى خيار واحد .. و هو الشخص الذي يستطيع الولوج لهذه الأماكن و لديه من الاحترافية و المهارة لجعل التصفية الجسدية تبدو كحادث أو إنتحار .. الشماس .. أحتاج إلى كتيبة من هذا الرجل و ليس من ذلك الإختراع المسمى ( سوبر 66 ) .. لا شيء مثل المدرسة القديمة يا فتى .. لا شيء مثل المدرسة القديمة "

فقال سالم مندهشا " و لكنك قلت أن ( سوبر 66 ) كانت فكرة البارون "

فعقد العميد حاجبيه في ضيق ثم مط شفتيه بابتسامة زائفة و قال " نعم نعم .. البارون .. البارون يريد مواكبة التطور و استخدام التقنيات السرية .. و لكننا لا نتخلى عن طرقنا القديمة أيضا " .

قالها و في نفسه قلق قد هاجم سكينته لمجرد سماع كلمة (البارون ) , الرجل المخيف الخفي الذي يقود كل شيء ولا أحد يجرؤ على مخالفة أوامره , و رغم التسلسل القيادي بالمنظمة إلا أن العميد قد تعلم أنك لا تأمن بسرد ما يدور بداخلك لأي شخص فربما يكون مكلفا من البارون بمراقبتك .. ربما ستكون تصفيتك على يديه .

**********

٢

في إحدى صالات الألعاب الرياضية , و رغم انتصاف الليل و خلوها من روادها إلا القليل , كان يوسف الراوي يمارس الملاكمة بتسديد الضربات لكيس الرمال المعلق بإحدى الزوايا في خفة و قوة , و قد بدأ ممارسة الملاكمة و بعد رياضات الدفاع عن النفس  قبل بضعة أشهر , كوسيلة لرفع لياقته و خاصة بعد أحداث مقتل (حسين نظمي ) التي انتهت بتعافي يوسف في إحدى المستشفيات لما ألم به من ضرر جسدي , فقرر بعدها العمل على تطوير ذاته و تحسين قدراته .

بعد أن انتهى كان في طريق الخروج إلى سيارته بينما كانت هناك سيارة على مقربة من الطريق ترصد تحركاته , و بينما يضع متعلقاته في حقيبة السيارة , اصطدم شاب به على عجلة من أمره و كان معظم وجهه مختفيا تحت قلنسوة و قد اعتذر و هو يبتعد مسرعا . أصاب يوسف الدهشة و هو يتابع الشاب الذي يهرول قبل أن يلاحظ السيارة التي تراقبه , فارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة قبل أن يركب سيارته و يقود عائدا إلى بيته , و بعد أن وصل إلى بيته سمع نغمة غريبة تنبعث من جيبه و هي ليست بنغمة هاتفه , فأخرج من جيبه هاتف صغير الحجم و قام بفتح الخط دون أن يتحدث , فجاءه الصوت من الطرف اﻵخر “ هل وصلت إلى بيتك ؟ “”

فقال يوسف “أنت الشاب الذي اصطدم بي .. إنها مجازفة كبيرة يا فتى أن تفعل ذلك مع رجل مباحث “”

فقال اﻵخر “ لست من فعلها بشخصي و لكنني احتجت مساعدة من محترف .. تعلم أنك تحت المراقبة طوال الوقت .. ولم أستطع حتى المجازفة باﻹتصال على هاتفك الشخصي .. فبعثت إليك بهاتف جئت به معي من الخارج .. لا يمكن التجسس عليه “

فقال يوسف بشيء من الحزم “ من أنت و ماذا تريد ؟ “

فقال اﻵخر “ آسف أنني لم أقم بالتعريف بنفسي .. أنا أحمد حسين نظمي “

فقال يوسف في دهشة “ ابن حسين نظمي ؟! “”

قال أحمد “ إستمع إلي فليس لدينا الكثير من الوقت .. يجب أن تعلم بأن المنظمة التي قامت بقتل والدي هي أكبر مما تتخيل و هي متشعبة فأنا أيضا تحت المراقبة .. إنهم ينتظرون أن يكون لدي شيء فيقومون بقتلي .. طوال اﻷشهر الماضية و أنا أحاول ترتيب التواصل معك دون أن يدركوا ذلك “”

فقال يوسف “ و ما الذي علي أن أفعله بتواصلك معي ؟”

فقال أحمد “ إن كنت لا تزال سببا للقلق كما رأيت من مراقبتهم لك فقد تستفيد من البيانات القليلة التي استطاع أبي أن يصل إليها و يقوم بإرسالها إلي قبل قتله .. و قد قمت بوضعها بخزانة أمانات سأرسل لك العنوان و الرقم السري .. و لكن .. حان الوقت لكي تهرب من مراقبتهم إياك .. لقد غامرت كثيرا بتأمين هذه البيانات .. لا تدعها تسقط في أيديهم دون أن تحفظها جيدا  و لا تثق بأحد “”

فقال يوسف متسائلا “ هل هذه البيانات كافية ﻹسقاطهم ؟ “

فصمت أحمد قليلا قبل أن يقول “ ستضعك على بداية الطريق .. على اﻷقل ستعرف لماذا لم يقتلوك “”

ثم أغلق المكالمة تاركا يوسف و قد جُذب انتباهه بشدة و اشتعل الفضول بداخله قبل ان يستقبل رسالة نصية بموقع الخزانة و رقمها السري .. مذيلة بجملة “ قم بحفظ الرسالة في عقلك ثم قم بحذفها .. لا تجازف “”

و بينما غرق عقل يوسف في التفكير , نبهه صوت نغمات هاتفه الشخصي قبل أن يجيب فيأتيه صوت أحد زملاءه قائلا “ لدينا قضية سيادة النقيب “”

************

انحنى يوسف فوق جثة الراهب ليلقي نظرة فاحصة بينما وقف بجواره أحد رجال الشرطة يقول

 “ طبقا ﻷقوال الجميع هنا فقد كان الرجل يعاني من الضغط النفسي كونه راهب اﻹعتراف الخاص بأحد الرهبان المتهمين في قضية قتل اﻷنبا , و قد كان مطلوبا للشهادة , على ما يبدو أنه لم يحتمل اﻷمر و قد فضل إنهاء حياته بنفسه , هذا الكأس في الحافظة كان ملقى بجواره و قد قام أحد رجال اﻷدلة الجنائية بإجراء اختبار سريع عليه فوجد أنه يحتوي على مادة السيانيد السامة ... تبدو كقضية محلولة ولكن الأوامر تنص على تدخل المباحث في مثل هذه القضايا “”

فصمت يوسف للحظات قبل أن يقول “ من المبكر الحكم على القضية من ظاهرها .. هل توجد كاميرات مراقبة في المكان ؟”

فأومأ الضابط بالنفي و هو يقول “ لا .. ولا حول المكان .. هم يؤمنون بالخصوصية الشديدة هنا “”

فقال يوسف “ حسنا .. شكرا لك “”

ابتعد الضابط بينما اقترب راشد ضابط اﻷدلة و هو يقول “ مرحبا أيها الرياضي .. لقد أصبحت تنمو عضلاتك في كل مرة نلتقي بها “

فقال يوسف متهكما “” كما تنمو مشاكلي .. هل يوجد ما يثير الريبة ؟ “”

فنظر راشد حوله ليتأكد من عدم وجود شخص بالقرب قبل أن يهمس ليوسف قائلا “ إسمع .. أنا لا أريد أن أصبح عرضة للسخرية من البعض لكن سأخبرك بوجهة نظري الخاصة .. رجل الدين الذي قضى حياته في الخدمة المقدسة مثل الجندي الذي قضى حياته في خدمة الوطن .. في رأيي الخاص أنه إذا أقبل على اﻹنتحار فإنها يقبل عليه بكامل هيئته .. سيرتدي زيه الرسمي و ربما ينتحر و هو يصلي .. هذا رأيي الشخصي من واقع خبرتي العملية “”

فقال يوسف “ هذا مجرد احتمال يحتاج إلى دليل و لو صغير “

فابتسم راشد قائلا “ ربما يوجد دليل صغير يحتاج إلى مزيد من الفحص “”

ثم نظر تجاه الجثة .. فانحنى يوسف فوقها و قد ثبتت عيناه على نقطة معينة و هو يردد في نفسه “ تبا .. هذا صحيح “

**********

٣

قالت مريم و هي تعدل نظارتها بعد فحصها للجثة “” هذا صحيح .. توجد أثر ضغط شديد على العنق من الخلف مع كدمة خفيفة على الصدر .. لقد تم إجباره على شرب السم “”

فقال يوسف و هو يمط شفتيه “ من الصعب توجيه أصابع اﻹتهام لكل من بالدير ولا يوجد دليل قاطع .. و خاصة لما كان يمر به الضحية قبل مقتله .. فالبديل الوحيد لفكرة اﻹنتحار هو أن أحدهم كان يود أن يمنعه من اﻹدلاء بشهادته في قضية مقتل اﻷنبا “

فقالت مريم “” و قضية مقتل اﻷنبا لم ترهق أحدا في البحث و التحقيق .. اتفق راهبان على التخلص من اﻷنبا لخلافات شخصية .. أحدهم قتله و الثاني كان يراقب الطريق .. ثم اعترف كلاهما بالجريمة و انتهى اﻷمر .. و لكن يبدو لسبب ما قد تقدم محامي الدفاع بطلب الراهب صمويل للشهادة باعتباره كاهن اﻹعتراف الخاص بأحد الجانيين ..”

فقال يوسف “ يبدو أن ما كان لديه كان سيقلب موازين القضية .. رغم أن المتهمين لا يريد أحدهما أن يقوم بتغيير روايته .. و هذا يجعل اﻷمر معقدا “”

فقالت مريم في تسائل “ و ماذا علينا أن نفعل ؟ “

فتنهد يوسف و قال “ علينا أن نبذل جهدنا لكشف الحقائق فقط “”

فتسائلت مريم “ هل ترى شيئا ما في هذا اﻷمر يمكنه المساعدة ؟ “

فقال يوسف “” في الغالب لم تتم الجريمة من الداخل .. فالقادرون على فعلها لهم حجج قوية أما عن غيرهم فهم من الوهن كي يستطيعون فعلها .. و بما أنه لا توجد كاميرات مراقبة فأظنني سأحتاج لبعض المساعدة الخارجية “”

فقالت مريم “ عليك فقط أن تكون حذرا .. هل لاتزال تحت المراقبة ؟ “”

فابتسم يوسف قائلا “ لا تزال الضباع تحوم من بعيد و لكن حدثت مفاجأة ليلة أمس “”

فتسائلت مريم عم حدث , فأخبرها يوسف بأمر(أحمد نظمي ) و بالحديث الذي دار بينهما .. فقالت متعجبة “ هذا أمر عجيب فعلا .. هل تعتقد أن استمرارهم في مراقبتك لأنهم يخشون أن تصل إلى شيء ما مثل هذا ؟ “”

فقال يوسف “ ربما .. و لكن ما أنا على يقين منه أنهم كانوا يستطيعون التخلص مني .. و لكن هناك أمر يمنعهم من ذلك “”

فقالت مريم في قلق “عليك أن تكون أكثر حذرا “”

فابتسم يوسف قائلا “ هذا ما أفعله .. لقد استعنت بشريف في إبقاء بيتي و متعلقاتي خالية من وسائل التجسس .. فقد توقعت أنهم قد يفعلون ذلك .. كان اﻷمر في البداية كحمل ثقيل على النفس .. هذا الشعور انك مراقب طوال الوقت .. و لكنني اعتدت اﻷمر .. أصبحت أكثر هدوءا و أعمل تدريجيا على اتخاذ خطوة حيال هذا اﻷمر برمته “

فتسائلت مريم “” وماذا علينا أن نفعل اﻵن ؟ “

فشرد يوسف للحظات  قبل أن يقول “” لدي شعور غريب أن قضية الراهب لها علاقة بهم .. “”

ثم أخرج من جيبه ورقة صغيرة و وضعها في يدها و هو يستطرد “” هذه بيانات الوصول إلى المعلومات التي أخبرني عنها أحمد نظمي .. سيكون عليك مساعدتي في ذلك و سنلتقي مساءا في المطعم المعتاد لنتناول طعام العشاء “

فابتسمت مريم و هي تقول “ هل هذه هي طريقتك المفضلة لكي تدعوني إلى العشاء ؟ “

فربت يوسف على يديها مبتسما و هو يقول “ لا يوجد طريقة أكثر إثارة من هذه “”

قالها و هو يغادر المكان قبل أن تستوقفه متسائلة “” ماذا عن قضية الراهب ؟ ماذا ستفعل ؟ “”

فالتفت إليها و على وجهه ابتسامة خفيفة و هو يقول “ شخص واحد قد يستطيع مساعدتي في هذا اﻷمر “” قالها ثم غادر المكان .

*****************

“” هل أنت متأكد أنك فعلت ؟ “

قالها شريف في قلق فقال يوسف مطمئنا إياه قائلا “ بالطبع قمت بتضليلهم و التملص من مراقبتهم قبل أن أجيء إليك .. لستُ مبتدئا كي تسألني هذا السؤال “

فقال شريف و هو يحاول أن يهدأ “ لم أقصد هذا .. و لكنك تعلم جيدا أنهم إذا علموا بمكاني سينتهي أمري و ينتهي دعمك الوحيد “”

فقال يوسف “ على أي حال علينا أن ننشيء مكانا آمنا بديلا عن هذا “

فقال شريف و هو يقوم بالتركيز في شاشاته و يعمل على عدة لوحات للكتابة “ فكرة جيدة .. دعني أهتم بهذا اﻷمر “

فساد الصمت للحظات قبل أن يقوم يوسف بالسؤال “ ماذا نفعل اﻵن ؟ “”

فالتفت إليه شريف صائحا “ صاح !! ألا تستطيع اﻹنتظار حتى أنتهي ؟ “”

فرفع يوسف يديه معتذرا فتنهد شريف قائلا “ حسنا .. لقد قمت بالولوج إلى جميع كاميرات المراقبة في اﻷرجاء المحيطة بمنطقة الدير .. و رغم أنها نوعا ما بعيدة .. و لكن على اﻷقل قد يظهر شيء ما بناءا على اعتقادك الخاص بأن الجريمة قام بها طرف خارجي “”

فتسائل يوسف “” و ما هي أبعاد البحث الذي نقوم به ؟ “”

فقال شريف “ عدة أميال توجد بعض كاميرات المراقبة في محلات و محطات وقود و قد قمت بتقليص البحث لبضع ساعات قبل الوقت التقديري للجريمة .. إن كان هناك طرف خارجي في هذا اﻷمر علينا أن نلاحظ هذا ... سأقوم بعرض مجموعة من تسجيلات المراقبة على الشاشة المقسمة اﻵن “

صمت قليلا ثم استطرد متسائلا “ كيف حالك مع مريم ؟ “

فقال يوسف “” ماذا تقصد ؟ “”

فردد شريف في دهشة “ ماذا أقصد ؟! .. الفتاة تبدو معجبة بك .. و هي تساعدك في أمرك و تعرض نفسها للخطر .. ألم تكلفها بالحصول على البيانات المزعومة ؟””

فتنهد يوسف قليلا و قال “ أحاول ألا أعرضها للخطر .. لذلك طلبت منك وضع برنامج لتحديد المواقع على هاتفها تحسبا ﻷي شيء يحدث ... أتمنى أن أنتهي من هذا اﻷمر .. و لكن ما الذي ستحصل عليه من رجل طبيعة عمله هي الخطر “

فرفع شريف كتفيه و هو يقول “ حسنا .. هي تتعامل مع الجثث يوميا “”

ثم ابتسم ضاحكا فضحك يوسف قبل أن يصمت شريف فجأة و هو ينظر إلى الشاشة المقسمة و يقول “ ما هذا ؟! “”

فقال يوسف متسائلا و هو يقترب من الشاشات “ ماذا هناك ؟ “

فقال شريف “ انظر إلى هذا الرجل .. أليس هذا رداء شماس إنجيلي مع قبعة فيدورا ؟! هل لدينا مثل هذا في دولتنا ؟ “

فقال يوسف و هو يشاهد الشماس الذي بدا على إحدى الشاشات و هو يفحص سيارته “ لا , لا أعلم .. لم أر مثل هذا الزي في اﻷنحاء .. ربما كان سائحا “”

فقال شريف و هو يعمل على لوحة المفاتيح الخاصة به “” يبدو أنه رجلنا .. كل تحركاته الظاهرة على الكاميرات في اتجاه الدير و لكن وجهه ليس ظاهرا .. سأحاول الحصول عليه بطريقة ما كما سأبحث عن بيانات عنه في رحلات السفر .. من المؤكد أنه سافر إلى هنا بطريقة ما””

فقال يوسف “” حسنا .. إذا تمكنا من ربطه باﻷمر سيكون لدي شيء أرفعه إلى رؤسائي “”

فنظر إليه شريف قائلا “ و ماذا سأنال من هذا اﻷمر ؟””

فابتسم يوسف قائلا “” لقد وجدت مكانا جيدا بمساحة أكبر و أكثر أمانا تستطيع أن تجعله مركزا لعملياتك الخاصة “”

فابتسم شريف و هو يتابع عمله فاستطرد يوسف قائلا “ تواصل معي إذا توصلت لشيء ما .. أما أنا فسأعود إلى العمل للإنتهاء من بعض المعاملات قبل لقائي مع مريم “

***************

٣

في أحد الفنادق الرخيصة جلس الشماس في غرفته المتواضعة و هو يعبث بمحتويات حقيبته , و يستعيد ذكرياته و كيف كان يتعرض للضرب و هو طفل صغير من بقية اﻷطفال بدار أيتام ملحقة بإحدى الكنائس بالغرب اﻷمريكي .. كيف وجده أحد اﻷساقفة الغرباء و ظل يربت على كتفه و هو يقول “” رغم أنك بجسد نحيف إلا أنك قوي التحمل .. لا تبكي مع كل هذا التورم بجسدك الذي تعرض للضرب .. هذه العينان الهادئتان تنم عن روح قوية .. تحتاج فقط إلى اﻹرشاد يا بني .. و سأخرجك من هنا إلى مكان سيعتني بمستقبلك ..”

تذكر و هو يتمرن على الفنون القتالية في صباه في مكان خاص يسمى “” المعبد “ مع مجموعة صغيرة من الفتيان , و كيف كان يتغلب عليهم و كيف كان يراقبه اﻷسقف في إعجاب و هو يقول له “ ستخدم الرب حق الخدمة بخدمة خلفاءه الذين يديرون العالم كما ينبغي .. يوما ما سنصبح جيشا .. و سيعود فرسان المعبد من جديد “.

انتشل من أحد جيوب الحقيبة قصة مصورة كان عليها رسمة لشخصية تخيلية تشبهه في طريقته و زيه بعدما ظهرت في بعض اﻷماكن إشاعات خفيفة عن الشماس القاتل , فاستوحى أحدهم منه شخصية “ جون بيلجريم “ للقصص المصورة , فارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة .

***********

“ أثر اعتداء ؟! “

قالها العميد سعيد في مكتبه و هو يوجه حديثه إلى يوسف الذي قال “ نعم .. لقد كانت هناك بعض العلامات على الجثة تدل أن اﻷمر مدبر .. لم ينتحر الراهب “

فتسائل العميد “ ألا توجد أدلة تكشف عن هوية الجاني ؟ “

فقال يوسف “ نحن نعمل على ذلك “”

فقال العميد “ لم يردني شيء يفيد بأن فريق البحث يعمل على شيء .. هل تتحرى عن اﻷمر بمفردك ؟”

فقال يوسف “” أبحث فقط عن شيء أقدمه لفريق البحث .. يكون اﻷمر فعالا عندما أتعامل مع اﻷمر بمفردي “”

فابتسم العميد سعيد قائلا “ أتسائل كيف سيكون فعالا عندما يعود الرائد هيثم إلى مهام عمله , فإنه سيكون شريكك في القضايا “

فابتسم يوسف قائلا “” سنعمل على اﻷمر معا “

فصمت العميد سعيد قليلا قبل أن يقول “ و هل تحرياتك الخاصة قد أسفرت عن أي شيء بعد و لو مجرد فكرة ؟ “

فتنهد يوسف قبل أن يقول “ أعتقد أن علينا إعادة استجواب المتهم بقتل اﻷنبا .. فالراهب المقتول كان كاهن اﻹعتراف الخاص به و لو ثبت قتله فقد مات لما يعرفه من أسرار حول مقتل اﻷنبا “

فقال سعيد مندهشا “ و لكن القاتل قدم إعترافه بالفعل .. و حقيقة أن محاميه قد تقدم بطلب شهادة كاهن اﻹعتراف فقد علل هذا بأن كان لديه شكوك بسبب تصرف موكله .. و بما أن الحكم قد صدر باﻹعدام بالفعل فقد كان يطمع أن يجد في شهادة كاهن اﻹعتراف ما قد يستخدمه كمبرر لتخفيف العقوبة عن موكله .. و بما أن كاهن اﻹعتراف محظور عليه إفشاء سر المعترف إليه فالطريقة الوحيدة كانت بجلبه للشهادة بمذكرة رسمية .. و لكن لو ما تقوله صحيحا و أن الكاهن تم اغتياله لمنعه من الشهادة .. فقد تسبب المحامي بكارثة عن جهل “”

فقال يوسف “ لم يكن من الطبيعي أن ينتحر راهب من أجل مجرد إعتراف لرجل يوشك على الموت ... يبدو أن اﻷمر خلفه قوى ضخمة “

فنظر إليه سعيد قليلا و قال “ عليك أن تلتزم بالحقائق و اﻷدلة .. سنقوم باﻷمر بالطريقة الصحيحة .. لن نعود لنظرية القوى الخفية .. قم بالتركيز على القبض على الجاني إن استطعت .. و كن حريصا على أن يكون هناك دليل على ما جناه “”

فأومأ يوسف بوجهه قائلا “” حسنا .. سأفعل ذلك بكل تأكيد “

ثم نهض تاركا سعيد الذي مط شفتيه و هو يقول لنفسه “ أراهن على أنك لن تفعل هذا “”

********************

“” هذا ما وجدته “

قالتها مريم بعدما جلست إلى طاولة أحد المطاعم التي كان ينتظر عندها يوسف و استطردت “ ظرف صغير يبدو أن به شريحة ألكترونية ..”

قال يوسف و هو يلتقط الظرف “ لقد تأخرتي “

قالت مريم “ كان العثور على الخزانة أمر مرهق .. هل تعتقد أنهم يرقابوننا اﻷن ؟”

فابتسم يوسف و هو يفتح الظرف و يخرج منه شريحة ألكترونية “ نعم و لكن لا تقلقي فهم يراقبونني فقط .. بدأت أصبح متمرسا في اﻹفلات منهم كلما أردت ذلك “

أخرج من جيبه قاريء للشريحة مهيأ للتوصيل على هاتفه و قد وضع به الشريحة و قام بتوصيلها على هاتفه و بعد لحظات قال “ كما توقعت .. هي مشفرة “

فقالت مريم متسائلة “ و ماذا ستفعل ؟ “

فقال يوسف مبتسما “ لقد أهداني شريف تطبيقا من صنعه سيقوم بنسخ الشريحة و إرسالها إليه .. سيقوم على تفكيك شيفرتها ثم يتواصل معي “

فابتسمت مريم قائلة “ هذا أمر جيد “

فقال يوسف “ يحاول أن يقلل عدد زياراتي له لدواعي أمنية  .. سنقوم بطلب الطعام ريثما يقوم بتفكيك الشيفرة “

رن هاتفه فنظر إليه و قد بدت عليه الدهشة و هو يقول “ كان اﻷمر سريعا “

ثم فتح المكالمة و قال “ ما هذه السرعة ؟”

فجاءه صوت شريف يقول “ شيفرة من صنع حسين نظمي لن تمثل تحديا بالنسبة لي “

فتسائل يوسف “” و ماذا وجدت ؟ “

فقال شريف “ حسنا .. بعد بيانات عن شحنات لموقع ما و وثائق شحن من هذا الموقع للمرافيء التجارية تمهيدا لتصديرها بحرا “”

فقال يوسف متسائلا “ ما نوع الشحنات ؟ “

فقال شريف و هو يعمل على لوحة مفاتيحه “ المذكور مواد غذائية .. لكن هناك شيء غريب “

فتسائل يوسف “ و ما هو ؟ “

فقال شريف “ المفترض أن الموقع المذكور يستقبل شحنات المواد الغذائية كمركز تجميع تمهيدا لشحنها إلى الخارج .. و اﻵن أنا أبحث عن كل ما له صلة بهذا الموقع .. ليس به مبردات عالية التبريد “

فابتسم يوسف قائلا “” فكيف سيحفظ المواد الغذائية تمهيدا لشحنها ! “

فقال شريف “ بالضبط .. أعتقد أن ثمة أمر مريب هاك أراد حسين أن يشير إليه .. ربما اﻷمر متعلق بتهريب اﻵثار .. إذا كان اﻷمر كذلك فقدد قمت بحل لغز الجريمة و أستحق ترقية “

فضحك يوسف قائلا “ من المبكر الحديث عن ذلك .. هل هناك شيء آخر ؟ “

فقال شريف “” نعم مقطع فيديو .. يبدو أنه مسجل في بيت حسين نظمي من كاميرة الهاتف .. سأرسله لك .. و سأحاول إكتشاف المزيد عن الموقع “

فقال يوسف “ حسنا ... شكرا لك “

و أنهى المكالمة ثم أخبر مريم عن أمر الموقع فقالت “ هذا اﻷمر يثير الخوف .. أليس من اﻷفضل إبلاغ اﻹدارة عن هذا اﻷمر ؟ “”

فمط يوسف شفتيه “” يجب أن يكون هناك دافع للتحرك .. فعلي أن أحصل على شيء أقدمه .. منذ ما حدث في منطقة اﻷهرامات ثم سفر عدنان زاهد إلى الخارج لم يكن بيدي أي دليل و خصوصا بعدما حصلوا على الهرم المفتاح .. فكان لازما علي أن أصمت .. و لن يقبل مني رؤسائي مجرد التحري .. فلابد أن أقدم لهم ما يدفعهم للتحري “

فقالت مريم “ و ماذا فعلت بخصوص قضية الراهب ؟ “”

فقال يوسف “” يبدو أن لدينا قاتل بالفعل .. شريف يحاول تتبع مساره ليصل إليه .. لنحصل على شيء ضده “

ثم أخبرها عما دار بينه و بين شريف بخصوص الشماس فقالت “ هذا عجيب “

فسألها “” و لما العجب ؟ “

فقالت مريم “ يبدو كشخص محترف للغاية .. لم يترك بصمة واحدة أو دليل .. و لكنه ترك أثرا على الجثة .. كان من الممكن أن تتم الجريمة بإحترافية أكثر من هذا “

فقال يوسف متشككا “ ربما كانت هفوة منه “”

فأومأت مريم برأسها نفيا و هي تقول “ لا تحدث هه الهفوة من غير المحترفين حتى .. لدي إحساس قوي بأنه تعمد ترك أثر يثير اﻹنتباه “”

فقال يوسف “ و لكن فريق البحث لن يتوصل إلى شيء “

فقالت مريم “ ربما لم يكن يقصد إثارة انتباه فريق البحث .. بل انتباه شخص يعرف أنه لن يترك اﻷمر يمر هكذا “

فصمت يوسف قليلا و قد عقد حاجبيه مفكرا في كلمات مريم و هو يسأل نفسه إذا كان هو المعني بهذا اﻷمر .. رغم أنه لا يجد سببا واضحا .. فقاطع تفكيره صوت رسالة أحد التطبيقات فالتقط هاتفه و نظر فيه قائلا “ لقد استقبلت مقطع الفيديو .. يبدو أن حسين كان يقوم بتسجيل لقاء له هو عدنان فعلا “”

فقالت مريم “” لنشاهده ربما كان به ما يفيد “

فقام يوسف بتشغيل المقطع .. و قد عقد حاجبيه تأثرا بما يسمع .

************

“” أنت لا تعي ما تقول “”

قالها عدنان زاهد مخاطبا حسين و استطرد “ أنت تريد مواجهة قوة لا تستطيع التصدي لها “

فقال حسين “ لقد خدعتني منذ البداية يا عدنان .. لقد أوهمتني أنهم حفنة من المستثمرين المهتمين بتمويل أنظمة البحث في كل المجالات و منها مجال البحث اﻷثري .. و لكن ما رأيته هو أنها منظمة ظاهرها يخفي باطنها .. إنهم يمتصون كل خيرات هذه اﻷرض لمصالحهم الشخصية .. كيف تورطت أنت معهم و كيف قمت بتوريطي ؟”

فقال عدنان “ نحن نقوم بما هو يصلح لهذه اﻷرض .. نقوم بما يناسبها .. إن أكثر الناس هنا لا تهتم إلا لمصلحتها الشخصية .. أكثرهم جاهلون و جائعون لا يهتمون إلا بإشباع رغباتهم .. ليسوا مؤهلين لكل هذا بعد .. نحن نحافظ على العلوم المخفية في هذه اﻷرض من الضياع “

فصاح حسين “ لا تقلل من عقلي يا عدنان .. أنت تعرف أنني أكثر ذكاءا من ها الهراء .. ما يعانيه الناس لا يقلل من شأنهم ..و لا يجعلكم تستبيحون دماءهم و ثرواتهم .. هل تريد أن تقنعني بأنهم جهلاء و أنتم تقتلون العلماء ؟ “

فعقد عدنان حاجبيه و صاح “ ماذا تقول ؟ “”

فقال حسين “ لا تنكر اﻷمر .. لقد توصلت لكثير من المعلومات و من ضمنها منظومة اﻹغتيالات التي تقوم بها المنظمة .. حتى أنكم ساعدتم في إسقاط طائرة مصرية على السواحل اﻷمريكية كانت تقل مجموعة من العلماء و مجموعة من أمهر مقاتلي السلاح الجوي .. ضربة واحدة و صيد ثمين .. أليس هذا بصحيح ؟ و أراهن أن لكم علاقة بكل عالم عربي تم اغتياله “”

فصاح عدنان “” ما الذي تقوله ؟.. كيف عرفت هذه اﻷمور الكاذبة ؟ .. ما دليلك ؟ “

فقال حسين “” ربما ليس لدي معلومة موثقة و لكني سأعمل على إثبات أي شيء في مجالاتكم المختلفة “

فقال عدنان “ صديقي .. لا تعرض نفسك للخطر .. و عليك أن تسلمني الهرم المفتاح .. لقد هرمنا على مثل هذه اﻷمور .. و لديك ابن تريد أن يكون في مأمن “

فعقد حسين حاجبيه و قال “ هل تهددني بولدي ؟”

فقال عدنان “ لا .. و لكنني أنصحك .. تعلم أنني لست من يجب أن تخشاه .. تعلم أن العميد يدير معظم اﻷمور هنا .. و قد قابلت الرجل و تعلم مدى جديته  .. سأمهلك فرصة لتعد إلى رشدك .. تقوم بتسليم ما لديك وتغلق الباب على هذه التفاهات التي تتلفظ بها .. و اعلم أنني من أمنع أذاهم عنك “”

ثم توجه عدنان إلى الباب و هو يقول “ سأتركك اﻵن تفكر فيما قلت .. و قم بالاختيار الصحيح لصالحك و لصالح ولدك “

ثم غادر عدنان و توجه حسين إلى كاميرة الهاتف المخفي و أغلقها .

**********

ساد الصمت بين مريم و يوسف بعد إنتهاء المقطع قبل أن تقطعه مريم قائلة “ هذا الفيديو قد يدين عدنان في مقتل حسين .. على اﻷقل لمعرفته بالفاعل .. أليس كذلك ؟ “”

لم يرد يوسف و قد غرق في شروده فنادته مريم قبل أن ينتبه و يقول “ ربما يعود عدنان من الخارج أو لا يعود أبدا .. سننتظر و نرى بشأنه ... “”

فسألته مريم مستفسرة “ ما الذي تفكر به هكذا ؟ هل في المقطع شيء لم أفهمه ؟ “”

فصمت قليلا قبل أن يقول “الطائرة المنكوبة التي ذكرها حسين .. لقد كان والدي على متنها “

فأصابتها الدهشة و هي تقول “” على متنها ؟ .. لم تخبرني بهذا اﻷمر من قبل “”

فتنهد و قال “ حدث اﻷمر منذ زمن و لم تأتيني الفرصة للحديث عن اﻷمر “”

فقالت متسائلة “ هل للأمر علاقة بهويتك كما قال أحمد نظمي ؟ “”

فقال مترددا “ بعد فقدان والدي بفترة أسرت والدتي إلي بسر .. و هو أن والدي كان بعمل لدى جهاز المخابرات .. و كان في مهمة لا تعرف عنها شيء ... كان عمله المعروف أنه يعمل في إحدى الشركات العلمية .. و حديثها إلي ربما كانت تريد أن تجعلني فخوار به أو شعرت بعبء سر عمله .. و لم نتحدث عن هذا اﻷمر بعد ذلك “”

فقالت مريم “” و ما الذي قد تغيره هذه المعلومة في ما يحدث اﻵن ؟! و هل هذا سبب في اﻹحجام عن قتلك إذا قاموا بالفعل بإسقاط الطائرة التي كان على متنها ؟ “

فقال يوسف متقلبا في شروده “ لا .. يوجد سبب آخر أجهله .. لكنه قد يكون متعلقا بهذا اﻷمر “”

قاطعهما رنين هاتف يوسف قبل أن يجيئه صوت شريف و هو يقول “ لقد قمت باختراق كاميرات الموقع المنشود و كذلك الخادم الذي يحفظ تسجيلات الكاميرات .. ليس بالأمر السهل لكن تصادف أنني شاركت في تصنيعه .. لا توجد كاميرات كثيرة و توجد منطقة كاملة عمياء على ما أعتقد عند مدخل أحد المخازن .. و معظم تسجيلات المراقبة تم حذفها و لكن هناك مقطع صغير يعود لفترة قبل القبض على الراهب قاتل اﻷنبا .. و قد ظهر و هو يترجل من شاحنة و يتحدث مع أحد مسئولي المكان قبل أن يقودوا الشاحنة إلى المنطقة العمياء “”

فقال يوسف “ جيد جدا .. سيكون دافعا للتحرك تجاه المكان “

فقال شريف “ عليك أن تكون حذرا .. فالموقع يقع ضمن ملكية أحد شركات ( سالم فخري) رجل اﻷعمال “”

فابتسم يوسف و هو يقول “ دع هذا اﻷمر لي و قم بإرسال جميع البيانات لي و من ضمنها المقطع .. و حاول أن تصل لموقع الشماس .. “”

قالها و أنهى المكالمة و هو ينهض قائلا “ علي أن أذهب اﻵن .. لدي مهمة خذي حذرك“

فقالت مريم “” بل أنت خذ حذرك “”

فابتسم لها قبل أن يغادر .. بينما امتلئت هي بالقلق و الخوف .

*************

٤

احتشدت قوات اﻷمن حول الموقع و كان يوسف في مقدمتهم و هم يتسللون و يحيطون بالموقع .. قبل أن يصيح يوسف - و هو يتقتحم البوابة اﻷمامية مرافقا مجموعة من ضباط اﻷمن - بالعاملين بالمكان آمرا إياهم بالتوقف عن فعل أي شيء و تسليم أنفسهم .. فخرج المسئول عن المكان و هو يصيح متسائلا “ ما هذا ؟ ما الذي يحدث ؟ “

فقال يوسف “” لدينا أمر بتفتيش الموقع “”

قالها و هو يشير لرجاله باﻹنتشار و تفتيش المكان فقال المسئول “ لماذا ؟ ما الذي حدث ؟ “”

فاقترب يوسف منه و التقط من جيبه هاتفه و هو يقوم بتشغيل المقطع الذي يظهر المسئول مع قاتل اﻷنبا و هو يقول “ من أين تعرف هذا الرجل ؟ “”

فارتبك المسئول و قال “ لا أعرفه سوى أنه أحد موردي الفواكه و زيت الزيتون .. لديهم مزرعة ضخمة تابعة للدير “

فابتسم يوسف و هو يقول “ لماذا أنت مرتبك ؟ “

فقال “ الرجل محكوم عليه باﻹعدام في قضية ما .. ليست لنا بها صلة إن كنت تشك في هذا .. “

فابتسم يوسف و هو يقول “ سنرى بهذا الشأن “

ثم أمر بعض أفراد اﻷمن بحراسة الرجل ريثما ينتهي التفتيش .. قبل أن يصيح أحد الرجال في جهاز اللاسلكي “ لقد وجدنا شيئا ما “

فتوجه يوسف اتجاه أحد المخازن التي قاموا بتفتيشها فوجدوا إحدى الحاويات بداخل المخزن بها الكثير من ملابس و متعلقات اﻷطفال و أثار للطعام و الفضلات .. فأمرهم بإحضار المسئول قبل أن يسأله قائلا “ ما هذا ؟ “

فارتبك المسئول قائلا “” لا شيء .. بعض العمال كانوا يحضرون أطفالهم فقط “

فأومأ يوسف و هو يرمقه بنظرات تخترق عقله و قال “ يبدو اﻷمر لي أنكم تتاجرون باﻷطفال .. “”

فصمت الرجل و قد بدا عليه اﻹرتياع بينما صاح يوسف قائلا “ ألقوا القبض على الجميع و قوموا بتحريز كل المتعلقات الموجودة “”

ثم مال على المسئول قائلا “ ستخبرني ما تعرفه و إلا سألقي بك في الجحيم “

و قد بدا على الرجل أنه على وشك اﻹنهيار ..

*****************

“ ماذا؟ كيف حدث هذا اﻷمر ؟ “”

صاح سالم و هو يتحدث في الهاتف في مكتبه إلى أحد رجاله و استطرد “ كيف تعاملوا بهذا الغباء .. لقد أمرت قبل ذلك أن يتخلصوا من كل أثر بعد كل عملية ...... لا يوجد ما يسمى بالشعور اﻵمن .. اللعنة .. علينا أن نتصرف سريعا “ ثم أنهى المكالمة و قام باﻹتصال بالعميد و قال

“ لا أعلم كيف حدث هذا اﻷمر بشكل مفاجيء .. لم تردنا أي معلومة بحدوث هجوم ... بالتأكيد هذا ما سوف أفعله .. حسنا “”

فُتح باب المكتب فجأة و دخل عبره يوسف و تتبعه سكرتيره المكتب تهرول و تقول “ يا سيدي لا تستطيع الدخول هكذا “

فقال يوسف مبتسما و هو ينظر في وجه سالم “ أعتقد أن السيد سالم يعرف من أنا “

فنهض سالم و هو يحاول أن يبدو هادئا “ ليس مبررا ﻹقتحامك المكان هكذا سيادة النقيب ... اتركينا وحدنا اﻵن “

فخرجت السكرتيرة و أغلقت الباب قبل أن يقول سالم “ تفضل بالجلوس “

فقال يوسف “ بالتأكيد تعلم أنه تم القبض على رجالك بأحد المواقع التابعة لك .. المسئول اعترف بأن الموقع متورط في عمليات اﻹتجار باﻷطفال الذين يتم خطفهم من أنحاء الدولة و شحنهم إلى الخارج في حاويات “”

اصطنع سالم دهشته و هو يقول “ ماذا ؟ هل أنت متأكد مما تقول ؟ “”

فابتسم يوسف قائلا “” هل تدعي أنك لست على علم بما كان يحدث ؟ “

فصاح سالم “ بالتأكيد لست على علم .. ما هذا الهراء .. أنا رجل أعمال معروف .. كيف أورط نفسي في هذه القذارة ؟ “

فقال يوسف “” المسئول اعترف بأن اﻷمور قد تمت بعلمك “

فقاطعه سالم “ أنا أعترف أن الموقع تابع ﻹحدى شركاتي .. لكن يا سيادة النقيب .. هل أنا رقيب على كل ما أملك ؟ .. بالتأكيد تم اﻷمر دون علمي .. بل من المأكد أن ذلك الشخص يحاول التهرب من ذنبه بإلصاق التهمة بشخص أكبر منه طمعا في أن أهتم ﻷمره .. و لكنه كلماته بلا دليل “

فأومأ يوسف برأسه قائلا “ نعم لديك حق .. و لكنني مضطر لفتح تحقيق رسمي معك ... فسترافقني لإستكمال التحقيق “

فقال سالم و هو يعدل من ملابسه “ نعم نعم بكل تأكيد ... سيسرني تقديم المساعدة “”

ثم غادر يوسف مصطحبا سالم إلى مديرية اﻷمن .

**************

“ يبدو الوضع سيء “

قالها العميد سعيد ليوسف في مكتبه قبل أن يستطرد “ لقد تلقيت للتو مكالمة سيئة .. المسئول عن الموقع و هو في طريقه من الحجز إلى غرفة التحقيقات ﻹستكمال التحقيق طلب الذهاب لقضاء حاجته .. و بعد تأخره بالداخل وجدوه مقتولا بالسم “”

فعقد يوسف حاجبيه قائلا “” لقد فعلها سالم مستعينا بالشماس “

فقال سعيد “” عليك أن تثبت شيئا ما يخص روايتك عن ذلك الشماس .. فهو يبدو كالشبح .. و ما أخبرتني به عنه يبدو تخمينا فقط “

فصمت يوسف بينما استطرد سعيد قائلا “ مسئول الموقع قد قدم بيانات عن الشحنة اﻷخيرة و استطعنا إستصدار أمر من الجهات المسئولة بإعتراض الشحنة في البحر و انقاذ من بها .. و قد تواصلنا مع إدارة المفقودين و بعض تحليلات الحمض النووي التي وجدناها بالموقع تطابق بعض سجلات المفقودين المبلغ عنهم .. فأستطيع أن أقول أننا قد قمنا بعمل جيد .. “”

فقال يوسف “” علينا أن نستجوب قاتل اﻷنبا .. إنه يعرف أمورا لا نعلمها “

فقال سعيد “ لولا أن من وراءه مؤمنا أنه سيستمر في صمته حتى الموت لكان قد قتل منذ زمن “”

فقال يوسف “ أعلم هذا .. و لكن يجب أن نحصل على فرصتنا معه .. و خصوصا أن سالم نجح في التملص في التحقيقات .. و قد فشلت مواجهته بالمسئول .. اﻵن بمقتل المسئول ستغلق هه القضية ﻷن بقية العاملين لا يعرفون شيئا “”

فقال سعيد “ سنجد شيئا ما في محتويات الموقع .. و لكن الربط بينه و بين سالم ضعيف .. هو مستمسك بروايته أنه لا يعرف شيئا عما دار .. و لن تصمد قضيتنا ضده في أي محكمة إلا إذا وجدنا دليلا قويا يربطه باﻷمر .. هو حتى لم يكن يظهر بنفسه في الموقع “”

قاطعهم رنين هاتف يوسف فاستأذن بالخروج قبل أن يرد على المكالمة قائلا “” من المتحدث؟ “

فجاءه صوت هاديء عميق يقول “ أظنك تعرف ؟ “”

فشعر يوسف بانقباضه خفية و بعج لخظة من الصمت قال “” الشماس !! .. كيف حصلت على رقمي ؟””

فقال الشماس “ أظن أن (كيف) هو السؤال الخطأ .. بينما اﻷصح أن تسأل (لماذا) “

فصمت يوسف بينما استطرد الشماس قائلا “ أعتقد أنه يجب أن أجذب إنتباهك أكثر من ذلك “

فسمع يوسف صرخة صادرة عن مريم فصاح “” ماذا تريد ؟ أين مريم ؟ “

فقال الشماس “ عليك أن تهدأ سيادة النقيب .. أنا فقط كنت أقوم بتنبيهك لما سيجري لاحقا .. ستأتي لتقابلني وحدك إذا أردت أن تظل مريم على قيد الحياة .. أحضر معك دعما و اخبر أحدا عن هذه المكالمة و ستتتسلم مريم بدون روحها “”

فصاح يوسف “ إياك أن تؤذيها .. أقسم أن .. “”

فقاطعه الشماس قائلا “ سأرسل لك اﻹحداثيات “”

ثم أنهى المكالمة ... تاركا يوسف و قد جرفه القلق و اعتصر قلبه اﻷلم .. فقد اصبحت حياة مريم على حافة الموت .

************

 

٥

أما إحدي البنايات توقفت ثلاث سيارات فاخرة و قد هبط منها عدد من الحرس الشخصيين و فتح أحدهم باب إحدى السيارات ليخرج منها رجل قد بدت عليه سمات الوقار و الهيبة .. و قد تقدم يرافقه حارسان فقط ليصعدوا معه إلى الطابق اﻷخير قبل أن يجد في استقباله العميد و هو يقول “ مرحبا سيد ضرغام .. بمن أدين لهذه الزيارة الكريمة ؟ “

فأشار ضرغام لحارسيه باﻹنتظار عند الباب و قال بعدما جلس على أحد الكراسي الوثيرة “ لقد توترت اﻷمور كما نما إلى علمنا .. يبدو أن هذا قد أثار انتباه البارون .. فماذا يحدث ؟ “”

فقال العميد “ سالم يهتم باﻷمر “”

فقال ضرغام “ سالم أصبح هدفا .. و هو تحت مراقبة المباحث اﻵن “

فقال العميد “ أعلم هذا .. و قد تملص منهم اليوم “

فقال ضرغام “ لن يتملص منهم إلى اﻷبد .. لقد تسبب في تعطيل أحد أهم اﻷنشطة التي نعمل عليها “

فصمت العميد للحظات قبل أن يقول “ سنقوم بحل هذا اﻷمر “”

فقال ضرغام “ يستحسن أن تفعل .. لقد تم انتهاك قاعدة سلامة المنظمة .. و خرق هذه القاعدة يستلزم عقوبة لا يُستثنى منها أحد .. حتى أعضاءها “

قالها قبل أن ينهض من مكانه مغادرا تاركا خلفه العميد الذي وضع رأسه بين كفيه قليلا قبل أن يلتقط هاتفه و يقوم بإتصال هاتفي و يقول “ عليك أن تقوم بما سأخبرك به “

*****************

في أحد المواقع المهجورة و قد خيم الليل على المنطقة المحيطة وصل يوسف بسيارته و كان الموقع عبارة عن بناء كبير من طابق واحد قريب من مزرعة و بجواره بئر ضخم .. و عندما وصل يوسف تفاجأ أن مريم مقيدة بعارضة خشبية بجوار البئر و قد كانت مكممة الفم .. فتوقف بسيارته و نزل مهرولا تجاه مريم .. فاستوقفه صوت شخص ظهر من خلف البئر برداءه المميز و هو يشهر سلاحه مصوبا إياه تجاه رأس مريم و يقول “” هذا يكفي .. توقف عندك “

فتوقف يوسف و هو يقول “ دعها تذهب .. فهي ليست ذات صلة بأي شيء .. كما أن لديها حصانة قضائية و هذا ليس في صالحك “

فابتسم الشماس و هو يقول “ و هل يبدو أنني أهتم ؟ قم بتفتيشه و تجريده من أي سلاح “

فنظر يوسف إلى من يحدثه الشماس فوجد سالم يخرج من أحد أبواب المبنى شاهرا سلاحه فردد في تعجب “ سالم !! “

فتوجه إليه سالم و لكمه على وجهه و هو يقول “” أيها اﻷحمق .. لقد أشرت على الجميع أن نتخلص منك من زمن .. و لكنها القواعد الغبية “

قالها و هو يلقي بسلاح يوسف بعيدا و يوسف يسأله “ أي قواعد ؟ “”

فابتسم الشماس قائلا “ المسكين لا يعرف .. ربما يعرف أن والده كان يعمل بجهاز المخابرات “

فقال يوسف “ نعم أعرف هذا “”

فقال سالم “ و لكنك لا تعرف أنه كان أحد أعضاء المنظمة “

فصاح يوسف “ أنت كاذب .. كاذب ومدلس “

فقال الشماس “” هذا عيب الذين يتربون على المثالية الزائفة .. ربما كان عليهم تجنيدك منذ نعومة أظافرك .. كما فعلوا معي .. “”

فقال سالم “ إن كان في اﻷمر تعزية فلا أحد قابله .. و لكنها معلومة لدينا و إلا كنا قد تخلصنا منك عند سفح الهرم .. و لكنها قواعد البارون الغبية التي تحتم علينا عدم التخلص من أعضاء المنظمة أو أحد من عائلاتهم “

فقال الشماس مستكملا “” إلا إذا قام بتعريض المنظمة للخطر “

قالها و هو يوجه سلاحه و يطلق النار ..

**********

توقفت الحياة للخظات ظنا من يوسف أنه كان الهدف لسلاح الشماس .. لكنه تفاجأ بسقوط سالم .. فنظر يوسف في دهشة إلى الشماس فقال الشماس “ بالتأكيد لم تكن تظن أنه سيظل حيا .. و على العموم ليس هذا بقراري الشخصي .. “

فسأله يوسف “” لماذا ؟ “

فقال الشماس “ و من يهتم باﻹجابة ؟ .. ربما لتعلم أن المنظمة جادة بخصوص ما يهدد سلامتها “”

قال يوسف “ لم أقصد هذا اﻷمر .. و لكنك تعمدت بترك أثر على جثة الراهب و كنت تعلم أنني سأتبعه .. “

فابتسم الشماس قائلا “ لقد كنت أخطط لمقابلتك بشكل أفضل من هذا .. لكن الحمقى أفسدوا اﻷمر  “

فقال يوسف “ هل العميد أمرك بهذا ؟ “”

فقال الشماس “ إذن أنت تعرف بشأن العميد أيضا .. هذا جيد فهذا سبب إضافي لقتلك لأنه من اتخذ القرار بقتلك “

فابتسم يوسف قائلا “أنت قتلت الراهب و قتلت مسئول الموقع و ربما في جعبتك الكثير من الجرائم “”

فقال الشماس “” و ما الذي يجعلك تبتسم في هذا اﻷمر ؟ “

فقال يوسف “ ﻷنك على وشك أن تغرد كما يغرد الطير “”

فعقد الشماس حاجبيه و هو يرفع سلاحه تجاه يوسف ليطلق النار .. فانطلقت رصاصة اخترقت كتفه قادمة من المجهول .. فهجم يوسف عليه و قام باﻹشتباك معه .. و قد كان يوسف متعجبا من قدرة الشماس على تحمل ألم الرصاصة .. فما أن اقترب يوسف حتى اخرج الشماس سكينا من بيده اﻷخرى و اهجم على يوسف مستخدما الفنون القتالية التي تعلمها .. و صارت بينهم معركة أصيب فيها يوسف بجروح طفيفة قبل أن يمتلئ المكان بجنود اﻷمن .

أحاط الجنود بالشماس قبل أن يقوموا بتكبيله بينما هرع يوسف تجاه مريم و فقك وثاقها و هي تبكي قائلة “ لقد كنت خائفة جدا “”

فقال يوسف و هو يربت على كتفيها “ لقد انتهى اﻷمر .. أنتِ آمنة اﻵن “

اقترب العميد سعيد منه و هو يصيح “ لولا مكالمة من صديقك شريف ربما كنت أنت في عداد اﻷموات “”

فقال يوسف “” لقد رتبت اﻷمر معه “”

فأومأ سعيد بوجهه الحازم و هو ينظر إلى جثة سالم و الشماس الذي يقتادونه إلى سيارة اﻷمن و قال “ و هل هذا يحل اﻷمر ؟ “

فقال يوسف “ لقد حصلت على اعتراف سالم و الشماس بجرائمهم و في مكان ما يختبيء شريف و قد قام بتصوير مقتل سالم على يد الشماس “

فتلفت سعيد حوله قبل أن يقول “ هل هو من أصاب الشماس في كتفه ؟ “”

فابتسم يوسف قائلا “ لقد كان يتدرب طويلا .. و لكنه لا يحب العمل كموظف “”

فنظر سعيد إلى يوسف و مريم قليلا قبل أن يقول “” سنتحدث لاحقا .. علينا أن نطمئن عليها اﻵن “

فتبادل يوسف و مريم النظرات و هو يبتسم لها دون أن يتحدث .

***************

بعد عدة أيام جلس ثلاثتهم  - يوسف ومريم و شريف - في بناية شريف الجديدة التي وعده بها يوسف و قد اثراها بأجهزة جديدة و يصيح ضاحكا “ هكذا اصبح مركز عملياتي الجديد .. مرحبا بكما أيها الصديقان “

فضحك يوسف قائلا “ لقد استحققتها يا صديقي .. لقد أنقذذتني من رصاصة الشماس .. رغم انك انتظرت طويلا لتفعل حتى بدأت أقلق “

فقال شريف “ و لكنني فعلتها ..و يسرني أنك بخير أنت و مريم العزيزة “

فقالت مريم “ لقد كان وقتا عصيبا .. هل تظنان أن الشماس سيتحدث ؟ .. “”

فقال يوسف “ ما قمنا بتسجيله قد أدانه .. و هو مطلوب دوليا .. و لكن بخصوص ما لديه من معلومات .. فسأظل في إثره حتى يخبرني بما أريد “

فقال شريف “” حسب ما عرفت أن العميد هو من تعامل مع اﻷمر .. نستطيع أن نبحث في كل شيء يخص سالم و علاقاته حتى نصل إلى هوية العميد .. و بمناسبة الهوية .. أعتقد أنك قد عرفت اﻵن السبب وراء إحجامهم عن قتلك منذ البداية “

فقال يوسف “ و قد اتخذ العميد القرار بقتلي منفردا .. و اعتقد أنه كان سيلقي اللوم على سالم .. و لا أعتقد أنه سيكررها حتى نجده “

فقالت مريم “ هذا يعني أننا اﻵن في أمان و نستطيع إلتقاط أنفاسنا “

فقال يوسف “ نعم .. و نستعد أيضا للقادم ... و لكن حاليا لقد كشفنا أمر مقتل الراهب و قضية اﻹتجار باﻷطفال .. و بيانات بؤر اختطاف اﻷطفال نعمل عليها .. فنستحق اﻹحتفال “

فقفز شريف عن الكرسي قائلا “ و أنا لدي المزيد من العصائر للإحتفال سأحضرها “

فذهب شريف و نظر يوسف إلى مريم مبتسما و يقول “ يسرني أنك بخير ..”

فقالت و قد توردت وجنتاها “ و أنا أيضا .. أتمنﻻ أن تكون بخير دائما “

فابتسم يوسف و لكن بداخله كان القلق يعتمل عن المجهول القادم و الماضي الذذي يخص والده .. لا يستطيع تخيل أن والده كان له علاقة بهؤلاء .. فشعر أن عليه أن يستكمل البحث .. دون إثارة أشباح المنظمة .

***** تمت *****

                                

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

788 زائر، و1 أعضاء داخل الموقع