هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3. دكتور جيكل .. قصة أخرى

كان القمر يتوسط سماء ليل غائم حالك جعله يبدو كمصباح مستهلك يبعث على النفس القلق دون السكينة قرابة منتصف الليل .. بينما شق سكون الحي الهاديء صوت خطوات خيول عربة صاحب القصر المشيد في بقعة منعزلة عند أطراف الحي قبل أن تتوقف الخيل أمام باب القصر و يهبط منها صاحبه و يساعده سائق العربة في إنزال صندوق خشبي كبير قبل أن يرحل ..

يجر صاحب القصر الذي ينهاز الأربعين من العمر في حلته الأنيقة صندوقه إلى باب القبو المسلسل بعناية قبل أن يدخل و يغلق بابه جيدا و يبدأ في التلفت حوله و كأنه يطمئن على ما يحتويه القبو من أدوات معملية و عناصر كيميائية و مرآة كبيرة مستندة على أحد الجدران و مغطاة بقطعة من القماش ..

نزع عن نفسه معطفه و قبعته  قبل أن يخرج من جيبه لفافة تحتوي على نوع من الأعشاب .. ثم بدأ يتحسس الصندوق قبل أن يأتيه صوت مصدره المرآة  " هنري ! .. هل هذا أنت ؟ "

عقد هنري حاجبيه قبل أن يعتدل منتصبا ثم ينزع قطعة القماش عن المرآة و هو يصيح " ماذا تريد يا إدوارد ؟ "

في المرآة انعكست صورة مشوهة من هنري جيكل , الطبيب الكيميائي الذي عُرف بين الناس بإنسانيته الشديدة و ملائكيته في التعامل و مدى لطفه و كرمه قبل أن يتعرض للعنة خلقت هذا الوحش البشري الذي يراه .. " إدوارد هايد "  نسخة مشوهة شكلا و مضمونا من هنري جيكل ..و يحمل كل معنى مناقض للخير ..و رغبة مستمرة في تسبيب الأذى للجميع ..

قال إدوارد بإبتسامة مقيتة " هل أنت جاد ؟! .. هل تعتقد حقا أن قطعة قماش على مرآة ستمنعك أن تراني ؟ .. أنا أسكنك يا هنري ..كلانا نفس الشخص "

فصاح هنري " لا .. لم نكن أبدا نفس الشخص .. لم أكن أبدا بهذا السوء .. أنت لعنة .. عليها أن تنتهي "

ضحك إدوارد في سخرية و قال " لطالما حاول الإنسان أن يرتدي أثواب الملائكة .. فهاجمته الشياطين من كل حدب و صوب .. لا لهزيمته .. بل لتذكيره فقط أنه مجرد إنسان .. "

ولاه هنري ظهره و هو يقول في ضيق " لست علي أن أستمع إليك "

فقال إدوارد " لا ليس عليك أن تستمع ... بل عليك أن تشعر .. أنا غرائزك و شهواتك .. أنا رغباتك المكبوتة .. أنا غضبك و إنتقامك .. كل الذين آذوك لم يأبهوا لإحسانك و كرمك و أخلاقك .. قابلتَ إهاناتهم بابتسامتك و صمتك .. أما أنا فقد انتقمت لك .. و أنت تجرؤ على إنكاري "

فصاح هنري " أنا لا أحتاج إلى إنتقامك و لم أطلب منك معاقبة أحد .. أنت من اعتديت على المذنب  و البريء .. مثل العجوز الذي لا أعرفه .. مثل الفتاة الصغيرة التي قمت بضربها .."

قال إدوارد بلا مبالاة " هذه أضرار جانبية .. ماذا تتوقع من الشر المطلق ؟! .. لا يمكن تقويدي على أي حال .. لقد سحرتك عجوز الجبل فليس لي ذنب في هذا الأمر .. هل تعلم أن مقدار الشر الذي أقوم به أنت السبب في وجوده ؟ "

فقال هنري مستنكرا " كيف هذا ؟! .. أنا أرفض تماما ما تقوم به  "

فضحك إدوارد في سخرية و قال " يا للبشر ! .. لأنك مجرد بشر .. يفترض بك أن تمارس الشر أيضا .. لقد اختزنت كل هذا الشر بداخلك حتى أثرت غضب الساحرة العجوز عندما علمت بوجودك .. كيف لإنسان أن يكون بكل هذه الصفات الجيدة .. لا يكره لا يحسد لا يغضب .. كل ما فعلته هي أنها حررت ما قمت أنت بتقييده .. الأسوأ أنها قد رهنت هذا الأمر بحياتها ثم اختفت .. عليك أن تقتل نفسك ربما "

قال هنري " ليس على الأخيار قتل أنفسهم ليتركوا المجال خاليا أمام الأشرار مثلك "

