هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3. بلا قضبان

أقف على ساقيَ أمام صنبور المياه.. الذي أدير مقبضه بيدي ..التي أغسل بها وجهي .. الذي أنظر إليه في المرآة .. التي أنظف أمامها أسناني .. التي أمضغ بها طعامي في سلاسة .

يا لها من أفعال بسيطة لم ألق لها يوما بالا قبل أن أُقحم في تلك الفترة من حياتي في لحظة .. كانت مجرد لحظة فاصلة تلك التي اصطدمت بها شاحنة نقل بسيارتي لتبدو الحياة لوهلة و كأنها عطر يتلاشى أثره تدريجيا في الفراغ .. فقدت القدرة على فعل أي شيء .

بعد إنقضاء بضعة أيام في غيبوبة أستفيق منها لأجد نفسي سجينا لجسد مشوه فاقد للقدرة على الحركة أو الحديث .. أفتح عيني بصعوبة على مشهد سقف الغرفة الذي لا يتبدل  .. و لكنها القدرة الوحيدة المتاحة لي .. حتى أنني قد فقدت القدرة على حك أنفي .. حتى أنني قد فقدت القدرة على التأوه و الشكوى .. أنا سجين بجسد شبه ميت .

صارعتني كل الأفكار و أنا طريح الفراش وقتها .. و قد بدت أكثر الأفعال بساطة هي نعم عظيمة ..فكم كان يبدو رائعا لو تناولت طعاما حقيقيا بدلا من المخفوق المقزز المعتاد الذي أتناوله عبر قشة .. أو ربما السير قليلا في الطرقات حافي القدمين لأستشعر ذاك الدبيب و الوخز .. أو ربما القفز و الهرولة ..كم يبدو جميلا أن أضحك و أقهقه و أنا أصنع طعامي بيدي .. و الأفضل من ذلك .. كم يبدو الأمر رائعا لو تجنبت مذلة ألا تقضي حاجتك بنفسك .

أصبح الأمر بين شيئين أولهما أن أظل قابعا في قاع الحزن و الرثاء لنفسي و أنا أتمنى الخلاص لروحي من هذا الجسد .. أو أن أحارب لإصلاحه ..كي ينال حريته من العطب ..و قد اخترت الأخير .. عندما زارني أحد أصدقائي و همس في أذني قائلا " لا تدع جسدك يهزم روحك ..أنت قابع بالداخل فانهض و تحرر ".

مرت شهور الصبر و المثابرة حتى تمكنت من تحريك أطرافي و فكيّ , تركت خلالها الفراش إلى الكرسي المدولب ثم إلى عكازين يحملان جسدي بكثير من الألم .. و كانت تمر بي لحظات ضعف كنت أنهيها بقولي " أنا أستطيع .. فقد نهضت بالفعل .. الطريق فقط لم ينتهي " .

كنت أقضي أوقات كثيرة بالقراءة و مما قرأت عن الجليل " مصطفى محمود " كيف أن حادث قد تعرض له في بداية حياته كان منعطفا لكل شيء ..و كيف كان سببا فيما أصبح عليه من شخصية المفكر المتأمل صاحب الباع الأدبي الكبير .. و قرأت عن " ستيفن هوكينز " العالم الشهير الذي لم يثنيه موت أطرافه عن تحقيق أهدافه ..

أدركت وقتها أن الحرية تكمن في روح الإنسان .. و أن السجن الذي يقيدك لا يشترط أن يكون من جدران و قضبان .. لا يشترط أن يكون جسد واهن معطوب .. لا يشترط أن يكون مجتمع أو بيئة .. بل القيود التي تصنعها بعقلك و تحيط روحك بها هي من تصنع سجنك الخاص .. سجن بلا قضبان .

ربما لو أدركت ما أنت عليه .. و ما تملك من نعم و قدرات عظيمة و لو بدت بسيطة .. ربما لو استكشفت ما تملكه لتحررت من كل ما يقيدك .. و لحاربت في سبيل هذه الحرية .. التي تجعل منك شخصا أفضل نافع لنفسه و لغيره .. لا حرية الضرر و المساوئ .

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

402 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع