_أنا مش شايف قدامي من الصداع ومش قادر أكتب.
=سلامتك ألف سلامة.
_طبعًا زمانك فرحانة فيا يا زعفرانة.
=ودي تيجي برضه.
_طيِّب ما تشوفي حل في الصداع ده ورايا شغل عاوز أخلَّصه.
=أنا رأيي تاخد أجازة شوية والصداع هيروح.
_مش هحقق لِك الأمنية دي يا زعفرانة يا لئيمة.
=بتقاوح وأنت تعبان كمان.
_بقاوح؟! هو أنتي لما كنتي في قبيلتكم كنتي شغالة في سوق سمك؟
=محصلش بس عندي أصدقاء من الجِن المائي.
_طيّب خلاص فضّيها سيرة بلا مائي بلا كهربائي.
=طيّب ما تروح تكشف.
_عشان أمشي من هنا وتخرجي من هنا، بصّي يا زعفرانة شغل العفاريت النُّص كم ده مش بيمشي معايا.
=الحق عليا إني عايزاك ترتاح.
_أنا هرتاح لما أسلِّم الرواية الجديدة، وبعدين أنتي زهقانه من شغل القصص؛ أومال بقى لو شغّلتك في الروايات.
=لأ اعمل معروف ده أنت هادد حيلي في القصص، أنا مش حِمل روايات.
_أنا بفكر أروح البِركة وأصطاد عفريتة كمان، جايز تطلع من القبيلة بتاعتكم.
=نعم؟ عفريت إيه؟ مفيش حد هيدخل هنا.
_هو أنتي ورثتيني يا زعفرانة؟
=بقول لك إيه؛ العفريتة اللي هتدخل هنا هلبسها.
_عفريتة تلبس عفريتة إزاي يعني؟
=عادي؛ وجايز كمان أحرقها أنا عندي قوة تشيل البيت ده من مكانه.
_اتلمي يا زعفرانة وإلا هجيب بخاخة الميَّه وملح وهرُش عليكي، وهمنع عنك البخور.
=معرفش أنت بتتعصب بسرعة ليه.
_مالك جِبتي ورا، مش كنتي من شوية عندك قوة تشيل البيت من مكانه!
=أنا قصدي أنقله قدام البحر أو في مكان كله خُضره عشان نفسك تتفتح على الكتابة.
_لسانك ميطولش تاني، ولا تستعرضي قوّتك قدامي وإلا هحط ديلك تحت رجل الكرسي وهطلع أقف فوقه.
=لأ وعلى إيه قلبك أبيض!
_ألا بالحق يا زعفرانة، هو أنتي لبستي حد قبل كِدَه؟
=اللبس والمَس والكلام ده بتاع الشياطين، وبيعمله برضه شويّة جِن كده أي كلام، إنما أنا قبل ما أشتغل معاك في القصص كان ليا شغل تاني.
_زي إيه؟
=عارف أنت لما يكون في جِن متمرّد وخارج عن السيطرة، كانوا يبعتوني أقبض عليه وأجيبه متكتّف عشان يتحاكم، تقدر تقول كده إني من القوات الخاصة في القبيلة.
_وكنتي بتقدري تقبضي عليه؟
=كنت بجيبه متكتّف قدام حاكم القبيلة في أقل من طرفة عين.
_أومال لما أنتي جامدة كده إيه اللي خلاكي تسيبي القبيلة؟
=أنا خرجت بموافقتهم؛ لأني قضيت على المتمردين في القبيلة ومعادش ليّا شُغل، عشان كِدَه سابوني أمشي ومعايا حق الرجوع وقت ما أحِب، ده بعد موافقتك طبعًا.
_بحسب؛ إنما إيه اللي خلاكي تطلعي من البِركة؟
=الناس فكراها بِركة مَيَّه؛ لكن حقيقتها بوّابة والقاع بتاعها فيه الفجوة اللي جِن القبيلة عندنا بيخرجوا ويدخلوا منها.
_أصل الناس سألتني إزاي طلَّعتك من البِركة وفي نفس الوقت قُلت في أول قصة اشتغلتي معايا فيها إنك خرجتي من المِراية.
=مساكين؛ ميعرفوش إن اكتشافك ليا في البِركة مالوش علاقة بالشغل، لكن لما خرجت لَك عشان الكتابة خرجت من أقرب بوابة لَك وهي المِراية اللي جنبك، ماهي المرايات بتفتح على عالمنا تحت.
_ما تحكي عن الفترة اللي قضتيها من بعد ما سيبتي القبيلة لحد ما اكتشفتك.
=يعني عندك وقت وعاوز تسمع، أومال كنت كل ما أتكلّم في حاجة مش على مزاجك تتعصب عليا ليه.
_عفريتة لتَّاتة ورغاية ولسانك بيعمل أب ديت لخاصية الرغي كل يوم الصبح، سألتك سؤال تجاوبيني بدون ما تجوِّدي.
=بس متتعصَّبش، أنا لما خرجت من الفجوة ودخلت عالمكم كنت مستغرباه، رغم إني دخلته كتير في مهمّات كنت متكلِّفه بها، لكن لما دخلته بدون هدف لقيته محدش يعيش فيه، عشان كِدَه كنت عايشة في البِركة وحواليها، بس كنت بسلّي نفسي، يعني لو شمّيت ريحة عمل سُفلي أروح أفسِدُه، أو جريمة قتل والمجرم بيحاول ميسيبش أثر أروح وأخليه يغلط ويسيب وراه أثر، شوية أعمال خير يقعدوا في ميزان حساناتي.
_ميزان حسناتك؟ ده على كده حسناتك محتاجة ميزان بسكول.
=دايمًا بتتريق عليّا وجايبلي إحباط كده.
_إحباط إيه اللي جبتهولك ده أنتي اللي هتجبيلي رَبو بالبخور اللي شغال ليل نهار ده.
=دَه اللي بيخليني أعرف أمخمخ، بالك أنت، في مرَّة واحدة قصدت دجال يعمل لها عمل، وحظها اللي زي وشها لما أخدت العمل جت تدفنه جنب البِركة، ساعتها كنت واكلة شوية بخور ومزاجي في السحاب، انتظرت لحد ما دفنته ومشيت وبعدها خرَّجت العمل، وبمجرد ما مسكته عرفت إنه مش أول عمل تعمله، وفي أقل من لحظة كنت مطلَّعة الأعمال من أماكنها وأفسدتهم، ومش كده وبس لأ، وصلت لبيتها وحطيتهم في دولابها، وبمجرد ما روَّحت بتفتح الدولاب لقت الأعمال اللي عملاها قدامها، وساعتها جالها صرع ومتعالجتش منه لحد دلوقت.
_صرع يا زعفرانة؟
=تستاهل أكتر من كده، اللي زي دي كانت مدمَّرة كذا قريبة لها.
_اللي مصبّرني عليكي أعمال الخير اللي بتعمليها يا زعفرانة، ما تفتحي جمعية خيرية.
=مباخدش منك غير التريقة.
_وهو أنا على آخر الزمن هتّريق على حتة عفريتة!
=كمان بتتنمّر عليا؟
_تنمُر إيه بس هو أنا شتمتك؟ أنا بقول عفريتة وأنتي فعلًا عفريتة.
=بحسب.
_لأ متحسبيش.
=مالك مستغرب ليه.
_بقولك إيه، أنا شامم ريحة مش غريبة عليا كده وسط ريحة البخور اللي مالية الشقة.
=أصل.
_أصل إيه، الريحة دي من المطبخ صح؟
=صح.
_ريحة إيه.
=مـ. مـ.
_أنتي هتقلبي معزة وهتمأمأي! ريحة إيه دي؟
=محشي.
_دَه أنتي نهارك أسود؛ محشي!
=أيون فيها إيه؟
_وعرفتيه منين ده وإمتى وإزاي؟
=أصل لطفات...
_لطفات! تطلع مين لطفات دي كمان؟
=اصبر بَس هقول لَك.
_قولي يا زعفرانة عشان أنتي أخرك معايا النهاردة، مين لطفات دي؟
=الست اللي في الشقة اللي تحتك.
_عرفتيها منين ده أنا معرفش إن الشقة اللي تحتي ساكنة أساسًا.
=لأ ساكنة وفيها واحدة اسمها لطفات عايشة هي وجوزها وبنتها، دَه حتى عُمّار المكان مش بيحبّوها ومطلّعين عينها.
_ياستي يطلعوا عينها ولا ودانها أنا مالي، إيه اللي نزّلك تحت.
=هقول لَك، كنت عطشانة ودخلت المطبخ أشرب وشمّيت ريحة طالعة من المسقط، ولما مشيت ورا الريحة لقيتها من الشقة اللي تحت، وطلعت الست لطفات بتعمل محشي، قعدت جنبها ثانيه إلا ربع كنت محلِّلة الخلطة وعرفت مكوناتها وعجبتني، وقُلت أعمل حلّة.
_حلو أوي، بتتجسِّسي على الجيران يا زعفرانة؟
=الريحة جذابة وأنا أي ريحة قوية بمشي وراها غصب عني.
_وأنتي تعرفي عنّي إني باكل محشي؟
=ما تاكل إيه المشكلة.
_وجبتي المكونات منين، أوعي تكوني خرجتي من ورايا.
=ولا خرجت ولا حاجة، أخدت الطماطم اللي قرَّبت تضرب عندك في التلاجة، والرز كده كده موجود.
_والكرنب والبقدونس والخُضرة جبتيهم منين إن شاء الله.
=أخدت عيِّنة منهم من عند الست لطفات، وطلعت زرعتهم في أصاري الزرع الفاضية اللي عندك على الشباك.
_زرعتيهم إمتى؟
=النهاردة الصبح.
_وطرحوا إمتى؟
=النهاردة الصبح.
_برضُه! أنا مش داخل دماغي الحوار الفكسان ده يا زعفرانة وشكلك كده هتباتي النهاردة تحت الكوباية المقلوبة.
=ما أنا هقول لك.
_انطقي.
=أصل أنا معايا شويّة مَيّه عفاريتي رويت بهم الزرع، والميَّه دي بتخلي الزرع يطرح وقتي.
_يعني الكرنب والخضرة مروية بميِّة عفاريت؟
=وفيها إيه ما كلها مَيّة ربنا.
_بقول لك إيه أنا مش ناقص عفرتة، وادخلي شيلي المحشي ده أنا أصلًا مش بحبه.
=طيّب عاوزه أجرَّبه أنا.
_الله، نسيب شغلنا بقى وناكل محشي، وزننا يزيد ومجهودنا يقِل، وبدل ما بتنقلي أحداث القصة في ٣ ثواني تنقليها في ٣ أيام.
=لأ مش هيأثر أنا معدّل الحرق عندي عالي.
_زعفرانة المحشي مفيش معاه معدّل حرق، أنتي عفريتة نفّاثة، سرعتك ضعف سرعة الصوت سبع مرات، طبق محشي واحد وهتقلبي سلحفاة.
=لأ بتهيّأ لك.
_المحشي ده علامة مسجلة في العالم بتاعنا وعارفه كويس وشايف تأثيره على الناس، هتتحوّلي من عفريتة ممشوقة القوام لشيفونيرة متحرَّكة.
=ما أنا ممكن أتجسّد في شكل شيفونيرة من غير محشّي.
_اتمسّي يا زعفرانة وإلا والله بضَهر إيدي زي الخدامين.
=ما تطوّل بالك أنت دايمًا إيدك طويلة وتقيلة كده! صدقني هفضل رشيقة
_رشيقة أه؛ رشيقة وبكار؛ ادخلي اطفي البوتاجاز ده وشيلي المحشي أبو مٰيّة عفاريت، والست لطفات بتاعتك دي هتخرب عليكي.
=تخرب عليا، لأ وعلى إيه بلاها محشي، ماله البخور يعني شغال وزي الفل.
_إيه صوت الخبط اللي في المطبخ ده؟!
=رميت الحلة في الزبالة.
_إزاي رمتيها وانتي قاعدة قدامي متحركتيش.
=طلبت من الحلة تروح الزبالة وهي بتسمع كلامي.
_حلّة إيه دي اللي بتسمع كلامك دي؟
=أصلها حلة من بتاعتنا، كنت جيباها معايا من القبيلة ومدكِّناها.
_بُصّي اعملي اللي تعمليه، ويلا عشان ورانا شغل متلتل، جتك نيلة زوّدتي الصداع اللي عندك.
=سلامتك؛ أجيب لَك بنادول من عندنا؟
_لا شكرًا مش عاوز، أنتي عايزة تقضي عليا يا زعفرانة؟
=بعد الشر عليك.
_طيِّب نقّطيني بسُكاتك بقى وبطلي رغي، وهاتي الورق والأقلام نشوف ورانا إيه.
***
تمت...