قالها و هو يتده إلى منضدته المعملية و يستخرج الأعشاب التي أحضرها معه و يبدأ في تحضير مستخلص منها ليضيفه إلى مستحضر قام بصناعته سابقا .. في حين تعالت ضحكات إدوارد الساخرة و هو يقول " ألم تيأس من هذا الهراء بعد يا هنري ؟ .. لقد أهدرت هدرت وقتك و مالك على هذه الأشياء .. ربما لو صنعت بعض الفطائر لشعرت بتحسن أكبر من هذا .. و أيضا لم يعد لديك الكثير من الوقت "

فالتفت هنري إليه في نظرة تساؤل قبل أن يستطرد إدوارد " بعد قليل ستأتي عربة الشرطة .. لقد حرصت في مرتي الأخيرة أن أترك أحد أقلامك التي تحمل اسمك بجوار الضحية .. شفقة على رجال الشرطة الحائرين في سلسلة الجرائم .. عليهم أن يشكروني فيما بعد "

فصاح هنري " ماذا ؟! .. و لماذا فعلت ذلك ؟ "

تنهد إدوارد و هو يقول " أنت عنيد للغاية يا عزيزي هنري .. كل ما عليك فعله هو أن تتقبلني و سنجتاح الحياة معا .. و لكنك مادمت في هذا الوكر و أنت تحاول التخلص مني .. لذلك كان علي أن أخرجك منه .. لا تقلق .. سنحيا حياة بوهيمية في الغابات و نهبط كل ليلة على المدينة لإصطياد فريسة جديدة ..سيكون الأمر ممتعا .. فكر في هذا .. أليس مغريا ؟ "

صمت هنري قليلا قبل أن يقول بصوت خفيض " عليّ إذاً أن أسرع "

قالها و هو ينتهي من المستحضر في حين أن تناهى إلى مسامعه صوت عربة تقترب فقال إداوراد ساخرا " ها نحن أولاء .. ماذا ستفعل يا عزيزي هنري .. ربما عليك أن تأخذ منوما لأستطيع أن أساعدك .. فأنت تعلم أنني أتولى الأمور عندما تنام أنت .."

حمل هنري مستحضره و وقف بجوار الصندوق الخشبي و قال بابتسامة خفيفة مضطربة " نسيت أن أخبرك بأمر ما ... لقد وجدت الساحرة "

قالها و هو يفتح الصندوق و كانت به إمرأة عجوز مغشي عليها و استطرد و هو ينظر إلى إدوارد الذي بدت عليه علامات القلق " هي أيضا لم تراني قادما مثلك .. الليلة سينتهي كل شيء "

صاح إدوارد " ماذا ستفعل يا هنري ؟ هل ستمارس الشر أخيرا ؟.. هل ستقتلها ؟ ستصبح قاتلا أليس كذلك ؟ و كيف سينجيك هذا مما ورطتك به ؟ كيف ستثبت براءتك و هم يقتربون الآن ؟ "

قال هنري و هو ينحني بدورق مستحضره على المرأة " من الجيد يا إدوارد أنك قد اخبرتني عن القلم .. يجب أن أشكرك على هذا ..كما يجب عليك أن تحترم ذكائي "

قالها و هو يسكب المستحضر في فم المرأة العجوز فبدأت في الإنتفاض و هي تسترد وعيها و لكنها كانت تنتفض بشدة و يخرج من فمها دخانا قرمزيا .. و أخرج هنري من جيبه قلمين يحملان اسمه و دسهما في ثوبها قبل أن تنتفض واقفة و هي تصرخ في غضب و وجهها يتمدد و يتقلص و يصبح تدريجيا قريبا من تشوه وجه إدوارد الذي كانت إطلالته بالمرآة غارقة بالدهشة ..

في هذه اللحظة كانت خطوات مفتش الشرطة تقترب بسرعة و على ما يبدو أنه بسبب صوت الصراخ .. و أخذوا في طرق الباب بشدة .. بينما قال إدوارد بعد أن اختفت سخريته و حل محلها قلق " هنري !! لا تفعل .. هل ستتحول إلى قاتل ؟ "

فابتسم هنري و هو يقول " لقد أعطيتني بنفسك كل المعونة على قتلك .. ربما كنت على حق .. ربما كان علي أن أمارس بعضا من الشر لأدافع به عن نفسي و ذاتي .. أنا أصلح خطئي في حق نفسي .. إن كنت أود أن كون خيّرا .. يجب أن أكون قويا أولا "

ثم طعن المرأة في قلبها و بدأ إدوارد في الصراخ وهو يتمزق .. قبل أن يحطم رجال الشرطة الباب ..و يدخلوا ليتفاجئوا بالمشهد .

لم يكن صعبا أن يقنع هنري جيكل رجال الشرطة أن الساحرة العجوز – و قد كانت معروفة لدى الشرطة – قامت بالتعدي عليه و حاولت قهره بالسحر و توريطه في جرائم مفتعلة هي من قامت بها .. ثم عادت الحياة الطبيعية للرجل النبيل.. و لكنه قد اكتسب صفة المجابهة .. ليس عليه أن يتراجع أمام إعتداء أو إهانة .. ليس عليه أن يكون مسالما إلى الحد الذي يسمح للشر أن يسيطر .. و عليه أن يمارس بشريته .

**تمت **

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1101 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع