هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • الحب علامة بسيطة
  • جمال مصطنع
  • عدالة الأرض وعدالة السماء
  • عندما يغيب النور 
  • مش هاسمح لحلمي يموت
  • اعط تعطى
  • فتاه من الفيوم 
  • سيكون هناك
  • تتجول في ظلام السماء
  • أمانة يا صاحبي
  • قراءتي لكتاب لعنة فستان فرح لمايكل يوسف
  • خلاصة الكلام في حدود البدعة المذمومة:
  • زيارة القبور و الدعاء .. جائز
  • "بدون سابق انذار" نوعه إيه ؟
  • زمان بعيد فكريا
  • حبل المشنقة
  • رسالة إلى الله
  • رحلة سافاري
  • ألم أقل إنني
  • يا رعاكَ اللَّه
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد كافي
  3. X المــــــوجــــة (رواية محمد كافي)

آخر موعد : 24 أكتوبر

إضغط هنا لمزيد من التفاصيل 😋

بدأت وفود من الناس تتهافت منذ الصباح الباكر حول منصة المناظرة الإنتخابية الأخيرة بين مرشحي الرئاسة البارزين " إبراهيم سلام " و " رأفت عدنان " الذين جمعت بينهما منافسة طويلة على طريق الترشح لرئاسة الجمهورية , تفوقا فيها بجدارة على جميع المرشحين الآخرين . تماثلت برامجهما الإنتخابية بشكل كبير , و لكن الإختلاف الفعلي كان في إيمان "إبراهيم سلام " بضرورة الإنفصالية عن دول الغرب بالتحكم في عجلة السياسة و الإقتصاد بالدولة تحكما فعليا و عدم الخضوع للسيطرة الغربية , بينما يرى " رأفت عدنان " أن في زيادة العلاقات و المعاملات الإقتصادية و السياسية مع الغرب فائدة كبيرة للدولة .. وهنا كان الخلاف ..

نظر " إبراهيم " في ساعته وهو يتحدث إلى زوجته قائلا في سعادة :

-سويعات تفصلنا عن تحقيق هدفنا .. أستطيع شم رائحة كرسي الرئاسة من الآن ..

فضحكت زوجته و هي تسوي له رابطة عنقه قائلة :

-تستحقها يا زوجي العزيز .. تستحقها بجدارة ..

فابتسم " أحمد شاكر " صديق "إبراهيم " المقرب و مستشاره الخاص و قال :

-الزوجة على حق يا سيادة الرئيس المنتظر ..

فقال "إبراهيم " :

-نعم .. ولكن علينا أن نجتاز العقبة الأخيرة .. لندع " رأفت " يشرح وجهة نظره الغربية كما يريد .. و عندئذ .. سأخرج أوراقي الرابحة .. أدلة دامغة على مساويء العلاقات السياسية الأخيرة بيننا و بين الغرب .. و بالأخص .. دليل يخص " رأفت " ذاته .. الليلة سنوقف كارثة ستحدث إن فاز "رأفت " بكرسي الرئاسة ..

قال " أحمد " مبتسما :

-في النهاية لا يصح إلا الصحيح ..

كانت العلاقة بين " أحمد " و "إبراهيم " ترجع إلى سنوات الدراسة بالجامعة حيث كان "إبراهيم" أستاذا للعلوم السياسية بكلية الإقتصاد و العلوم السياسية التي كان " أحمد " طالبا نابغا بها .. و ظلت علاقتهما وطيدة حتى صار " أحمد " معيدا بنفس الكلية و قد دارت بينهما نقاشات عديدة حول الأحداث الجارية على المسرح السياسي , حتى أقترح " أحمد " على أستاذه ذات يوم أن يتقدم للترشيح في إنتخابات مجلس الشعب .. ومنها للرئاسة .. و كان خير عون له لما تميز به من ذكاء لامع و ذهن متقد .. و قد ساعده في جمع المعلومات الكافية عن منافسيه .. لكي ينال منهم في جولاته الإنتخابية .. إلى أن جاء يوم المعركة الأخيرة بينهم و بين " رأفت عدنان " و قد أعدوا العدة لذلك بما لا يدع مجالا للهزيمة أبدا ..

طرق عامل التوصيل باب غرفة الفندق الخاصة بـ"إبراهيم " ليستأذن في الدخول :

-سيدي !! لقد هذا الطرد أتى بإسمك ..

استلم " ابراهيم " مظروفا صغيرا و وقع على ايصال إستلامه في تعجب قبل أن يقول في لهجة ساخرة :

-هل ستتهافت علي طرود المعجبين الآن ؟

و بعد إنصراف عامل التوصيل تحسس " إبراهيم" المظروف قبل أن يفتحه ليجد قرصا مدمجا لا يحمل أي علامة , فتبادل نظرات الدهشة مع زوجته و "أحمد " قبل أن يأخذه الأخير إلى جهاز العرض وهو يتساءل :

-غريبة الشكل ..!! ترى ما الذي تحمله لنا ؟

و ما أن بدأ العرض ...حتى بدأ الذهول يصيب ثلاثتهم مما يرونه .. سقط " إبراهيم " جاثيا على ركبتيه , فاغرا فاه في ذهول ولا يكاد يصدق ما تراه عيناه .. بينما سقطت زوجته مغشيا عليها من هول الصدمة .. و لم يجد " أحمد " ما يقوله سوى :

-تبا ..!! لقد قُضي علينا .. قُضي علينا تماما ..

**************

هبط " أحمد " درجات السلم بالفندق في بطء ولا يدري لما لم يستقل المصعد ..غير أن عقله كان مشتتا من قوة الصدمة و هو يتحسس القرص المدمج بجيب حلته و بيده الأخرى قصاصة ورقية مطوية تاركا "ابراهيم " يدعي الصمود بجوار زوجته و الطبيب الذي يعالجها .

ما عرض في القرص المدمج كان صادما ..رؤية " ابراهيم " يتحاور مع بعض القيادات الصهيونية في أماكن تبدو للهو و المجون .. ثم يتبع ذلك مشاهد سافرة له مع بعض العاهرات في حالة من السكر و العربدة .. كل هذا كفيل بالقضاء عليه . كاد الجميع يصدق ما يراه حتى "إبراهيم" ذاته ..إلا أن الثواني الأخير من العرض ..كانت الأكثر إثارة للدهشة .. حيث أتاهم صوت إلكتروني دون صورة واضحة :

-هذه الرسالة الإضافية ستمحى ذاتيا من القرص .. و يبقى إبداعي الذي تتشرف بأن تكون أول المتعرضين له .. ليس لديك وقت لتفكر و أنت تفصلك عن مناظرتك الأخيرة سويعات .. و هذا في حد ذاته إنتصار آخر لذكائي .. الأمر الذي يجعلك مجبرا على تنفيذ أوامري بكل دقة .. ستتخلى عن جولتك الأخيرة .. حتى لا تكون هذه المشاهد بديلا عن وجهك المبتسم على شاشات العرض .. الجميع يعرف ..لا يمكن تزييف مشاهد بهذه الدقة المتناهية ..حتى أن أفضل المعامل التقنية ستثبت صحة ما رأيته .. لا تجعل من نفسك أضحوكة تاريخية ..

و لكي أكون عادلا .. فقد تركت أثرا يمكن تتبعه لإنهاء هذا الأمر .. تستطيع أن تدعوه إختبارا صغيرا لذكائك أنت و أتباعك .. شيفرة .. لو استطعتم فكها في الوقت المناسب .. ستقودكم إلى الخلاص من مأزقكم .. بدايتها قصاصة ورقية مع القرص..... حظ سعيد .

انتهت الرسالة .. و دارت رحى الحرب العقلية بميدان جمجمة " أحمد" و هو يجتاز بهو الفندق محاولا التفكير في مخرج لهذا المأزق ... لقد وعد "إبراهيم" أنه سيجد حلا رغم عجزه عن إدارك الطريق إلى هذا الحل حتى .

كان " أحمد " يتمتع بذكاء فطري .. ولكنه رغم ذلك فضل الإستعانة بذكاء آخر يساعده في حل المعضلة ... " هيثم حامد " أحد العلماء الشباب الذين قرروا الإنزواء بأنفسهم بعيدا عن الإنضمام إلى أي مؤسسة تتحكم بهم ... كان صديقا شخصيا لـ"أحمد " الذي قرر إشراكه في الأمر ..

" لو كان ما أفكر به صحيحا ..فأعتقد أني أعلم من فعلها "

قالها " هيثم" و هو يشاهد القرص المدمج بعمله الخاص الذي يعمل به وحده .. فنظر إليه " أحمد" في لهفة و هو يتساءل :

-ماذا تنتظر ؟ قل من هو ؟

فتنهد "هيثم " وهو يعدل نظارته الطبية و يقول :

-" حاتم سمير " .. إلتقيت به في معهد (سيرن ) قبل أن أتركهم .. تبا له .. لقد كان نرجسيا مغرورا ..يتباهى بذكاءه أمام الجميع ..حتى أنه قد باح ببعض أفكاره ومن ضمنها هذه الفكرة الفذة ..لقد ساعدته قليلا قبل أن أمل من نرجسيته الحمقاء..قد يكون السبب الرئيسي في تركي للمعهد ..

فتساءل " أحمد " في دهشة :

-أي فكرة هذه ؟لم أر مثل هذا من قبل.

فابتسم "هيثم" قبل أن يبدأ في الشرح قائلا:

-الأمر كان قديما .. الفكرة كانت تعتمد على الموجات .. وهي كيفية انتقال الموجات الضوئية و البصرية عبر العين لتختزن في المخ كما تحتفظ بصورك الشخصية في حافظة .. وكم يدهشك أن ذاكرة الإنسان تستطيع أن تتسع لما يقارب 90 مليون مجلد مليء بالمعلومات .. و لكنه يجهل حتى لماذا يحيى .. الفكرة ببساطة هي أنه طالما لدى الإنسان القدرة على رؤية الأشياء و الإحساس بها في أحلام اليقظة أو أثناء نومه ..فهذا يعني أن الموجات البصرية و الضوئية تستطيع أن تتحرر من مخزنها ..و من ثم نستطيع استقابلها مرة أخرى على شيء ما كالأقراص المدمجة .. ببساطة أكثر .. كنا نريد أن نسجل أحلامنا كما نتخيلها .. و في الأساس .. كانت ستستخدم بدلا من جهاز كشف الكذب الذي أصبح ممكن التغلب عليه بالتدريب .. فباستخدامنا للجهاز الجديد لن نضطر حتى لسؤال المتهم ..

كانت الدهشة تغمر "أحمد" مما يسمعه من صديقه قبل أن يسأل :

-كيف استطعتم أن تصنعوا جهازا كهذا بالله عليك ؟

فابتسم " هيثم" وهو يلتفت إلى جهاز "هولوجرام " موضوع على منضدة و ضغط عدة ازرار به ليظهر تصميم لجهاز مكون من شاشة عرض موصلة بعدة دارات الكترونية و يخرج منها بعض الأسلاك الحرة متصلة بجمجمة بشرية ..

-بمجرد أن تتصل هذه الأسلاك بالعقل البشري .. تبدأ في إستقبال كل الموجات البصرية الموجودة بداخل العقل .. وبواسطة الدارات الإلكترونية هذه ..تتحول الموجات لصور و مشاهد ..و تستطيع تسجيل الأصوات أيضا إن كان الشخص نائم و يحلم ..او يتخيل فقط ما يحدث ..شريطة أن يكون في حالة استرخاء و تركيز شديد ..حتى تخرج المشاهد في حالة جيدة..

فسأل " أحمد " في دهشة :

-هكذا؟ ...بمنتهى البساطة ؟!

فقال " هيثم " وهو يضع صورة المخ البشري على الهولوجرام و تظهر به بعض النقاط المضيئة :

-لم أقل أن الأمر كان بسيطا في البداية .. لكننا وجدنا أنفسنا نعجز عن إيجاد موجة الإستقبال .. إتضح أن موجة واحدة ذات تردد معين هي التي ستسمح لنا بإختراق العقل لرؤية ما يحتويه .. و بعد أبحاث مضنية وجدناها .. و أطلقنا عليها " الموجة إكس "..

فتسائل " أحمد " في حيرة :

-وفي حالتنا هذه كيف نستطيع التخلص من هذا المأزق ؟

فأجاب " هيثم " في بساطة :

-بنفس الطريقة التي محا بها رسالته .. و لكن لن يتم هذا إلا بوصولنا لجهاز " الموجة إكس " .. فمنه نستطيع محو أي قرص مدمج طبعت عليه اي محتويات عن طريقه ..

فقال " أحمد " :

-و هذه الشيفرة هي التي ستوصلنا لمكان الجهاز ..

فقال " هيثم " مؤكدا :

-نعم بكل أسف .. سنضطر للخضوع لهذا الهراء المتعجرف ..

فأومأ " أحمد " برأسه قبل أن ينظر إلى ساعته ليدرك أن الوقت يمر بسرعة فقال :

-و لكن أخبرني .. ما الذي يجعل "حاتم سمير " هذا يستخدم هذا الجهاز ضدنا ؟

تنهد "هيثم " في ضيق قبل أن يقول :

-الجشع ..!! لقد سيطرت عليه المادة بمنتهى البساطة ..ليس هذا فقط .. بل أن الغرور و النرجسية جعلاه يشعر بالقوة و بأنه يستطيع امتلاك العالم يوما ما .. و هذه مجرد بداية .. أو مجرد تجربة لجهازه بعد أن هرب به من معهد "سيرن" .. و يجب أن أشهد له بالذكاء فقد استطاع الحصول على مشاهد نقية مستمدة من تخيلات وهمية .. يبدو أنه أحدث بعض التعديلات في الجهاز ..

بدت ملامح الضيق و القلق على وجه " أحمد " و هو يقول :

-لم يعد أمامي سوى سويعات لحل هذا الأمر .. و لقد جعل الأمر كأحجية يجب أن تحل قبل موعد المناظرة الأخيرة .. و إلا أضطررنا للتخلي عما نسعى إليه ..

فمط " أحمد " شفتيه قبل أن يقول :

-يبدو أن " رأفت عدنان " وجد من يضمن له نجاحه بالفعل .. أرني ورقة الأحجية ..

ناوله " أحمد " الورقة ليجدها " هيثم " و قد خطت بها بعض الأشكال الهندسية ..

1-23-5-24-28-18\3-21-15-28-2-1\24-15\24-25\20-27-21-26\23-1

28-18-15-20\1-6-8\2-27-5-27-8-26

  فقال في دهشة :

-تبا!! إنها مشفرة ..

فقال "أحمد " في سخرية :

-يا لها من مفاجأة !! .. أعلم هذا ..بالله عليك يجب أن تساعد بجدية ..مستقبلي على المحك .

فحك " هيثم " رأسه و هو يقول :

-حسنا .. حسنا ... فقط امنحني بعض الوقت لأفكر في ماهية هذه الرموز ..

التفت " هيثم " إلى حاسوبه ليبدأ العمل على تفكيك الشفرة , بينما أخذ " أحمد " يعبث بمغلف القرص المضغوط و استغرق قليلا في استعادة الأحداث في ذاكرته عله يجد شيئا ما .. حاول أن يكتشف سر العلاقة بين " رأفت عدنان " و العالم المخبول " حاتم سمير " .. و أخذ يربط الأحداث ببعضها بداية بوصول المغلف و الصدمة التي تعرضوا لها و خاصة زوجة "إبراهيم" المسكينة التي اضطروا لإحضار طبيب الفندق لها و .... " ما هذا ؟! "

قالها " أحمد " في دهشة و هو يدقق النظر بالمغلف فالتفت إليه " هيثم " متسائلا :

-ماذا ؟ ماذا وجدت ؟

فأراه المغلف و هو يشير إلى حافته السفلى قائلا :

“3NBP”-أليس بغريب أن تظهر هذه الأرقام على مغلف ؟ و بجوارها رمز غريب

فتناول " هيثم " المغلف و أخذ يدقق برهة قبل أن يقول في تردد :

-تبدو و كأنها إحداثيات لمكان ما ... يهيأ لي أني قد رأيت مثلها من قبل .. لحظة واحدة ..

و التفت إلى حاسوبه مرة أخرى و أخذ يطبع الأرقام على موقع خاص بالإحداثيات و انتظر قليلا نتائج البحث ..."لا نتيجة "

تأفف " هيثم " بينما حك " أحمد " رأسه قبل أن يقول :

-إطبع الأرقام فقط دون الرمز .. عسى أن نجد شيئا ..

ففعل " هيثم " و انتظر قليلا .. فظهرت نتيجة واحدة ... صادمة ..

" متحف اللوفر ؟!! "

قالها " هيثم " في دهشة و هو ينظر إلى صورة ساحة متحف اللوفر بباريس بينما ظهرت علامات الضيق و الحنق على وجه "أحمد" وهو يصيح :

-تبا .. تبا .. إنها لا تعني شيئا .. الأمر كله سخيف ..

لاذ " هيثم " بالصمت لبرهة وهو ينقل بصره بين المغلف و الصورة على حاسوبه قبل أن ترتسم شفتيه ابتسامة خبيثة و هو يقول :

-لم أصبح عالما من فراغ ..

فقال " أحمد " في شبه سخرية :

-ماذا ؟ هل اكتشفت مخبأ صديقك بالهرم الزجاجي بساحة متحف اللوفر ؟

فالتفت إليه "هيثم " مبتسما وهو يقول :

-لقد قلت نصف الحقيقة يا صديقي .. ولكن انظر إلى الرمز ..فالسر يكمن بداخله ..

فأخذ يدقق قليلا في الرمز قبل أن تلتمع عينيه فجأة وهو يقول :

-تبا ... إعمل على تفكيك الشيفرة واتصل بي ..

فقال " هيثم " مبتسما :

-على الرحب و السعة ..

********************

إنطلق " أحمد " بسيارته قاصدا الأهرامات الثلاثة ... و تحديدا الهرم الأكبر وهو يقول في نفسه :

“3NBP … 3 North .. Biggest .. Pyramid “

" الهرم الأكبر .. ثلاثة .. شمالا "

أدرك " أحمد " و"هيثم" علاقة صورة ساحة متحف اللوفر التي تحتوي الهرم الزجاجي بالرمز أملا في الوصول لشيء ما .. و مع وصول " أحمد " إلى الهرم الأكبر .. أخذ يعدو إلى الزاوية الشمالية للهرم .. و أخذ يبحث عن موضع قدم يتسلق من خلاله ليصل إلى الحجر الثالث ..و بصعوبة بالغة استطاع الوصول للحجر .. و أخذ يتحسس الحجر و ما حوله من شقوق حتى شعر بيده تلامس مغلفا بلاستيكيا شفافا داخل أحد الشقوق ..فالتقطه بين إصبعين حتى استطاع أن يخرجه والقلق يعصف بقلبه ..فوجد المغلف يحتوي على ورقة كبيرة مطوية .. فأخذ يهبط قبل أن يصل إلى سيارته و هو يلهث .. ثم أخرج الورقة المطوية و بسطها ليجد فخا آخر ... خريطة مبهمة لمكان مجهول ..

أخذ يحك ذقنه مدققا في ملامح الخريطة محاولا أن يعرف ما تدل عليه .. و لكن دون جدوى ... تداخلت عشرات الصور داخل رأسه و عيناه تسترقان النظر إلى ساعته بين الفينة و الآخرى .. و الوقت يمر و قد اقترب موعد المناظرة .. و الأمر برمته يقع على عاتقه .. ليس فقط بالنسبة لمستقبل رئاسي لرجل يثق في استحقاقه لهذا المنصب دون غيره .. ولكن الأمر يتعلق بمستقبل شعب بأكمله قد يقوده الرئيس المنتخل الجديد إما لغد مشرق من التطور و التقدم .. أو لعصر مظلم ..

إنطلق بسيارته يجوب الشوارع الرئيسية و هو يجول ببصره فيها عسى أن يتذكر شيئا يتعلق بهذه الخريطة التي تبدو لممرات و حجرات صغيرة .. فكان يتسائل هل لها علاقة بمتحف اللوفر أو الهرم الآكبر ؟ لكن اي منهم لا تنطبق عليه هذه الخريطة على ما يعتقد .. و في الوقت ذاته كان يتمنى أن يسمع رنين هاتفه و أن يكون المتصل " هيثم" يخبره بأنه توصل لحل الشيفرة الغريبة ..

وصل " أحمد " إلى ميدان "رمسيس " عندما رن هاتفه فجأة فأوقف سيارته وهو يجيب في لهفة :

-"هيثم" .... هل حللت الشيفرة ؟

فأتاه صوت "هيثم " في مرح :

-لن تصدق ما حدث للتو .. لقد منحتني الصدفة طرف الخيط ..و تركت بقية الأمر لي ..

لم ينتظر أن يقاطعه " أحمد " و لم يكن ليفعل .. فاستطرد وهو ينظر إلى حاسوبه :

 .. “word”-كنت أطبع بعض الملاحظات على برنامج الكتابة الـ

وكنت أبحث عن شيء ما بين اوراقي ولم أنتبه إلى أنني أستمر في الضغط على تغيير نوع الخط .. و كانت “wingdings”المفاجأة بالنسبة لي أنني وجدت كل ماكتبته تحول إلى رموز عندما أصبح نوع الخط

و قد وجدت أن الشيفرة قد تم كتابتها بهذا الخط ..فقمت بطباعة الشيفرة به ثم قمت بتحويلها لأجدها قد تحولت إلى أرقام ..

1-23-5-24-28-18\3-21-15-28-2-1\24-15\24-25\20-27-21-26\23-1

28-18-15-20\1-6-8\2-27-5-27-8-26

1-23-5-24-28-18\3-21-15-28-2-1\24-15\24-25\20-27-21-26\23-1

28-18-15-20\1-6-8\2-27-5-27-8-26

فعرفت أنها شيفرة مركبة ..فقمت بتجربة الأرقام كإحداثيات فلم أصل إلى شيء.. فقمت بتحويل الأرقام إلى أحرف باللغة الإنجليزية ..فكانت نفس النتيجة .. المذهل هو أن تحويلها إلى أحرف اللغة العربية حسب ترتيب الأحرف الهجائية قد قادني إلى حل الشيفرة ..

فصاح " أحمد " في لهفة :

-وما هو حل الشيفرة بالله عليك ؟

فقال " هيثم " في سرعة :

-لقد ترجمت إلى جملتين " الجميع تقريبا مر من فوقه ... لا يعرف أحد بوجوده "

بدا الإحباط على وجه " أحمد " وهو يخرج من سيارته و يقول :

-أهذا كل شيء ؟

شعر "هيثم" بنبراته اليائسة فقال :

-كنت أتمنى أن تساعدك فيما وجدت ؟ فعلى ما يبدو أن كل ما نتوصل إليه هي قطع لأحجية واحدة ..

فقال " أحمد " في حنق :

-لم أجد سوى خريطة مبهمة لممرات لا أعرفها .. و على مايبدو – إذا قمنا بتطبيق نظريتك – فإن حل الشيفرة يرتبط بالخريطة

فقال " هيثم" :

-إذن فإن خريطتك هي للمكان المبهم الذي مر من فوقه الجميع تقريبا .. ترى ماذا يكون في رأيك ؟

فصاح " أحمد " في حنق :

-و ما أدراني بهذا ..

كان " أحمد " يلوح بذراعه عندما اصطدم به شاب و هو يهرع فقال اللأخير :

-معذرة ... لدي قطار أريد أن ألحق به ..

فأجابه " أحمد " :

-لا عليك .. ( ثم تجمد فجأة و كأن صدمة ما قد أصابته .. و لمعت عيناه و هو يطلقهما إلى مكان محدد ) تبا ..!!

فأتاه صوت " هيثم " متعجبا :

-ماذا ؟! ..ماذا تقول ؟

فأجابه " أحمد " مبتسما :

-لقد عرفت المكان .. وافني إليه بسرعة .. المكان الذي مر به الجميع تقريبا و وضعوا به هرما شبيها بهرم ساحة متحف اللوفر هو .... محطة السكك الحديدية ... محطة مصر..

*************

في مكتب مدير المحطة جلس خلف المكتب رجل في الخمسين من العمر يطالع الخريطة بشيء من التفحص و هو يسترق النظر بريبة إلى " أحمد " و " هيثم " قبل أن يسألهما :

-من أين لكما بهذه الخريطة ؟.. لم تخرج إلى النور إلا مرة واحدة ..عندما قمنا بالتجديدات فقط ..

فقال " أحمد " :

-على مايبدو أن هناك من استطاع الحصول عليها .. ولكن ليس هذا موضوعنا الآن ..

فمط المدير شفتيه قبل أن يقول :

-إذن أنتما تعتقدان أن هناك من يخبيء ما يشبه بقنبلة موقوتة في ذلك النفق ..

فقال " هيثم " في شيء من الضيق :

-نعم ..شيء من هذا القبيل .. و أرى أن نتأكد بأنفسنا قبل أن نجذم بشيء ..

فتردد الرجل لحظات قبل أن يرفع سماعة الهاتف :

-قم بتجهيز قوة مسلحة من أمن المحطة إلى الرصيف (1) مساعد حالا ..

بالقرب من رصيف (1) مساعد و على منضدة في إحدى المقاهي , كان يجلس رجل في أوائل العقد الرابع من عمره يرتشف فنجانا من القهوة بعد وجبة من عدة شطائر أكلها في نهم و كأنه لم يأكل منذ عام .. و من خلف نظارته السوداء رأى بعض رجال الأمن يتقدمهم مدير المحطة و معه " أحمد " و "هيثم " , فأصابه الإرتباك و كاد فنجان القهوة أن يسقط من يده قبل أن ينهض ليغادر المكان في سرعة ..

أشعل رجال الأمن بعض المصابيح اليدوية و هم يهبطون إلى النفق المظلم بعد أن قاموا بفتح بوابته .. و تناول كل من " أحمد " و"هيثم " مصباحا و معهم مدير المحطة و هم يخطون في حذر مارين على غرف تشبه السجون ..بها سلاسل و أغلال .. وبعض من الهياكل العظمية .. صاح " هيثم " وهو ينظر في ارتياع إلى أحدها :

-رباه ..!! ما هذا المكان ؟

فأجابه " أحمد " :

-نحن في سجن هائل تحت محطة السكك الحديدية .. يكاد لا يعرف عنه أحد شيئا ..

فقال مدير المحطة :

-كما تعلمان لقد أنشئت السكك الحديدية في عهد الإحتلال البريطاني لمصر .. وعلى مايبدو أن هذا السجن قد أقيم لحبس السجناء في إنتظار ترحيلهم .. لم يكن في البداية يوجد سوى قطار واحد أو اثنين تقريبا ..فكان لابد من إيجاد مكان آمن يحوي السجناء ريثما يتم نقلهم ..

فقال "هيثم " في دهشة :

-عجيب أن يظل أمر هذا السجن سرا طوال هذه المدة ..لا أحد يعلم بوجوده ..

فقال "أحمد " وهو يطالع الخريطة :

-على الأرجح لم يعش أحد ليخبر عنه .. فعلى مايبدو أنه كالمتاهة ..لو لم يكن معنا الخريطة لعلقنا بالداخل ..

فقال "هيثم " في قلق :

-هل لديك فكرة عن المكان المنشود ؟

فتوقف " أحمد " وهو يشير إلى إحدى الغرف ينبعث منها ضوء خافت و هو يقول هامسا :

-هناك ..!!

فتقدمهم رجال الأمن وهم يشهرون أسلحتهم في حذر ..حتى واجهوا باب الغرفة فأخفضوا أسلحتهم و أحدهم يقول :

-لا يوجد أحد .. ولكن يوجد شيء ما هنا ..

 27 37

      34

33 31 36

 39

فأسرع كلاهما يدخلان الغرفة ليجدا صندوقا مستطيل الشكل تخرج منه بعض أشعة الليزر كجهاز الهولوجرام .. تظهر بعض الأرقام و الشيفرات التي تتبدل وتتغير بشكل غريب ..و في منتصفها مربع يتكون من ستة عشر خانة ..و أسفل المربع طبع رقم 130 ..

 فصاح " هيثم " في حنق :

        -تبا ..!! لقد قام بتغيير مفتاح الشيفرة ..

فقال " أحمد " في ريبة :

-هذا معناه أن مربع "السودوكو " هذا هو مفتاح الشيفرة .

فقال " هيثم " :

-ليس مجرد مربع "سودوكو " .. إنه مربع عجيب .. لابد أن يكون مجموع الأرقام رأسيا أو أفقيا أو حتى المائلة تساوي "130" كما هو موضح .. و كذلك مجموع الخانات الأربعة الوسطى الداخلية أو الأربعة الوسطى الخارجية من الجانبين ..

فقال " أحمد " بصوت خافت :

-تبا ..!! ماذا فعلت صباح هذا اليوم ؟

تسائل مدير المحطة متعجبا :

-ولكن أين هو ؟ أليس من المفترض أن يكون بجوار جهازه ؟

فأجاب " أحمد " :

-على الأرجح أنه ذهب ليشاهد نتيجة أفعاله ..فلقد أوشكت المناظرة على البدأ ..فعلينا الآن أن نفك الشيفرة الأخيرة ..فليتناول كل منا ورقة و قلم ونحاول ..

بدأ " أحمد " و " هيثم " في حل الشيفرة , بينما عاد مدير المحطة أدراجه مع عدد من رجاله لتأمين الرصيف من الخارج و إبلاغ رجال المباحث بالواقعة و هو لايزال يعتقد أن الجهاز الموجود بالسفل هو قنبلة موقوتة يحاول الرجلان إبطالها ..

لم يتبق سوى دقيقتين على بدأ المناظرة عندما صاح " هيثم " مبتسما :

-لقد حللتها ..

فانتزع " أحمد " الورقة منه و تناول قلم الليزر ليطبع الأرقام داخل المربع العجيب ..

40 27 26 37

29 34 35 32

33 30 31 36

28 39 38 25

و ما أن أتم " أحمد " طباعة الأرقام حتى سادت أشعة ليزر حمراء اللون المكان و سمعا رسالة صوتية من الجهاز :" بدأ العد التنازلي لعملية التدمير الذاتي .. دقيقتان .. دقيقة و ثمانية و خمسون .. دقيقة و.."

فصاح " هيثم " في ذعر :

-تبا له ..لقد كان فخا ..

فجذبه " أحمد " من ذراعه و هو يهرع قائلا :

-فلنخرج بسرعة من هذا المكان ..

حملا مصباحيهما وأطلقا ساقيهما للريح ومعهما ما تبقى من رجال الأمن تجاه بوابة الخروج .. وما أن وصلا إلى البوابة حتى إنفجر الجهاز .. وشعر الجميع بهزة أرضية عنيفة .. لم يدرك أحد غيرهما هما و رجال الأمن و مدير المحطة سبب هذه الهزة التي ضاع تأثيرها مع دخول القطارات و خروجها من المحطة... شعر كلاهما بأن صدورهما توشك على الإنفجار من مجهود العدو المفاجيء ..غير أنهما قد تحاملا على نفسيهما و هما يقتربان من أحد المقاهى يعرض بثا مباشرا للمناظرة .. و "هيثم " يقول :

-هل تعتقد أننا قد أنقذنا صديقك ؟

فقال في صوت خافت :

-أتمنى ذلك ..

