هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3.  هرداغا .. تضحية تحت الحصار

كان مصطفى هرداغا مسلماً يقيم في سرافييو عاصمة البوسنة , التي كانت آنذاك جزءاً من يوغسلافيا, حيث كان يملك عمارة مجاورة لمنزله استخدمها اليهودي يوسيف كابيليو مصنعاً لإنتاج مواسير المجاري والصرف والصحي. وكانت عائلة كابيليو تقيم في الطابق الثالث من عمارة محاذية للمصنع. في يوم الرابع عشر من أبريل عام 1941 ضرب الألمان فجأة واجتاحوا الأراضي اليوغسلافية بعد قصف جوي مكثف. ووجدت عائلة كابيليو الملاذ الآمن في الغابات المجاورة إلا أنها اكتشفت لدى عودتها أن منزلها الثلاثي الطوابق قد لحقت به أضرار جسيمة ولم يعد صالحا للإقامة فيه .

فكر يوسيف كابيليو بنقل عائلته التي كانت تضم زوجته ريفكا وولديْهما بوينا وبنيامين إلى المصنع غير أن مصطفى رفض مطلقاً هذه الفكرة. وأصر مصطفى بالمقابل على أن تقيم عائلة كابيليو في منزله. وقد رحبت بهم زينبا و هي تقول ليوسيف : " إنك أخونا ، وريفكا أختنا و ولداكما ولدانا ، وبيتنا بيتكم وعليك أن تشعر به وكأنك في بيتك واليوم حيث أن حياتك معرضة للخطر لن نهجرك". ويشار إلى أن المنزل كان يؤوي إلى جانب أسرة مصطفى شقيقه عزت وزوجته بشرية.

عندما دخل الألمان المدينة ساءت ظروف اليهود. وأقدم جمع من المشاغبين مهيَّجاً بتحريض السلطات على نهب الكنيس القديم وإشعال النار في أسفار التوراة العائد تأريخها إلى أربعة قرون. ويستحضر يوسيف ذكريات ذلك المشهد: "شاهدت المنظر الفظيع وأنا مختفٍ وراء ستار في منزل مضيفي". وقد واسى مصطفى يوسيف وطمأنه بأن عائلته ستظل آمنة في منزله. غير أن يوسيف قرر بعد فترة إقامة قصيرة في منزل عائلة هرداغا ، خوفاً مما هو أسوأ ، أن ينقل عائلته إلى موستار التي خضعت آنذاك لحكم إيطالي وكانت نسبياً أكثر أمناً لليهود. وبقي يوسيف نفسه في سراييفو لتصفية أعماله إذ طالبت السلطات الموالية للنازية ب"أرْيَنَتها" مما يعني نقل ملكيتها لغير اليهود. وتم ضم البوسنة إلى كرواتيا التي خضعت لنظام حكم الأوستاشا شديد الولاء للنازية الذي تعاون مع الألمان في إجراءات اضطهاد اليهود وكذلك الأقلية الصربية الأكبر عدداً بكثير. ولم تمضِ إلا فترة قصيرة وقد اتهم المالك الجديد – الذي كان سابقاً مدقق حسابات الشركة – يوسيف بالسعي لتخريب المصنع مما اضطره إلى الفرار. وتمكن يوسيف بمعاونة صديق له من دخول مستشفى عسكري بداعي إصابته بمرض إلا أن حيلته قد تكشفت بعد إقامة شهرين في المستشفى وتم اعتقاله وإيداعه السجن..

وقد حل شتاء عام 1941-1942 وغطت الطرق الرئيسية حلة كثيفة من الثلج مما جعل من الصعوبة بمكان نقل السجناء إلى معسكر التجميع الكرواتي ياسينوفاتش السيئ السمعة, حيث تم القضاء على آلاف من الأشخاص بمنتهى القسوة. وبالتالي تم اقتياد السجناء كل يوم وأرجلهم مقيدة بصلاصل لإزالة الثلوج من الشوارع. وانتبه يوسيف صباح ذات يوم إلى سيدة محجّبة تقف عن بعد مولولة. كانت هذه السيدة شقيقة زينبا. وقد أبلغت زينبا بوجود يوسيف قيد الحبس وبظروفه البائسة. ومنذ ذلك الحين وعلى امتداد شهر كانت زينبا أو بشرية تحضر الطعام ليوسيف بكميات كانت كافية لتغذية بعض نزلاء السجن الآخرين أيضاً. وتمكن يوسيف آخر الأمر من الفرار وعاد إلى منزل مصطفى حيث تم استقباله ورعايته إلى أن استعاد عافيته. وتجنباً لتعريض أبناء عائلة هرداغا للخطر الناجم عن إقامته لديهم, قرر يوسيف الهرب والانضمام إلى عائلته في موستار. وتمكن مواطن ألماني من معارفه السابقين في الأعمال من استصدار أوراق ثبوتية مزورة من أجله جاء فيها أن كابيليو يعمل في خدمة شركة "تود" الألمانية وتم إرساله إلى موستار الخاضعة للحكم الإيطالي حيث كانت عائلته بانتظاره. ويشار إلى أن عائلة هرداغا كانت قد أرسلت إمدادات مختلفة إلى عائلة يوسيف في موستار في الوقت الذي كان يوسيف نفسه محتجزاً.

وقد حل أبناء عائلة كابيليو لدى عودتهم إلى سراييفو بعد تحريرها ضيوفاً في منزل عائلة هرداغا لدة شهرين آخرين قبل مغادرتهم واستقرارهم آخر الأمر في إسرائيل. وعلم يوسيف كابيليو أن والد زينبا أحمد صادق قد وفر المأوى للمواطن اليهودي إزيدور بابو وزوجته فترة من الوقت. وكان ذلك مطلع عام 1942 حيث صادف صادق بابو وزوجته وولديْهما في محطة لسكك الحديد في كونيتشي. وقد بدأ الحديث بينهما حيث علم صادق أن أسرة بابو وصلت من دوبروفنيتش قاصدةً سراييفو. ونصحهم صادق بعدم التوجه إلى سراييفو إذ كان جميع سكانها اليهود عرضة للإبادة أو الترحيل ودعاهم بدلاً من ذلك إلى الإقامة في منزله حيث أنهم لبوا فرحين هذه الدعوة كونهم لا يملكون أي خيار آخر. وقد تم فيما بعد تسليم أحمد صادق إلى السلطات نتيجة إقدامه على هذا العمل إذ تم ترويعه وإرساله إلى معسكر التجميع ياسينوفاتش السيئ السمعة حيث فارق الحياة. أما زينبا فقد تزوجت مجدداً بعد وفاة زوجها مصطفى وأصبحت شهرتها سوسيتش ، كما أنها رُزقت بمولودة سُميت عايدة.

وفي عام 1984 قامت مؤسسة ياد فاشيم بتكريم مصطفى وزينبا هرداغا (سوسيتش) بشهادة تكريم "أنصار الشعب اليهودي" . كما تم تكريم شقيق مصطفى عزت وزوجته بشرية ووالد زينبا الشهيد أحمد صادق. وقامت زينبا سوسيتش في العام ذاته بزيارة لإسرائيل وغرست شجرة تحمل اسمها واسم باقي أفراد عائلتها الذين تم تكريمهم في جادة أنصار الشعب اليهودي في مقر مؤسسة ياد فاشيم.

في يوم ال-22 من أكتوبر عام 1992 قضت زينبا بصورة مباغتة عن عمر يناهز 76 عاماً. و قد تم دفنها في قرية بيت زايت الواقعة في واد في سفح الجبل حيث مقر مؤسسة ياد فاشيم..

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع