فجأة وبدون مقدمات، قرر سوبرمان أن يتخلى عن حياته كبطل خارق وأن يعيش حياة بسيطة وهادئة بعيدًا عن الصراعات الكونية. اختار مصر كمكان للإقامة والعمل، وقرر أن يصبح معلمًا في إحدى المدارس الحكومية، معتقدًا أن التعليم هو الطريقة المثلى لإحداث تغيير حقيقي في العالم.
وصل سوبرمان إلى المدرسة بزيّه العادي، متخفيًا تحت اسم "الأستاذ خالد". تم تعيينه كمعلم للغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي. في البداية، بدا الأمر سهلًا بالنسبة له؛ فهو يمتلك عقلًا خارقًا يستطيع حفظ المناهج في دقائق، وصبرًا بلا حدود.
ولكن سرعان ما اكتشف أن التعليم ليس مجرد نقل معلومات. كان عليه التعامل مع تلاميذ مشاغبين، كل واحد منهم لديه قصته الخاصة: عمرو الذي لا يتوقف عن إلقاء النكات، سلمى التي لا تملك كتبًا أو أدوات دراسية، ومحمود الذي يغفو دائمًا في الحصة لأن والده يجبره على العمل ليلًا.
مع مرور الوقت، بدأ العبء يزداد على سوبرمان. أكوام الكراسات التي كان عليه تصحيحها لا تنتهي، وكل كراسة تحمل أخطاءً إملائية تعجز حتى قواه الخارقة عن احتمالها. أما التلاميذ، فكانوا يتفننون في اختراع الأعذار لعدم أداء الواجبات. حتى أن أحدهم ادعى أن "قطة سرقت الكراسة وهربت بها إلى السطح!"
وفي كل اجتماع لأولياء الأمور، كان يواجه شكاوى بلا نهاية: "لماذا ابني لا يحصل على درجات عالية؟"، "أنت لا تفهم احتياجات الأطفال!"، "نريد رحلات مدرسية!"، حتى أنه بدأ يشعر أن قتال الأشرار كان أسهل من التعامل مع هؤلاء الآباء.
ذات ليلة، وبينما كان يجلس في شقته يحاول إنهاء تصحيح 200 كراسة مليئة بالأخطاء، شعر بشيء لم يشعر به من قبل: الإنهاك النفسي. حاول استجماع قواه الخارقة، لكنه أدرك أن قوته الخارقة لا يمكنها حل مشاكل التعليم. فكر: "أنا أنقذ كوكبًا بأكمله من الدمار، لكني عاجز عن تعليم طفل قواعد اللغة الإنجليزية."
في اليوم التالي، اجتمع مع مدير المدرسة وأعلن استقالته. قال:
"لقد حاولت بكل ما أملك، لكن التعليم ليس مجرد مهنة، إنه معركة تحتاج إلى صبر من نوع آخر."
عاد سوبرمان إلى حياته كبطل خارق، لكنه ترك وراءه رسالة مؤثرة:
" قد أثبتت لي هذه التجربة أن البطل الحقيقي ليس من يطير في السماء، بل من يصبر على كراسات التلاميذ."
وهكذا، طار سوبرمان عائدًا إلى السماء، تاركًا وراءه معلمي مصر يكملون معركتهم اليومية بابتسامة وشغف.