و فجأة رن هاتفه الخليوي .. وجاءه صوت غريب :

-أردت الإتصال بك سابقا .. ولكن يبدو أن الشبكة ضعيفة تحت الأرض ..

فعقد " أحمد " حاجبيه و هو يتسائل :

-من أنت ؟

فضحك الرجل وهو يقول :

-أنا ؟.. أنا الذي تبحث عنه .. وقد تسببت في تدمير جهازه ..

فقال " أحمد " في لهجة ساخر :

-حاتم !! يبدو أن خطتك قد باءت بالفشل يا صديقي .. حظ سعيد المرة القادمة ..

فضحك "حاتم " بشكل بعث على نفسه القلق وهو يقول :

-خطتي؟.. لم تفشل خطتي أبدا .. ولكن يقال أن الأذكياء غالبا ماتفوتهم التفاصيل البسيطة .. بقدر ما يتعاملون مع الأمور المعقدة ..

فقال " أحمد " في قلق :

-ماذا تقصد ؟

فأجابه "حاتم " بضحكة طويلة ساخرة ..قبل أن يقطع الإتصال ..

تسائل " هيثم " في قلق :

-ماذا أخبرك ؟

فلم يجبه " أحمد " ..فقد جذب إنتباهه ما تقوله المراسلة الإخبارية بالتلفاز :

-ولقد ورد إلينا هذا القرص المدمج كدليل قاطع على تورطه ..

و بدأ عرض القرص المدمج بمشاهد داخل حانة في إحدى الدول الأوروبية مع بعض الشخصيات الصهيونية المعروفة بعداءها لدول الشرق الأوسط ..و من بينهم كانت المفاجأة ... لم يكن " إبراهيم سلام " بل " رأفت عدنان " ..كما وعد " إبراهيم " ..الضربة القاضية الأخيرة .. وقد سددها ببراعة ..

أطرق " أحمد " رأسه للحظات قبل أن يغادر المكان .. ظل " هيثم " يناديه و لكنه لم يلتفت إليه ..بل فضل أن يذهب مباشرة لمقابلة صديق ..

**************

" لقد خدعتني ..."

قالها " أحمد " و هو يواجه " إبراهيم " في حجرة مكتبه بعيدا عن الإحتفالات المبدئية بفوزه بكرسي الرئاسة فابتسم الأخير و هو يقول :

-لم أخدعك ..لقد كنت أثق في إخلاصك و تفانيك و ذكائك .. و لم يخب ظني بك ..

فقال " أحمد " في استياء :

-أنت من تعاقدت مع العالم المجنون على خطة قذرة .. خنت مبادئك ..و خاب ظني بك ..

فقال " إبراهيم " بثقة:

-لم أخن مبادئي ..لقد استخدمت لعبتهم ضدهم ..لكي يسود الأصلح على أي حال ..

فرفع " أحمد " يده بالقرص المدمج وهو يقول :

-لدي قرصك المدمج ..ألا تخشى من فضحك ..

فابتسم "إبراهيم " وهو يقول :

-لا أعتقد أنك ستفعلها .. و لو فعلتها فلن يصدقك أحد .. فلقد حرصت على أن تكون نفس المشاهد التي رآها الجميع هي التي معك بخلاف الشخص المستهدف .. سيظنون أنها فعلا مزيفة ..

فأومأ " أحمد " برأسه قبل أن يقول في حزم :

-إذن احترس لنفسك سيادة الرئيس .. فلن ينقذك مني سوى إلتزامك بالمباديء التي عهدناها سويا ..

ثم استدار على عقبيه و غادر المكان ...

***********

بعيدا في مكان ما ..في غرفة شبه مظلمة .. أخذ " حاتم سمير " يخطو في بطء و ابتسامة واسعة تغمر وجهه .. وفي يده اليمنى ما يشبه سماعة للرأس ..ثم جلس بمواجهة صندوق صغير معدني قبل أن يرتدي سماعة الرأس ..ثم وضع يده على أحد جوانب الصندوق في مكان مخصص لبصمة اليد .. فخرج وميض من الصندوق و أخرج بعض أشعة الليزر المجسمة .. وأغمض " حاتم " جفنيه .. و بدأت مشاهد و صور مسلسلة في الظهور بين أشعة الليزر الصادرة من الجهاز ... جهاز " الموجة إكس "..

"تـــــمـــت "

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

833 زائر، و1 أعضاء داخل الموقع