هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3. مس سقر

 

رأى نفسه يخطو على أرضٍ جدباء.. تتساقط من جسده قطرات دماء تهتز بها الأرض فتنبت من بطنها زهرة  في كل خطوة  .. ثم رأى قبالته شجرة وارفة الظل, في ظلها بئر فقصده ليشرب , و ما أن وصل إليه وجد من دونه رجلا منيرا بهي الطلعة طيب الرائحة يمد يده إليه بإناء الماء و هو يقول "يا محمد , إشرب و ارتوي , فقد اقترب اللقاء ", فشرب محمد وكان الظمأ قد بلغ منه مبلغه .. ثم قال " أنا على العهد بقول الحق يا رسول الله " .

فتأمله الرسول قليلا قبل أن يقول " يا محمد .. كُتب على ابن آدم حظه من العذاب .. فهل عذاب الدنيا أهون أم عذاب الآخرة ؟ "

فقال محمد " بل عذاب الدنيا مهما بلغ أهون من مسِّ سقر "

فابتسم الرسول و ضرب بيده ضربة خفيفة على صدر محمد وقال " قم و انه ما بدأت .. ليثبت قلبك على الحق .. و ليزرع الله رحمته تجاهك و لو أُنبتت من قلب كافر "

فتح محمد بن أحمد الرملي المعروف بالإمام أبي بكر النابلسي عينيه على ضربة موجعة من قائد رحلته من الشام إلى مصر و هو مقيد بأغلال في قفص خشبي .. فابتسم القائد إلى كبير القادة جوهر الصقلي و قال ساخرا " لايزال الخنزير حياَ .. أتعجب أن رجلا قد تجاوز الخمسين من عمره يستطيع الصمود شهرا في رحلة كهذه مع ما نحتته سياطنا على جسده "

فقال الصقلي بنبرة لا تحمل أي شعور " لو مات قبل مقابلة الحاكم لصلبناك بدلا منه "

فتجهم وجه القائد قبل أن يستطرد الصقلي " هلم ليمثل أمام أميرنا المعز"

بملابسه الممزقة و جسد مليء بالسحجات بالكاد ينتصب على قدمين داميتين , مثل النابلسي أمام الحاكم الفاطمي المعز لدين الله في جمع من الحاشية .. فقال له أحد موالين الحاكم و وشاته بشماتة و سخرية " حمدا لله على سلامتك "

فقال النابلسي بوقار " حمدا لله على سلامة ديني و دنياك "

تفحصه الحاكم بنظراته العميقة قبل أن يقول " بلغنا أنك تحشد الجموع ضد حكمنا و ولايتنا عليهم و أنك قلت أن لو كان معك عشرة أسهم لرميتنا بتسعة و لرميت الروم بالعاشر  "

فقال النابلسي " لا و الله ما قلت ذلك "

فابتسم الحاكم و نظر إلى قائده الصقلي الذي قال " يبدو أن رحلته من الشام قد أعادته لرشده"

فقال النابلسي مستدركا " بل قلت لو أن معي عشرة أسهم لرميتكم بتسعة و لرميتكم بالعاشر أيضا "

فنهض الحاكم من مجلسه وعلامات الغضب على وجهه و هو يقول " و لما تقول أمرا كهذا ؟"

فقال النابلسي في رباطة جأش " لأنكم غيرتم الدين و بدلتم الملة .. و قتلتم الصالحين و ادعيتم نور الإلهية .. و قلتم فيكم ما ليس فيكم .. منعتم الناس من الضحى و القيام .. ناديتم بلعن الصحابة الكرام .. قاتلتم العلماء.. و أدنيتم المنافقين اللقطاء.. و أسرفتم في سفك الدماء.. فدين الله منكم براء "

فثارت ثائرة المعز و هو يصيح غاضبا " كيف تجرؤ يا هذا على التحدث إليّ هكذا ؟ ألم تعلم بأن حياتك بيدي ؟ "

فقال النابلسي " ألم تعلم بأن الله يرى ؟ "

أخذ المعز شهيقا عميقا ليهدأ قبل أن يقول " لا أدري كيف أترك نفسي لأنزلق في هوة الغضب .. فقد أوضحت و أفصحت عن مكنونك .. لنجعل منك درسا لا يُنسى "

قالها و هو يبتسم في خبث قبل أن يصيح آمرا الصقلي " لتأتني بجزار يجيد سلخ الأنعام حية"

فهمهم الحضور و قد أصابتهم الصدمة .. فقد كانت المرة الأولى التي يشهدوا مثل هذاالقول من حاكم مسلم .. و كانت الصدمة الأكبر عندما شهدوا تنفيذه .

 

تجمع الناس أمام قصر المعز ليشهدوا مراسم التعذيب .. وقف الجزار اليهودي بجانب النابلسي المسلسل إلى إحدى الأشجار منتظرا إشارة البدء حتى نالها .. سمع همهمات النابلسي " كان ذلك في الكتاب مسطورا " رددها و سكين الجزار تبدأ من مفرق رأسه في سلخ جلد وجهه عنه .. كان يأن بلا صراخ وسط أصوات الجمهور المختلطة بين مصدوم و مستنكر و الصامتين في ألم و آخرين في شماتة ..حتى أن الشفقة بدأت تتسرب إلى قلب الجزار اليهودي في اللحظة التي خُيّل إليه أن صوت القرآن ينبعث من جسد النابلسي الصامد ..

نُزع عنه جلد وجهه كاملا بينما احتقان الدمع في عينيه أزاد من ألم اليهودي .. الذي اتخذ قرارا بينه و بين نفسه كي ينهي هذه المأساة .. فعندما وصل إلى موضع قلب النابلسي طعنه بسكينه ليفارق الحياة .. فصاح من خلفه المعز " ماذا فعلت ؟ "

فانحني الجزار اليهودي قائلا " سامحني يا مولاي الحاكم .. لم أقصد قتله .. فقد اعتدت على سلخ الحيوانات الميتة فلم يكن الطعن يشكل فارقا "

فتنهد المعز في ضيق و صاح " إدفعوا إليه دراهمه و القوا بجثة هذا المارق إلى العامة ليعتبروا منه "

ذكر أحدهم أنه رآه في النوم بعدما قُتل، وهو في أحسن هيئة. قال: فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: حباني مالكي بدوام عزٍ ** و واعـدني بقـرب الإنتصارِ

     وقربنـي وأدناني إليه ** وقال: انعم بعيشٍ في جواري.

***تمت***

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1292 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع